الجمعة ١٩ أيار (مايو) ٢٠٠٦
قصيدة من اليمن
بقلم عبدالحكيم الفقيه

نشيد أسعد اليمني

لأسعد اليمني أغنيتي
وما رسم الصغار على الجدار
له الطيور الخضر في الورق المقوى
والقصائد
والقلائد
والندى
وله الصدى والهمس
والنغم المردد في الطريق
له المدى
(أنا " أسعد اليمني" قال
أنا الأسى والانتقال)
خناجري علمي
ولون القات في عيني
وأثلام التراب على جبيني
أقرض الوديان أوقاتي كثيرا
أعشق الأمطار والذرة الرفيعة
حين كانت لي عروش الرمل والمدن العتيقة
كنت أعطي الأرض خيلي
كانت الرايات من لون الوريد
وصولجاني من سبيكة تربتي
أمشي على ماء البحار
أعلم البلدان فن الري واللغة البسيطة
كنت أقتحم القلاع
وأحمل الأغصان من بلد الى بلد
وابني دارة
وأعلم الأطفال ترتيب المحارث والسيوف
كنست عن أرضي الغبار الأجنبي
كانت لي بلادي كلها
ومعابدي
وحدائقي
والموت أطرده وأزرع سروة في القبر
تعتنق الطيور مذاهبي
وأبخر الساحات
علمت السحابة كيف تغوي الريح
أعطيت المواقيت الجميلة للتوابل واللبان
وكنتني
(وأنا أنا)
أوتار قيثاري شراييني
ومزماري وريدي
والكتاب مداد قلبي
والسماء مظلتي في موكب الغارات
كانت لي المساكن جنتين
أنا الذي اسمى البقاع باسمها
ورمى اللأليء للبحار
ولقب الشجرات والأطيار والأمم البعيدة والجمال
أنا المشتت والأطار
أنا المدى
ذريتي نزحت
وأسست الممالك والجيوش
بصيرتي مكتوبة بعصارة الأحقاب
أرخت المواسم
والنجوم قرأتها وأعدت للقمر الوضوح
وقلت للشمس اليقين
فأمطرت ضوءا على طرق القوافل
كلما هرب الزمان
أعدته ومشى يرافقني
وأولمت الجداول بالخرير
وعبأ التأريخ صرته
وسافر من " براقش "
وابتنى " قرناو" من ألق الحقيقة
وارتدى ثوب الغيوم
روى فنون الري
زخرف باللجين الرمح في "قتبان"
أعطى" حضرموت" خلا صة التكوين
هيأها لتهذيب الجبال
وكلما هرب الزمان أعدته
أعددت نفسي للعبور الى مزاحمة الخنادق
وانتظرت
وتهت في ظلي
وأسلمت النقوش لغفلتي
ودخلت في حربي وقسمني دمي
وسلكت في طرق الهوامش
والزكاة دفعتها
وتقاسمت مدن الملوك جبايتي
ونما الجفاف
ومزقت شجري الفؤوس
وجاءني جن الجهات
وهكذا حربي على نفسي تدق طبولها
وأنا المقاتل والصريع
أنا المشتت
وحدي الجمعان في حربي على نفسي
وبعضي هاج في بعضي
وبعثرت الأماكن
كل عاصمة أجندلها
وأرفع راية أخرى لعاصمة
وأهدمها وأسلك عاثرا
وأغلف الأسرار باللغة الحزينة
وامتشقت سعالي الديكي
فتت الحضارة بردقانا للمساء
ونمت في ظل المقابر
واستعرت خناجري من مومياء العصر
تنكمش البلاد
ولم أع ما اختطه الأجداد في نقش الوصايا
 
أسعد اليمني يا هذا المسافر بين أسوار المكان
لك الزمان اذا المرايا لا تخون
فلا تماطل بالغريب من الكلام أو السكوت
واخرج من النفق الذي شاءت لك البقع الطوائف أن تموت
وبدد الأحقاد في صدر القبائل والجبال
وسندس الأرض التي عشقت وأشغفها النبال

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى