الأحد ١ كانون الثاني (يناير) ٢٠١٢
بقلم فيصل سليم التلاوي

يبكي ويضحك

«يبكي ويضحك لا حزنًا ولا فرحــا» (1) فيروز تنشج أم قيثارهـــا صدحـــا
والكون ينشد من أعماقـــه ثمـــــــلًا نشوان، لاخمرةً تُزجى ولا قدحــا
في هدأة الليل والسكيــنُ مغمـــــدةٌ والقلب طائر شوقٍ مُدنف ذبحـــــا
رفت جناحاه، واهتـزت فرائصـه حلاوة الروح والدمّ الذي سُفحــــا
والكون ينثال في الأفــــاق أغنيـةً: يا من لطيرٍ وحيد مُرغما نزحــا
مهاجرٍ ليس يدري فيـــمَ هجرته ولا متى غيبت أحزانـه المرحا
يجوب رمل صحاري العرب مذ لمعت عيناه نورًا وإشراقا وما برحــا
ما في المحطات من خلٍ يودعه ولا يد لوحت من وجدها فرحا
لا نخل بغداد يحنو فوق هامته أو شط دجلة حيا قاربا جنحـا
ولا بوهران ذات الحسن قد ثملت نشوانةً إذ تبدّي ليلهـا صُبُحــا
لا رمل بيروت في الشطآن يعرفــه والمعجزات التي في ساحها اجترحا
أيام ملحمة الدنيا هنا انبثقـت فيضًا من الدم والبرق الذي سنحا
ولا تذوّق من صنعاء كرمتهـا أو ألقمته شـآمٌ ثديهـا بلحــــــا
فيم المدائن والشطآن يذرعها تسوقه الريح، شلوًا ضائعًا،شبحا
على الرصيف إذ الشرطي يرقبــه والليل والبوم والكلب الذي نبحا
يشي به، علمــوه كيف يتبعـــــه وكيف ينهشه إن شطّ أو جمحا
هذي الغماماتُ ما انفكت تطارده فيتبع الشدو دمعًا ما غفا وصحا
وينظم الشعر ألحانًا يُجـوّدهـــا حتى إذا اكتملت أزرى بها ومحا
ما أبدعت يده فنا وما رسمـــت ما اعتاد إلا جراحًا تنزف الملحا
«سيزيف» أورثه همّا وصخـرتـه يعاند الموج والتيار إن سبحــــا
ما الحزن إلا سحابـاتٌ مُوشَيـــةٌ بيضاء، قطر الندى من وشيها رشَحـا
أذاب في القلب نورا وأنثنى خضلا نحو الجفون فأدمى حيث ما جرحا
تفتحت كل أبواب الحياة لــــــــه على مصاريعها والقلب ما انفتحا

( 1 ) الشطر الأول مطلع قصيدة للأخطل الصغير غنتها فيروز.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى