الأحد ١٠ أيار (مايو) ٢٠٢٠
بقلم علي بدوان

المجتمع الفتي في مخيم اليرموك

قبل محنته الأخيرة، من الملاحظات العامة لحياة السكان من المواطنين من لاجىء فلسطين في مخيم اليرموك، تلك الحالة الحيوية المُفعمة بالضجيج الدائم، ضجيج الحياة العملية التي حوّلت العديد من مواقع المخيم واحيائه الرئيسية الى أسواقاً عامرة، مُعظم زبائنها وروادها من خارج اليرموك، وحتى من وسط دمشق، حيث تجد فيها كل شيء، وعلى حد تعبير المثل الشامي من "البابوج الى الطربوش". وبأسعارٍ تنافسية مع اسواق وسط دمشق مع أن المنتج هو ذاته من حيث النوعية والجودة.

ضجيج الحياة العملية العامة في مخيم اليرموك، ترافق مع ظاهرة لافتة للانتباه عند كل الدارسين للواقع السوسيولوجي الاجتماعي وتحوّلاته وسط مجتمع لاجىء فلسطين في سوريا، ومنها في مخيم اليرموك ومحيطه، وهي الظاهرة المدروسة التي كانت تُشير (قبل محنة اليرموك) إلى أن نسبة الفتيان تملأ المخيم وشوارعه وحاراته، وهي تؤكد فتوة هذا المجتمعٍ الذي تطغى عليه نسبة من هم دون سن الـ (15)، كما أشارت في حينها المُعطيات الديمغرافية المُتوافرة والصادرة عن عدد من الجهات الرسمية الموثوقة (وكالة الأونروا + الهيئة العامة للاجئين ...). والتي أكَّدَت أن المجتمع الفلسطيني في مخيم اليرموك وفي سوريا عموماً مجتمع فتي، تكثُرُ فيه نسبة من هم دون سن الخامسة عشرة، وتكاد تقارب نحو (60%) من المجموع العام للسكان.

كما أشارت تلك المعطيات إلى أن المجتمع الفلسطيني في اليرموك، والفلسطيني عموماً، يُعد أقل المُجتمعات شيخوخة، مقارنة بالدول النامية والمُتقدمة، إذ لا تزيد نسبة كبار السن فيه (60 عاماً فأكثر) عن (4.4%) من المُجتمع. وفي هذا المجال، تُشير المعطيات أيضاً إلى أن مُعدل الخصوبة الكلي للفلسطينيين في اليرموك وفي سوريا عموماً يبلغ (2.5) مولود.

فيما ارتفعت معدلات توقّع البقاء على قيد الحياة بمقدار (4 إلى 7) سنوات خلال العقد ونصف العقد الماضيين، إذ ارتفع من نحو (67) عاماً لكل من الذكور والإناث عام 1992 إلى (71.0) عاماً للذكور و(73.9) عاماً للإناث. وتشير بيانات وكالة الأونروا إلى الفئات العمرية للاجئين الفلسطينيين في سوريا، ومنها مخيم اليرموك على وجه التحديد والمسجلين في قيودها كما يلي:

(36,51%) من عمر (15) سنة وأقل، (53,82%) بين (16 ـ 59) سنة، (9,67%) من عمر (60) سنة وأكثر.

بينما شكَّلَت نسبة النمو السكاني وسط اللاجئين الفلسطينيين في سوريا (والحديث هنا قبل التحوّلات التي طرأت على الواقع الفلسطيني بعد الأزمة في سوريا)، واقعاً تزايدياً عن السنة التي سبقت بنسبة (3,3%)، وبنسبة تبلغ (3.6%) إلى مجموع اللاجئين الفلسطينيين بشكل عام، لتبلغ نسبتهم إلى مجموع اللاجئين الفلسطينيين المسجلين في سجلات وكالة الأونروا نحو (10,3%)، ونسبتهم إلى السكان في سوريا (2,9%) من مجموع سكان سوريا. هذا هو مخيم اليرموك، عنوان حق العودة، لأكبر تجمع فلسطيني في الشتات خارج الأرض الفلسطينية. وبقي أن نقول أنه نحو (10%) فقط من لاجىء فلسطين ممن رأى النور الحياة على أرض فلسطين، أي من مواليد فلسطين قبل النكبة. ومع هذا فإن الدراسات السوسيولجية تشير بأن الأجيال اللاحقة، بما فيها جيل المحنة الخيرة، اكثر تمسكاً بقضيته وفلسطينيه من الأجيال التي سبقت. كما من المهم القول بأن بنية المجتمع الفلسطيني اللاجىء في سوريا من حيث فتوته، ساعد، بل كان رافداً اساسياً لعموم فصائل المقاومة الفلسطينية وخزانها البشري الذي لاينضب، خصوصاً في العمل المسلح قبل انتقال ثقل العملية الوطنية للداخل. فقد قدم مخيم اليرموك وعموم تجمعات الشعب الفلسطيني فوق الأرض السورية، الأعداد الهائلة من الشهداء والجرحى.

(الصورة المرفقة، من الأخ خالد ترعاني، تجمع لمسيرة كشفية فلسطينية عند مشفى الشهيد فايز حلاوة على شارع اليرموك صباح يوم العيد، منتصف سبعينيات القرن الماضي، تجوب شوارع اليرموك الرئيسية، ومعها فعاليات ومسيرات لكل القوى والفصائل، كما جرت العادة حتى الآن، وتنتهي الى مقبرة الشهداء، حيث يتم وضع اكاليل الورود على النصب التذكاري وقبور الشهداء، والسلام على ذوي الشهداء).


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى