الأحد ٢٦ تشرين الثاني (نوفمبر) ٢٠١٧
بدون مؤاخذة
بقلم جميل السلحوت

الإرهاب ليس عفويّا

العمليّة الارهابيّة الاجراميّة في مسجد الرّضوان في العريش في شمال سيناء المصريّة يجب أن لا تمرّ مرّ الكرام، فالشّجب والاستنكار للارهاب لم يعد كافيا، ولن تتوقّف هكذا جرائم ما لم يتمّ الوقوف على أسبابها، وعلى منفّذيها ومن يقف وراءهم. مع التّأكيد أنّ الارهاب لا دين له، وإن كان الارهاب الذي يمعن قتلا في المنطقة العربيّة يتستّر بالدّين، ويجد مرتعا له بين عدد من جماعات الاسلام السّياسي، فإنّه لا يمكن تبرئة من دعموا ودرّبوا وموّلوا الارهاب في سوريّا، العراق، ليبيا، اليمن، الصّومال، وغيرها من دم ضحايا التّفجيرات التي جرت في سيناء وأماكن أخرى في مصر. تماما مثلما لا يمكن تبرئة من يغذّون الطائفيّة من رسميين ووسائل اعلام.

وإذا كانت بعض الدّول والقوى وفي مقدّمتها أمريكا وربيبتها اسرائيل تخلق وتدعم جماعات تتلفّع بثياب الاسلام، لاشعال حروب طائفيّة داخليّة في المنطقة، لتحقيق حلمها بتطبيق "مشروع الشرق الأوسط الجديد" الأمريكي، لإعادة تقسيم المنطقة إلى دويلات طائفيّة متناحرة، للحفاظ على استمراريّة الهيمنة الأمريكيّة، وتنفيذ المشروع الصّهيوني فيها، فإنّه لا يمكن تبرئة الأنظمة العربيّة التي استغلّت هي الأخرى جماعات الاسلام السّياسي، ودرّبتها وموّلتها لتدمير أكثر من دولة عربيّة، وقتل شعوبها وتشريدها من جريمة التفجيرات التي تستهدف مصر دولة ووطنا وشعبا.

فالجماعات التّكفيريّة التي تستهدف دور العبادة للمسلمين والمسيحيين في البلدان العربيّة لم تخلق من العدم، وإنّما لها جذورها الفكريّة التي تجد من يروّج لها ظنّا منه أنّ لهيب نيرانها لن يعود إليه، فأمريكا التي خلقت تنظيم القاعدة وأوعزت لدول النفط العربي بتمويله لمحاربة السوفييت عندما احتلوا أفغانستان في أواخر سبعينات القرن العشرين، لم تتعلّم من أخطائها عندما ارتدّ تنظيم القاعدة لاستهدافها واستهداف حلفائها الذين دعموا هذا التنظيم. ومن خلقوا داعش وأخواتها لم يتعلّموا الدّرس المستوحى من القاعدة بعد هزيمتهم في سوريّا والعراق، فقاموا بنقل فلول القاعدة من سوريا عبر تركيا إلى ليبيا وسيناء وغيرها.

وبالتّأكيد فإنّه ليس خافيا على الدّولة المصريّة من أدخلوا العناصر الارهابيّة إلى سيناء وغيرها من المدن المصريّة، وكذلك من يسهّلون ادخال السّلاح التّخريبي الارهابيّ إلى سيناء وغيرها في مصر.

وإذا كانت دول ترعى الارهاب وتموّله وهي معروفة للجميع، فإنّه لا يمكن اغفال الفكر الدّيني التّكفيري الذي يُعبّأ به الرّعاع من الجهلة، من خلال استغلال إيمانهم الفطري وتضليلهم؛ ليكونوا وقودا للارهاب؛ ظنّا منهم أنّهم ينفّذون أوامر اللهّ! وهنا لا يمكن تجاهل فضائيّات تبثّ سمومها وتغذّي الطّائفيّة، وتروّج للفكر التّكفيري، وتنطلق من عواصم عربيّة. فلماذا لا يتمّ حظر هكذا فضائيّات؟

وعلى جميع الحكومات والشّعوب العربيّة والاسلاميّة أن تنتبه بأنه لا يمكن القضاء على الارهاب، ما لم يتمّ القضاء على أسبابه وتجفيف منابعه.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى