الخميس ٤ أيار (مايو) ٢٠٢٣
بدون مؤاخذة
بقلم جميل السلحوت

لا تسامح يا شيخ

"مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ ۖ فَمِنْهُم مَّن قَضَىٰ نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ ۖ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا"

ارتقي صباح هذا اليوم 2 مايو 2023 الأسير الفلسطينيّ خضر عدنان سُلّم المجد شهيدا، بعد إضراب عن الطّعام بدأه منذ اعتقاله الأخير في الخامس من فبراير الماضي.

ومعروف أنّ الشّيخ الشّهيد قد اعتقل سابقا اثنتي عشرة مرّة، وقضى في الأسر ثماني سنوات، أضرب خلالها عن الطّعام أكثر من مرّة. وباستشهاده يرتفع عدد الأسرى الشّهداء منذ عام 1967 إلى 236 شخصا.

ومعروف أنّ الشّيخ اعتقل إداريّا في الخامس من فبراير الماضي، حسب قوانين الطّوارئ التي ورثه المحتلّون عن سلطات الانتداب البريطاني، دون أن توجّه له تهمة، وهو قانون مخالف لكلّ الأعراف والقوانين ولوائح حقوق الإنسان. وقد وصفه حاييم شابيرا أوّل وزير للعدل في اسرائيل، عندما اعتقل بموجبه عام 1946 بأنّه قانون يعيدنا إلى شريعة الغاب! لكنّه لم يعمل على إلغائه عندما صار في موقع المسؤوليّة. وقد اعتقل المحتلّون الإسرائيليّون عشرات آلاف الفلسطينيّين بموجب هذا القانون ولمدد متفاوته، وقد سبق وأن أمضيت أنا في الأسر عامي 1969-1970 ثلاثة عشر شهرا بموجب هذا القانون.

يغادر الشّيخ خضر عدنان الحياة الدّنيا وهو يخوض معركة الأمعاء الخاوية راضيا مرضيّا، لكنّه عانى الأمرّين فذاب منه الشّحم واللحم، ووهن العظم وهو يتحدّى جلاديه بشموخ قلّ مثيله. وباستشهاده فإنّ قضيّة الأسرى تطرح نفسها من جديد، خصوصا وأنّ منهم من أمضوا عقودا وراء القضبان، ويعانون من أمراض قاتلة، ولا يجدون أيّ رعاية صحّيّة.

يرحل الشّيخ تاركا أرملة شابّة وأطفالا زغب الحواصل، ووطنا محتلا وشعبا يعاني، وأمّة طال سباتها. يرحل الشّيخ بأمعاء خاوية، يرحل عطشان بردان وهو على قناعة بأنّ:" من يطلب الحسناء لم يغله المهر"، يرحل الشّيخ وهو عاتب على العالم جميعه بعربه وعجمه لأنّهم لم يحرّكوا ساكنا لنصرة الأسرى، يرحل الشّيخ وروحه تحلّق في سماء المسجد الأقصى. فلا تسامح أحدا يا خضر عدنان، و"إنّا لموتك لمحزونون".


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى