الاثنين ٦ نيسان (أبريل) ٢٠٢٠

اسمهان والبحر

أحمد مبارك بشير

غاصت في موج عاتٍ
تبحث عن جوهرة التاج العظمى
رفعت موجة تلو الموجة
أه... اين الجوهرة المثلى؟
ضاعت ام ضيعها النسيان
سألت بحثت حتى وجدت شيء من ...
شيء من ذكرى انسان!
مرحبا...

ديسمبر2019 في طريقي الى المكلا، طالعت ذلك الكتاب، ذلك الذي ابحث عنه كالعادة، حتى افهم شيئا عنا، عن حياتنا وتراثنا، اُهدي الي هذا الكتاب في أكتوبر 2019 من الكاتب نفسه، تأخرت كثيرا في مطالعته. وحينها قررت ان اضع هذه الكلمات. الا ان الحياة تدافعت علينا، الا انه دائما من الجيد ان تجد وقتا للتعبير عما قرأت،

(الموروث الثقافي للمرأة العدنية)

ذلك اسم الكتاب في الطبعة الأولى عن الهيئة العامة للكتاب،

دعني ابحر معك فيه،

لم تكن رحلتي انها رحلة رائدة في البحث عن جوهرة التاج (عدن)،قادتها باقتدار الصديقة والباحثة الدكتورة (اسمهان العلس) المتخصصة في التاريخ الحديث والمعاصر، كل ما اسعى اليه هنا ان أكون جزءا من تلك الرحلة،

محاولة فقط،

فغمار بحر عدن واسع رغم انه خليج صغير (كما يبدو)،إلا انه اعمق مما يبدو، الا ان أحدا لم يخاطر تلك المخاطرة في جمع اللؤلؤ فيه، هل فيه لؤلؤ ام جواهر،

اتسمع الآن ذلك اللحن، اغنية قادمة من العمق:

نَحنا بنات عدن نمشي على سكان
سبايبك* يا عدن يا قفل صنعا ولندن
· سبايبك: مجايبك، بناتك...

لن تتوقف الدندنة، وستسمع صوتا آخر شجي يغني:

ياسين عليك يا عدن من ضربة المدافع
ياسين عليك يا عدن من هجمة الطليان
محجبة ما تبان تزرع جواهر ومرجان
توزعت رحلة الكتاب في جزئين،

 الموروث الشفهي: والذي تناول الأغاني والامثال،

 الموروث الثقافي للمرأة: والذي يمر بنا على العادات والتقاليد الاجتماعية من الزواج والولادة والطب الشعبي والزيارات، والمناسبات المختلفة للمجتمع في عدن. والملابس والمصوغات المستلزمات التي تمر في تلك المناسبات.

سأعتبر هذا الكتاب مدخلا مهما في دراسة الموروث الثقافي للأسرة والمجتمع العدني، هذا المدخل مفتاح بابا ربما لم يفتحه احد، ربما كان الغوصة الأولى في البحث عن الجوهرة الدفينة، انه فاتح لكل المغامرين الباحثين في التراث الثقافي للغوص فيه..

سعت السيدة العلس ان تبرز في الكتاب كل ما يرتبط بالمرأة العدنية وهي تلقائيا تشير الى كل امرأة في محيط عدن وامتدادا لليمن والجزيرة بل المنطقة العربية حيث تجتمع تلك العادات والتقاليد في ذات القالب، إذن فالكتاب رغم اسم (الموروث للمرأة) الا انه فعليا يمكن ان نسميه بشكل آخر (الموروث للأسرة) العدنية او المجتمع العدني، فالأمثال والاهازيج، والعادات لم تكن تتفرد للمرأة بل تمس كل المجتمع وتحديدا الاسرة كما ذكرت، طرقت الباحثة بعض الأبواب في تورية ما ، والامر يتطلب ان تكون مصارحة أوسع، ربما حرصت الا تدق الباب بقوة وتثير بكتابها التساؤلات أو ربما لا!،

اعتقد انها في المرحلة القادمة ستدق الأبواب المغلقة حول ترابط وتغلغل (مفاهيم دينية، مجرد مفاهيم) قدست هذه المفاهيم تقديسا جعلته غير قابل للمراجعة، مثال ذلك (تعدد الزوجات)، و (سلطوية الرجل)، و(المولود الذكر)، و...

ان عمق الكتاب هو البحث في الموروث الشفهي، الذي تناقلته الأجيال وتلقائيا، يضاف ويعدل عليه بحسب الحاجة والسياق، الا انه وفي كل مرة لا نعرف، لا احد يعرف ولا احد يزعم انه يعرف القائل الأول لعبارة ما، او بيت ما، او عادة ما ... وبالتالي يشتمل الموروث الشفهي على (حكايات) بحاجة الى من ينقلها لنا كتابة، يعيد نقل الأغاني والاهازيج كاملة، حتى تحتفظ في ذاكرة الأجيال الحالية والقادمة، اليوم مع توسع الاعلام سيختفي الكثير من ذلك بل سينتهي مع الوقت ...سنفتقدها ... انها تحمل بصمة وراثية خاصة تعطينا صورة عن مرحلة ما في حياة الناس ....

أتذكر بعض من تلك الحكايات كانت (حبابتي) جدتي تحكيها لي، فكرت ولم اجد الوقت بعد، ان احولها الى اثبتها كتابة، نعم بالتأكيد سيتأثر النص الأصلي، بكاتبه اليوم، لان عقولنا ليست جهاز حفظ مستقل، وبالتالي يستحيل عند إعادة الكتابة ان ينقل النص الأصلي، ويستحيل الا يضيف الكاتب لمساته... ما يهم ان تلك الحكايات تحكي عن المرأة، انها باختصار تبرز جوهر ما تبحث عنه السيدة العلس...

المورث الثقافي الشفهي يبرز فكر وثقافة وعقلية ومستوى ادراك مرحلة من مراحل التاريخ، القريب والمتقادم...

اسمهان بدأت الرحلة،

هي بالتأكيد ستكمله ما امكن لها ذلك، هي بحاجة لكم كبير من الدعم للباحث المجد، للحصول على كم كبير من المعلومات.. ولأنها في بحر عميق وغريق، فهي بحاجة لمزيد من المغامرين،

يمكنني تكرار ما قلته سابقا ان الموضوع في قلب الاسرة والمجتمع العدني وفي مستوى التأريخ القريب، المرأة في قلب ذلك التراث، هي المدرسة الأولى، وهي السلطة العليا لأي اسرة، وهي موجه تلك الاسرة وفي عمق أي مجتمع، انها باختصار النفس الأولى التي خُلق منها زوجها، هي أدم وهي حواء...

كل التقدير للمبحرة في بحر عدن الدكتورة اسمهان العلس،

كل ما يمكنني تكرار قوله، لا تتوقفي هنا، ان ثمرة ما بدأته ينبغي ان تتحول الى مغامرة كاملة في عمق البحر عن الموروث الثقافي للمجتمع العدني خاصة واليمني عامة وتشملها في إقليم الجزيرة كلها، حيث اختلطت المرحلة تلك بقوة حتى نحصل على من اين نشأ هذا، متى كانت عدن مدينة عالمية وكيف تعود الى افضل من ذلك.

ان المدن الكبرى، تزخر بجواهر فريدة بحاجة لبحث دقيق،

ان المرأة في عمق المكونات الثلاث للدولة والقوة (الاقتصاد والسياسة والمجتمع) ...

دعوة للجميع، هل لنا ان نبدأ ونبحر كما ابحرت اسمهان!

أحمد مبارك بشير

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى