الاثنين ٦ تشرين الثاني (نوفمبر) ٢٠٠٦
بقلم حنان بديع

من هو المسؤول عن توحش الرجل ؟

جميلة هي الحشمة ورائع هو الوقار ،لكن لماذا تبدو المرأة العربية رغم حشمتها مقارنة بالأخريات موضوعا متأججا لا يهدأ في أحداثنا وبرامجنا وحتى في تفسيراتنا وتحليلاتنا الاجتماعية والدينية ..

لقد خلق الله المرأة على هذه الصورة بطبيعتها الأنثوية التي تميل إلى الجمال والتجمل، فهل المشكلة فعلا في جمالها وفتنتها ؟

المرأة الشرقية رغم حشمتها لا تحضر إلا كقضية مستعصية ووحدها تدفع ثمن هذه الإشكالات حتى يصبح يوما قد لا تتجرأ فيه على الخروج من منزلها كي لا تتعرض لما تعرضت له مؤخرا في شوارع القاهرة.

هذا الحدث الذي شكل صدمة لأغلبنا..

إلا أننا كما اعتدنا على معالجة القضايا المتعلقة بنا نختار الهدف الخطأ وهو المرأة (الحلقة الأضعف) في المجتمع الذي يعاني فيه الرجل من ثقافة الاضطهاد والعنف فيعكسها بدوره على شريكته الأضعف.

مر الحادث بما ينطوي عليه من تضخيم ربما كحادث مروري لم نعالج أسبابه الخطيرة ولم يطالب احد بمعاقبة كل يد تطاولت أو كل لسان تلفظ بكلمات بذيئة بعيدة عن الأدب خادشة للحياء.

استأنا فقط باعتبارها نتيجة طبيعة لظاهرة البطالة وتأخر سن الزواج لدى الشباب ، والمختلف والجديد أن هذه الحملات المسعورة على شكل تحرشات جماعية كانت ضد نساء متحجبات أو يرتدين العباءة مما يعني أنهن محتشمات على أقل تقدير.

وإذ نسأل مجددا .. من هو المسئول فعلا عن غرائز الرجل ؟

هل يمكننا بعد اليوم أن نصر على تعليق تبعية أخطاء الرجال على شماعة المرأة السافرة باعتبارها موضوعا لإثارة الغرائز ؟

هل يمكن بعدما حدث في الشراع العربي من تحرش جماعي هذه المرة أن نقبل بتفسيرات كانت سابقا تقنعنا كالاختلاط أو اللحم المكشوف أو التبرج والتعطر ومختلف الأساليب الأنثوية لاستدراج الرجل إلى أفعال يستنكرها المجتمع ولا يقبلها الرجل نفسه.

وبالمقارنة لماذا لا نجد مثل هذه الظاهرة في مجتمعات أخرى تعيش المرأة تحررها فلا نقبض عليها متلبسة كقضية مثيرة للجدل أو متهمة ككبش فداء لانزلاق الرجل بالرذيلة ؟

ترى هل هناك رسالة موجهة من الشارع العربي إلى نسائه والعالم ؟

وإذا كان الرجل الشرقي يرى في التزام النساء بيوتهن حلا.. فلماذا يتهافت على مشاهدة محطات الأغاني الخليعة ويفضلها ربما على برامج أكثر جدية واحتراما وعندما يكون الريمونت كنترول في يد ه وحده يسيء الاختيار ؟

وإذا كان الرجل الشرقي لا يريد للمرأة أن تعيش كما يعيش.. فلماذا أصبحت أغنية "بدي عيش " للفنانة هيفاء وهبي الأكثر شهرة وأغنية "الواوا " الأكثر مبيعا وتكسيرا للدنيا .. دنيا الرجل !

نعم قد تتحرش المرأة بالرجل .. بنظره أو ابتسامه أو نسمة عطر تفوح منها أو ثوب جميل، لكن كيف يتحرش الرجل ؟

يتحرش بكلمات بذيئة وأيدي طويلة أو نظرات وقحة جائعة وأخيرا أصبح يحتفي بالمناسبات والأعياد بحملات تحرش جماعية مسعورة، هتف فيها الشباب بكلمات قبيحة وتطاولوا بأيدي أكثر وقاحة حتى اضطرت النساء للاحتماء والاختباء في المطاعم والمحلات حسب الشهود.

ونعم غضبت جميع الأوساط الاجتماعية مما حدث لكن أحدا لم يتخلى عن شماعة هذه المرأة..

فتأخر سن الزواج لدى الشباب يجب أن تعالجه المرأة بالامتناع عن التبرج..

والبطالة أو الكبت يجب أن تدفع ثمنه المرأة باعتبارها مسئولة عن تفجير هذا الكبت حتى وان التفت بعباءة!

ترى متى نعترف بأن المرأة لم ولن تكون مسئولة عن أخطاء الرجل..

وهل كان إبليس يوما مسئولا عن أخطاء البشر ؟


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى