الأحد ١٧ أيلول (سبتمبر) ٢٠١٧
بقلم فاروق مواسي

تبادل الصيغ في التعبير

من مطالعاتي في كتب اللغة كثير من نوادر اللغة وشواردها مما ورد في القرآن وفي الشعر القديم، ونحن اليوم لا نكاد نستخدم إلا الأقل منها، وذلك لأننا نعتمد لغة معيارية متفقًا عليها، محاولين بذلك تجنب التأويل والتعقيد.

لكن من الضروري أن يتعرف محبو اللغة إلى هذا التبادل، وهذه التغيرات لمعرفة لغتنا، ولفهم الآيات الكريمة والأشعار القديمة.

لنذكر من هذا التبادل:

* التعبير بالمثنى عن المفرد: قال تعالى نسِيا حوتَهما- الكهف، 61، والناسي واحد هو صاحب موسى أو فتاهُ.

وقال تعالى ألقِيا في جهنم كل كفار عنيد- ق، 24 والخطاب لمالك خازن النار.

وقد كتبتُ دراسة بعنوان "خطاب الواحد بخطاب الاثنين":

نشرتها في كتاب أعددته وهو (أبحاث ودراسات في اللغة العربية 2)، مركز اللغة العربية، باقة الغربية – 2004، ص 6 – 15، وأعيد نشره في مجلة الضاد (عمّان)، العدد 16 /2004، ص 10 - 12.

* التعبير بالمفرد في خطاب الاثنين: فمن ربكما يا موسى- طه، 49.

* التعبير بالمفرد عن الجمع: قال تعالى ولا تكونوا أول كافر به- البقرة، 41، و يأيها النبي إذا طلقتم النساء- الطلاق، 1، و لا نفرّق بين أحد من رسله- البقرة، 126.

ملاحظة: في لغتنا اليوم نقول: هل اختصم أحد؟ والاختصام في اللغة يكون بين اثنين وأكثر.

* التعبير بالجمع عن المفرد: قال تعالى: ربِّ أرجعونِ- المؤمنون، 99، والمقصد هو أرجعني، وقال وإذ قتلتم نفسًا- البقرة، 72 والقاتل هو واحد.

ملاحظة: في لغتنا اليوم نقول: سمعت هذا الخبر من الناس، وأنت تريد واحدًا، وبالطبع فهذا مجاز مرسل.

التعبير بالجمع عن المثنى: قال تعالى في خطابه لآدم وحواء: اهبِطا منها جميعًا، بعضكم لبعض عدو- طه، 123.

التعبير بالجمع عن المثنى: هذان خصمان اختصموا في ربهم- الحج، 19.

* التعبير بالمفرد عن المثنى كقوله تعالى كي تقرَّ عينها ولا تحزن- طه، 40 والمقصود عيناها.

(نستخدم المفرد في لغتنا المعاصرة على نحو ذلك، كقولنا رأيت بعيني وسمعت بأذني، وهو مجاز مرسل، علاقته الجزئية).

* التعبير عن الماضي بلفظ المستقبل:

قال تعالى فلم تقتلون أنبياء الله من قبلُ- البقرة، 91 والمقصود – لم قتلتم؟

وقال: واتَّبَعوا ما تتلو الشياطين- البقرة، 102 أي ما تلت.

* التعبير عن المستقبل بلفظ الماضي: قال تعالى أتى أمر الله- النحل، 1. والمعني: سيأتي.

* التعبير عن النهي بلفظ الأمر: قال تعالى ومن شاء فليكفرْ- الكهف، 29، وقال اعملوا ما شئتم- فصلت، 40.

ملاحظة: نستخدم ذلك في نحو القول: إذا لم تستح فافعل ما تشاء، فالأمر هنا لا يدل على الاختيار، بل هو يقصد النهي وأن يرتدع.

هذا غيض من فيض أسرار العربية.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى