السبت ١٩ أيار (مايو) ٢٠١٨
بقلم نايف عبوش

العرب.. وقرار نقل السفارة الأمريكية إلى القدس

حلت بالعرب هذه الأيام، الذكرى السبعون، لنكبة اغتصاب فلسطين، والتي تزامنت بارتكاب العدو الصهيوني، جريمة مذبحة غزة، في ذات الوقت الذي كانت فيه أميركا ترتكب جريمة سياسية بحق فلسطين، بنقل سفارتها إلى القدس المحتلة، والاعتراف بها عاصمة أبدية للكيان الصهيوني.

وهكذا ضاعت القدس، بعد ان عجز العرب، والمسلمون، عن استعادتها بالقوة، كما عجزوا عن استعادتها بالتفاوض، وبعد ان فشلوا كذلك، في التأثير في قرار الإدارة الأمريكية، سواء بحملها، على سحب قرار الاعتراف بالقدس، أو بتأجيل تنفيذه، لحين التوصل إلى تسوية عادلة للصراع العربي ـ الصهيوني. حيث اخفقوا في بلورة استراتيجية مواجهة عربية موحدة حازمة، للتعامل مع هذا الوضع المأساوي، واكتفوا بيانات الشجب، والاستنكار، والادانة، إثر اجتماعات قمة عربية منهكة، فكانت النتيجة بديهية، بمضي الإدارة الأمريكي، في تنفيذ قرارها،دون حساب لتداعيات رد الفعل العربي، لأنها تعرف مقدما حقيقة تواضعه.

وهنا لابد من ان يستلهم العرب والمسلمون، حقيقة مخاطر ضعف الحال الذي خذلهم، وهو ما كان قد نبه إليه الرسول الكريم بحسه النبوي الثاقب صحابته من جيل الراشدين، ولفت نظرهم إلى خطورة ما سيؤول إليه حال المسلمين في قادم الأعوام، واللاحق من السنين، رغم كل ما كانوا عليه من العز، والقوة الفتية، والإيمان المتطلع، وذلك عندما لفت نظرهم بشئ من الحسرة والالم إلى هذا الأمر الخطير في حينه بقوله( يوشك أن تتداعى عليكم الأمم كما تتداعى الأكلة إلى قصعتها.. قالوا اومن قلة نحن يومئذ يا رسول الله.. قال لا.. ولكنكم غثاء كغثاء السيل). وهذا هو واقع حالنا اليوم، كما أخبر به رسول الله صلى الله عليه وسلم.

ومع ما آل إليه الحال العربي الإسلامي من ضعف، وتردي، وحيث ان الله تعالى قد تعهد بنصر من ينصره، بعد أن يأخذ بأسباب النصر، على قاعدة( ولينصرن الله من ينصرن)، فإن على العرب، والمسلمين،وباعتبار أن القدس والقضية الفلسطينية هي قضيتهم الأولى، ان لا يستسلموا لهذا لواقع المأساوي المؤلم، بل يجب عليهم العمل بشكل جاد، باعتماد استراتيجية مواجهة موحدة، تقوم على أوراق الضغط العربية، والإسلامية، والفلسطينية رغم قلتها، ومحدودية تأثيرها.

ولاشك إن العرب، والمسلمين، ومع كل تجليات ضعفهم، ما زالوا يمتلكون في جعبتهم كثيرا من عناصر القوة، لترسيخ الرفض الدولي للقرار الأميركي الأرعن، والوقوف بوجهه بقوة، بما لديهم من طاقات كامنة أخرى، في مقدمتها مقاطعة أميركا اقتصاديا، وكل الدول التي تستجيب لهذا القرار، وتشرع بنقل سفارتها إلى القدس، والتحرك المكثف لمطالبة الدول الصديقة بالاعتراف بالدولة الفلسطينية، ناهيك عن استخدام البعد الجغرافي الاستراتيجي للوطن العربي _الاسلامي، وتوظيف العمق الشعبي الإنساني، في هذا المجال، لحمل الإدارة الأميركية على التراجع التام عنه، وذلك تواصلا مع متطلبات الانتصار لحقهم التاريخي في التمسك بأرضهم، والسعي لتحريرها من قبضة الاحتلال الصهيوني الغاصب، وتحييد الانحياز، والدعم الأمريكي المباشر له.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى