السبت ٢٧ آب (أغسطس) ٢٠١١
الجزء الثاني
بقلم حوا بطواش

مذكرات عاملة في سوبر ماركت

3 يوم كئيب!

اليوم الأحد كل البنات جئن الى العمل متعبات، ربما من العمل الكثير الذي كان في المحل يوم السبت. اما سلمى فكانت في اجازة يوم السبت وجاءت الى العمل نشيطة ومنتعشة.
سهاد وحنان كانتا جالستين لدى الباب عند قدومها الى العمل، حيث لم يكن المحل مفتوحا بعد.

"شو مالكم متضايقين اليوم؟" سألت سلمى، اذ لاحظت عليهما الضيق والهدوء الذي يكتنفهما.

فقالت سهاد: "تعبانين."

ثم وصلت بهاء مع أحلام وقالت انها تعبانة جدا حيث اشتغلت مساءً بالأمس ونامت عند الواحدة والنصف بعد منتصف الليل و"عايفة حالها". كما وصلت منيرة التي وقفت بقربهن قليلا ثم ابتعدت وظلّت تتحدث على هاتفها طوال الوقت (أكيد مع الخطيب!). كما وصلت نيرمين بتوصيلة بالسيارة، التي كانت تقودها امرأة، قالت نيرمين انها جارتها.
بعد دقائق وصلت سيارة المدير جميل ومعه فريد وشادي وعرين ودخل الجميع أخيرا الى المحل.

خُيّل الى سلمى أن شادي أيضا "عايف حاله" ولم يسلّم عليها مثلما فعل يوم الجمعة (حيث كان يسلّم عليها كل مرة يمر بها، او تمر هي به، أي حوالي مئة مرة!!). ولكنه سلّم عليها لاحقا. انه فتى ظريف.

يوم الجمعة لم يظهر الشيخ عندهم. ولكن اليوم أتى! حين رأته سلمى بصحبة جميل ابتسمت وصارت تقول في نفسها: "اجا الشيخ اللطيف!"

كان لابسا بلوزة سوداء وبنطلونا بنيا فاتحا. قضى وقتا طويلا يكلّم جميل وغيره ويتفقد المحل، صعد الى الطابق الثاني وقضى هناك وقتا طويلا... حتى نزل أخيرا.

كانت سلمى ترتّب معلّبات رب البندورة، أي أقرب واحدة الى الدرجات التي هبط منها، وكانت حنان لدى الطونا. فقال دون تأخير بصوته العالي الجميل: "طيب، ماذا تفعلون؟؟"
قالت سلمى ساخرة: "نفعل شغلنا."

"تفعلون شغلكم؟!" قال.

ثم نظر الى ما كانت تفعل وقال: "طيب، هاي لازم تكون متوازي الأبعاد. تعرفي شو يعني متوازي الأبعاد؟"

"آه، طبعا."

"يعني توخدي من هون لحتى يصير متوازي."

ثم اقترب من حنان عند الطونا... وبعد قليل من الوقت، سمعت سلمى صوته وهو يقول لها: "طيب اسمعي يا... أم... (توقّف لحظة وصحّح نفسه) سيدة... سيدة سلمى، هدا الرف كله انت المسؤولة عنه."

ومضى الى شغله بصحبة حنان.

ابتسمت سلمى لنفسها. ها هو الشيخ يرفض تشغيلها معه مرة أخرى!!

4 نهاية غير متوقّعة

بعد ثلاثة أسابيع فقط... توقّفت سلمى عن العمل في السوبر ماركت.
لا لأنها تركت العمل، ولا لأن أحدا قال لها ان تترك. بل لأن اسمها لم يعُد يظهر في البرنامج!
انها لا تعلم الى الآن ماذا حصل بالضبط.

لقد أعطاها مدير العمل، خالد، اجازة ليوم... ثم ليومين... ثم لثلاثة أيام!! حتى أثار الموضوع عجبها.

فقالت لها بنت بلدها سامية: "تحدّثي الى جميل." وأعطتها رقم هاتفه.

ولكنها اتّصلت بخالد، المدير الذي يكتب البرنامج، وسألته: "ليش أعطيتني تلت ايام إجازة؟"
فردّ بسرعة تثير الشك: "هاي خربطة. كان راسي بوجّعني وخربطت."
"طيب، شو مشان بكرة؟" سألت.

فقال لها بعد أن فحص البرنامج: "بكرة انت بوكير (يعني صباح)."

فذهبت في الغد صباحا واشتغلت، ولم يكُن خالد هذا موجودا في الصباح، فأنهت عملها وعادت الى البيت دون أن تراه. ولكنها حين فحصت برنامج اليوم التالي وجدت أنه أعطاها اجازة مرة أخرى!

قالت في نفسها ربما لأنه السبت وقد تعوّد أن يعطيها أيام السبت اجازة حسب طلبها.
وفي مساء السبت، حين اتّصلت باحدى زميلاتها في العمل للإستفسار عن برنامج الغد فوجئت بأنه وضعها في إجازة مرة أخرى!!

اتّصلت به. كانت الساعة العاشرة مساءً، أي وقت انتهاء العمل وكان موجودا في المحل. ولم يرد.

اتّصلت به مرة أخرى بعد نحو عشر دقائق. فلم يرد.

استغربت من الأمر.

ولكن ماذا كان بيدها أن تفعل؟

في اليوم التالي، كان هو في إجازة. فاتّصلت بالمدير الآخر، جميل، وأخبرته بما حصل. فقال لها إنّه سيفحص الأمر مع خالد في الغد لأنه غير موجود اليوم وهو سيتّصل بها.

"طيب شو مشان بكرة؟" سألت سلمى.

"بكرة..." وأخذ يفحص البرنامج، ثم قال: "اسمك مش موجود."

"اسمي مش موجود؟؟" تعجّبت.

"لا، مش موجود."

"يعني ما أجيش بكرة؟؟"

"لا، ما دام اسمك مش موجود ما تيجيش بكرة." قال.

"طيب، ماشي." قالت بخيبة وأقفلت الخط.

كانت تعلم في داخلها أنه لن يتّصل.

وماذا سيقول؟؟ خربطة؟؟؟ كيف خربطة؟؟

يعني أكلتها في المرة الأولى، ولكن... مرة ثانية؟؟

ترى، ماذا حصل؟؟

ما زالت تستغرب من الأمر. هل فعلت شيئا ما؟ هل ارتكبت غلطة ما؟؟ هل أغضبت احدهم بشيء؟

ماذا حصل؟؟

ما زالت لا تدري شيئا. انها لم تتّصل بأي منهما. ولكنها اتّصلت يوم الأحد مساءً بإحدى العاملات كي تفحص لها البرنامج لليوم التالي، فأخبرتها ان اسمها غير موجود في البرنامج!
ومنذ ذلك الحين... لم تفعل شيئا. لم تتّصل بأحد. ولم يتّصل بها أحد... حتى سامية... بنت بلدها، التي تقرّبت منها خلال العمل، واتّصلت بها مرارا خلال إجازتها, الا ان هاتفها كان مغلقا طوال الوقت... حتى هي لم تتّصل ولم تسأل عنها، ولا سألت ما بها؟ ماذا حدث؟ لماذا لم تعُد تأتي الى العمل؟!

لا شيء.

تعجّبت سلمى... ولكنها لم تعُد تستغرب شيئا في هذه الحياة. فقد باتت تعلم أن لا أحد يبالي بأحد. كلٌّ مشغول بحاله وأحواله! لا أحد يسأل عن أحد! لا يوجد شيء اسمه صديقة، ولا زميلة، ولا بنت بلد!!

ان جئت اهلا وسهلا وان رحت مع السلامة!

راحت سلمى واحدة وستأتي ألف سلمى مكانها ولن يبالي أحد بشيء. ولن يختلف شيء.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى