الثلاثاء ٢٧ تموز (يوليو) ٢٠٢١
بقلم علي بدوان

اليرموك ومسيرة معالوت

في الخامس عشر من أيار/مايو وهو يوم ذكرى النكبة، وإعلان قيام الدولة العبرية على أنقاض الكيان الوطني والقومي للشعب العربي الفلسطيني، نفذت مجموعة فدائية فلسطينية عملية عسكرية في قلب مستعمرة معالوت القائمة على جزء كبير من بلدة ترشيحا الفلسطينية المحتلة عام 1948، وقد أستشهد في العملية المذكورة الفدائيين الثلاثة الذين نفذوها،

وبالمناسبة، اقامت تنظيم الـ (ج د) جنازة رمزية للشهداء الثلاثة في مخيم اليرموك يوم العشرين من أيارممايو 1974، فكانت عبارة عن مسيرة وطنية حاشدة جداً، في وقت كان فيه الإنقسام في الساحة الفلسطينية على أشده بين دعاة البرنامج المرحلي وأنصاره من جهة ودعاة البرنامج المقابل الذين حملوا في حينها عنوان (جبهة الرفض) والتي تشكّلت من تحالف (الجبهة الشعبية، الجبهة الشعبية القيادة العامة، جبهة التحرير العربية، جبهة النضال الشعبي الفلسطيني) ومعها مجموعات فتحاوية رفضاوية إضافة لمناصرة من بعض فصائل وأحزاب اليسار العربي والقومي في سوريا ولبنان والأردن وغيرها من البلدان.

المسيرة إياها، ونعني التشييع الرمزي لشهداء عملية ترشيحا (معالوت) كانت زاخمة جداً، وشارك بها التحالف المقابل لجبهة الرفض والمكون من (فتح، ج د، الصاعقة) كان من المشاركين أمين عام وقيادة (ج د) ورئيس أركان جيش التحرير الفلسطيني اللواء مصباح البديري، وعضو اللجنة المركزية لحركة فتح أبو ماهر غنيم.

المسيرة أو التشييع بدأ من بداية مدخل اليرموك على إمتداد شارع فلسطين، وكان مقرراً أن يتم في نهاية التشييع ألقاء كلمات تصب في خدمة الترويج للبرنامج المرحلي، فصممت أطراف جبهة الرفض على تخريب العملية في أخرها، بمعنى عند إلقاء الكلمات، وهو ما كان عملياً، وقد وردت تفاصيل حول الموضوع في كتاب لي صدر عام 1998، حيث إستقيت شهادة السيد علي عبده الشهابي (مقابلة شخصية 13/ 7/ 1998) الذي لعب دوراً رئيسياً في الحادث الى جانب جبهة الرفض، حيث أشار إلى التالي : تم الإتفاق على تخريب مسيرة شهداء عملية ترشيحا (معالوت)، فتم الإتفاق بين عناصر مستقلة منها (علي عبده شهابي، علي سعيد شهابي،...) وعناصر تنتمي إلى حركة فتح (محمود الابطح، شحادة شهابي، إبراهيم رشدان، أحمد مصطفى عبد الغني ابو صطيف، واخرين...) ومع الجبهة الشعبية وفصائل جبهة الرفض وبدعم كامل وتحريض من أجنحة فتح سميح ابو كويك (قدري عضو المجلس الثوري لحركة فتح انذاك ـ عضو اللجنة المركزية لاحقاً والمنشق عن حركة فتح عام 1983)، وجمعة الناجي (إنشق عن حركة فتح عام 1983 وعاد عام 1986)، وأحمد أبو شاويش (أبو معن) عضو قيادة إقليم حركة فتح في سوريا، وعبد الفتاح غانم المسؤول الطلابي آنذاك في الجبهة الشعبية القيادة العامة وبعد ذلك عضو المكتب السياسي لجبهة التحرير الفلسطينية، وأبو لؤي عبود الذي كان مسؤولاً أمنياً في القيادة العامة، كما شارك في الإعداد لتلك الواقعة قياديين من جبهة النضال ...

ويؤكد على عبده شهابي بأن استخدام العنف ضد الجماهير المحتشدة والقيادات على المنصة أثناء كلمات التأبين والقاء الكراسي من قبل جبهة الرفض، دفع مجموعات الحماية لاطلاق النار في الهواء، بينما تشير مصادر (ج د) الديمقراطية بأن اعضاء جبهة الرفض بادروا أولاً لإطلاق النار على المنصة.

كما تحدثت مع الكثيرين من كوادر جبهة الرفض القدامى عن حادثة اليرموك، وقدموا صورة مشابهة تقريباً لما أورده السيد علي عبده الشهابي مع تفاصيل إضافية، من زوايا متعددة.

ويشير السيد حسين الشهابي (أبو عبده) بأن وجهاء مخيم اليرموك تنادوا لعقد جلسة لتطويق الموضوع، وإطلاق من تم إعتقاله على خلفية الحادث المذكور.
أما شهادتي الشخصية حيث كنت في موقع الحدث، فأستطيع أن اؤكد بأن المسيرة سارت على مايرام، بالرغم من وجود كتل مناوئة لبعضها البعض من مجموعات الهتيفة لجبهة الرفض ومن يقابلها من الطرف الأخر على طول شارع فلسطين وحتى مثوى الشهداء، مع تحريض متبادل في الشارع وبين الناس، وقد إنفجر الوضع بعد دفن التوابيت الرمزية للشهداء، وتحديداً عند إلقاء أمين عام (ج د) كلمته التي بدا فيها مُروجاً للبرنامج المرحلي وبرنامج الدولة المستقلة، وقد أطلق الشرارة المرحوم أحمد عبد الغني (أبو صطيف) الذي رمى المنصة بعصا كبيرة وقام بقطع أسلاك الميكروفونات (وقد إنضم أبو مصطفى المذكور بعد ذلك لحركة فتح المجلس الثوري بعد إنشقاقها عن حركة فتح أواخر عام 1974) وعند ذاك بدأت مجموعات الأمن بإطلاق النار في الهواء مما تسبب في إنفراط الوضع وتشتت الناس وخروجها. الحادثة المذكورة وقعت فيما الساحة الفلسطينية كانت تسير وتعبُرُ مُنعطفٍ كبير، وكانت تلك الحادثة نقطة بداية في ولوجي تنظيم (ج د) الذي أعطيته وبتفاني مُنقطع النظير (وأقول مُنقطع النظير) سنوات فتوتي وشبابي وعلى كل الأصعدة دون إستثناء حتى منتصف العام 2003 في تجربة لها سَردٌ طويل.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى