الخميس ٦ نيسان (أبريل) ٢٠١٧
بقلم صالح أحمد كناعنة

أثَرٌ لظلٍّ غَبَر

قَمَرٌ وأشباحٌ تَجاذَبَها السَّفَرْ
العُمرُ ظِلٌّ.. ما لِظِلٍّ مِن أَثَرْ
خُطُواتُنا في اللّيلِ يَكسِرُها الصّدى
أنفاسُنا لَونٌ، ورَعدَتُنا وَتَرْ
العَتمُ يَسكُنُنا ويَهبِطُ مِثلَنا
تيهًا، ويَستَجدي وُجودًا يُنتَظَرْ
ما بَينَ ما نَرجو وما يُرجى لَنا
عُمرٌ على هامِ التَّشَظّي يُحتَضَر
عَبَثًا نُزاوِجُ بينَ بَحرِ ظُنونِنا
وخُيولِ رَملٍ لا يُعاقِرُهُ المَطَر
نَمضي ولا يَمضي بِنا دَربٌ وَهى
مَن ذا يُحَرِّرُ غابِرًا ممّا غَبَر؟
طَقسانِ مُنفَصِلانِ نَحنُ وَعُمرُنا
ريحٌ وظِلٌ ليلُ غُربَتِهِ اندَحَر
غَيثٌ يُفَتِّشُ عَن زَمانِ هُطولِهِ
ويَدٌ على جَسَدي تُخَربِشُ ما اندَثَر
زَمَنًا جَرَيتُ وراءَ شَيءٍ كُنتُهُ
الدَّربُ أنكَرَني، وكَذَّبَني الضَّجَر
ألقَمتُ أعضائي رَبيعًا خانَني
هل في غُثاءٍ يا زَماني مِن ثَمَر؟
هذا الفَضا مَلَّت عُيوني صَمتَهُ
الصَّمتُ مَوتُ الحِسِّ في عُرفِ الخَطَر
في غابَةِ الأهواءِ تُفتَقَدُ الرّؤى
وَتَسودُ ريحٌ لا تُريحُ ولا تَذَر
لمّا اقتُلِعتُ مِنَ الفَضا لم تُهدِني
ريحُ الغَريبِ سِوى جَحيمٍ أو مَمَرّ
مَن نَحنُ يا قَلبًا تَسابَقَ طَعنَهُ
شَرقٌ يُماهي الغَربَ في خَلطِ الصّوَر
ما هَمَّني مَعَ أيٍّ ريحٍ جاءَني
نَعيي، وكُلُّ الرّيحِ في جُرحي تَقِر؟
ما هَمّني وعلى حِصاري تَلتَقي
كلُّ الجِهاتِ وريحُها بَحرًا وَبَر؟
مِن ألفِ أمنِيَةٍ وأبعَدَ لم أجِد
مِن عالَمي إلا رَمادًا أو شَرَر
عادَت إلينا مِن مَساعينا مَساعينا
لتُحيينا على شَرَفِ الخَبَر
تَطفو ولا تَطفو مآثِرُنا على
طَرَفِ الأثيرِ، وتَستَكينُ بلا حَذَر
قَد نَستَعيرُ مِن الغُبارِ دَليلَنا
نَحوَ الخِيامِ، وما نُؤَمِّلُ مِن خَدَر
طالَت إلى النِّسيانِ رِحلَتُنا وها
عُدنا، بِقَتلِ الوَقتِ ضِقنا، وانكَسَر
صِرنا الشِّعارَ إذِ المَشاعِرُ أُبِّنَت
للرّيحِ أسلَمنا الفؤادَ وما أسَرّ
مَكسورَةٌ أسماؤُنا وصِفاتُنا
تَرَكَت لنا الأحوالُ إرثًا مِن سَقَر
لم تَبقَ ريحٌ ما تَعَلَّقنا بِها
وَيحَ الرُّجولَةِ! هل لريحٍ مُستَقَر؟
مالَت بِنا الأيامُ أم مِلنا بها؟
مَنذا يُغيثُ المُستَهامَ إذا عَثَر؟
بَأسي على نَفسي، أتَقبَلُني الرُّؤى
مرسًى لموجٍ ما، وروحًا في حَجَر؟
حَولَ الجِهاتِ العَشرِ دُرتُ ولَم أجِد
إلا لَدودًا صَدَّ عَنّي، أو فَجَر
وحَفِظتُ هذا المَشهَدَ العاري كما
وحَفِظتُ أسفارَ الوَصايا والعِبَر
يا مَن يُحَدِّثُني عَن الأخلاقِ صَه
في دَمعِ أطفالي حَديثُكَ يُختَصَر
يا قاطِعَ الأشجارِ والأوتارِ،
يا ابنَ سُداكَ أو مَنفاكَ... هل هذا قَدَر؟
سَكَنَ المَدى إنسانَهُ وسما رؤًى
والصَّبرُ مِن صَبرٍ تمَرَّدَ وانفَجَر
وَجَعُ الحَنينِ إلى جُذوري لَم يَمُت
يَحيا ويُحيي، والطّريقُ لمَن أصَرّ

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى