الخميس ٢٥ آب (أغسطس) ٢٠١١
بقلم عبد القادر محمد الأحمر

أزمنة الحياة

ذكرالعلماء أن أزمنة الحياة أربعة، الأول منها:- (.. هو زمن الحيوانات اللافقارية بكافة أنواعها، ولم تظهر الحيوانات الفقارية إلا بالقرب من نهايته حيث تكاثرت الأسماك اعتباراً من العصر"السيلوري" ..

ويعتبر الزمن الثاني هو زمن الزواحف على اختلافها، كما ظهرت الطيور والحيوانات الثديية غير ذات المشيمة..

والثالث يمتاز بأنه زمن الحيوانات الثديية ذات المشيمة

والرابع بأنه زمن الإنسان..

هذا وقد قدر علماء الجيولوجيا طول هذا الزمن الرابع بنحو مليون سنة (وفي تقدير آخر بنحو مليوني سنة) تطور خلالها الإنسان وارتقى حتى وصل إلى مظهره الحالي من الناحيتين الجسمية والعقلية، وينقسم هذا الزمن الرابع عادة إلى قسمين هما:-

1/ البليستوسين

2/ والعصر الحديث

وهذا العصر الحديث فإنه يمثل الفترة التي انقضت منذ زوال الجليد، وهي فترة قصيرة قد لا تزيد على عشرة آلاف سنة..

وهنالك من أضاف: (.. بأن نضوج "البشر" - ولعله يعني بذلك جميع أنواع الكائنات الحية- قد مرَّ بثلاث مراحل من الخلق هي:

1- المرحلة البحرية

2- المرحلة البحرية البرية

3- المرحلة البرية

لأن في هذه المراحل الثلاث– كما يقول - لا توجد ظلمة واحدة، إنما ثلاث ظلمات، وأن من الخطأ أو الوهم أن نعتقد أن: (.. َخلْقاً مِن بَعْدِ خَلْقٍ فِي ظُلُمَاتٍ ثَلَاثٍ ..) "الزمر/6" .. تعني غشاء البطن والرحم والخلاص، لأن الجنين في بطن أمه لا تغلفه سوى ثلاثة أغشية وظلمـة واحدة، ومهما كان عدد الأغشية فإن الظلمة تبقى واحدة، لأنها لا تعد بعدد الأغشية، فحتى وصل الإنسان إلى هذا الشكل الذي نراه عليه الآن مرت الحياة "العضوية" على الأرض بهذه المراحل الثلاث، ليكون الإنسان هو وليد المرحلة البرية، حيث بدأ التكاثر عن طريق اللقاح بين الذكر والأنثى، أي زوجياً، والجنين في بطن أمه يمر أيضاً بهذه المراحل الثلاث، علماً بأن أساس الخلق آحادي دون قانون الزوجية، فعندما وُجِدَت الحياة على وجه الأرض وُجِدت "خلية" واحدة تكاثرت عن طريق الانقسام الذاتي لا عن طريق التلاقح الزوجي، ثم تطورت بعد ذلك وحيدة الخلية لتصبح كثيرة الخلايا مع اختلافها بالنوع ..) ..

نقل الخلافــة

وهكذا صارت هذه الحقبة التاريخية الهامة- الطويلة - والتي مازالت تحتل حيِّزاً كبيراً من "ذاكرة" الإنسان و"مخيلته" هي الحقبة التي أكثر فيها الحيوان "الفساد" و"سفك الدماء" والوحشية الضارية والتمرد، حتى صارت كالتوطئة والتمهيد لنقل "الخلافة" من هذه "الحرارة" العنيفة الهوجاء، المضطربة المفترسة، إلى "خليفة" آخر لابد من منحه ما يؤهله ويجعله أهلاً لهذا المنصب الخطير، وإلا كان ضرباً من العبث، وحاشا لله!!

(أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثاً وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ) "المؤمنون115" !؟ ..

وهكذا تقرر مجيء الإنسان .. (آدم) .. تمام الصورة وكمالها!!

عليه، من كان من عالم الحيوان من أولئك "الجن" المسلم، كان أليفاً، يمكن الانتفاع به، كالغنم، والضأن، والبقر، والإبل، وغيرها من المذللات آكلات النبات، وللركوب والزينة، والكثير من المنافع، وما منعت الاستدارة التامة من الله- أي "العقل" - إلا لتذل للإنسان ولا تمتنع عليه مع منحها اليسير من الإدراك..

(أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا خَلَقْنَا لَهُمْ مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينَا أَنْعَاماً فَهُمْ لَهَا مَالِكُونَ71 وَذَلَّلْنَاهَا لَهُمْ فَمِنْهَا رَكُوبُهُمْ وَمِنْهَا يَأْكُلُونَ72) "يسن" ..

ومن كان منهم كافراً كان ذا طبع متوحشٍ شرس، مفسد لا يمكن استئناسه..

"دارون" والقرد والصلة الوثيقة

وإذا انتهى بنا عالم الحيوان إلى مرتبة "القرد" الرئيس التي يحاكي فيها الإنسان من تلقاء نفسه ويشبهه من غير تعليم والتي يبلغ من ذكائه أن يستكفي من التأديب بأن يرى الإنسان يعمل عملاً فيعمل مثله من غير أن يُحوج الإنسان إلى تعب به ورياضة له، وقف عند هذه العتبة ولم يتجاوزها، لأن أية زيادة يسيرة في الإدراك الممنوح تخرجه من أفقه هذا إلى أفق الإنسان الذي يقبل العقل والتمييز والنطق، ومن هنا- أي من بين هذا الفاصل العميق بين هاتين المرتبتين – كما جاء في مقدمة "أصل الأنواع" لإسماعيل مظهر:- ( تمّ العثور على تلك الصلة الوثيقة القائمة ما بين علم الإنسان القديم، وعلم الحيوان القديم (الحفريات، والتشريح، والأجنة) ، لهذا نجد أن بحث "دارون" قد اقتصر على ناحية واحدة من ناحيتي الإنسان، هي تلك الناحية التي تعود بأصله العضوي إلى عالم الحيوان، وقد أغفل ناحية "النفس"، (أو بمعنى أدق ناحية "الروح الإلهي" !! ) حيث أنه لم ينفها ولم يثبتها، إنما أثبت فقط أن الإنسان بجسده، وبجسده فقط إنما هو حيـوان!! وهو بذلك قد تناول "الروح الطبيعي" وحده.. ) أما ذلك "الروح" الذي من علائقه التحرك والطيران نحو قمم المعارف العليا، والاشتياق إلى العلوم الراقية، والبحث عن "الحكمـة" الإلهية- حيث تمام الإدراك وكمال تلألئه - فهذا ما التقينا به عندما جاءنا في آخر حقب الوجود الحياتية، حقبـة هذا الإنسان!! حقبة "الوحي" و "الكتاب" و "النبي" ..

حيث: (وَفِي أَنفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ) !!؟ ..

انتقال الصفات وثباتهـا

ولا يفوتنا أن نشيرإلى أن هذه الحقبة الحيوانية قد حملت إلى عالم الإنسان مجمل الصفات التي كانت عليها هذه الحيوانات، بمعنى أن هذه الحيوانات- قبل خلق الإنسان - كانت تعيش في نواحي متفرقة من هذه الكرة الأرضية، في ذات القارات التي يعيش عليها اليوم أصناف البشر، فالذئاب- مثلاً - كانت تستوطن الأجزاء الشمالية من قارة آسيا، والنمور في أجزائها الجنوبية، والثعابين معظمها في أمريكا الشمالية، وعديمات الأسنان معظمها في أمريكا الجنوبية، والطيور الجارحة في أوروبا، والأسود والقرود ومعظم الحيوانات الأليفة في أفريقيا، الخ، فهل يمكن أن نضع هذا المقياس كحقيقة نقيس عليها اليوم أنفسنا وما نحن عليه من صفات نحاول تزكيتها؟؟!!

وإلا، فما معنى أن يصف الله- سبحانه وتعالى - قوماً بأن جعل منهم قردة وخنازير، وآخرين بالأنعام؟! ولماذا يا ترى وصف النبي- صلى الله عليه وسلم - أناسا يكونون في آخر الزمان، أميرهم كالأسد، وتاجرهم كالثعلب، وغنيهم كالذئب، ومنافقهم كالكلب، ومؤمنهم كالشاة!! ألا يكون في هذا مجالاً لتأمل عميق عميق، وبحثٍ جديرٍ بتكبد المشاق!!؟

وحقاً: وَلَقَدْ صَرَّفْنَا فِي هَذَا الْقُرْآنِ لِلنَّاسِ مِن كُلِّ مَثَلٍ وَكَانَ الإنسَانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلاً الكهف54..

صدق الله العظيم


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى