الثلاثاء ١٩ كانون الثاني (يناير) ٢٠٢١
بقلم مريم علي جبة

مع الشاعرة سرية عثمان

صدر لها عن دار بعل للنشر ديوان بعنوان: (على مقام الفرات قلبي..) وهو ديوانها الأول.. قامت بإهدائه إلى (فرسانها الثلاثة: خالد، طارق، أيهم، ولؤلؤتها الجميلة مهام.. وكتبت لهم: بكم تكتمل رحلتي وحياتي..

ضم الديوان مجموعة من النصوص النثرية المتنوعة المواضيع واعتمدت عثمان في هذا الديوان حسب النقاد على الأفكار وهوما بدا واضحاً في الجمل الشعرية ذات الـ وقعٍ الموسيقي على القلب والأذن، ملخصة علاقتها بالطبيعة والإنسان والجمال..

تقول:

"الروح تسمو على الثناء، والعشقُ من ذاك السنا، ومن جنون"

لو قلتُ لك كلمة " ....لو..." بماذا تجيبني الشاعرة المبدعة؟..

أقول لك قصيدتي الَّتي أدرجتها في الديوان وهي بعنوان "لو".."لو أنَّ ثقباً ليلكياً انفتح في صدري لتدفَّق البياض برعشة الضوء.. فأنا أحمل قلباً صغير الحجم يضمُّ بين دفتيه وطناً متسع الآفاق، تدفق الحب من شغافه ليسقي أبناءه، فقابله بعضهم بالجحود والنكران..

ماذا يعني لك "الصمت"؟..

للصمت أقدامٌ.. تخترقُ رمادَ الوقت.. تَقتحمُ الصدى، يرتَّدُ الصوت، يَلُّمُ أنفاسَ القرنفل.. من ثمالةِ العطرِ في جلجلةِ الروح.. للصمت معانٍ عدة.. وقد وردت عدة قصائد في ديواني تتحدث عن الصمت: حيث أقول في قصيدة "يقظة"..

أَتُرى الصمتُ حملَ أطيافَ أحلامكَ، والصدى يرتَّدُّ من رجلٍ يسكنُ أنَّاتِ وجدانكَ، يلتفُّ على خصركَ، يطوقُ أهدابكَ، يسافرُ إلى أرضِ الدهشةِ في السماءِ الثامنة، هنا يعلو رجعُ الصدى أمينً على تَنهداتِك..

أما في قصيدة أخرى أقول عن الصمت: وَدَعْ... روحي تسافرُ في صدى صمتي، تبحثُ عنكَ، وتبحثُ عني، طوقني من عينيك نورٌ الوهج..

أما في قصيدة "لُجَّة" أقول: دعني للصمت.. أكادُ أشهقُ الرملَ، أخافُ.. البحر حتى الشطآن... دعني للصمت.. أخافُ أن تأخُذَني اللُّجة!؟ فأنطق...

أما في قصيدة ندى: فأقول: تأتيني على صهيل الوقت/ تناديني ويرتدُّ الصمت..

حدّثينا عنكِ؟؟

سرية العثمان، من مواليد مدينة دير الزور الراقدة على ضفاف الفرات، يهبها الماء الَّذي يتدفق في عروقها، فتهبه الخضرة والحب، شربت العشق من ضفاف الفرات حتى الثمالة، وقد ورد ذلك كثيراً في ديواني، قرأتُ للعديد من الشعراء، فبدأ الشعر ينساب من روحي وقلبي، أنهيت دراستي الثانوية، وانتقلت إلى جامعة دمشق لأُكمل دراستي، حيث تخرجت من كلية العلوم، ومازال الشعر ينبض في فؤادي كنبع قابع في أعماق الأرض ينتظر من يخرجه ليتدفق الماء العذب فيروي الأرض العطشى..

قلتُ في إحدى قصائدي: (كنتُ أستحضرُ النجوم.. كي أرسمَ حُلمي.. على مساراتِ الكواكب.. وفي قصيدة أخرى أقول: (في كُلِّ صباحٍ، تأسُرُني روحي، أبحثُ عن نفسي، يُساوِرُني الشك، وما إن أجدها، حتى يبوح الندى سِرَّهُ للأقحوان)..

تزوجت وأنجبت أربعة أبناء، ثلاثة شبان، وبنت واحدة، وانشغلت بتربيتهم وتعليهم، ولكن ظلَّ الشعر يغلي في داخلي كمرجل ضخم.. حتى استطعت أن أنجز الديوان الأول
هذا يجعلنا نسألكِ أيضاً عن البدايات؟

نشأت في بيت يحتوي الكتب وبسبب عدم خروجي الكثير كنت أقرأ من هذه الكتب.. كل من مروا في حياتي تركوا بصمتهم على موهبتي وشعري، وعلموني وأرشدوني إلى الصواب، و لاشك أنني استفدت منهم ومن تجاربهم، وخاصةً أهلي.

كيف تصفين مدينتكِ "دير الزور"؟

دير الزور بلد الثقافة والسياسة أيضاً، عمل أبناؤها بجد ودرسوا وتعلموا ونالوا الشهادات الجامعية، قدمت دير الزور العديد من المثقفين والأدباء والشعراء، والنقاد، مثل: (د.عبد الله الشاهر، إبراهيم خريط، وليد مشوح وغيرهم وغيرهم..)، في البداية كتبت كتبت الشعر المحكي، ثم انتقلت إلى كتابة شعر التفعيلة.. و طالما هناك نهرٌ وهو نهر الفرات يتدفق ويروي عروق هذه الحورية الجميلة القابعة على ضفافه، فالشعر يرتقي دائماً ويسمو للأعلى.
من هو الشاعر الَّذي كان له الأثر العظيم في تثقيف وتوجيه مسيرتك الأدبية؟
لقد كان للشعراء العرب الأثر الكبير في صقل موهبتي الشعرية، منهم عراقيون مثل: بدر شارك السياب، نازك الملائكة، مهدي الجواهري، عبد الوهاب البياتي، بالإضافة إلى الشعراء السوريين الكبار مثل: الماغوط، أدونيس، نزار قباني، فايز خضور، وغيرهم وغيرهم..

ومن الشعراء الأجانب كنت شغوفة بقراءة شعر أراغون، وهو شعر جميل، متميز عن غيره بالحب والثقافة. والشعر موهبة ومشاعر تعتمل في قلب الشاعر لتنساب حروفاً مرهفة تتشكل من خلالها القصيدة، من هم أهم الشعراء في مدينة دير الزور؟ ، وكثرٌ هم شعراء الفرات مثل محمد الفراتي، محمد غديّر، فاضل سفان، عبد المنعم الرحبي..

ماذا تختارين لنا الآن من شعر؟

أختار من قصيدة (تعال): تعال، لأحدثك عن قصتي، فؤادي الَّذي شاب، حينَ رافقتُ الأقمار، وقصصتُ لها الحكايا، عن براعِم الزهور في أشلاء، عن كادحٍ سقطَ وبيدهِ قوتُ يومه، عن طيور هاجرت، وتسألُ الغريبَ عن أوطانها، عن أرصفةٍ مكتظةٍ بالموتِ، والدفنُ بلا قبور، عن الأحلام المستحيلة، عن أفواهِ الجياع الملجومة، عني... أنا الغارقُ في اللجج، ويدي تصفق، كفها على الخيبات، تبحثُ في الأخشاب المحروقة، عن تابوتٍ، يواري السَوءاتْ...

ساهمت وسائل التواصل الاجتماعي ومنابرها في ظهور العديد من الشعراء والكتاب، وذلك من خلال النشر الإلكتروني، ما هو الأثر الذي تركته هذه المنصات الاجتماعية على مسيرة الأدب والشعر، وهل استطاعت هذه المواقع استقطاب شعراء مهمين، وإغراءهم في النشر فيها؟
قدمت وصائل التواصل الاجتماعي المتعددة الأنواع، أسماء شعراء كُثُر، وبالنسبة لي أرى أنَّها فتحت المجال أكثر للتفاعل والاستفادة.. بالنسبة للنشر في بعض المواقع المعروفة لا بأس حيث يقرأ الكثير من الناس قصائد الشاعر الآخر، ويبدي رأيه فيها من خلال التعليق المفتوح للجميع.

هل حقق ديوانك الأول النجاح الَّذي كنتِ تطمحين إليه؟

بالطبع، ديواني بيد القراء صار ملكاً لهم، وقد قرأَهُ الكثير، وراسلوني، وأبدوا إعجابهم به، وأثنوا عليه، وعلى كافة المواضيع الَّتي تناولتها فيه..

ما هي مشاريعك المستقبلية؟

أعمل على تنقيح الديوان الثاني، من خلال قراءة نصوصه، حيث أني أكتب النص السردي ولدي ديوان عربي مشترك وقد نُشرت معظم نصوصي في موقع الأمازون..

هل تسمحين لنا أن نختم هذا اللقاء شعراً؟

نعم .. أقول: "في روحي تُقيمُ كُلُّ المواسم.. سحبتُ الحَبَّ من تلك السنابل، زرعتهُ على شرفاتِ قلبي، فصارَ رغيفاً، يلُفُّ شغافَ القلب، يذروه مع الريح، يبلله بالندى، أنا امرأةٌ تسعى في الغياباتِ، يُضيعها الشوق، فتدور وحيدةً في المنعطفات، تبحثُ عن عصفورٍ يحملها في ريشه، يأخذها حدَّ الشمس،

ويسكبُ على كَفِّيها دفقَ الشِعر، فيضوعُ الياسمين في هذا الصمت.. وأبحثُ عن أحجارِ الياقوت، ودليلي، الصُّبْحُ من عينيكِ ينهمرُ، يالظني".


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى