الثلاثاء ٢٩ آذار (مارس) ٢٠١٦
بقلم عادل سالم

أنا والمفك وجمي

تركت المقهى بعد منتصف الليل بقليل متجها إلى البيت. في الطريق السريع فتحت نافذة السيارة كي يعصف الهواء الرطب وجهي المتعب، ويحول بين عيني والنوم الذي بدأ يغزوني بجيش لا تراه العيون لكنها تحس به بعد يوم طويل في العمل أتبعته بالسهر مع شلة الأصدقاء في مقهى شارع سنترال الذي يضم الكثير من المغتربين العرب عن أوطانهم.

عندما اقتربت من البيت دخلت في شارع فرعي في مدينة بلين التي تعد ضاحية من ضواحي منيابولس المدينة الكبرى في ولاية منسوتا التي تشتهر ببحيراتها العشرة آلاف، كان الشارع معتما بعض الشيء ولا أحد يقود سيارته غيري، لمحت فجأة سيارة كانت تسير بالاتجاه المعاكس وبعد أن تجاوزتني انعطفت بسرعة نحو اليمين ثم دارت نصف دائرة ولحقت بي، تباطأتُ بالسرعة علها تتجاوزني لكن السائق خفف سرعته خلفي، فقررت الانحراف للشارع الذي يتقاطع مع الشارع الذي أسير فيه.
لكن السيارة ظلت تسير خلفي.
لعب الفأر في عبي مع أنني أكره الفئران شكلا وصوتا، فأسرعت فإذا بالسيارة التي خلفي تزيد من سرعتها فزدت من دعسة البنزين فظلت تطاردني.

إذن هي سيارة تطاردني. أهي شرطة؟ لكن لو كانت شرطة لأوقفتني فورا؟؟!!
هم لصوص إذن. لكنهم أخطأوا الهدف، فر النعاس من عيني، وتطاير منها شرر أضاء لي عتمة الطريق.

بحثت في السيارة عن شيء حاد فعثرت على مفك موجود في صندوق السيارة الداخلي. حملت المفك كأني أقبض على خنجر العقيد في مسلسل باب الحارة، أنا جاهز إذن، إن حاول أحدهم أن يقترب مني سأضربه بوجهه ضربة لن يقوم بعدها، لكن ماذا لو كانوا خمسة مثلا أو أربعة؟
هل أتصل بالشرطة؟؟

بالشرطة؟ وماذا أقول لهم؟ لم يفعلوا شيئا بعد.
كان رأسي مثقلا بالتفكير، أخيرا قررت التوجه للبيت فورا، وقبل اقترابي من البيت بدأ سائق السيارة التي تلاحقني يضي الضوء العالي ثم يطفئه، كأنه يطلب مني التوقف، فلم أتوقف كي لا يستفردوا بي وحدي هنا في هذا المكان المظلم، تابعت السواقة نحو البيت، وعندما اقتربت من البيت وقبل أن أنزل من السيارة كنت قد فتحت كراج السيارة بالروموت، وأدخلت السيارة بالكراج ثم نظرت فإذا بالسيارة التي تطاردني تقف أمام البيت. لكن لم ينزل منها أحد بعد كأنهم يعدون العدة للهجوم.

نزلت من السيارة ويدي على المفك، نظرت في الكراج لعلي أجد عصا أستعين بها في مهمتي الدفاعية لكني لم أجدها فلم أتعود على ذلك من قبل، كنت مثل الدول التي عندها جيش بدون سلاح لأنها تستبعد أن يهاجمها أحد لكن عندما تقع الحرب تقف محتارة ماذا تفعل.
انفتح باب السيارة التي تلاحقني نزل منها رجلا في الثلاثين من عمره ، طويلا، أشقر، ونزلت سيدة من الاتجاه الآخر، وبدأت تناديني:
هيه، هل أستطيع أن سألك؟
لا بد أنها خدعة، نعم خدعة يريدون سحبي للخارج كي يستفردوا بي ويسهل الهجوم، لم أتأكد إن كان معهما شخص آخر بقي جالسا بالسيارة مستعدا لحالة الاشتباك.
تقدمت قليلا ويدي تشد على المفك ليزيدني قوة وقلت لها:
ماذا تريدين؟
هل رأيت جمي؟
جمي؟ من جمي؟
كلبي؟
ماذا تقول هذه المرأة الخرفة، هل هي خديعة؟ كلبك؟ وما شأني بكلبك؟
لقد ضاع جمي وأنا أبحث عنه.
بهذا الوقت من الليل؟
نعم هذا جمي أنت لا تعرف كم أحبه.
بدأت أعصابي تهدأ، وكدت أفقع من الضحك، وقلت لها:
تلاحقيني طيلة الطريق لتسأليني عن جمي؟ أنا لا أحب الكلاب أصلا.
أوه عار عليك.
لم ينبس صاحبها بكلمة، كأنه كان مجبرا بالبحث معها عن جمي كي لا يغضبها.

تركاني وعادا أدراجهما وأنا انفجرت ضاحكا، وظللت أقهقه ضاحكا بعد أن أعدت المفك للسيارة، وأغلقت باب الكراج ودخلت البيت حتى استيقظت زوجتي من نومها مذعورة تسألني ما الخبر؟ سألتها:
 هل شاهدت جمي؟
 من جمي؟
 ألا تعرفين جمي؟
 أتوقظني لتسألني عن الزفت جمي؟ من جمي هذا؟
 الكلب!!
 أحيني أقلقت نومي، قل لي ما الأمر؟
شرحت لها ما حصل معي بالتفصيل الممل نظرت لي وبعد صمت انفجرت ضاحكة مثلي، وبقينا نقهقه ضاحكين حتى انفجر الصباح ضاحكا.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى