السبت ٢٣ آذار (مارس) ٢٠١٣
بقلم مريم علي جبة

القحط.. مرة أخرى

في «نهايات» عبد الرحمن منيف نقرأ:

(إنه القحط.. مرة أخرى، وفي مواسم القحط تتغير الحياة والأشياء، وحتى البشر يتغيرون، وطباعهم تتغير، تتولد في النفوس أحزان تبدو غامضة أول الأمر، لكن لحظات الغضب، التي كثيرًا ما تتكرر، تفجّرها بسرعة، تجعلها معادية، جموحًا، ويمكن أن تأخذ أشكالاً لا حصر لها. أما إذا مرَّت الغيوم عالية سريعة، فحينئذ ترتفع الوجوه إلى أعلى وقد امتلأت بنظرات الحقد والشتائم والتحدِّي.

وحين يجيء القحط لا يترك بيتًا دون أن يدخله، ولا يترك إنسانًا إلاَّ ويُخلّف في قلبه أو في جسده أثرًا).

لكن ماذا لو اعتلى هذا القحط النفس البشرية، بمعنى ماذا لو تجردت النفوس البشرية من العواطف الدافئة والحب والشوق.. هنا لا شك سيكون المرء في مثل هذه الحالات في وضع لا يُحسد عليه، فتصوروا إنساناً لم يعد يستطيع الحب، ولم يعد تنتابه أحاسيس هذا الحب، وغاب الشوق عن قلبه، شوقه لذاك الحبيب الذي غاب أيضاً، ولم يعد يصلح لأن يكون حبيباً، بل المُحب نفسه لم يعد يصلح لأن يُحبّ..

قالت لي امرأة ذات يوماً: لم أعد أجيد أحاسيس الحب، وأصبح الشخص الآخر بالنسبة لي عقبة حقيقية، والرجل الذي أحببته يوماً وكان يشكل كل حياتي رحل إلى الأبد منذ سنين، ولم أعدّ أرى في الرجال الآخرين سوى شبه رجال، لا يجيدون سوى تكريس نظرتهم للمرأة على أنها وسيلة لمتعتهم، أو بريستيج لسهراتهم الآنية "التافهة".. إنها كارثة أن تشعر المرأة بهذا الشعور.. وتضيف المرأة المذكورة: إنني لا أعاني من مرض نفسي، ولا أعيش على ذكرى حبيبي الذي رحل، إنه "القحط" أعيش شعوراً بـ "اليباس".. !

وهنا تذكرت ما كتبته امرأة أخرى تقول:
تعال..
فقد مللت الانتظار..
تعال..
فالعود آثر على اليباس..
هبه الماء من عينيك.. ليستعيد حيويته وقوته..
بابي مفتوح..
فتعال وادخل..
دون أن تقرع الباب.

إنه "القحط" مرة أخرى.. ورغم الإحساس بهذا الشعور "المرّ" إلا أن ثمة في النفس دعوة دائمة للحب.. للدفء.. للشوق.. للعيش ضمن كل هذه الأحاسيس التي تحضر إذا ما حضر ذاك الطرف الآخر الذي يكون يستحق الإحساس بكل تلك المشاعر التي تُختصر بكلمة اسمها "الحب".. فهل الحب لا يزال موجوداً؟

كتب شاعر مُحِبّ:" أخاف على كوثر قلبي إن أقفلت غيم ابتسامتك، وأخاف أن أفقد لون عيني، فتخجل مني مرآة الصباح حين تراني.. آه.. أخاف أن يكون ما أخاف عليه قد رماني"!!.

إنها حقيقة المحبين الآن كُل منهما يرمي الآخر والسبب واحد وهو أن الحب في حالة احتضار، وعلينا إنقاذه بالعودة إليه .. والبحث عنه من جديد.. وتقديم الولاء والطاعة له وحده دون غيره.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى