الاثنين ١٩ تشرين الأول (أكتوبر) ٢٠٠٩
قرأت لكم
بقلم عبد القادر محمد الأحمر

النظرية القرآنية حول خلق العالم

يقول الأستاذ سليم الجابي مؤلف كتاب (النظرية القرآنية حول خلق العالم): (.. بأن الخالق– سبحانه وتعالى- قد راعى دور طفولة هذا العقل فخاطبه برمز وإيجاز، ومن المعلوم أن هذا العقل بحاجة إلى أن يتزود بشتى المعلومات المطلوبة حتى يتسنى له إصدار أحكام سديدة، وما كان لهذه المعلومات أن تتوفر في ذلك الزمن البعيد حين نزول القرآن، فخلق الكون عُرِفَتْ بعض المعلومات عنه بعد مُضِّي أربعة عشر قرناً، وكذلك تطوره، ولعل هذا هو السبب في أن قاريء القرآن الأول لم يتبين مثل هذه الحقائق، لأن آيات القرآن التي وردت بشأن الخلق قد أوحت له بداهةً أن هذا الكون قد خُلِقَ دفعةً واحدة، إلا أن المتدبر اليوم لهذه الآيات والممعن للنظر في ما وراء ألفاظها وصياغة أسلوبها، وما انطوى تحتها من أسرار، يأخذ ذهنه بالاتجاه نحو الاعتقاد الجازم بأن هذا الكون قد خُلِقَ عن طريق تطور طويل، وأن هذه الأرض التي نحيا عليها- بعد أن ثبت أنها كتلة منفصلة عن الشمس- قد ظلت دهوراً طوال، موغلة في التطاول، على حالٍ لا يمكن أن تعضـد أثراً للحياة، ولعل القدماء قد تمسكوا بالصيغة التي تقول: (.. كُنْ فَيَكُونُ) (يس/82).. مبدأً لاعتقادهم السالف، بل الأدهى أن نجد اليوم من يتمسك بها!! )..

ونحن حينما نتأمل هذه الصيغة- أي صيغة: (كُنْ فَيَكُونُ)- كما جاء في تحليل أحد المسلمين المتخصصين- هو الأستاذ السوداني كعورة- فإننا– كما قال-: (.. نجد أن النتيجة تختلف تماماً عن النتيجة الأولى، بل نجد فيها ما يشير حقاً إلى أن هذا الخلق لم يتم ويكتمل إلا عن طريق التكوين والتطور، وفقاً لقانون عظيم، هو قانون النشوء والتطور، فـ (الفاء) جاءت في الآية للاستئناف، ثم الفعل المضارع (يكون) تنبيهاً إلى أن أفعال التكوين والخلق لا تتوالى إلا وفقاً لقانون النشوء والارتـقاء، ما دامت هذه الأفعال، وبألفاظ أخرى، فلا شيء يتم خلقه دفعة واحدة، بل كل ما في هذا الكون إنما يخضع تكوينه إلى قانون لا يحيد عنه بتاتاً، هو قانون النشوء والتطور والنماء، وهذا ما دلَّ عليه فعل (.. فيكون)، أي فيتكون عن طريق هذا القانون.. وعلينا أن نعلم أن الله- جلَّت قدرته- إذا أراد أن يخلق شيئاً ما تعجز أية قوة أخرى عن مماثلته، خلقه أولاً في منتهى الدقة والخفاء، ثم يتبع ما يخلق، لهذا القانون حتى يبلغ به الغاية المقصودة، وحيِّزها المحسوس، الأمر الذي يمضي بنا -كمساعد هام- إلى فهم نظرية (الانفجار العظيم) التي جاء بها علماء القرن العشرين وازدادوا بها فخراً، وهم الذين قالوا بأن هذا العالم بكل عظمته، وسعته، وتعدد كواكبه ومجراته ومخلوقاته، إنما نشأ عن انفجار عظيم حدث لـ (صبغية) ماديـة كانت مضغوطة ضغطاً لا يتصوره الخيال، وفي مكانٍ، لا يكاد يكون موجوداً لدقته وقد نشأ عن هذا الانفجار العظيم جميع ما نلاحظه في هذا الكون من موجودات!! ولعلنا إذا أردنا أن نلفت النظر إلى مثال محسوس في متناول الأيدي لنبرهن به على ما ذكرنا من أن الله يخلق أولاً خلقاً دقيقاً خفياً، ثم يتبعه لقانون النشوء والتطور والنماء، هذا المثال، هو هذه (النطفة) التي يتكون منها هذا الجنين..

فمن المعلوم أن الله تعالى قد خلق هذا الإنسان عن طريق هذه النطفة، فما هو تركيب هذه النطفة؟! تتألف نطفة هذه (الأنثى) من بويضات لا ترى إلا بالمجهر، وتتركب نطفة هذا (الذكر) من جسيمات منوية تكاد لا ترى إلا بالمجهر أيضاً، فمن عملية تلاقح البويضة والجسيم المنوي، تبدأ عملية خلق الإنسان، وهذا هو ما قصدناه من التكوين الإلهي للشيء الذي يبدأ في منتهى الدقة والخفاء، بحيث لا يمكن أبداً للعين المجردة أن تراه إلا بمساعدة المجهر، فلا يمكن لإنسانٍ ما مهما أُوتيَّ من علمٍ وتقنيةٍ أن يكوِّن لنا بويضة أو جسيماً منوياً على شاكلتهما، ولم يتضح هذا العجز إلا بعد الكشف عن تركيب هذا التكوين الدقيق الخفي..)..


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى