الجمعة ٢٩ شباط (فبراير) ٢٠٠٨
بقلم أنطوان القزي

لا تدفنوني

أمسِ كانت بسمةٌ تروي ظنوني

تستبيحُ الشرقَ سحراً في عيوني

بلّلتْ أنسامُها ريقَ ارتحالي

ترسمُ الآفاقَ درباً للفتونِ

واعدتني عند ذاكَ السفحِ طفلاً

يلثم الأهواءَ في خدّ السكونِ

مرَّ عمرٌ خانني فيه اشتياقي

أيقظتْ حبِّي ونادتني شجوني

قلتُ يا شرقُ أيامي تساوتْ

مع ليالي الهجرِ في ساحِ المجون

رُدَّني عطراً بثغرِ الآسِ ألهو

أو هزاراً يعتلي عرشَ الغصونِ

عدتُ يوماً مع خيوطِ الشمسِ أغدو

أُطفئ الأشواق بالعطرِ الحنونِ

وارتمت في دربِ أوهامي وجوهٌ

تغزلُ الأكفان ثوباً للمَنونِ

وانبرى الدمعُ في عيني غزيراً

أين أرضي أين اعراسُ المتونِ

أيُّ نجم عابرٍ يدمي دياري

ينثر الأحقاد في بحرِ الجنون

أيُّ جرحٍ نازفٍ يسقي ذراها

أيُّ سيفٍ يشتهي عقرَ البطونِ

قلت للاصحاب قد غيّرتُ ديني

في دجى اديانِكُم لا تسجنوني

ليتني ما عدتُ او صرتُ ضريراً

كي أصونَ الأمسَ في سجن الجفونِ

كانتِ الاحلام في بالي سواراً

صرتُ غلاًّ يسألُ الناس انقذوني

من ثغور الموج هاتوا معطفي

من رحيق البعد هيّا بلسموني

أين صحبي أينَ روّادُ التآخي

في كتاب الحبِّ يوماً علّموني

يا ربوعي من يفي عنّي نذوري

والسما في غفلةٍ قالت دعوني

عندكم نيرون يغتالُ الدراري

عن مواعيد الهوى لا تسألوني

يا رذاذ الفجر لا تسقِ ذراهم

أُطرديهم يا بلادي لا تهوني

جابهي الظلاّمَ قومي أخبريهم:

«ان شعبي واحدٌ لا تقسموني»

أخبريهم أنَّ تاج الليل صبحٌ

ساحَ مجدٍ قبلةَ الأحرارِ كوني

أخبريهم أنَّ للعرفان عهداً

ليستِ الأوطانُ صدراً للطعون

لن أذوقَ الحقدَ خبزاً في ربوعي

إنني طلّقت أمسي أطلقوني

قد عصرتُ الكأس في كفّي دماءً

مُذ توارى الكرمُ عن سفحي بدوني

لن يعودُ الصبحُ في شرقي طليقاً

خلفَ ذاك الأُفْق حرّاً أعتقوني

سوفَ أحيا في حمى الأسفارِ كهلاً

سوف أمضي نحو أحلامي اتركوني

أمسِ أوصَيتُ ادفنوني في ثَراها

واليوم أعدو صارخاً لا تدفنوني


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى