الجمعة ١٤ تموز (يوليو) ٢٠٠٦
بقلم موسى حوامده

تصيرُ أغْصانُ الأسابيع خَضراء

أسدي للصيف نصيحةً تليقُ بليله المنعش، أقلِّل من حجم الخسارات التي تستبيح الذاكرة، وتنقص من فرص الأمل والتفاؤل، أمنح سهول الكمال وردةً من عاطفتي المشبوبة بالنسيان والتماهي، وإن كان علي أن أعدِّد حسنات الصيف، فليس أقلها التقاء السهر بالضجيج، ورحيل النوم الى ساعات القيلولة والظهيرة، وانحسار العناء عن ثمر الزهو،ورخاء الكستناء.

يحط تموز بهجَته بلا تمارين صباحية، كلُّ ما في الأمر، أنه يكسر استرخاء حزيران، ويمسح دمعةً تخثرت حتى صارت صمغا، من على ساق الشجر المقهور، ويزيد من حصة الجنون والنشوة الطاغية، بعدَ ثِقَل الذكرى، التي لا تترك للأيام مهلةً، لتوضيب مساءاتها، وترتيب لياليها، وتجميل صورة القتلى.

مرَّ شهر الهزيمة السوداء، تاركا ندوبه حسرة في قلب السنوات، مرَّ حزيران المتشح بالسواد، وحين يجئ السابع القادم لترييح السنين من عناء بداياتها ونهاياتها، القادر على نضج الفاكهة، وعذوبة الينابيع، تصيرأغصان الأسابيع خضراء، تظلِّلُ الحرَّان، وتمنح القيظَ فرصةَ التخلي عن قساوته.

لعل التلاعب بالمسميات، ليس حيلة او تسلية، ولعل تداول الاشهر، أهم من تداول الاسهم والفوائد والمنافع المادية، فهنا تنتقل الكواكب من مداراتها، وتغير الأرض من قلقها، وتفتح للتغيير فرصةً، لا تتوفر لذوي العقول المتحجرة، الذين يريدون ايقاف الكرة الارضية والكون كله فوق رأس إبرة صدئة.

لكن ما يعزي الطين، أن المجرات، لا تلتفت لتنظيرات السلفيين، وفلسفة المتعبين من لهاث الشهرة، أو وظيفة التلقين، وجذب المستميعن، بشتى الحيل والتفانين، فتكمل الأيام سيرتها، ويجئ تموز حافلا ببداية نضوج الكرمة، مبشرا بلياليه المبهجة، وإن تمنع كثيرا في فرحه الطارئ، كما تفعل بقية الشهور، لكنه يجيء هذه المرة، فاتحا ذراعيه للوعد الأخضر، مرتاحا لطيش الجبال، وصهيل المسافات.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى