الأحد ٧ تشرين الثاني (نوفمبر) ٢٠٢١
بقلم زهير الخويلدي

ماكس فيبر واحتكار الدولة للعنف الشرعي

"الدولة هي مجتمع بشري يدعي احتكار الاستخدام المشروع للقوة البدنية في إقليم معين"

العلم والسياسة: مهنتان متباينتان بشدة. يتطلب المرء التواضع وتوافر العقل. أما الآخر، الممزق بين أخلاقيات القناعة وأخلاقيات المسؤولية، فيعاني من تناقض ضروري يحظر دائمًا اليقين العلمي. هذه هي المبادئ التوجيهية لهذا التحليل العميق، لمثل هذا الإلحاح الموضعي الذي يدعونا إليه أعظم عالم اجتماع ألماني في هذا القرن. في كتابه العالم والسياسي، يصوغ ماكس فيبر المفهوم السياسي للعنف المشروع. يعرّف فيبر الدولة على أنها المؤسسة التي تحتكر الاستخدام المشروع للقوة البدنية: المصطلح المهم في هذا التعريف هو "شرعي". لأنه بينما قد يستخدم الأفراد أو الجماعات العنف، إلا أنه ليس شرعيًا بأي حال من الأحوال. فقط الدولة هي المخوّلة استخدام العنف دون أن تكون قادرة على إنكار شرعيتها. وهذا جزء من صلاحياتها القانونية، فحتى عندما تسمح الدولة للأفراد باستخدام العنف (دفاع عن النفس)، يستمد الأفراد هذه الشرعية من الدولة في شكل تفويض. من المعلوم أن فيبر ستند في تحليله لشرعية الدولة على الفلسفة التعاقدية. هذا المفهوم عن الدولة عند فيبر متجذر في الفلاسفة التعاقديين، ولا سيما هوبز، الذي ولدت فيه الدولة (التنين) عندما يوافق الأفراد على تكليف قوة أعلى بإرادتهم مقابل الأمن. ومع ذلك، يفترض الأمن إمكانية استخدام العنف ضد أولئك الذين قد يعرضونه للخطر سلامة أفراد المجتمع. وبالتالي، فإن أي عنف غير عنف الدولة سيكون بالضرورة غير شرعي. مسألة الشرعية مركزية في تعريف الدولة ولكن أيضًا هي مرتبطة بالمطالبات الناجحة لحسابها الخاص. ان القوة عند ماكس فيبر ليست سمة بل علاقة. الدولة غير شرعية لأن لها الحق وأنت لا تملكها وإذا لم تكن سعيدا فهي نفسها. الدولة شرعية لأنك توافق. يمكن أن يكون عنف الدولة غير شرعي: إذا كان الأشخاص الذين تنطبق عليهم، ليس بشكل فردي ولكن كمجموعة، لا يعترفون به على هذا النحو. عنف الدولة ليس شرعيًا بطبيعته؛ يجب الحصول على شرعيته باستمرار. وبالتالي، قد تدعي مجموعات أخرى بدورها هذا العنف بنجاح، مما يساعد على فهم التحولات في السلطة. أي الاستقلال والثورات: التنظيمات السياسية التي تمكنت من احتكار العنف المشروع، وتصبح دولًا سيادية محررة.

غير أن الأناركية تتناقض مع الدولة وتسوغ العنف، اذ يعارض الأناركيون هذا المفهوم للدولة: الأفراد فقط هم القادرون على الدفاع عن أنفسهم. علاوة على ذلك، يمكن أن يتحول هذا الاحتكار إلى انتهاك خالص لحقوق الأفراد. يتضح هذا من خلال حالات التعذيب التي نفذها الجنود، أي مسؤولي الدولة، وصادق عليها التسلسل الهرمي للدولة. ومع ذلك، من اللافت ملاحظة أن الفضاء العام (الرأي العام، وسائل الإعلام) يلعب دورًا تنظيميًا في ممارسة هذا العنف المشروع، من خلال وضع حدود (يُعاقب الجناة بعد ذلك لتجاوزهم واجبهم). ومع ذلك، تؤكد الأناركية أن الانتهاكات تتناسب مع الدولة، والحل الوحيد هو تدمير الدولة تمامًا طالما ان الدولة هي العنف. لكن ما قيمة مجتمع لا تحكمه دولة؟ ألا يقع في الفوضى؟ ألا يجب قيام دولة قانون؟


مشاركة منتدى

  • يختزل نمودج ماكس قيبر الدولة في مفهومي الحداثة والتقليد. تعتمذ الدولة الحديثة الصناعية في اجهزتها على العقلانية والبيروقراطية. وتستمد سلطتها من الشرعية العقلانية .فانطلاقا من العناصر الاساسية المكونة للحداثة، يمكن ان نقيس عناصر الدولة او الدول السائرة في طريق التصنيع لمعرفة نسبة التحديث.
    استنتج قيبر النمودج الحداثي من جهاز الذولة الحديثة وايديولوجيتها. واستنبط نمودج التقليد من الدولة او الدول الماقبل الثورة الفرنسية، بما فيها الدولة (( الاسلامية)). فبواسطة هذه المفاهيم قرا التاريخ الوقائعي للدولة المسيحة، وتوضل الى التقليد في الجهاز والشرعية التقليدية في الاديلوجية ومن تم الحكم على الدولة وكما عرفتها التجربة الحضارية العربية الاسلامية بالتقليد بالشرعية التقليدية.
    ومن هنا يحق لنا ننسائل . هل بالفعل كانت الدولة في ارض الاسلام تقليدية وشرعيتها تقليدية؟
    نتفق مع فيبر في الحكم على ةجهاز الدولة الاسلامية بالتقليد،و اي دولة لم تكن تقليدية قبل الثورة الفرنسية؟، وكيف لاونحن نعلم ان نابليون هو اول من ادخل التحديث في الجيش والادارة والتعليم والاقتصاد واعلن عن مبادئ حقوق الانسان. ان الدولة الحديثة وكما يقول فيبر (( هي مجموع ادوات العقلنة والبيروقراطية عنوانها)). اد يعني ان الحداثة وهي ان تكتسح العقلانية جميع مناحي الحياة، بحيث تجرب في ميدان وتعطي اكلها ثم تنتقل الى ميدان اخر الى ان تغزو كل البنيات الاجتماعية. وهذا لم يكن موجود قبل الثورتين السياسية والصناعية وبالتالي نعتبر ان الدولة في الاسلام كانت تقليدية.
    لكن هل تقليدية الدولة يستلزم حتما شرعية تقليدية؟ قد يصح وصف الدولة الاسلامية بالتقليد، لكن ليس من الصروري ان تعتمد في اديلوجيتها على شرعية تقليذية. وهكدا فان اصاب قيبرمن جهة نراه اخطا بتسرعه في الحكم من حيث الشرعية.
    وبما اننا لا نشاطر ماكس فيبر نفس الراي في الحكم على الدولة الاسلامية بالشرعية التقليدية، نضطر الى طرح المفهوم (( الشرعية التقليدية)) ومن مصمونه. وفحص العناصر المكونة له. والبحث عن تلك العناصر في التاريخ الوقائعي للتجربة في الحضارة العربية الاسلامية.
    بادءا دي بذء نبدا بتعريف الشرعية، ذالك ان الشرعية قبل ان تكون شرعية تقليدية او عقلانية او كاريزمية فهي اولا وقبل كل شيء شرعية. ماذا تعنى الشرعية.؟
    تعني الشرعية القبول والطاعة للقانون. فالرضى والخصوع للقوانين التشريعة،يعنى الاجماع العاطفي والفكري والوجداني. فالاجماع قد يكون من وحي العقل الطبيعي ، قوانين وضعية، او مستوحى من شرائع سماوية. وقد يكون مزيج بين هدا وداك. فالشرعية هي العقيدة الدهنية (( ايديلوجية)) والتي بواسطتها يتوحد الكيان السياسي والمجتمع الانتاجي ومن تم وحدة وقوة وصلابة الدولة. تخلق الشرعية الاجماع. ولا يهم مصدر العقيدة الذهنية، بيحث ان المؤمن بالاديلوجية الليرالية او الاشتراكية مثله مثل المؤمن بالعقيدة الماورائية. ففعل الاعتقاد يختلف عن مضمون الاعتقاد وبالتالي الاختلاف في مصادر الشرعية.
    ان التمييز بين انواع الشرعية يمكننا من تجاوز مفهوم الشرعية وان لانبقى حبيسى نظرة ماكس قيبر الوضعاني فيبر الذي ينظر الى الدولة الا في داتها معتبرا لا وجود لقيمة خارج الدولة..
    يميز قيبر بين انواع الشرعية، من تقليدية وكاريزمية وعقلانية. ينتقد الشرعية التقليدية والكاريزمية ويدافع باستماتة عن الشرعية العقلانية. يمزج فيبر في تحليلاته بين التحليل النظري والتاريخ الوقائعي. يستقرا بواسطة المفاهيم التي سبق ان راينها الحداثة التقليد والشرعية العقلانية، التاريخ المسيحي ،ويستنتج ان نمودج شرعية (( الدولة المسيحية)) لايتطابق مع الشرعية العقلانية وفا سماه بالشرعية التقليدية، وان الشخصيات التي تتمتع بهده الشرعية، اعتبر شرعيتها كاريزمية. اذن هناك استقراء واستنتاج ثم مقارنة ثم احكام على شرعية الدولة ومن منظور هده المفاهيم حكم على الدولة في ارض الاسلام قديما وحديثا ، بالتقليد وبالشرعية التقليدية.
    وكي لا نكرر ما قد قلناه في تعليقات سابقة حول الدولة المسيحة واديولوجتها. نلخص الاسس التي تعتمدها الشرعية التقليدية. تعتمد الشرعية التقليدية في الحكم والسياسة على الحق الالاهي المزعوم. وعلى مفهومي الخطيئة والخلاص. يعني الحق الالاهي (( خليفة الله في ارضه)) ان الامير هو ظل الله في ارضه ،
    يملك السلطة الفردية المطلقة، الروحية والزمنية. ويعني مفهوم الخطيئة ان الانسان بطبيعته شرير ومدنب. . بما ان الانسان شرير، فالحل هو خدمة الكنيسة الكاتوليكية واعوانها. بوهب الممتلكات . اما الخلاص يعني ان الخصلة التي يجب على الفرد المسيحي التحلي بها هو الزهد في الحياة والتعبد. فالخصال الحميدة التي يجب على الفرد التحلي بها هي الحب والفقر في انتظار عودة السيد المسيح وانتصاره.
    هذا هو مصمون الشرعية التقليدية في تصور فيبر. ومن هنا حكمه على الدولة الاسلامية بالشرعية التقليدية. لم يميز بين بين الاسلام والمسلمين والذين وكما قال الشيخ محمد عبده اصبحوا بسلوكهم حجة على دينهم، يعتبر ماكس وامثاله ان التخلف الذي عرفته التجربة الاسلامية وكما استنبطها من تجربة الدولة السلطانية يرجع الى العقيدة الاسلامية. لم ينظر الدولة الاسلامية في المراحل الاولى ونشاتها (( مرحلة النبوة والخلافة الراشدة)). تعامى على هده المرحلة ، وقفز مباشرة الى تجربة الدولة المابعد فترة النبوة والخلافة. فاستنتج الاستبداد، دولة الغلبة والقهر حسب تعبير بن خلدون ،واعتبر ان الاستبداد الذي مارسته الدولة السلطانية يعتمد على الشرعية التقليدية (( الحق الالاهي المزعزم)) وان عقيدة الاسلام، شرعيتها تقليدية.
    نظر قيبر الى الدولة (( الاسلامية)) من منظور الحصيلة التاريخية. فقلب السبب بالنتيجة. فهدا القلب. هو السبب في سوء التفاهم بين الغرب المسلمين وخاصة القاطنين بارض المهجر وانا واحد منهم.اعتمد الغرب هذا االقلب في الفترة الاستعمارية وربط الاسلام بالاستبداد ،للتبشير بدين العقل، لكن التجربة ابرزت الارهاب الدي مارسته السياسة الاستعماريةو تلاشت الافكارت الاستعمارية واديلوجتها، لكن العقلية الاستعمارية لا تزال تسكن تقريبا الانسان الغربي،ذالك ان كل الكتابات الغربية وحتى المتخصصين في الدرايسات الاسلامية، تسير على نفس النهج الفيبري والتاليف الاستعماري.
    . ولا ادل على ما نقول هو الضجة التي اثارها التصريح الناري الذي ادلى به الروائي ميشيل ويلبك في حوار مع الفيلسوف في الفرنسي نشر في مجلة الجبهة الشعبية بفرنسا. تصريحات تخلط بين النتائج، الظواهر الاجتماعية من انحرافات، تلحق بعض من الشباب الفرنسيين، من اصول مسلمة.والاسلام ،والحكم على كل المسلمين بالانحراف والارهاب. دعى الرواي الفرنسيين بطريقة ملتوية الى القيام بعمليات ارهابية في الاماكن التي يلجا اليها المسلمون، من مساجد ومقاهي الخ.
    تصريح خطير حارت فيه كل الهيئات الاجتماعية، من مفكرين وسياسيين وجمعيات حقوقية وهيئات مدنية. الواقع ان التصريح يحث على الكراهية ويحفز على حرب اهلية، فالتصريح مخالفة ، يعاقبه عليها القانون الفرنسي. ، غير ان الكثير من السياسين والمفكرين، لم يتسرعوا في الافصاح عما في جعبتهم، الشيء الذي اغضب خطيب المسجد الاكبر بباريس شمس الدين حفيظ، معلنا ان الصمت يدل على مشكل خطير. امام هدا الخلط بين الاسلام والمسلمين وربط المسلمين بالارهاب والانحراف. انتفض انصار الروائي محاولين التشويش على القضاء، بعدما اصدر الخطيب، بيان يعلن فيه عن متابعة قضائية للروائي. منهم من يقول ان المشكل يجب ان يحل بواسطة الحوار ، ومنهم يرى ان مضمون الاقوال يصعب على القاضي الحسم فيها ويرى البعض الاخر، ان الاقوال تندرج حرية الراي والتعبير . ومنهم حتى الروائي الجزائري الفرنسي كمال داود. سال الكثير من المداد حول هذه القضية واسودت مائات الصفحات، لكن لا حد تطرق الى قضية الخلط التي اقامها ماكس فيبر الخخلط بين الاسلام والمسلمين لا احد يدعو الى تصالح فرنسا مع تاريخها لكي تخلى عن اغلال الماضي والتي تزرع الحقد والكراهية في الحاصر..
    لكن قبل الى العودة الى التصريحات ومنافشتها ، نعود الى الشرعية. ذالك ان التعرف الشرعية في التجربة الاسلامية، يمكن من نزع الضبابية التي تخيم على عقول الغربيين. وخاصة ميشيل اونفري ، الذي يبدو من جهة نظرنا،صادقا في اقواله.متساوقا مع افكاره. لايسترزق بفكره كما يفعل الكثير من المفكرين الغربيين. انسان حر يعبر عن افكاره. يؤمن بالاشتراكية التحررية (( برودون)) ويدافع عنها قلبا وقالبا. كتب رسالة مفتوحة يدعو الى حوار بينه وبين الخطيب، ويطلب من الخطيب التحلي بصفة الرحمة والتي هي من صفات الله الحسنى. ميشيل اونفري نيتشاوي ، ملحد، يؤمن بالصيرورة التاريخية، ويعتبر ان الغرب مثلما تنبا به نيتشه يسير في طريق الانهيار والانحطاط(( انظر التعليق المجتمع الاستهلاكي، الفقرة الاخيرة)). الفرق بينه وبين مفكري اليمين المتطرف،هو ان الانحطاط الغربي، يرجع الى النظام اراسمالي وايديولوجيته،بينما اليمينيون يبحثون عن سبب (( كبش الفداء))، والسبب في مثل الازمات التي تعرفها فرنسا والغرب عموما هو الاسلام والمسلمين .

    هل الدولة (( الاسلامية)) التي وصفها فيبر وحكم عليها بالشرعية التقليدية ،كانت دولة اسلامية بالفعل ، وهل حققت الشرعية؟ اذا كان الجواب بالنفي فما هو النوع الشرعية الذي اعتمدته الدولة السلطانية؟

  • التتمة في القريب العاجل انشاء الله

  • هل الدولة (( الاسلامية)) التي وصفها فيبر وحكم عليها بالشرعية التقليدية ،كانت دولة اسلامية بالفعل ، وهل حققت الشرعية؟ اذا كان الجواب بالنفي فما هو النوع الشرعية الذي اعتمدته الدولة السلطانية؟
    يميز المفكر المغربي عبد الله العروي في مقاربته للدولة بين الثابث والمتحول. قالصفة الثابتة التي التصقت بالدول التي تعاقبت على ما يسمى اليوم بالوطن العربي هو الاسلامية. اما الصفات العرضية من مدهبية وطائفية وعشائرية، اعتبرها ضفات عارضة ذالك انه حينما، نختزل اسم ضفات الدولة الاموية او العباسية او الفاطمية او الموحدية الخ ونقول كانت الدولة الاسلامية الفلانية في الفترة تاريخية كدا في الحقبة الزمنية .
    غيرا ن العروي يرى ان وصف الدولة او الدول التي عرفتها التجربة الحضارية العربية الاسلامية، مفهوم فضفاض. و هنا يتسائل، هل بالفعل ان الدولة في ارض الاسلام كانت دولة اسلامية.؟
    نعلم جميعا ان الاسلام هو دين الحق وان الدولة الاسلامية الحقة هي التي تعمل على تطبيق الشريعة ومقاصدها ،وكما كان في فترة الوحي وفي فترة الخلافة الراشدة. ماذا يعنى هذا ؟ يعنى ان الشرعية المعتمدة شرعية ما ورائية، دينية . يجمع الجميع على ان الشرعية في في الفترتين الماقبل الفتنة الكبرى ،النبوة والخلافة ،اعتمدت على الشرعية الدينية.
    وهكدا فادا كان العروي يرى ان الاسلام قد طبق بالفعل في فترة الوحي والخلافةو كانت دولة اسلامية حقة، نرى ونحن قررنا مند البداية البحث عن مقارنة عناصر الشرعية التقليذية الفيبرية في التجربة الاسلامية ،نقول ان الشرعية الماقبل الفتنة الكبرى كانت غير تقليدية. نواصل البحث في مسار التجربة العربية والاسلامية. هذا عن التجربة في فترة الوحي والخلافة، بحثنا عن العناصر التي تثبث او تنفي الشرعية التقليدية،نرى مفهوم الخطيئة والخلاص الموجود في الدولة المسيحية غائب هنا. فبغياب العنصر التي اعتمدها قيبر في الحكم على الدولة التقليدية، الدولة الاسلامية في مرحلتها الناشئة، يمكن الجزم وبدون ادنى تحفظ ان الدولة والتجربة الاسلامية الاولى لم تعرف شرعية تقليدية.تبقى المرحلة المابعد الخلافة اي تجربة الدولة السلطانية ومعرفة النوع من الشرعية المعتمد.
    الواقع وكما يلاحظ العروي، ان الشواهد التاريخية غير متوفرة. ذالك ان التاريخ الاسلامي لم يظهر الا في اواسط القرن الثاني الهجري (( عصر التدوين)). غير ان الشواهد اللاحقة تتحدث عن االاسلام دين الحق والعدل والشورى. تتحدث عن اسلام لم يتحقق. ان دل هدا على شيء فانما يدل على ان تعاليم الاسلام لم تطبق.
    غير ان مثل هذه المؤلفات التي تتحدث عن نمودج اسمى مثالي ، لاتعبر عن واقع الدولة كيف كانت وسيرورتها بل تتحدث عن الدولة وكيف يجب ان تكون. تعبر عن غياب الشرعية ، ونعنى بالشرعية الاجماعع الفكري والعاطفي والوجداني حول ايديلوجية الدولة. ومهما يكن من نصح ووعظ ووارشاد زتوجيه تبقى في احسن الاحوال تعبير عن ايديلوجية ، تتعارض مع اديلوجية الدولة. وبمعى ادق لم تتعرص لمسالة السياسة والحكم وكما عاشها المسلمون. تنظر الى حل متخيل يرفص وضع الدولة القائم. ذالك ان افتقار الشرعية هو ما ادى الى الحلم بنظام متخيل مستقل ومنفصلة عن نظام دولة القائمة..

    ماهو اذن الكيان السياسي الذي عرفه المسلمون، وماهي الشرعيه المعتمدة؟. كيف التعرف على الكيان السياسي ونحن نفتقر الى شواهد تاريخية،؟ كيف يمكن استنباط الشرعية من تصورات متخيلة للدولة الشريعة (( الخلافة)) الحقة لمعرفة عمق الواقع؟

    اعتزمنا البحث عن الشرعية التقليدية وعناصرها في التجربة التاريخية الاسلامية المابعد الخلافة. غير ان الشواهد غير متوفرة. اين السبيل؟ كيف؟ وبما اننا لانملك شواهد ، لا من سبيل الا مرافقة العروي في تحليلاته.

    يرى العروي ان المادة الخامة والتي يجب الاعتماد عليها هي نفسانية الفرد، فكره ،ووجدانه. يرى ان ظاهرة المؤلفات الشرعية، ظاهرة اثرت مند قرون وبوسائل شتى في الفرد والمجتمع. فالتربية العائلية في البيت والتعليم المنظم في المساجد والتهديب الدهني والخلقي في الزوايا. تربية تتوارث من جيل لجيل، تنشر فكرة خاصة عن علاقة الحاكم بالمحكومين. تتغير الظروف وتتقلب السياسة، لكن التربية، هي هي، تنتج سلوك عام يؤثر في النظر الى السياسة. وتعود احد الاسباب الرئيسة للمشكل الذي تظهر به الدولة للجهاز الذي تتجسد فيه.

    كيف؟ ان ظاهرة المؤلفات الشرعية ، تغذي الطوبى بحيث لا تنظر الى الوضع القائم وتحليله وتقديم النقد اللازم لاصلاح الدولة ،بل تنظر الى نظام قائم متخيل ، مستقل ومنفصل عن الدولة القائمة، ومن تم الانفصام او القطيعة بين الدولة والمجتمع او بين الكيان السياسي والدولة.
    يرى هيغل ان الهدف من التاريخ هو تحقيق ، الحرية ذاخل الدولة ، اي توحيد الاخلاق والقانون اي شرعية قانونية اخلاقية ، يعترف بحرية الفرد واخلاقه واضعا، حرية الدولة واخلاقها فوق حرية الفرد والمجتمع. غير ان الحرية من منظور طوبى الخلافة ، لا تكون الا خارج الدولة. ومن هنا تخارج الفرد والمجتمع والدولة.

    وهكذا رغم غياب الشواهد التاريخية يبدو ان المادة الخام التي تجري بها عملية السياسة هي نفسانية الفرذ وفكره. سلوك يتغدى من مشارب مختلفة من المؤلفات الشرعية ، التي تروج نمودج الطوبى. طوبى المؤلفات الشرعية ترفض الواقع . فالواقع التاريخي طوبى . فالطوبى، تصور معكوس للواقع. واقع الدولة من جهة وطوبى الفرد والمجتمع الانتاجي من جهة ثانية. وهكذا يلخص العروي ان تجربة الفرد العربي في المجال السياسي في الطوبى. هناك اذن واقع الدولة وقانونها ، الذي تفرضه على الواقع والطوبى وقيمتها. فالطوبى انعكاس . ومن مقارنة الواقع والطوبى نذرك تجربة تنم عن تربية ما.
    ان الطوبى تعبر عن الانفصام بين الكيانين السياسي والانتاجي. وبما ان الشرعية تستلزم الاجماع والوحدة ، وان التجربة اظهرت قطيعة بين المجتمعين ، نصل الى غياب الشرعية او بالاحرى الشرعية التقليدية. وهكذا وكما يلاحظ ان التجربة المابعد الخلافة، افتقرت الى الشرعية والشرعية التقليذية وعناصرها من منظور ماكس قيبر.
    وبما اننا لانجد اثر للشرعية التقليدية، فما هي الديلوجية التي اعتمدتها الدولة التقليدية (( الدولة السلطانية)). فالجواب يستلزم العودة الى الفترة الى الماقبل الاسلامية وتتبع مراحلها، مع القفز على مرحلة النبوة والخلافة التي تعرضنا لها من قبل.
    نقول ان التجربة العربية الاسلامية. ذالك ان بعص العناصر من العصر اجاهلي اختلطتمع عناصر من فترة الخلافة. ونقصد بذالك العناصر التي جعل منها الجابري مفاتيح لقرائة العقل السياسي العربي. (( القبيلة العقيدة الغنيمة)).

    نشات الدولة بكيفية طبيعة في مجتمع قبلي عربي. اعتمدت على نظام المشيخى. لكن العرب عرفوا نظام ملكي في بعص المناطق من شبه الجزيرة العربية. وعرفت نفس التجربة مجتمعات غير عربية. نظام العائلة والقبيلة والسلطة السياسية. فالدولة العربية قبل الاسلام ء كانت طبيعة دهرية دنوية . هدفها في ذاتها . لكن بعد مجيء الاسلام اصبحت، تحمل اهداف مخالفة اهداف ما ورائية . ومن هنا التناقض بين الاهداف التي اثرت في نظرة الفرد الى السياسة وبالتالي في سلوكهم ازاء السلطة. ومن منظور الشرعية اعتمدت الدولة الماقبل الاسلامية على العنصرية (( المفهوم العاصر)) والعصبية بالمعنى الخلدوني. . كان الاساس في الحكم هو الجنس العربي للحفاظ على التوازن، بين القبائل والعشائر والاسر. يمكن القول ببعض من التجاوز يعتمد الشورى . وتظهر الشرعية من خلال الاجماع الدي يهدف الى الحفاظ على الجنس العربي (( الشعب العربي)).
    قد نجد نفس الشيء عند انطونيو غرامشي. في مقاربة لمفهوم الشعب. يميز بين معنى الذدي يحمل مفهوم الشعب عند الروس و مصمونه عند الفرنسيين، يعنى الشعب عن الفرنسيين السيادة القانونية، بينما يحمل معنى العرق السلافي عند الروس و هذا واصح ، من خلال كتابات المفكرين الروس المناهضين للنزعة الليبرالية ، وابرزهم دووستوفسكي. . حاول غرامشي ان يجمع بين المعنيين. ذالك ان المعنى الروسي يمكن غرامشي، من نقده للبورجوازية المفصولة عن الشعب وعادته وتقاليده، واالمعنى الفرنسي نزع السيادة اي الشرعية من االبورجوازية وضعه في يد البروليتارية. واذا وسعنا المفهوم في الغرب الحديث، فالشرعية هي العنصرية و هي الطابع المميز للثقافة الغربية بل عنوانها. دالك ان السود وابناء الجالية الاجنبية، ينظر اليهم ، ومن منظور عرب الجاهلي ، عنصر مخل للنظام ومن تم اقضائهم من الشان السياسي. ذالك ان وضعية الاجراء من اصول اجنبية ، اسوء من وضعية العبيد في العهد الروماني. لا يزالون يعانون من الاقصاء والتهميش وعدم المشاركة الفعلية في تدبير الشان العام.
    ان ما يهمنا هو ان الشرعية التي تعتمد على الجنس العربي في المجتمع الماقبل الاسلامي شرعية طبيعة ملائمة للعمران البدوي . شرعية طبيعة لا تعتمد على الحق الالاهي كما هو الحال في الحصارات القديمة (( الشرق القديم)). تطرقنا الى مصادر الشرعية في العصر الجاهلي لاننا نحاول البحث عن الشرعية التقليدية. وهكدا لا نجد اثر لعناصر الشرعية التقليدية لا في فترة الخلافة ولا حتى في العصر الماقبل الاسلامي.
    كانت الدولة طبيعة واعتمدت االشرعية (( العنصرية)). لكن بعد مجي الاسلام اختفت الشرعية العصبية، وظهرت شرعية معتمدة على الشريعة الدينية. فالجماعة الروحية (( امة)) لاتنظر الى العرق او الجنس او اللون الخ. وكما راينا اعتمدت على الشرعية تطبيقها هي ومقاصدها. لكن بعد الفتوحات الاسلامية ورثت الدولة اجهزة الدولة البيزنطية والفارسية.(( اعتمدتها المسيحية)) والتي اسماها ماكس فيبر بالشرعيى التقليدية. اجهزة تعتمد على الحق الالاهي المزعوم وسلطة فردية مطلقة. انتشرت الانظمىة الاسيوية بعد اختفاء نظام المدينة الدولة في بلاد اليونان. وحصل نفس التطور في عهد الروماني بعد ان انقلب النظام القيصري الى نظام الامبراطور. ورث العرب نفس الاحهزة تلقائيا رغم تعارص اهدافها مع اهداف الاسلام والتنظيمات القبلية. لان تلك الاحهزة مثلت بالنسبة للشرع والقبيلة عنصر النظام. ومن هنا تواجد ثلاثة عناصر العنصر العربي والاسلامي والاسيوي.
    ا
    لم يعرف عرب الجاهلية، حضارة مدنية مثلما عرفتها التجربة اليونانية.. بحيث ان المجتمع الحضرى، يعتمد سياسة عقلية وفق تعبير بن خلدون. اي شرعية عقلانية. وبما ان المجتمع العربي الجاهلي كان بدويا فالشرعية الملائمة وهي التي تعتمد على العصبية. هذا من جهة اما من العنصر الاسيوي، والذي غزى الدولة المسيحية، مع تضمينه مفهوم الخطيئة والخلاص والايمان بالنتاخر اي غياب العقل. لم يستطع التغلغل في الدولة الاسلامية.

    السؤال الذي يجب طرحه. لماذا لم تستطع الدولة السلطانية (( المابعد الخلافة)) ان تجعل من شرعيتها شرعية تقليدية؟
    لم تستطع الدولة السلطانية خلق اجماع حولها، لانها لو تمكنت من دالك لما كانت طوبى الخلافة عند الفقها ولما كان الحلم بالمدينة الفاصلة عند الفلاسفة ولما لما التجاء المتصوفة الى المناجاة والحلول. و لما كان تخارج بين فكر الفرد العربي وجدانه وسلوك والدولة ولما غابت الشرعية.
    هذا من جهة اما من جهة ثانية لو استطاعت الدولة ان تجعل من الدين (( الاسلامي)) دينها (( الديولوجيتها )) حسب هواها كما فعلت الدولة المسيحية. لاصببحت صنما يعبد، وهذا لايقبلهم عامتهم وخاصتهم .
    السؤال الثاني
    ولماذا لم يستطع المجتمع الانتاجي ارغام الدولة على تطبيق الشريعة ،وتحويلها الى دولة الخلافة ؟
    لو استطاع المجتمع، تحقيق ذالك لما انصم المجتمع والدولة ، ولما كنت الدولة في واد والمجتمع في واد.

    يلاحظ ان الجواب من خلال السءؤالين ان الدولة السلطانية لم تعرف شرعية دينية (( تطبيق الشريعة)) ولا شرعية تقليدية (( الحق الالاهي))، يقودنا الى السؤال الذي كان يجب على ماكس فيبر طرحه، لماذا لم تتحقق الشرعية العقلانية في الدولة السلطانية؟

  • تابع

    نذكر ان م النمادج والمفاهيم التي يعتمدها ماكس فيبر،مستمدة من الدولة الحديثة الصناعية ،ومن المقارنة بين الذولة الحديثة والدولة الاخرى التي لم تدخل التحديث بعد ، زذالك وفق تواريخها.

    حكم بالتقليد والشرعية التقليدية في بداية الامر على الدول الاوربية، الماقبل الثورة الفرنسية، قبل ان يعمم حكمه على الدولة القروسطية، والمجتمعات الغير الاوربية ، والحالة التي تهمنا هنا هي الدولة الاسلامية.

    لم نتطرق الى الظروف والملابسات، التي انتجت تلك النمادج والمفاهيم. ذالك ان المفاهيم لم تسقط من السماء، بل هناك ظرفية خاصة. ادن هناك احداث عملت على ظهور وبلورة مؤسسات .لم يكن يكتب لتلك المؤسسات ان ترى النور ، لولا تزامن الثورتيين السياسية والصناعية. فالثورتين عملتا على ظهور المجال السياسي ، الدي تزامن مع ظهور النظام الرسمالي.

    لم تكن التجربة الغربية، التجربة الوحيدة الدي استقلت فيها الدولة عن الدين.بل كانت من قبل تجارب سابقة، مثل تجربة معاوية وتجربة تظام الدول المدينة في اليونان. وهكدا قتزامن المجال السياسي الجديد في الغرب الحديث، والنظام الراسمالي هو ما ساعد على التحديث واكتماله. وهذا يكذب اطروحات ماكس فيبر ،الدي يدعي ان الغرب، وحده المرشح الوحيد،÷ للحداثة والتحديث، وبالتالي الشرعية العقلانية. ذالك انه يرى ان الغرب وحده يرفع من شان العقل ويجعل منه القيمة الاساس في كل مظهر من مناحي الحياة. بينما الدول الغير الغير الغربية من وجهة نظره تبخس من قيمة العقل وتقلل من شانه..

    ان ما يميز النظام الرسمالي، هو وجود بنيتين، بنية فوفية واخرى تحتية الدولة وا يديلوجتها من جهة، والمجتمع الانتاجي اي القاعدة الاقتصادية من جهة ثانية. فهذه الظاهرة ، ظاهرة الانفصام بين الكيان السياسي والانتاجي، و الجدل بينهما هو ما ادى الى بلورة العقلانية، في جهاز الدولة واالشرعية العقلانية من حيث الايديلوجية .

    ان ميزة الدولة الحديثة عن الدولة الغير المكتملة رسماليا، هو ان هذه الاخيرة، تعرف وحدة في البنييتين، و يلعب دور القرابة والدين الدور الاساس في توجيه الاحداث السياسية. هذه هي استنتاجات الاستاذ محمد عابد الجابري من خلال الابحاث والدراسات الاجتماعية والسياسة المعاصرة .
    وجعل من الدين و القرابة والعامل الاقتصادي (( العقيدة القبيلة الغنيمة))مفاتيح لدراسة العقل العربي. وبرر الاعتماد على هذه المفاتيح ، انها
    هي نفس المفاتيح التي اكتشفها بن خلدون (( بحصور مغاير)) من جهة ،ثم ان الواقع لم يتغبر بالشكل المطلوب من جهة ثانية، ومن هنا الحاحه على العودة الى بن خلدون ،فهذه الدعوة هي جوهر الخلاف بينه و بين العروي، بحيث نجد وموقفها كل واحد منهما اتجاه بن خلدون ، مختلف. يرى الجابري ضرورة الاعتماد على بن خلدون، بينما يرى العروي الذي صرح و لايزال يصرح بالقطيعة مع التثراث وتجاوز بن خلدون وهذا نقطة مهمة سنتعرض فيما بعد .

    تجدر الاشارة الى ان الشرعية العقلانية كانت صيقة في مرحلتها الاولى. بحيث كانت محصورة على الطبقة البورجوازية. فهذا التناقض بين الدعوة التنويرية في القرن الثامن عشر، وتناقض المنطق الليبرالي في القرن التاسع،(( مرحلة التطبيق)) هي نقطة الانطلاق، التي انطلق منها ماركس في نقده اليسار الهيغيلي، واعتبرهم متخلفون. يقول ماركس فاذا كان مفكري الانوار لهم ايديلوجيتهم ، في مواجهتم انظام الملكية المطلفة وشرعيتها ، اما اليوم لقد اعرب النظام ارلسمالي عن تناقضته ،فما الدي يبرر موقفكم.ذكرنا موقف ماركس من اليسار الهيغلي لابراز ان الشرعية العقلانية ، لم تنتقل بعد في المرحلة التي عاشها ماركس من المستوى الاقتصادي لتشمل المستوى الاجتماعي.

    لم تتعمم الشرعية الديمقراطية الا بعد صراعات مريرة بين البورجوازيين والاشتراكيين ، انتهت بمشاركة هؤلا في الشرعية والحصول على بعص الحقوق والتي ظلت مهضومة الى غاية اربع الاخير من القرن التاسع عشر. . ولعل اكبر دليل على التوتر الحاصل بين منطق البورجوزيين والاشتراكية وهي كمونة باريز.

    يعرف النظام الرسمالي بنيتين فوقية وتحتية، جهاز الدولة وايديلوجيتها، والدي كانت فيه الشرعية العقلانية ضيقة في بذايتها ، ذالك ان البورجوازيين هم من يصنع القانون وبعد صراعات مريرة ، بين الاشتراكيين والبورجوازيين انتقلت من المستوى السياسي الى المستوى الاجتماعي واضبحت الشرعية العقلانية (( ديمقراطية)) اكمل من سابقاتها ،بسبب التطور والتقدم العلمي والتقني الذي خطى خطولت عملاقة في القرن التاسع عشر.

    يمكن القول، ان الشرعية العقلانية لم تنضج الا بعد ان وجدت ضحايا جدد ، يعوضون الطبقة الكادحة..عرفت الطبقة العاملة ابشع الوان الاستعباد والاستغلال. ومن اراد ان يتعرف، على الحالة الدرامية التي كانت تعيشها هذه الطبقة، ما عليه الا بقرائة، كتاب جيرمينا للكاتب الفرنسي ايمل زولا. كتاب يصف في غاية من الدقة الاوضاع المزرية التي كان يعيشها العامل في القرن التاسع عشر. انتقد زولا، وقيل له، انك تبالغ في الوصف. فاجاب قائلا اذهبوا الى المعامل وانظرة باعينكم. فسرعان ما بدات هذه الطبقة المستغلة الحصول على بعص المكتسبات، وبعذ وجود ضحايا جدد، صدرت هذه الطبقة الى الخارج اي الى الدول المستعمرة واصبحت تمارس نفس العنف الدي كان يمارس عليها.

    يلاحظ ان الغرب دخل التحديث في الجهاز والاديلوجية. استطاع الانوار بايذلويجته نقد الملكية المطلقة والقضاء على الشرعية التقليذية. وانتقد ماركس ايديلوجية اليسار الهيغيلي واعتبرها تقليذ لانها قلدت الانوار. فوضع نظرية اعتمدتها الحركة النضالية الاشتراكية، واستطاعت بواسطة قواعد النظرية، ان توسع من مفهوم الشرعية وبالتالي اكتسبت حقوق كانت مهصومة من قبل.

    ومن هنا نتسائل.لقد عرف المجتمع الاسلامي عهد الاصلاح. دخلت الدول في البلاد الاسلامية مدفوعة الى عهذ جديد، عهد الدولة المنتظمة والاصلاح. و عرف الجهاز نوع من التحديث وبدات ملامح التحديث تظهر في الحياة الاجتماعية. لمادا لم تتحقق الشرعية العقلانية لتصبح الدولة قوية بالمعنى الصحيح للكلمة، جهاز وايديلويجية؟

    لقد سبق ان برانا الدين من تهمة الشرعية التقليدية، هل يمكن القول ان العامل الديني هو العائق لبلورة الشرعية العقلانية وكما اقالها فيبر مستوحيا افكاره من التاليف الاستعماري والتي لاتزال تتردد على السنة الغرب ختى اليوم؟ اما هناك عوامل اخرى؟

    وكما رينا من قبل ان الشرعية العقلانية، ارتبطت بتزامن المجال السياسي الحديث والنظام الرسمالي. وكان السبب في ظهور المجال السياسي هو الصراعين بين طرفين حول مسالة الشرعية . لمن تعود الشرعية للشعب ام الامير. ويرجع ظهور النظام ارسمالي الى العقلانية في المحالي الصناعي، تنظيمه وتقنينه. فلا وجود للشرعية بدون صراع ايديلوجي و لاجود للراسمالية لولا الثورة الصناعية. فالصراع الايدلوجي والعقلانية الانتاجية هما عنوان الدولة الحديثة.

    ان تزامن الثورتثين السياسية والصناعية، وما رافقهما من تطورات اجتماعية هو ما ادى الى تغيير وجه المجتمع و الى ظهور بنيات اجتماعية مستحدثة. وهكدا لايمكن الحديث عن العلم الاجتماع الحقيقي عند الغرب، الا بالنظر الى التطورات الحاصلة والتي انتقلت بالبحث من الميدان الفلسفي الى الميدان الاجتماعي، ومن تم النقد للعمل على الوحدة بين المجتمعين السياسي والانتاجي وبالتالي الشرعية العقلانية..

    فالمجتمع الرسمالي مجتمع الحاجة، نظم على نمط شركة انتاجية، يغلب المصلحة على الدين، المادة على الروح ،الخاص على العام. ومن هنا طرد الالاه المسيحي من الفضاء العمومي، وتنصيب الالاه العقل الذي بدا يكتسح رويد رويدا المجالات الاخرى . اختفت الشرعية التقليدية وظهرت شرعية جديدة الشرعية العقلانية. فالشرعية العقلانية تعبر عن تطور تارخي اجتماعي حدث بالفعل ومنه استنتج فيبر النمادج والمفاهيم التي يقيس بها المجتمعات الماقبل الحداثية.

    غير ان الدولة(( الاسلامية)) لم تعرف اقطاع او ملكية مطلقة ولاصراع ايديولوجي بين ممثلي المجتمع الانتاجي (( الفقهاء)) والدولة السلطانية وثقافتها. وكما رينا ان السبب في ذالك يرجع بالاساس الى الطوبى. وبالتالي شريعة مكتملة ولااصلاح..

    لاحظنا ان الدولة السلطانية، افتقرت الى شرعية الحكم. وابرزنا من خلال تحليلات الاستاد عبد الله العروي ،ان السبب الرئيسي في غياب الشرعية بصفة عامة، يرجع الى طوبى المؤلفات الشرعية ،وعلى اختلاف الوانها من فقه وتصوف وفقه وفلسفة، بحيث ان مضمونها تلك المؤلفات واحد ، ذالك ان مضمون الخطاب، يتوجه الى الفرد بصفتة فرد في الامة، لا بضفته عضو فاعل في الدولة، ومن تم التخارج بين الفرد وقيمه والدولة وقانونها. فهدا التخارج يعبر عن صمود عفوي سلبي من جهة ،وعن مقاومة سابية استسلمت للقدر من جهة ثانية..يقول كانط وموقفه من العلم،(( يجب قبل ،مواجهة الطبيعة، التوفر على اسئلة ،لاستنطاقها، بحثا عن اجوبة يطلبها العقل. ثم يصيف . . لا يجب على المستنطق ان يخضع للطبيعة كخصوع المريد للشيخ)).

    كان هدا هو موقف كانط اثناء محاولته اثناء تاسيس قواعد للعقل ، والدي اصبح الاداة الذي بواسطته ، انتقلت التوجه من الميتافزيقا الى الطبيع ز من الطبيعة الى الاجتماع ثم الثاريخ ثم الثقافة الخ.

    لكن الفكر التقليدي عندنا، استسلم للقدر.واصبح كل من الفقيه والفيلسوف والمتصوف، مريدين. استسلم الفقيه بعد فقدانه الامل من اصلاح الدولة واصبح مريدا للخلافة. وقدس الفيلسوف العقل واصبح مريدا له، واصبح المتصوف يتربى من محاكاة الشيوخ ومقدسا لهم (( اللحظ لا اللفظ)) وكم يقول ابو حامد الغزالي الاشعري (( من لم ينفعك لحظه لم ينفعط لفظه)) وهنا اجهاض لكل عملية تدعو الى استخدام العقل. . .

    ان فكرة المريد والشيخ، حاصرة بقوة في الحياة اليومية، فمثلا المعلم النجار او الميكانيكي او الخياط. الخ. يفرض المعلم على المتعلم وكما لاحظته في طفولتي ، التحلي بالصبر والمحاكاة. محاكاة المعلم. ينظر المتعلم لحرفة معلمه، وهو يعمل دون التجرا على طرح اسئلة كما تقتصيها المعرفة الحقيقية والتعلم. يقضي سنوات بين السخرة والنظر، قبل الولوج الى الممارسة. ففكرة المعلم لا تزال طاغية بين العامة. ولعل اكبر دليل وهي اغنية المعلم للمغني المغربي التي وصلت الى مليار مشاهدة.، وتهافت القنوات العربية عليه للحتفال بعيد ميلاد المليار مشاهدة.

    ان الموقف السلبي من الدولة والسلطة،وعدم استنطاقها ، ، موقف يمنع من ادراك واقع الدولة ومعرفة الياتها . فالتجربة التي عاشها المسلمون والعرب في الدولة التقليدية، تعبر عن الانفضام، انفصام يعبر عن تصور مغلوط ومقلوب. يعبر عن واقع الاستبداد من جهة الدولة ،والطوبى من جهة المجتمع.

    واذا ما حاولنا ترجمة المفاهيم كل من الانفصام ،الاستبداد، ،الطوبى وغياب الشرعية، الى المعاني المعاصرة، ، يمكن القول ان الدولة السلطانية، كانت استعمار تقليدي، والاستبداد هو الاستغلال والاستعباد(( دولة الغلبة والقهر والاستئثار بالخيرات بالمعنى الخلدوني)). والطوبى عصيان مدني سلبي والانفصام، عدم الاعتراف بالشرعية.

    ادى الافتقار الى الشرعية، و الى غياب اديلوجية ، وباتالي الى نظرية الشرعية تعمل على الكيانين السياسي والانتاجي.. فغياب الشرعية االسياسية (( الخلافة))، والشرعية النقليدية (( فيبر)) يحيلنا الى طرح السؤال. ما هو اساس الحكم والسياسة الذي قامت عليه الدولة السلطانية في ارض الاسلام؟

    بقتصي منطق السياسة ،الاعتماد على كل ما يقتصيه الحال. ان الهدف من
    السياسة ليس البحث عن مصداقية نوع من انواع الشرعية. ان كانت تقليدية او عقلانية او العصبية. لان منطق السياسة يهدف الى الاقناع بهدف الاستيلاء على السلطة والحكم. ولهدا نجد ، في الدولة السلطانية مزيج من كل انواع الشرعية الرائجة. الدينية منها و العصبية و حتى التقليدية من حيث الظاهر.
    اعتمدت الدولة السلطانية في مرحلة الدعوة ومرحلة التاسييس ا على الشرعية الدينية، وفي نفس الوقت على العصبية للحفاظ على المزيد من عمر الدولة ،وحافظت على فسط من الدين في المراحل اللاحقة، لكي لا تثير غصب الفقهاء والاجهاض عليها قبل الاوان، ثلاث اجيال وفق نظرية بن خلدون.

    فهدا الفسيفساء من الشرعية هو السبب في الاستبداد من جهةورفضها عقلا وشرعا من جهة ثانية. وبما ان الاستبداد هو ميزتها الخاصة، حكم عليها بن خلدون بالانقراض،ينظر بن خلدون الى الدولة مثلما ينظر الى الانسان، ينظر اليها كالمولود الذي ظهر الوجود ،له عمر محدد، ماله الموت.لم يفكر قط في اصلاحها. يرى ان كل محاولة علاج مهما كانت، لا يغير من القدر المحتوم المؤدي الى الموت. ومن هنا التشاؤم التقليدي من اصلاح الدولة وترك التجربة نفسها تتكرر من جيل لجيل ومن عصر الى عصر الى يومنا،و هذ مشروع عقيم.

    غ

  • ير ان بن خلدون، لم يسلك نفس المسلك الذي ذهب عليه اسلافه من المفكرين التقليدين.رفصوا الواقع، غير ان رفضهم للواقع هدا هوما منعهم من سبر اغوار الواقع والتعرف على عمقه. شاركهم نفس الرفض، لكنه لم يعزف عنه. بل دفعه فضوله الى التعرف على هذا الواقع المهجور. اراد فهم الغازه لا حلها. انتصب بن خلدون في ملتقى الاتجاهات الفكرية.، الفقهية والفسلفية زولصوفية والكلامية. واظهر الانتقادات التي يوجهها البعص للاخر، واعتبرها سطحية دالك ان باطن اقوالهم ،يفيد مصمون واحد وهو رفض الواقع والهروب الى الفردانية والعزلة وكل واحد باسلوبه. وبعذا هذا بدا يستقرا الواقع الاجتماعي واستنتج نمادج ومفاهيم اصبحت اراء ونظريات سياسية واجتماعية وتاريخية، مثل ما فعل ماكس فيبر ي دراسته الدولة الحديثة والتقليدية، وحينئد تحول الى مؤرخ وفيلسوف ، ومن تم احكامة العامة مثلما فعل فيبر مثل (( اتفق العرب على ان لا يتفقوا. او العرب ليس حملة علم الخ )). وقف بن خلدون على عتبة النظرية لكن تشاؤمه منعه من تشييد نظرة الشرعية .
    يتميز بن خلدون عن سابقيه بالنقد ،لكنه شاركهم نفس التشاؤم ،لا اصلاح في الدولة ومن هنا محدوديته من منظور عبد الله العروي وضرورة تجازوه وهذا هو راينا والذي لا شك انه لا يعجب انصار التراث .

    كان من المفروص ان يبحث الفكر التقليدي عن مبررات لازمة لنقد الدولة ، كما فعل فلاسفة الانوار في ظل الدولة التقيدية، وشرعيتها التقليدية او كما فعل الاشتراكيون في نقدهم للنظام الراسمالي، وتوسيع مجال الشرعية العقلانية، ليشمل الطبقة العاملة.

    لم يقم الفكر التقليدي، بالدور اللازم الواجب القيام به، اي ايجاد شرعية تعمل توحيد الدولة والمجتمع. وهكدا كان السبب في غياب شرعية مكتملة عقلانية كانت او دينية ،احد الاسباب الرئيسية في التدخل الاستعماري.

  • تابع

    كانت الدولة وكما راينا تبعا للتحليلات السابقة، غير اسلامية، بالمعنى الصحيح الذي يقتضيه مفهوم الاسلام الحق. ولم تستطع الحصول على شرعية كاملة لتوحيد الكيانين السيلسي والانتاجي.فاعتمدت على على اجزاء غير مكتملة من مختلف الشرعيات. ومن هنا المزيج بين الشرعية الدينية والعصبية والتقليدية.فعدم اكتمال الشرعية تجسد في المؤلفات الشرعية التي تعبر عن رفضها للواقع، واقع الدولة السلطانية وسياستها ،بالهروب والدعوة الى العزلة والانفراد. وكان الرفض هو السبب في حجب رؤية الدولة بالتالي تقديم اديلوجية حقيقية.لم يفعل الفقهاء كما فعل الانوار ونقدهم للملكية المطلقة او نظرية ماركس النفدية لمنطق النظام الراسمالي البورجوازي. استسلم الفكر التقليدي لامر الواقع، ولم يستطع خلق ايديلوجية يقاوم بها الدولة بهدف تقريب الفرد من الدولة والعمل على دمجه ضمن الدولة. وهكدا فغياب النقد الموضوعي، والدي دام قرون، عمق الهوة بين المجتمع والدولة. الشيء الذي عبد الطريق للتذخل الاجنبي.
    يبدو من جهة نظرنا ان العاهة المستديمة التي اصابت المجتمع الاسلامي والتي لم يشفى منها حتى اليوم هو غياب الوحدة.فالتخلف بجميع مستوياته من هدا المنظور ماهي نتيجة منطقية، سببها الانفصام والذي يرجع الى غياب الشرعية.يلاحظ من خلال التاريخ ان الدولة المسيحية، كانت تحارب العلم، وكان دينها بعيد كل البعد عن العقل والعلم، استطاعت بواسطة التوحيد ولوج عالم التحديث. في حين الدولة في ارض الاسلام لم تكن تحارب العلم، وان الدين الاسلام، الدي يحث على العلم واعتبر من يسلك طريق العلم يسلك طريق الجنة، انحرفت عن مسار التحديث.
    كيف نفسر هذا؟
    نرى ان السبب هو غياب الوحدة والشرعية. استطاعت الدولة المسيحية، رغم تفاهة اديلوجيتها، توهيم رعايها، الايمان بالحق الالاهي والخطيئةوالخلاص. وبالتلي التوحيد، فحكمت رعايها بقبصة من حديد. ولما تحولت الشرعية من تقليدية الى عقلانية، استطاعت ان تتغلغل، في المجتمع الغربي. وهكدا فالشرعية المكتملة عملت على التوحيد سواء في المجتمع التقليدي او الحداثي.
    تختلف الرويات حول اصل التحديث، الدولة كجهازالاديلوجية و كشرعية عقلانية. يرى ماركس ان التحديث يرجع الى الطبقة الوسطى وعقليتها، عقلية البورجوازي التاجر، اما ماكس فيبر الذي لا يؤمن بالتحليل الاحادي الجانب، لا ينفى اقوال ماركس،بل يعترف بدور الطبقة الوسطى او او انصار القومية، اي التوحيد، ويتسا ئل ولما نقول ان الجانب الاداري او الثقافي ؟وهكذا يبدو من منظور ماكس فيبر كل الاحتمالات واردة.

    غير اننا نرى ان الراي الارجح الى الظن، هو التوحيد (( الانفضام بين المجتمع والدولة))،الذي غاب في بلاد الاسلام. ذالك ان الخوف من الخطر الاجنبي، الدي كان يهدد اوربا، العرب والتثار هو السبب ارئيسي في التحديث. .
    لقد تميز الجيش النابولوني بالوحدة والتنظيم والانضباط وكانت السبب في غزوه اوربا، شمالا وجنوبا ، من بحر البلطيق الى جنوب المتوسط، وكانت الحروب التي خاضها على جميع المستويات عسكرية وفكرية وسياسية واجتماعية لنشر الحداثة. فالتوحيد والانضباط والعقلانية في الجيش هو ما مكنه من غزو اوربا من بحر البلطيق الى المتوسط.
    غير ان عملية التوحيد لم تبدا مع نابليون، بل يرجع اصلها ، الى الخطر الذي كان يهدد اوربا الخطر العربي والتثار.فالخوف من الاسلام والعرب هو الدي كان وما يزال يهدد اوربا رغم تفوقهم المادي االعسكري والاقتصادي ،فالتمييز العنصري، ما هو الا وجه من وجوه الخوف والجبن الدي يتستر تحت قناع العنصرية.
    فالعنصرية تعبر عن خوف دفين في قلوب الغربيين، وهذا ما سناقشه ايصا في الفقرة المتعلقة بالاسلام والغرب في الفقرة الاخيرة.
    ان الخوف (( القلق عند هيدغر))، يعني العودة الى الذات والوعي بها. فهي حالة نفسية تنقل صاحبها، من الوعي المزيف الى الوعي الصحيح او الاصيل بالمعنى الهيذغيرى. فالوعي بالدات يعني مراجعة الذات، و التركيزحول الاهم. فكان فالاهم بالنسبة للغرب هو استرجاع الاراضي المحتلة، من طرف المسلمون المشركون من وجهة نظر الكنيسة الكاتوليكية .

    لم تبدا عملية الاسترجاع الا بعد ان توحدت صفوف الغرب النصراني . انتزعت الاندلس من يد المسلمين، الشيء الدي اعاد الثقة بالنفس، لمواصلة عملية الغزو، بالتوغل ماوراء حوض المتوسط ، على حساب الاراضي الاسلامية. وكان اول من بدا بعملية الغزو هم الاسبان وابرتغال، مع بداية القرن الخامس عشر، قبل ، تنتهج فرنسا نفس المنهج في القرن التاسع عشر.
    كان الاتراك قوة عسكرية، يحسب الف حساب، فتفادي الاصطدام معهم في حوض المتوسط هو ،ما ادي بالبرتغال والاسبان، البحث عن مسالك بحرية جديدة للتجارة. ومن تم اكتشاف البرازيل وامريكا. لو لم يكن توحيد، لما كان اكتشاف او تجارة او ازدهر النشاط التجاري في بعض الموتنئ الاوربية، وانتشار العقلية التجارية التي بدات تشكك في اطروحات الكنيسة .،
    فعملية الاسترجاع التي بدا بها الاسبان وابلرتغال ،بالمغرب كانت بمثابة، فتح جديد، فتح زرع روح جذيذة في نفوس النصارى،و زاد من حماسة الشبان االاوربيين ، لمواصلة الحروب الصليبية في منطقة المغرب،لنصرة الدين الحق من منظور الكنيسة الكاتوليكية.

    ومما زاد من نار الحماسة في الغزو وهي مباركة بابا روما، للاسبان والبرتغال .فكلما نوسعت الدولتين الاسبانية والبرتغالية، وكلما اقتطعت ارض من اراضي المسلمين الا وبارك البابا لهما. ولكي لا تتكسر شوكة الدولتين، كان البابا يتدخل للفصل في النزاع الدي دار بين اسبانيا والبرتغال والتسابق حول الاستيلاء على ارواضي المغربية. ولهدا نجد عدة اتفاقيات طيلة القرن الخامس عشر. وكان الهدف منها التخفيف من الصراع بين القوتين العظمتين في تلك الفترة وباتالي البقاء على الوحدة.
    فادا كان هدا الافتراص (( التوحيد)) صحيح، على اعتبار ان الوحدة هي احد عوامل التهصة، والرئيسىية من وجهة نظرنا، فلماذا،لم ينهص ويفعل المجتمع العربي و الاسلامي مثلما فعلت الدولة المسيحية، للقيام بعملية الوحدة والتصدي للخطر الصليبي قبل ان يداهمه الاستعمار ويدوسه. علما ان الخطر الصليبي الاستعماري،لم يهدد الوحدة المفقودة مند قرون.بل اصبح يهدد الكيانين السياسي والانتاجي معا في وجودهما ولربما دوبانهما.
    ولو استطاع المجتمع العربي والاسلامي ايجاد شرعية مكتملة ، لجمع راي المسلمين على كلمة واحدة، لربما تجنبوا التدخل الاجنبي في شؤون بلادهم، او على الاقل الحد من وطاته. . ولربما لما تعثرت، كل العمليات الاصلاحية ، التي بدات مشوارها مند القرن التاسع عشر ولم تكتمل بعد وبالتالي الشرعية العقلانية التي باسمها اصبح الاجنبي يسوس بلاد المسلمين.
    الواقع ان الانفصام بين المجتمع الدولة لم يكن يخفى على الغربيين. كان الغرب على اطلاع ومعرفة دقيقة باحوال المسلمين. فالتجار والقناصل والجواسيس الدين كانوا يقومون باستطلاعات استكشافية، يزودون دولهم بما يجري في البلاد الاسلامية..
    استدرك العرب والمسلمون في المشرق والمغرب والاندلس، من خلال معاملاتهم التجارية مع الغرب ،انهم مستهدفون. السلطان في ((شرعيته))، الفقهاء في عقيدتهم، والاطياف الاخرى في مصلحتها.
    استدرك الاتراك الخطر، وحاولو القيام باصلاحات، غير ان الاصلاحات لم تاتي في الوقت المناسب. جاءت الاصلاحات في الوقت الذي ظهرت قوى غربية اخرى، ،تنتهج سياسية توسعية، بحيث ،كانت اهداف انجترا تجارية وفرنسا سياسية وروسيا عقائدية. وهكدا لايمكن القيام بالتوحيد بين عشية وضحاها، لقد فات الاوان. وكان من اثار ذالك الانفصام التخلف، وعلى جميع المستويات العسكري والاقتصادي والاجتماعي. الشيء الذي مهذ الطريق الى التدخل الاجنبي.
    اتخد الاجنبي من االانفصام دريعة للتدخل والصلح بين الاثنين. بين المجتمع والدولة. لم يكن من خيار امام السلطان الا بالقبول .وهكذا دخل المجتمع الاسلامي مدفوعا بعد الضغوطات الاجنبية الى مرحلة ما يسمى بعهد التنظيمات.

  • و صلنا الان الى مرحلة الاستعمار، عهد الاصلاحات اوما يسمى بالدولة المنتظمة. وبما انk وكما قلنا منذ البداية ان الخلط بين الاسلام والمسلمين، يرجع التاليف الاستعماري وبمن تاثر به. ولما كان ولايزال هدا التاثير يغذي العقول في الغرب، وخاصة فرنسا، من خلال الجريدة الجبهة الشعبية التي انشاها ميشيل اونفري لهدا الغرض، متخاد من كتاب اصطدام الحضارات للكاتب الامريكي صامويل هوتنتغن ، المرجع الاساس . بحيث يقر اونفري ان الدافع لنشاة الجريدة ، وهي ان لحملة الانتخابية الرئاسية الاخيرة بفرنسا ، لم ياخد المرشحون ، موضوع القيم الحضارية ماخد الجد. الشيء الذي يعني الاسلام وقيمه لا يمكن ان تيماشي مع قيم الجمهورية. وان الويلات التي تعرفها فرنسا اليوم مع المهاجرين(( الاقلية المسلمة))، يرجع الى كونها ،انها ارادت ان تقوم بواجبها الحضاري، لكن الدول الاسلامية التي فضلت الجهل على العلم، التاخر على التقدم، حاربتها ولم تساعد فرنسا القيام بهمهتها الحضارية.
    وهكدا يبدو من خلال الخط التحريري الذي تسير عليها الجريدة التي لقيت نجاحا كبير، ان فرنسا هي الضحية،ذالك ان حسن نيتها هو السبب في الاصطذام بينها وبين الدول المستعمرة (( حرب التحرير)) من جهة، ثم انها لم تفهم انها مثل هده الشعوب (( المهاجرين المسلمين)) لايمكن بحال ادماجها

    وبما اننا نرى ان اول الضحايا التي تتغدى من هدا الفكر المشحون بالعداء والكراهية المبطنة في هدا النوع من الفكر الدي لا يساهم في خلف جسر التواصل والحوار، بل يدغذغ المشاعر بالحقد و الكراهية. نحاول، البرهنة على ان التاخر والدي كان السبب في التدخل الاجنبي ، لا يمت باوهى الضلات مع الاسلام ، هذا من جهة ، ثم ان الاستعمار وعقليته في الماضي والحاضر، يرجع الى تخلف النخبة الفرنسية مع جارتها انجلتر من جهة ثانية.
    فالمحاولة هنا تهدف الى ضرب عصفورين بحجرة واحدة ، وهي ان غياب الشرعية (( الانفصام)) بصفة عامة كان هو السبب في التدخل الاجنبي ثم ان الشرعية العقلانية وكما فهمتها فرنسا كانت تخريبية.

  • كان من المفروض ان تبحث الدولة عن وسائط (( علم السياسة عند الفارابي))، ان تتقرب من المجتمع باستثمار المال (( الجبايات)) في المصلحة العامة، بانشاء منشات تخدم الكياننين الدولة المجتمع، واما يضغط المجتمع على الدولة ويرغمها القيام بذالك. فالجهل بالسياية وقواعدها ادى الى النفور والتباعد. تشبت المجتمع بالطوبى ، واصبحت الدولة ترى المصلحة كل
    المصلحة مصلحتها،بحيث واعتبرت ان الجيش جيشها ، وبيت المال ملكها، والموظفون الاداريون خدامها، ليس هذا وحسب بل ربطت مصلحتها بالريع، الجهاد البحري (( القرضنة))، نحلة في المعاش غير طبيعية من منظور بن خلدون، هذتا من جهة ثم بالتجارة الخارجية من جهة ثانية.
    لم تربط الدولة مصلحتها بمصلحة المجتمع ، فبقيت محصورة هي وبطانتها ، داخل اسوار المدينة، بعيدة عن مجتمع الارياف. ومن تم الفضاء الفارغ (( الاراضي الخلاء))،فهدا الفضاء الفارغ بين الارياف والمدينة (غياب العمران)) ، ويسمى في القانون التقليدي الغربي الاراضي الخلاء ، مفهوم نظر فيه، كبار مفكري الغرب،لاعطاء صبغة الاحتلال الانجليز بامريكا و التشجيع على الاستعمار في ب ارض الاسلام خاصة والعالم بصفة عامة.
    فالاراضي الخالية من العمران، اراضي خلاء، تعتبر ارضي مهجورة . لماذا؟ فالاراضي الخلاء ليست ملك لاحد. ذالك انه لو كانت لملك لجهة من الجهات ، لاستغلت، وبما انها غير مستغلة، تصبح ملك لمن يستغلها. و من هنا يصبح المالك الحقيقي للارض،هو النازح،او المستعمر.
    كان اول من نظر الى المفهوم في الفكر الحديث هو جون لوك لاعطاء طابع الشرعية للا نجليز لاحتلال امريكا، ثم لايبنيتز المعروف بعدائه للعرب والمسلمين للتشجيع على الاستعمار.
    انتهى القانون التقليدي الذي يعتمد على القوة، بنهاية الحرب العالمية الثانية، بحيث تبين ان الاعتماد على القوة ادى الى نتائج غير منتظرة (( الحربين العالمتين)) ، ولهدا وحل محله قانون جديد قانون العلاقات او الشرعية الدولية، بهدف تفادي مازق الحربين العالمتين. ومن تم تصفية الاستعمار. لكن القضية الفلسطنية وقضية سبتة والمغرب بقايا الاستعمار لايزالوا المستمعرين (( اسرائيل واسبانيا)) يوظفون مفهوم اراضي الخلاء بمعاني مختلفة. بحيث انضافت اليه عناصر تكيفت مع الوضع الدولي الجديد وفقهه ، قد نناقشها في مناسبات مواتية فيما يتعلق باخر المستعمرات.

    ادى التباعد بين الدولة والمجتمع الى غياب العمران (( الاراضي الخلاء))، فعذه الاراضي الخلاء هي السبب في التدخل بهدف العمران واقامة العمران وكما يدعي الغرب. ومن هنا الرسالة الحضارية المزعومة (( فرنسا)).

  • الجزائر

    مع مطلع القرن الثامن عشر،كانت الدولة المغربية (( تونس، الجزائر، المغرب)) تقتات هي وجهازها من الجهاد البحري (( القرصنة)) ومن الملاحة البحرية. الشي الذي كان يمثل عائقا للتجارة الاوربية التي بدات تعرف نوع من الازدهار. فهاجس القضاء على القرصنة والرفع من مستوى التجارة الاوربية، كان يؤرق بال الاوروبيين.
    انعقد مؤتمر في منتصف العقد الثاني من العقد الثاني من الفرن التاسع عشر، للنظر في هذه القضية ،قضية القرصنة والتصذي لها بشكل جدي. فتم اتفاق مبدئي لتقسيم العالم. لكن الحروب النابولونية عطلت المشروع و عملت عل تاجيل تطبيقه، الى تارخ محدد ، خمسين سنة بعد المؤتمر.

    كان الصراع قد بلغ ذروته بين انجترا وفرنسا ، لكن لم يطعن هدا في الاتفاق المبدئي الدي ينص عل رفع شعار الحرية لتقسيم العالم ومن تم رفعوا شعار تحرير العبيد و عدم الاتجار في الرقيق.غير ان فرنسا لم تحترم الاجل المحدد (( خمسين سنة)) والمقرر للبداية في تطبيق المشروع التوسعي، فبادرت الى احتلال الجزائر. ويرجع هدا التسرع الى تخلف فرنسا الفكري والاقتصادي ،بحيث كانت تعيش عهد الردة على افكارها الثورية. هدا من جهة تم الى التباين الحضاري بين الشمال المتقدم والجنوب المتخلف من جهة ثانية.

    كان من الممكن ان لا تتعدى الحملة الفرنسية عمارات وبنايات مدينة الجزائر، مثل ما حذث مع اسبانيا، او نسخة نبابلوين في مصر.غير ان اثرياء الشمال وعقليتهم الرجعية، كانوا يضاربون بالاراضي الفلاحية، دفعوا بالمشاركين في الحملة ، مشاركون يجهلون مثلما يجهل اونفري واصحابه اليوم، ان الدافع الاساسي للاحتلال هو المضاربة العقارية ، جعلوا من الحملة ،ملحمة فرنسية ، ومهمة حضارية.فازداذت الفئة الطفيلية حماسا، للمزيد من التوغل في الداخل.

    وهكدا فالسبب في انهيار الدولة (( الجزائر )) يرجع الى الضغط العسكري والاقتصادي الذي توجهه حكومة باريس من جهة، وضعف داتي للدولة الدي يرجع الى الانفضام من جهة ثانية.
    مثلت الجزائر قبل الاحتلال، ذروة الانفصام بين الدولة والمجتمع، بحيث ان سكان وهران هربوا لاجئين الى سلطان المغرب، بحيث اصبح السلطان بدون رعية ،فكاتب السلطان المغربي يطالبهم بالعودة ،فكان جوابهم (( اللهم النصارى ولا الاتراك)).

    يستلزم منطق الاقتصاد، سلطان القرن التاسع عشر واليوم، تحطيم الدولة التي هرب سلطانها هو وحرمه وكنوزه الى ايطاليا. والذي لا احد ندم على سقوطه. فتوسيع الاقتصاد الاقتصاذ لا يعني الاحتلال الشامل (( راي الفيلسوف
    الفرنسي طوكفيل)). اد يكفي الاعتراف بالسيادة الفرنسية العليا، لفتح الباب اما التجار الاوربيين. الشيء الذي يعني تفادي الابادة الجماعية التي لا تزال وشمة مرسومة على جبين فرنسا.

    غير ان العقلية الارستقراطية وكما قلنا متخلفة.انتهجت حكومة باريس منطقين مختلفين. وكما قلنا يرجع ذالك الى الشمال المتقدم والجنوب المتخلف ، وترددت في استعمال كل واحد منهما. لكن انتهى الامر بتطبيق كل منطق في مجال محدد. طبقت القانون الفرنسي في الاماكن الامنة (( المدينة))، في المجال التركي والذي كان مفصولا عن المجتمع. لكن المنطقين معا ينتهيان بسلب الملكية من الاهالي، وتفويضها للمعمرين، عملية تحيل الى هدم المجتمع الجزائري.
    يفرض منطق الاقتصاد البحث عن الاعتراف بالسيادة، وترك المجتمع، ثم العمل على تحرير الفرد من الاعراف والتقاليد ليصبح فرد حر مستقل قابل للاندماج في النظام الراسمالي. غيرا ن سياسة فرنسا العشوائية، قلصت، عدد السكان ، بسبب القتل والمجاعة الى نصف مجموع السكان في الفترة الممتدة من تاريخ الاحتلال الى حرب فرسنا مع الماينا. الغزو من جهة وتدمير الاقتصاد من جهة ثانية.
    لم يستفذ الاهالي من عملية التحديث. استفاد المعمرون من كل المشاريع ، من تعمير و من بناء الطرق والخطوط الحديدية والبورصة التجارية ، بينما ظل السكان بعيدين عن المشاركة. ومن تم الضرر والركود.انخفضت الاسعار، وقل الطلب، وتراجع الانتاج الزراعي بسبب قلة مساحة المراعي، فانخفض المحصول بخمس اصعاف في اواخر الستينيات، فانتتشرت المجاعة ومات اكثر من ثلاثمائة الف شخص في سنة واحدة.

    هذا عن عميلة التحديث، الذي خرب الاقتصاد المحلي، لانتعاش الفئة الطقيلية، لنتابع سياسة باريس وعلاقة المعمرين من قواد ومستوطنين مع المجتمع الجزائري. يلوح انصار الاستعمار بالرسالة الحضارية. هل استطاعت فرنسا تكوين نخبة محلية قادرة على تسيير البلاد ؟

    كان النفود الفعلي في اواخر الحكم العثماني ، بيد السلطات المحلية. كان الشيوخ وزعماء القبائل يعتمدون على الدين او العصبية (( الايالة الغربية )) او المال والشوكة (( الايالة الشرقية)) للحفاظ على التوازن بين العشائر والقبائل . اعتمد الامير عبد القادر على هذه السلطات في مقاومته للمستعمر وساهمت في تحقيق انتصارات باهرة. لكن بعد انتهاء مقاومة الامير. حاول ضباط الجيش الفرنسي الاعتماد على نفس النظام. وكادت السياسة ان تنجح لو الحاح حكومة باريس التي شجعت على المزيد من الاستيطان ومحاصرة الاهالي (( النمط الامريكي)). مفهوم مستوحى من السياسة الامريكية، الشيء الذي ادى الى اشتعال فتيل الثورة في الكثير من المناطق في فترة الخمسينيات.

    كان الرؤساء، يلعبون دور مهم، فمن جهة يظهرون الاخلاص للمستعمر ،وفي نفس الوقت، الحفاظ على سمعتهم بين ذوي جلدتهم، بالدفاع عن الاعراف والحقوق المكتسبة، ومن هنا التردد في المواقف.
    هل انتهجت فرنسا سياسة التقريب بينها وبين المجتمع وزرع شرعية عقلانية؟

    كان الشيوخ في البداية يشجعون اخوانهم على تحسين وسائل الانتاج، لكن العملية كانت باهضة الثمن. فانخفاص الاسعار وقلة الطلب ادى الى الافراط في الاستدانة.كان البرلمانيون الفرنسيون، ينوهون بالكرم والحفاوة التي يستقبلون بها من قبل الشيوخ. لكن من كان يؤدي الثمن؟ انتهى عهد القيادة الجهادية (( الامير عبد القادر)) ولم تظهر سيياسة ثقافية جديدة. ومن هنا ثرورة المقراني الف وثمانية مائة وواحد وسبعين.

    كان اتفاق ضمني بين الرؤساء والفلاحون. لكن اهداف كل من الفريقين مختلفة. فالرؤساء كان موقفهم غير حازم. كانو يخشون من فقدان مكانتهم. فضيعوا فرصة الانتصار في الوقت الذي كانت فيه فرنسا مشغولة بالحرب مع المانيا. فاذا كانت سنة سبعة واربعين اعلنت نهاية الدولة الجزائرية، على يد الجيش. كشفت سنة واحد وثمانين افلاس القيادات المحلية على يد المعمرين.

    انشائت الدولة الفرنسية، قيادة جديدة محببة لدى الادباء والفنانين الفرنسيين لكن غير مشروعة من لدى عامة الجزائريين. فدهب مشايخ الزوايا الى الجنوب ، لمواصلة المقاومة ومن تورة اولاج سيدي الشيخ. اربعة وثمانين.

    وهكذا اتضح ان تاريخ الجزائر منذ الاحتلال الى ثورة المقراني ان الاستعمار مسرح اقنعة ، تقنع بها كل من الضباط والمعمرون ونابليون. ادعى المستوطن انه يريد جعل الجزائري مواطن فرنسي ، في حين انه كان يريد ان تكون الجزائر قطعة من فرنسا. ادعى الضباط الاعجاب باخلاق العرب ونمط عيشهم. في حين انهم كانوا يرون في هذا الاسلوب الوسيلة الانجح للامن والاستقرار. ادعو نابلوين الثالث تاسيس مملكة عربية لكنه كان يحلم برفع الاقتصاد والسياسة الاستعمارية. لكي ترقى الى مستوى الراسمالية الامريكية.
    وهكدا فرغم تداخل العوامل الذاتية والموضوعية هناك حقيقة جوهرية. وهي ان الدافع الدي دفع فرنسا الى الغزو هو تخلفها الراسمالي با لمقارنة مع اانجليز. وليس كما يقول اونفري واصحابه في المجلة الواجب الحضاري.

  • تعرضت الجزائر لعنف السلاح اولا ، عنف قضى على الدولة الجزائرية، وبالموازاة مع ذالك مارس وحش الاقتصاد المسلوب من كل قيمة اخلاقية انسانية ،جشعه وبطشه. مورس العنف الاقتصادي عن طريق محاصرة الاهالي ،وربط اقتصادهم بالجالية الاجنبية من جهة، ثم اضعاف النخبة المحلية من جهة ثانية. يلاحظ ان السيناريو نفسه يتكرر بتونس. فالاحداث التي تصفها كتب التاريخ.تبرز ان الاسباب والنتائج هي هي. فالصور والمشاهد وظروف ومكان، التقاطها، تخضع لنفس الاستراتيجية.

    يحرك كل عملية توسعية منطق الاقتصا، غيران فرنسا لم تكتف بالقضاء على اقتصاد الدولة التونسية ، وتعويضه بااقتصاد عصري يخدم، المستوطنين والاهالي، فسياستها العشوائية، خلقت فوضى . مارست الضغط النفسي والمادي على الطبقة الحاكمة، ادى بالدولة والنخبة الى الاستسلام الى الركوع الى مطالبها.بحيث ان الاصلاحات القوانين كلها كانت تصب في صالح الاجنبي. كان التونسي يؤدي فاتوراة الاصلاح الباهضة الثمن ، دون الاستفادة من غلتها. فالازمات الاقتصادية المتوالية اعادت الى الواجهة ذالك الانفصام الذي طالما بدانا الحديث عنه من بداية التحليل المتعلق بالشرعية. فالثوراث التي كانت تطالب بالامارة الشرعية (( الطوبى التقليدية)) فجرت التوثرالتقليدي بين الدولة والمجتمع بعد اعربت الدولة وحاشيتها عن افلاسها .

    .

  • تونس

    ادركت الدولة العثمانية وكما قلنا سابقا الخطر الاجنبي،. وراحت تقوم باصلاحات، وسارت على نفس النهج تونس ومصر.و كانت كل المؤشرات تبشر بالخير،وتبرز على ان تونس اختارت المصسار الصحيح.مسلك يختلف عن المسلك الدي اتبعه كل من المغرب والجزائر قبل احتلالها وابرز دليل على ذالك هو رفضها للوهابية..
    لقد بدات ملامح الاصلاح، تظهر في الحياة العامة. وساهم في بلورة الحياة الاقتصادية والسياسية النخبة المحلية(( التونسية)) بمعية الطبقة الحاكمة التركية. كانت تونس بامكان تونس ان تتفادي الاستعمار لولا تدخلات الدولاتي او الباي (( الحاكم الجزائري)) في الشان السياسي التونسي في القرن الثمن عشر. ومهما يكن فالاصلاحات جائت متاخرة. الشيء الدي ترك الفرصة للتدخل الاجنبي. الشيء الذي ادى مشاركة اطراف اخرى في المعادلة السياسية.

    ارتفع عدد الوافدين الاجانب ولم يعد التطور في ايدي النخبتين التقليديتين (( التونسية والتركية)). وكانو يجدون سندا في كل ما يطمحون حقا ام باطلا. ولهدا السبب عاد النفود من جديد الى العثمانيين. الشيء الذي ادى الى تضاعف اللعبة السياسية. واصبحت معقدة لاصباغها بالوان سياسية اوربية.

    كانت انجلتزا، قد ضربت حصارا على القارة الاوربية لاحتكار التجارة العالمية. وبسبب مركزها التجاري القوي . ابرمت اتفاقية مع السلطان العثماني، والتي بموجبها تتصرف في كل المماليك بما فيه تونس.غير ان احتلال الجزائر غير من ميزان القوى، بحيث دخلت فرنسا مع انجلترا في صراع حاد.كانت تركيا منذ القرن التاسع عشر،منشغلة بالاصلاح، اصلاح عم الجهاز الاداري والاداري والسياسي. كانت النخبة البلدية التونسية تقوم باصلاحات، ولم تكن ترى تناقض بين الاصلاح في الداخل مع الولاء للسلطنة العثمانية ، كانت تحبد التوجه الانجليزي الذي كان يهدف الى تقوية الدولة العثمانية.
    غير ان الباي وبطانته رغم الاصول التركية،كانت تميل الى السياسة الفرنسية.بحيث ان الباي كان يرى ان الارتباط بالباب العالي يحد من سلطته، ففك الارتباط يعني اطلاق يده في تصريف شؤون البلاد. وهذا ما تتمناه فرنسا، كانت تريد ان تعزل تونس، كعزل الذئب للخروف عن الماشية، وفرسه فرسا. فالعزل يضعف القدرة على الصمود.
    ففي هذا المناخ المشحون تعددت دسائس اوربا والفئات التونسية المختلفة المشارب.
    كان الباي يخشى مما حدث بطرابلس ،بحيث ان الصراع بين اعضاء الاسرة الحاكمة بطرابلس انتهى بالحاقها بتركيا. كان يتمنى الاستقلال ، لكنه لما، لم يجد تشيجع من فرنسا للاعلان عن الاستقلال ، اضطر التودد الى السلطان العثماني، ولهذا شارك في حرب القرم. فعادت تونس بالتدريج تحت النفود العثماني شانها شان مصر زمان محمد علي باشا.وبالتالي مجاراة الاصلاحات السياسية المتبعة انذاك بالقاهرة واسنطبول. وهكذا جاء الاصلاح تحت ضغوط مختلفة داخلية وخارجية وعثمانية وانجليزية وفرنسية.

    كانت الاصلاحات في البداية شكلية ، اتخدت صبغة التمظهر بمظاهر الحياة العصرية.ثم اصبحث ثقافية.بحيث اعيد تنظيم خزانة كتب جامع الزيتونة وانشات جريدة لنشر القوانين الجديدة. واستبدل الجيش الانكشاري بجيش نظامي عصري. غير ان الاصلاح الجبائي عرى عن الانفصام وتناقضات المجتمع، والفجوة التي تفصل بين الكيان السياسي والانتاجي. ذالك ان تحديث الجيش(( الجديد)) يستلزم البحث عن موارد جديدة لتموينه. كانت الضريبة المفروضة على المساحة المزروعة (( المقدرة)) مردوديتها تثمثل العشر.
    حاول الباي ان يرفع منها غير ان الاجراء غير مجد. تضاعفت نفقات الجيش. اضطر على فرض رسوم على الجمرك ووظائف المبادلات ثم المكوس المحرمة والمشؤومة عند الفقهاء ولمن يلجا اليها. ثم اخيرا لجا الى اسوء الحلول، نظام الالتزام. فاللالتزام يعني بيع الجباية الى شخص مقابل قدر معين من المال. نظام لايفيد الملتزم ويزيد من نقمة الجمهور على الدولة دون التخفيف من اعبائها.

    نذكر ان الاصلاحات كانت من وحي المستشارين الاجانب، همهم الوحيد تشجيع التجارة. لم يرى الاجانب في الباي كحاكم للبلاد اكثر مما يرون فيه اكبر مستهلك في البلد وقدرته على شراء بالكثرة الاسلحة والالبسة ومواد البناء والاثاث والتحف الخ.
    وبما ان نظام الالتزام ضار بالراعي والرعية ، يصبح من الضروري الاعتماد على الرسوم الجمركية. الشيء الذي يشجع على التجارة الخارجية. ومن تم يصبح مصير الدولة مرتبط بمصلحة الجالية الاجنبية. وعند يصل عدد الوافدين الاجانب نسبة معينة يزداد نفودهم. وبالتالي الضغط والمطالبة بالغاء الاحتكارات والامتيازات الخاصة بالدولة . بل تصبح المطالبة ايصا بتخفيض الرسوم المورد الاساسي لخزينة الدولة. فيذهب الاصلاح في غير مجراه الطبيعي. اتجاه لا علاقة له بمصلحة الدولة وازدهار المجتمع.

    تراكمت المشاكل ، وحاول الباي النجاة من الافلاس، بالاستغناء عن الجيش الجديد والضرائب المستحدثة لتموينه. ظنا منه ان الحل يكمن في الغاء الضرائب واستبدالها بضريبة واحدة تفرض على كل فرد بدون اسثتناء (( اهالي واجانب)) وانشا الاعانة (( المجبى)) لكن الاجانب راو في الاجراء تعسف واجحاف في حقهم.

    ارتبط وكما يلاحظ، الاصلاح بالاجانب . فالمحاولة الاصلاحية تحت الضغوط الاجنبية،كانت تهدف الى التخفيف من التهديدات وتوطيد العلاقات التونسية الاوربية وتمتنيها. فارتبطت موارد الدولة بنشاط التجار الاجانب.وبقدر ما كان يزداد عدد المستوطنين الاوربيين ، المحميين والمتحكمين في القطاع العصري. بقدر ما يلحون على الحصول على حقوق ثابثة وضمانات غير قابل للطعن فيها. ضمانات تتجسد في قانون غير قابل لللاغاء.
    طالب الاجانب بقانون يضمن لهم الحرية. يعتبرون ان حريتهم لا تتساكن مع نظام القضاء الاسلامي. فاصبح التجار وكلهم نصارى، يتمتعون كافراد بامتيازات اي بحقوق اسثنائية لا تمس الشرع بصفته قانون البلاد العام . لكن عندما كثر ةعددهم و توقف نشاطهم يتوقف على تعميم ذالك الامتياز لكل مخالط. وهدا التعميم نقل القانون، الخاص بالتاجر الاجنبي النصراني الى باقي المجتمع هو الدي سمي اصلاحا.
    فصمون الاصلاح في تركيا هو مصمون الاصلاح بتونس,. يتضمن احد عشرا بندا. اهمها ضمان حرية الشعائر الدينية، المساوات امام القانون ،مساوات الجميع في اداء الضرائب ومنع الاحتكارات التجارية ،حق الامتلاك لغير المسلمين ،انشاء محكمة، لفصل القضايا المتعلقة بالتجارة ، قرئ نض العقد في حفل رهيب حضره القناصل وكبار اعيان الدولة واعطى الباي عهده على تطبيق، ماجاء فيه ثم اعلن رسميا في اليوم الموالي.
    لم يكن من خيار امام الدولة الي بتطبيق نص الاتفاق. فمساعي القناصل والتهديدات التي تجسدت في البواخر البحرية على شاطئ تونس. ثم الجالية التي اندست ذاخل الدولة واصبحت تسخرها لمصلحتها ساهمت في ذالك.

    وبالموازات مع ذالك نشرت قوانين كلها في صالح الاجانب والمحميين (( المخالطين)). الغيت كل القيود على امتلاك العقارات لغير المسلمين وفتحت للجميع الصنائع والتجارات التي كانت موضوع احتكار من قبل ورفع اخر جاجز على اليهود.. دخل نص الاتفاق حيز التطبيق وظل ساري المفعول الى ان اندلعت ثورة على بن غذاهم التي ارغمت الاباي توقيفه.

    راينا ان اصلاح الجيش كان الهدف الصمود في وجه التهديد والابتزاز. لكن الامل لم يتحقق وتم التراجع عنه على اعتبار ان المنطق يقضي الاصلاح الاداري والجبائي يسبق الجيش. ظنا الاستجاب لمطالب الاجنبي ينجيه من الضغط وفي غنى عن تكاليف الجيش الحديث. الا ان الدول الاوربية لن تكف الا بعد ان يعم الهدوئ مجموع البلاد. لم يفهم الباي ان الاصلاحات ترفع من مكانة الاجانب فتشجعهم عل التمادي في المطالبة في حين تحط من قدر الحكام وتحز في نفس الرعية. واكبر خطا ارتكبه التونسيون ظنوا ان الامر غائب عن وعي السكان. ادخلت الاصلاحات لتفادي تدخل الاجانب فادا بها تمهد السبيل لكي يتقوى التدخل ويتصاعف.
    لا تختلف الازمة التونسية في اسبابها ونتائجها عن تلك التي عرفتها مصر من قبل والمغرب فيما بعذ. فالتساكن بين نظامين انتاجيين متناقضين. هذا في الوقت الذي فرض فيه جهاز حكومي عصري على مجتمع لا يرى اية فائدة منه ولا يستطيع تحمله.
    ارتفعت المصاريف في عهد الامان، وقت الضائقة الاقتصادية. تفرنجت النخبة التونسية بتقليدها الاوروبيين في اللباس والاثاث ومن تم الاستدانة من التجار الاجانب. بفوائد مجحفة. ادت الازمة النقدية الى اجتماعية ،حكمت مسبقا على اي محاولة اصلاح النظام الجبائي بالفشل. وكان كل اجراء يخدم الاجانب دون العودة على الباي باية فائدة. فالحاجة الماسة ادت بالادارة الى مصادرة الممتلكات، ووضعها بسوق كاسدة، ولما لم تجد الادارة ما تصادر، شجعت الناس على الاقتراض من البنوك ودور التجارة الاجنبية.
    وعندما غرق الاعيان في الديون، تطاولوا على املاك الضعفاء . في هذا الجو المسموم ضعف التفاهم بين حكومة الباي ومن ارتبط بها ، فابدى اعيان الحاضرة تفهمهم، وهم عرب مالكيون يراجعون موقفهم من سياسة الاصلاح، لنقمة سكان البوادي (( الاعراب)) ، غير ان التحالف كان هش ، ذالك ان التجربة بعد تحمل ومصبرة، تكون عشوائية ومتناقضة الاهداف.
    فالتطورات تشير الى ان الاقتصاد عزز النتائج السبية التي خلفتها الاصلاحات ،ضعفت الدولة من الداخل وعاد الى الواجهة عيبها المتاصل وهو الانفصال عن المجتمع والتعالي عنه الى حد ان المحكوم يقول بداهة ليس هذه دولتنا بل دولة غيرنا. وهدا ما اسفرت عنه ثورة علي بن غذاهم الف وثمامنية و اربعة وستين.
    فالاقتراص منن الخارج وعدم تسديدها ادى الى مضاعفة المجبى ، على سكان الارياف الذين لم يستفيدوا مباشرة من الاصلاح، المنجزة من مباني وتجديد الجهاز الاداري واصلاحات مستوحات من مطالب وملتمسات الاجانب.طالب الثوار بالغاء كل الاجراءات الاصلاحية. قامت الثورة بين الفلاحين والملاكين ،لكن التحالف لم يعمر طةيلا،ا تخلى الملاكون عن الحركة وبقيث بيد البؤساء ومن تم الفشل.
    تقررمصير تونس وسارت تونس على الطريق الذي سبقتها اليه مصر. والدي انتهي بضياع استقلال البلدين. ورغم هدا احتفظت تونس باستقلال صوري. كانت مهلة تونس للقيام بالاصلاح ،وهي االتي خطط لها المملوك العثماني، خير الدين التونسي. لكن الاحتلال الفرنسي جاء لكسرها جتى لا تسري عدوى الاصلاح الى الجزائر المجاورة.

  • بعد وقعة وادي المخازن (( معركة الملوك الثلاثة)) والتي لقي فيها البرتغال شر الهزيمة، اصبح المغرب قوة يحسب له الف حساب ولم تتجرا حتى الدولة العثماينة على احتلاله. لكن هذا لم يمنع الانفصام بين المجتمع والدولة. انفصام ظهر الى الواجهة بعد سقوط الجزائر.
    كان المغرب يعرف في تلك الفترة، فترة سقوط الجزائر، مرحلة التفتت والتمزق.ولهذا منح السلطان المغربي ،سلطة مطلقة لبعض القيادات في المناطق الثائرة،لضبط الاوضاع. قيادات اصبحت احدى الركائز التي يعتمدها الاستعمار، فيما بعد.وهكذا لما طالب الوفد القادم من تلمسان البيعة، رفضها. رفضها لانه كان يعرف حق المعرفة ، انه لا يقدر على مواجهة الجيش الفرنسي المرابط بالجزائر.
    غير ان اهل فاس من علماء وفقهاء،ارتاوا ان الواجب الديني، يستلزم القبول بالبيعة (( تناقض طوبى الفقهاء ومصلحة الدولة)). فالفتاوي التي اصدرها اهل فاس كانت كلها تصب في مصلحة المطالبين بالبيعة الاولى والثانية (( الامير عبد القادر)). امام هذا الوضع اظطر السلطان الرضوخ الاستجابة للمطالبين بالبيعة تفاديا لنقمة الفقهاء على الدولة.
    قبل السلطان بالبيعة لكن لم يقبل بشروطها. بحيث ان القبول بشروط البيعة يعني الاعلان عن حرب والدخول في مواجهة عسكرية مع القوات الفرنسية
    لهذا.حاول ان يقدم مساعدة ،وذالك قدر المستطاع.
    ارسل في المرحلة الاولى وفد من الجيش لمصاحبة اهل تلمسان لتحرير المدينة.غير ان اهل تلمسان لم يكونوا على راي واحد. ذلك ان سكان المدينة لم يجمعوا على بيعة السلطان المغربي.فالكولغيون الموالين للاتراك، رفضوا قدوم الجيش المغربي، فنشبت تحرب بين الكولغيون والوفد العسكري المغربي. انتهت باستباحة المدينة ، وتورط السلطان . ومن تم وعد السلطان فرنسا، الالتزام بالحياد وعدم التدخل مرة ثانية.
    ان الوعد الذي قطعه سلطان مع فرنسا ، لم يحترمه. لم يقبل في البداية بيعة الامير عبد القادر.لكنه اضطر تحت طغوط الفقهاء القبول مرة ثانية ببيعة الامير عبد القادر. حصل اتفاق ضمني بين السلطان والامير. يساعد الاول الثاني دون القبول بشروط البيعة.مساعدة في حدود الامكانيات وضعية جد ملتبسة قبل بها ارجلان.لكن الامير بعد ما بدات العساكر الفرنسية، تطارده في الحدوذ التابعة للملكة المغربية، التجاء الى القبائل للاحتماء بها بدون اذن من السلطان . وجدا لسلطان نفسه متورط مرة ثانية.
    توترت العلاقات بين الامير والسلطان وازداد التوتر حدة بعد معركة ايسلي..اعتبر السلطان ان الامير عبد القادر، فشل في مهمة رد الغازي باللجوء الى الاحتماء بالاراضي المغربية .ومطالبتها بالجهاد. ارتاى ان مهمة الامير دفع المستعمر لاتمهيد الطريق للتوغل في الاراضي الاسلامي.هناك تناقض اخر بين الفقيه (( الامير ممثل الفقهاء)) والسلطان(( ممثل الدولة)).
    انتهت وقعة ايسلي بهزيمة المغرب. تدخلت انجلترا التي لم تكن ترغب في، ان تقطع فرنسا لنفسها جزء من الاراضي المغربية. ابرمت اتفاقيتن الاولى مفادها تحديد مصير الامير ، اما مغادرة الامير الاراضي المغربية للحد من دعوة اهل الارياف للجهاد واما مطاردة اللجيش المغربي له. اما الثانية استجابت لمطالب المغرب.نصت على رسم الحدود بين المغرب والجزائر كي لاتتوسل فرنسا باية ذريعة للتوسع غربا.
    اعتبر الامير ان السلطان سلبت منه الشرعية، بعد ابرم اتفاقية، بعد انهزام المغربة في وقعة ايسلي، والتي حاول فيها السلطان حماية الحدود.

    ولما لم يكن الامير طرف في الاتفاقيات المبرمة، اعتبر ان السلطان المغربي سلبت منه الشرعية، رغم ان الامير ابرم اتفاقيات من قبل مع المستعمر. ومن هنا راح يجوب طولا وعرضا منطقة الريف ،داعيا الناس الى الجهاد.
    هنا التعارض الحقيقي بين ما يققتضيه الشرع وتطلاعات الامة الاسلامية (( الطوبى)) ومنطق السياسة الحقيقي الغائب في دولة السلطنة الذي يستلزم الحفاظ عل المصلحة الفردية والقطرية وبعدها الامة الاسلامية. ينظر الامير (( الفقيه)) الى السلطان انه مسلوب الشرعية ، بينما المخزن اعتبر ان الامير فتنا.
    دخل المغرب انطلاقا من معركة ايسسلي الى غاية وفاة السلطان المولى عبد الرحمان،، حالة اسمتها فرنسا بالفوضى.قامت بحملات تاديبية استكشافية شمالا وجنوبا معتبرة ان التوغل لا يمثل خرقا للاتفاقية. وكان الهدف من الحملات ابراز عجز السلطان عن احتواء الازمات. امام هذه التطورات بادرت اسبانيا فض الحصار المقام عليها مند قرون بسبتة ومليلية (( اخر المستعمرات))، ثم احتلال الجزر الجعفرية.
    استغلت اسبانيا الظرفية التي كان يمر منها المغرب.تعمدت اضفاء طابع ديني للحملة التي تريذ شنها على المغرب. فرغم عدم رغبة دخول الدولة، في حرب مع اسبانيا، ذالك ان الظروف الداخلية والخارجية كانت تفرض على السلطان سلك طريق المهادنة ، لكن المجتمع كان يرغب في مواصلة الجهاد. هذا دليل اخر على الانفصام والتناقض بين مصلحة الدولة والمجتمع.
    فجرت حرب تطوان الفجوة العميقة بين المجتمع والدولة. التجات الدولة الى اسلوب المهادنة بينما مال السكان بميلهم الطبيعي الى مواصلة الجهاد. غضب السكان على ممثلي السلطة، فهاجموا المدينة التي سارعت الى فتح ابوابها الى الغزاة، انتهت المواجهة بهزيمة المغرب. يرى المؤرخون ان حرب تطوان وتبعاتها هي السبب في تقويض اركانه واحتلاله. بينما نرى ان علة العلل هي الفجوة العميقة التي طال امدها، بسبب تعطل المحرك التاريخي والدي هو الصراع، لانقول الصراع الطبقي الدي قال به ماركس على اعتبار ان الدول الاسلامية لم تعرف اقطاع ونظام راسمالي ، بل الصراع بين الدولة والمجتمع حول الشرعية. .
    تدخلت انجلترا مرة ثانية اسبانيا، للحد من الاطماع الاسبانية، وضغطت على حكومة مدريد للانسحاب من مدينة تطوان . فقبلت اسبانيا بالانسحاب، لكن مقابل غرامة مالية قدرها مليون فرنك دهبي. اضطر السلطان، الاقتراض من البنوك الانجليزية، فعربن الرسوم الجمركية، لافتداء الدين المقترض. وهكذا دخل المغرب بعد مصر وتونس دوامة السلف. الغير المنتج والمؤدي حتما الى الافلاس وضياع الاستقلال.واجهاض اي مشروع اصلاحي.
    كانت الدولة البعيدة عن المجتمع، تعتمد على القرصنة (( الجهاد البحري)) والملاحة التجارية. اضطر السلطان التخلي عن هذا النشاط. بموجب الاتفاقيات المبرمة مع الدول بعض من الدول الاجنبية. وكانت المداخيل من رسوم على الواردات والصادرات اهم مورد لخزينة الدولة. وازداد عدد الاتفاقيات بمقتصي مبدا المعاملة الاكثر حظوة، فزيادة بند من الاتفاقية يسحب اي تنازل تحرز عليه اي دولة اخرى. اقرت المعاهدات حرية المبادلات والغيت الاحتكارات السلطانية ، اصبح الرسم المؤدي على الواردات يمثل عشر القيمة. مع الاحتفاظ بحق السلطان في المراقبة في المواد المستخدمة في الحرب.
    فيما يتعلق بمبدا، حرية التجارية حاول السلطان القيام، بحملات تاديبية في منطق الريف ذالك ان السكان كانوا يزودون الاسبان المقيمين بسبتة بالحبوب ، رغم معارضة الفقهاء وتحديرات المخزن. وبما ان المعاهدة ارغمت المخزن اقرار شرعية التجارة الشي الذي يعني تغيير في ميزان القوى لصالح الاجانب، وباالتالي ، مضمون العلاقات التجارية. بين المغرب واوربا.
    لم يعد السلطان يتحكم في تنظيمها حسب مصلحته فاضافة الى الرسوم الموجودة فرض اخرى جديدة. ولم يبقى له الا تشجيع المزيد من التجار وفي ذالك خطر على سلطته كما حدث في مصر وتونس.
    منحت اسبانيا بعد حرب تطوان امتيازات ،لم تكتف بالامتيازات بل اصبح تطالب بحق امتلاك في احواز المدن، الشاطئية المفتوحة للتجارة. لما عارض السكان الحقوق الجديدة (( البند الجديد)) حاول السلطان تعطيل التطبيق باللجوء المماطلة، اثناء البيع لكن كل تقاعس يصبح تهديد، الدي يرغم السطان الى الرضوخ.
    بالموازات مع دالك لم يقنع الاجانب بالامتيازات القانونية الخاصة المعاملات التجارية بل اصبحو يطالبون بتعميمها مع كل المتعاونين معهم (( المخالطين)) امام هذه التطورات انتهى الامر بمعاهدة الحماية، ا ساتفادت منها كل الدول الاوربية والمغاربة الدين ربطوا مصلحتهم بالاجنبي، مغاربة يسكنون البلاد و لا يخضعون للقوانين الشرعية والسلطانية ،واصبح كل امتياز وسيلة جديدة للتهديد او التدخل في شؤون المملكة. وهكدا انتقل مفهوم الحرية من حرية التجارة الى حرية الملكية و من حرية الملكية الى الحرية الفردية للحد من نفود السلطان والاستخفاف به.
    يرى المعاضرون ان الحرب كانت انتقامية استهدفت نهب مدخرات الدولة. والعجز عن انجاز اي مشروع اصلاحي. فهذه الحرب هي التي هدمت اركان المغرب فاذا كان الضغط بذا بين اربعة وخمسين وتسعة وخمسين، فانه لم يهدا ، بل ظل التهديد متواصل. لكي يفتح المخزن الباب على مصراعيه في وجه التجار الاوربيين.

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى