الأربعاء ٦ أيلول (سبتمبر) ٢٠٠٦
بقلم رأفت دعسان

الرسم بالكلمات

حين أمسك قلمي وأبدأ في كتابة مقالة جديدة أكون قد بدات برسم لوحة جديدة فأنا إن كنت كاتباً في الظاهر فحقيقة الأمر أني رسام، دواة الحبر عندي هي ألواني وقلمي هو فرشاتي والكلمات التي أخطها بين ثنايا صفحة الورق هي الخطوط التي أرسمها لقسائم وجه أفكاري التي تتدفق من المجهول. نعم قلمي هو ريشتي وأنا رسام، أجل رسام ولكن الرسام يرسم شيئاً رآه أو لامسه ولكنه في نهاية الأمر رسم لشيء في الوجود موجود. أما أنا فأرسم فكرة جابت فجأة عقلي لم أرها،لم أسمعها، ولكنها هنا في هذا العقل ساكنة وله شاغلة فأنا بفرشتي أي قلمي أحاول ان أصنع إطاراً جميلاً لهذه الفكرة داخل صفحة صغيرة وبدواة ذات لون واحد فما أصعبها من مهمة ما أصعبها من مهمة.

أحس في بعض الأوقات أني مبتل بهذه الأفكار فكأنما هناك نبع ما في مكان ما داخل هذا العقل مسيطر عليه يدفع بهذه الأفكار للخروج طالبا مني إخراجها للواقع بكل ما في من قوة في أبهى صورة وأوضح تبيان، لا أدري لماذا ؟ ولم أنا ؟ ولكنه أمر متعب وممتع في آن واحد فمنذ ظهور الفكرة إلى حين تجليها على صفحات الورق أمر بمرحلة تعب شديد وإنشغال دائم وصوت يصرخ في عقلي بأن أنهي هذه اللوحة بأسرع ما يمكن غير آبه بضغوطات الحياة اليومية ومتطلباتها اللامنتهية وسباق المارثون الذي نشارك فيه في معترك هذه الحياة، نعم تعب شديد وكأني أعيش حياتان لا حياة واحدة، حياة واقع وشمس وهواء وأناس وأبناء، وحياة خيال وأحلام وأفكار وذكريات، وعندما أنتهي من هذه اللوحة أحس بمتعة ليس لها مثيل وبراحة كبيرة لا أستطيع لها وصفاً ولكنها متعة رائعة أحس فيها بالنصر والتخلص من هذا الذي كان جاثما في عقلي.

فبعد هذا كله أليس الرسم بالكلمات أصعب آلاف المرات من الرسم بالألوان.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى