الأحد ١٤ كانون الثاني (يناير) ٢٠١٨
بقلم فاروق مواسي

أخطاء في الغناء

من خلال الاستماع إلى الغناء العربي لدى كبار المغنين تتبين لنا أخطاء لا نملك إلا الإشارة إليها.

ذكّرني بهذا الموضوع الصديق الشاعر جواد هليل في تعليق له على الفيسبوك، فتبعه آخران في تخطئة أشار إليها كل منهما.

عجب جواد فقال: "تسمع موسيقارًا كبيرًا مثل محمد عبد الوهاب يقول إنه كسر عامدًا متعمدًا، لأن الكلمة الموزونة لم تعجبه. سمعته يقول ذلك عن قصيدة (لست أدري) لإيليا أبو ماضي، حيث قال ما معناه: لم تعجبني كلمة "قُدّامي" في قوله:

ولقد أبصرت قُدّامي طريقا فمشيتُ

فأبدلت بها: أمامي.

قالوا لي: هذا يكسر الوزن.

قلت: معلش، نجبره في اللحن!

يقول عامر زردة:

"أم كلثوم أقل من أخطأ ولكنها أخطأت، فمثلا يحضرني:

واثق الخطوة يمشي ملَـكًـا (بفتح اللام)، والصحيح- ملِـكًا (بكسر اللام)- مشية الملوك" لا الملائكة.

أضاف لنا عبد القادر كمال:

"والفنان محمد عبده يُغنّي من التراث قول الشاعر:

ولما تفيّأنا ظلال خميلةٍ
تساقط مثل الدرّ فوق خُطانا

فحدّثتها بالودّ وهي (مُصْغية)، هكذا،

فهو لم يستحسن كلمة (مُصيخة) وعي الأصل، فكسر خواطرنا وخاطر البحر الطويل.

أضيف:

وأم كلثوم رفضت أن تغني: "بلى أنا مشتاق وعندي لوعة" (من شعر أبي فراس)، فغنت:

"نعم أنا مشتاق"، وبذلك خالفت المعنى الذي بدأ به الشاعر وسؤاله:

أما للهوى نهي عليك ولا أمر"؟"

ثم كان أن ردت على من اعترضها، فقالت:

لا يمكن أن أغني "بلى"، فهي كلمة تذكّر بالبلاء.

في (أغدا ً ألقاك) كلمات الهادي آدم تغني أم كلثوم وتردد:

فارحم القلب الذي يصبو إليك
فغدا ً تملـُكـُهُ بين يديك (برفع اللام)

بينما الصحيح هو كسر اللام= تملِكـُهُ.

ثم إن عبد الوهاب في أغنية الجندول يغني:

ذهبيُّ الشعر شرقيُّ السِمات .....

نطق عبد الوهاب كلمة (الشعر) بالكسرة فتغير المعنى المراد نقله من الشعر الذى يغطى رأس المحبوب، فهو يتغزل بالشَّعر لا بالشِّعر.

وهذا يذكّر بخطأ آخر للمطرب الكبير:

غير يوم لم يعد يذكر غيره
يوم أن قابلتَه أول مرة

نطقها أولاً بفتح التاء، وكأنه يخاطب شخصًا آخر.

وهذا الخطأ في حركة التاء- يكثر بين متحديثنا في الإعلام، فيقول هذا عن نفسه:

عندما جئتَ وأنا ذكرتَ، بينما يخاطب الشخص فيقول له:

عندما جئتُ وأنت ذكرتُ...

لا أبالغ، فالظاهرة موجودة، فانتبهوا لها!

ملاحظة:

لا أتناول هنا ما يسمى "الخروج عن النًص" ففيروز تغني وتردد:

أعطني الناي وغنِّ
فالغنا سر الوجود
وأنين الناي يبقى
بعد أن يفنى الوجود

فقد غيرت كلمة "الخلود" في قافية البيت الأول- كما وردت في مجموعة جبران "المواكب"- (الشعر، ص 33، دار الجيل)، وجعلتها "الوجود"، وبذلك يكون ما يسمى في العروض "إيطاء".

لكنها تبقى في غناء فيروز جمالاً حميمًا!


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى