الخميس ١ تشرين الثاني (نوفمبر) ٢٠٠٧
بقلم عائشة الخواجا الرازم

هل الخيانة صراع بقاء... (1 )؟؟

هل الخيانة صراع بقاء...؟ وهل الوفاء أقل منزلة من الخيانة؟ وفي المحصلة هل تعتبر الخيانة سيدة الموقف إلى أن ينهار الوفي ويضعف؟

في صورة الخيانة نسب متفاوتة من الظلم وإنكار الفريق الثاني، ونسب غريبة عجيبة من التسلط أولها أنها خيانة، وآخرها قلة اعتبار للفريقين الخائن والمخون!! ويتحتم على المتأمل العثور على فريق سري من الفرقاء أدى إلى صناعة الاثنين!! فالخائن ضحية والمخون ضحية، ولكن من هو اللاعب الرئيس لابتكار الخائن؟ وهل هو نظيف النوايا أم عارف بالنتائج؟ أم هو دوماً محاولاً جهده لاتقاء شر ما؟ ومحاولاً جهده لإسكات الطرف القابل للانفجار فلا ينجح، حتى يفاجأ بالتعرض للخائن في عقر ماله وأرضه ووطنه؟ ويصبح الكل سواء في نظر التاريخ؟

تلك معضلة عسيرة، لم يفهم مغزاها عبر العصور؟ وعبر المراحل الظلامية والنورانية!! ولكن لا بد من أسرار عظيمة ومحركة خفية تصنع الخائن والمخون!! بمعنى أنها حملت لطرف آخر طعنة وأصابته إصابة بليغة، ولولم يكن الطرف الآخر مخلصاً للنوايا النقية لما تأثر بالضربة وهو يعزي نفسه بانتظار اعتراف الطرف الخائن واعتذاره ومن ثم رجعته عن سلوك الخيانة، فلا يحدث هذا إلا مؤقتاً من طرف الخائن، وذلك بسبب إغداق الطرف الخفي الطيب النوايا عليه من المواقع والمناصب ومكافأته لعظمة فعلته التي يندى لها الجبين!! فيخاف الانتقام منه لسعة شره وما أورثه من تفكير شرير لحاشيته وأهله ودرب عليه طابوره المتوفز للانتقام!! وهنا يعظم البلاء وتستمر اللعبة تحت الأقدام حتى يمرض الوطن ويترهل ويصبح الإسكات بالترضيات داءً ليس له دواء!! ذلك لأنه يرى فيه أقرب خائن من حبل الوريد … فالوطن لا يخونه الجبناء الضعفاء!!! ولا يسمي الأنذال خونة؟ والخائن مشكلته أنه كبير القدر والقيمة والمكانة!!! والتمكين هو سيد البلاء للأشرار!

فالضعفاء المحرومون لا يخونون حتى يتم توصيلهم لمرحلة البطر فيقال فيهم (عمر الجوعان ما بشبع) وهذه لا تعني الجائع للأكل، ولكنها تعني الجائع الشرهان المتغول الفاحش البطن تجاه الهبشة أو حتى يملك، فيقال فيه تمسكن حتى تمكن!! وهذا صنف ثان من الخونة بعيد كل البعد عن فطرة الطرف الطيب في كل الأحوال فقرها وجوعها وغناها!! فلا بد للحياة أن تنجب أطياباً لخلق هؤلاء الأغثاث الرعاع الخونة!!! والأطياب أمثالهم كثيرة!!

إذن لا يخلق الخونة إلا الاطياب والعابقون الغاطسون في الطيب، والخائفون من ولع الدم على الدم!! فينقلب الطيب على رؤوس الطيبين خيانة!!!

أما الهوامش الأمصاع في عقولهم وطموحاتهم ونظرتهم للحياة والأرض التي يدبون عليها، فلا شر منهم ولا خير!!! لأنهم في أصلهم ضعاف، ولا يمتلكون مقومات التصرف، ولا يمتلكون القوة والنفوذ حتى يفكروا في معنى الوجود شره وخيره ولا تخطر في بالهم الخيانة!! إلا أنهم يشكلون الآلة والوقود للرحى في الوطن!!! ولا يستغني عنهم الشيخ ولا كلب الشيخ!!

ولقد اكتشفت أن وجود الرائعين العظماء العابقين بالطيب والعطاء، لا بد أن يخلق مقابلهم أفذاذ في النكران والخيانة!! لأنه كلما عظم الرجال في الخير، كلما عظم أعداؤهم!!! وكبر البطش للإطاحة بالنماذج!! والغثيث الذابل لا يخلق إلا ذابلين لا يتوخى منهم شجاعة ولا وفاء … فلذلك يلفظهم الضوء المسمى بالوطن ويبقيهم خارج دائرة اللحمة القلبية وإن تعاظمت اللحمة القبلية والقربى!! ويتنازل عنهم مع إبقائه على وظيفة إطعامهم واقتنائهم وإيوائهم في أحسن الأمكنة، وفي كثير من الأحيان ينساهم يهيمون على وجوههم، لا في العير ولا النفير، تحسبهم سكارى وهم بأكثر من سكارى!، فلا هم للأرض ولا هم للوطن، لكنه يفاجأ بهم جاهزين لخدمته بالقول والفعل ووحدة الشعار (......) بعدما يقول أنهم لا لون ولا رائحة، بأنهم بالنسبة إليه من أحسن العاطلين!! وبأنهم الوقود الذي يقوم عليه حطب مرحلته التي وقعت عليه دون سابق إنذار!!!! ويفاجأ أيضاً بأن ذهب المرحلة لا يسمن ولا يغني من جوع سوى البريق واللعب بالبورصة والتسلق على زنود هؤلاء!! فيستغل الأوحد الخائن لصاحبه حيث التنقل من زند إلى زند، ومن علبة إلى علبة، هذا لأنه اعتاد البريق!! واعتاد سماع الصفير أمام لمعانه، فيقفز من واجهات المحلات إلى اللعب في أسهم السوق بما تحويه من معاملات! ويقع في ايدي النبلاء والشجعان أصحاب المواقع الجغرافية الرفيعة في قلب الوطن، والذين يرفعون شعار الإنتماء والولاء والإخلاص في كل مناسبة للوطن. فتجيء منهم الخيانة قاضية كالضربة الأخيرة، وللوطن المحب الحنون أن يعرف كم مخلص ووفي يمكن له أن يبقى في الديار دون تخوينه... ودون تشكيك في ولائه!!! ولا يتمكن احد من معرفة الخيانة والخائن والنقي تجاه الأرض لأنه أصلا لا احد يعرف الوطن سوى بالاسم واللقب!!!

فما هو الوطن أصلاً؟؟؟ ويبقى الوطن كلمة سحرية لا يدرك أحد مهما بلغ شأنه اين يكمن الوطن واين هو بالضبط ومن هو واين يجثم وفي أي قاعة وفي أي زاوية من الأسرار؟ وتلك الكلمة هي العزاء دوماً، بأن هناك معنى أثيرياً سحرياً اسمه الوطن، والكل، الخائن والمخون والصادق النوايا والمبعد العربيد والخارج عن قانون الأرض ودستورها، يرددون كلمة وطن، ويحملون هذه الكلمة أثقال الرذالة والجمال والتضحيات وهم يعرفون أن الوطن لن ينهض من حفرة في أي زمن كما ينهض المارد الجبار ويلف كفيه على أعناقهم ويستصرخهم بقوله هاأنذا.. جئت لكم وطلعت من أسرار التكوين، انا الوطن فماذا أنتم فاعلون لي اليوم؟؟؟

طبعاً هم متأكدون بأنه لن يحدث ذلك...! وفي يوم القيامة لو نهض الوطن الذي غسلوه بالدم والدمع والبول والرذاذ والخيانة والتلاعب والتأجير، لو نهض الوطن، وقام فارعاً أمامهم، لانشقت الأرض وابتلعتهم لهول الرعب الذي يلفهم!!!!!!!


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى