الثلاثاء ١ كانون الأول (ديسمبر) ٢٠٠٩
بقلم عبد القادر محمد الأحمر

النشاط الصهيوني العلني

تقول المراجع بأن: (أول مؤتمر صهيوني انعقد في مدينة (بال) بسويسرا عام 1897م وحضره مائتان وأربعة من الأعضاء غير المنتخبين وافتتحه الدكتور (ماركس ليبي) وترأسه (ثيودور هرتسل) ولم يكن هذا المؤتمر في حقيقته هو المؤتمر الذي انبثقت منه أو بدأت من عنده الحركة الصهيونية العالمية المعاصرة، إنما كان ذلك المؤتمر هو مؤتمر الاعلان عن وجود هذه الحركة والانتقال بنشاطها من دائرة الضوء وبلورة أفكارها بما يتلاءم مع الظروف الجديدة. ولم يكن كل ما انبثق عن ذلك المؤتمر غير (واجهات) يراها العالم وتختفي وراءها القوة الصهيونية الفعلية.

فالصهيوني ثيودور هرتسل لم يكن هو نبي الصهيونية كما وصفه الكثير من الكتاب والصحفيين الأوربيين وغيرهم، ولم يكن هو أول من دعا إلى قيام دولة يهودية، إن كثيرين من دهاقنة الاستعمار البريطاني، وكثيرين من الصهيونيين كانوا في القرن التاسع عشر بالذات الذي ولد فيه هرتسل وترعرع، أسبق من هرتسل وأوضح وأدق في المطالبة بالدولة اليهودية وفي تحديد موقعها الجغرافي.

والواضح تاريخياً أن فكر هرتسل تجاه الدولة اليهودية لم يكن متبلوراً حتى انعقاد المؤتمر في عام 1897، ففي عام 1895 حاول مقابلة البارون (هيرش) الرأسمالي الصهيوني مؤسس حركة الاستيطان اليهودي في (الأرجنتين)، وكان الهدف الذي كان ينشده هرتسل من وراء هذه المقابلة إقناع هيرش بتحويل مشروع الاستيطان في الأرجنتين إلى دولة يهودية، وبذل بعدئذ محاولة أخرى مماثلة مع البارون الرأسمالي الصهيوني (روتشيلد)، ولكنه فشل في اقناع هذين الصهيونيين اللذين كانا ولا شك من قادة الحركة الصهيونية الخفية.

وفي عام 1896 أصدر هرتسل كتيباً اسمه (الدولة اليهودية)، لأنه كان يرى بأن المشكلة اليهودية ليست مشكلة اجتماعية ولا دينية، وإنما هي مشكلة قومية، أي أن هيرتسل ذهب في تصوره إلى أن اليهود أمة، وان اليهودية قومية، رغم أنه وبالمنطق العلمي ليس هناك مجرد عنصر واحد من العناصر الأساسية للأمة متوفرة لليهود، وبالتالي ليست هناك قومية يهودية.

وانتهى هرتسل بأفكاره إلى أنه ليس هناك من سبيل لحل المشكلة اليهودية بغير الدولة اليهودية، ولكن ما يستحق الملاحظة باهتمام أن هيرتسل لم يتمسك بفلسطين لتكون وطن الدولة اليهودية، وإنما اقترح أن تكون (الأرجنتين) هي وطن هذه الدولة المقترحة، وكان ذلك قبل انعقاد المؤتمر الصهيوني الأول بعام واحد.

ثم، إن هيرتسل مات في عام 1904 وهو غير متمسك بفلسطين لتكون الهدف الأوحد للدولة اليهودية0 فقد كان يدعو باديء الأمر لإنشاء هذه الدولة في الأرجنتين، ثم كان من رأيه قبول الاقتراح البريطاني بإنشاء هذه الدولة في أوغندا، أو في سيناء، وسعى لإقامتها في قبرص والكونغو وإحدى المستعمرات البرتغالية.

ولعل أهم ما يجب أن نضعه في الاعتبار هنا هو:

  أن هيرتسل لم يقتنع بالدولة اليهودية إلا في عام 1896..
  انه لم يكن متمسكاً بفلسطين لكي تكون وطن هذه الدولة..
  أنه في ظروف تلك المرحلة الزمنية التي لم تكن وسائل المواصلات والاتصالات مثل الطائرات والسيارة وغيرها قد اخترعت بعد، لم يكن من السهل لواحد مثل هيرتسل ما زال وقتئذ في الخامسة والثلاثين من عمره أن يكون مؤثراً وقادراً على عقد مؤتمر والتحضير له خلال عام واحد!!
  كذلك، في ظروف تلك الفترة الزمنية لم يكن في مقدور أي إنسان مهما أوتي من قوة خارقة أن يتصل ويتعرف إلى الشخصيات الصهيونية المعنية بالسياسة وبإنشاء الدولة اليهودية في مختلف الأقطار الأوربية.

إذن، لابد أن هناك قوة خفية، هي الحركة الصهيونية العالمية، هي التي دعت، وهي التي اختارت المندوبين المائتين والأربعة لهذا المؤتمر في مدينة بال بسويسرا.

وتتمثل أهمية ذلك المؤتمر في ثلاثة أمور رئيسية:

الأول: أنه بهذا المؤتمر غير المنتخب تمَّ إعلان الحركة الصهيونية العالمية، وصار العالم بذلك يعرف ويتقبل شيئاً فشيئاً النشاط الصهيوني في كل مكان فيه يهود.

الثاني: إنه بهذا المؤتمر غير المنتخب تمّ إعلان أهداف الحركة الصهيونية العالمية، وطرحها والنشاط من أجله، وانشغال العالم بها، وتبرير كل نشاط سياسي يقوم به اليهود في أي بلدٍ من بلدان العالم.. ولقد تجسدت في إقامة دولة يهودية في فلسطين.

الثالث: إنه بهذا المؤتمر تم إقرار التعاليم العنصرية الجديدة التي أعدتها القوة الخفية الداعية والموجهة لذلك المؤتمر.

وتعتبر تلك التعاليم العنصرية التي سُمِّيتْ (بروتوكولات حكماء صهيون)- (وهناك- للعلم – خلاف حول صحة هذه البروتوكولات. إذ تنكرها الحركة الصهيونية العالمية لخطورتها، ولتجنب ردود الفعل العالمي تجاهها، ولكن الصيغة التي كتبت بها هذه البروتوكولات تدحض نكران الصهيونية وتقطع بأن الفكر الرأسمالي الصهيوني هو الذي صاغها ولسنا ممن يثقون بما تقوله أو تدعيه هذه الحركة العدوانية الخبيثة)- تعتبر هذه التعاليم تكملة وتطويراً لتعاليم التوراة والتلمود.. ولقد كانت ظروف المرحلة الجديدة التي تميزت بسيطرة الصهيونية العالمية والاقتصادية والاعلامية بل والسياسية على أوربا، ثم ببدء مرحلة النشاط العلني والاندفاع نحو الهدف الرئيسي فلسطين، كانت هذه الظروف تستدعي تطوير تعاليم التوراة التي وضعت قبل الميلاد بستة قرون، وتطوير تعاليم التلمود التي وضعت في القرن الثاني بعد الميلاد واكتملت في القرن السادس لكي تصبح ملائمة للمرحلة الجديدة.

ولقد جاءت (بروتوكولات حكماء صهيون) في أربعة وعشرين باباً ، وخطورتها: انها تحدد هدف الصهيونية الأبعد من الدولة اليهودية في فلسطين وهو السيطرة التامة على كل العالم، وتحدد كذلك الوسائل والأساليب التي يجب اتباعها لبلوغ هذين الهدفين.. أي أنها خطة عمل تشتمل على الاستراتيجية والتكتيك.

وعلى الرغم من انه لا يمكن معرفة أطماع وأخطار ولا الأهداف البعيدة للحركة والصهيونية العالمية إلا من خلال الدراسة العميقة لبروتوكلات حكماء صهيون، ثم على الرغم من أنه لا يمكن تسجيل هذه الأطماع والأهداف بمختارات من تعاليم هذه البروتوكلات، إلا أن نموذجاً من هذه التعاليم يبين لنا ويكشف مدى بشاعة وخطورة ما تهدف إليه الصهيونية، وبشاعة وخطورة الأساليب التي تؤمن بها للوصول إلى أهدافهاالشريرة.

تقول هذه التعاليم كما هي مأخوذة من بروتوكولات حكماء صهيون- (سرج نيلوس. أهداف الصهيونية، طبعة 1917. تعريب فريدريك زريق)- ما يلي:-

  إن أروع النتائج التي يمكن الحصول عليها في سبيل حكم العالم تتحقق باستخدام العنف والتهديد لا بالمناقشات الأكاديمية..

  إن السياسة لا تتفق في شيء مع الأخلاق، كما أن الملك الذي يخضع لقواعد الأخلاق ليس بسياسي ماهر، فإن الذي يريد أن يحكم يجب أن يلجأ إلى الحيلة والنفاق، وفي السياسة تستحيل الصفات الإنسانية من أمانة وصدق إلى رذائل..
  إننا على انقاض الأرستقراطية الطبيعية والوراثية أقمنا أرستقراطية خاصة بنا بعد أن أرسيناها على أسس بلوتوقراطية... أقمناها على الثروة الخاضعة لسيطرتنا..
  إن نصرنا يرجع إلى أننا كنا دائماً نركز جهودنا فيما يمكن أن يؤثر على العقل البشري، مستغلين مواطن الضعف في ضحايانا أمام إغراء المال وجشع الإنسان وأطماعه..
  إن الصحافة تمثل قوة هائلة في أيدي الحكومات القائمة، لأنها تستطيع أن تسيطر على الرأي العام. وهي تعبر عن مطالب الشعب الحيوية وعما يشكو منه، وأحياناً تثير سخط الرأي العام، كما أنها منبر لإبداء الآراء الحرة، إلا أن الحكومات لم تتمكن من الاستفادة من قوتها فوقعت في قبضتنا. وقد استطعنا عن طريقها كسب النفوذ مع بقائنا خلف الكواليس..
  إن مصلحتنا تقضي بانحلال الشعوب غير اليهودية، وتهدف قوتنا إلى إبقاء العامل في حالة فاقة وعجز دائمين، لأننا بذلك نخضعه لمشيئتنا وإرادتنا..
  يجب أن نقيم التجارة على أسس المضاربة، ويكون من نتيجة ذلك منع غير اليهود من الاحتفاظ بالثروات، لأنه عن طريق المضاربة تدخل تلك الثروات خزائننا..
  إن دولاب العمل في جهاز الدولة تحركه قوة واحدة تحت يدنا، وهذه القوة هي الذهب، ولقد أثبت علم الاقتصاد السياسي أن قوة رأس المال تفوق مكانة التاج..
  في سبيل القضاء على صناعة غير اليهود، وفي سبيل تنشيط المضاربة، علينا أن نشجع حب الترف الذي عملنا فعلاً لإنمائه..
  لابد من استعمال جميع الوسائل الممكنة لطرد الأذكياء من غير اليهود عن وجه البسيطة..

(..قُلِ ٱنتَظِرُوۤاْ إِنَّا مُنتَظِرُون..) صدق الله العظيم


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى