الأربعاء ٢٥ نيسان (أبريل) ٢٠٠٧
ردا على رد وزارة الاتصالات على تقرير دافوس
بقلم أشرف شهاب

تقرير دافوس ليس مقدسا.. ولنستعد للتقرير القادم

أثارت المعلومات التى نشرتها الصحف المصرية مؤخرا بخصوص تراجع ترتيب مصر فى التقرير السنوي عن تكنولوجيا المعلومات الصادر عن المنتدى الاقتصادي العالمي انزعاج المسئولين بوزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات. وبذل المسئولون بالوزارة مجهودا استمر ثلاثة أيام كاملة لكتابة توضيح بخصوص تقرير منتدى دافوس يبرئون فيه أنفسهم من تهمة التسبب فى تراجع ترتيب مصر من المرتبة 77 فى العام الماضى إلى 63 للعام الحالى.

وبداية نود أن نوضح للمسئولين بالوزارة بعض الحقائق من بينها أن انتقادنا لرد الوزير لم يكن الهدف منه "تعليق الجرس" فى رقبة وزارة الاتصالات، بل كان تعقيبا على رده بأن السبب فى التراجع كان التأخير فى إرسال البيانات المطلوبة (رغم أن الرد الذى كتبه خبراء الوزارة لم يشر إطلاقا لوجود تأخير فى إرسال البيانات كما ذكر د. طارق كامل فى تصريحات سابقة). وأكدنا أن التأخير فى إمداد معدى التقرير بالمعلومات الحديثة لم يكن مجرد "كبوة جواد"، بل شكوى عامة ومستمرة من الصحفيين ومن المستثمرين المصريين والعرب والأجانب الراغبين فى الاستثمار فى هذا القطاع الحيوى. وأن هذا التأخير فى تحضير المعلومات لا يقل خطورة عن حجبها، أو قصرها على فئة محددة من الخبراء المراقبين لهذا القطاع.

وإذا كنا نصر على حقنا فى الوصول إلى المعلومات وحقنا فى الحصول عليها، فإننا نعيد تذكير د. طارق كامل بأننا شركاء فى الوطن، وشركاء فى المصير. وليس من الحكمة الاستمرار فى سياسات "التهميش"، و "العصا والجزرة"، لأن تلك الممارسات لن تجدى نفعا، ولن تردع الصحفيين عن المطالبة بحقهم فى مراقبة ما يحدث داخل القطاع. خصوصا وأن ضرر هذه السياسات لا يعود على الوزارة بمفردها بل يمتد ليشمل قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات بأكمله. وعندما نطالب بالمشاركة فى الحصول على المعلومات، وتغطية كافة الأحداث المحلية والدولية، فإننا نفعل ذلك لأن من حقنا الحصول عليها، وتكوين آرائنا الخاصة تجاهها، كما أن من حقنا التعبير عن هذه الآراء طالما أننا نسعى جميعا لخدمة الوطن.

وعندما كتبنا عن مؤشرات تقرير دافوس، فإننا لم نلق بكامل المسئولية على وزارة الاتصالات، بل وأكدنا أن هذه الصناعة لا يمكن أن تنمو دون توافر مناخ ملائم لها، وأن تهيئة هذا المناخ لا تقتصر على وزارة الاتصالات بمفردها، وكما يقول المثل الشعبى: "يد واحدة لا تصفق". وأن المسئولية تكاملية بين مختلف الوزارات وأجهزة الدولة. وبالتالى تبرز الحاجة لتعاون مختلف القوى الاجتماعية.

أما ملاحظاتنا بشأن الرد الذى وصلنا من وزارة الاتصالات والتوضيحات المتعلقة بالمؤشرات الخاصة بتقرير دافوس، فيمكن تلخيصها بكلمات قليلة. فتقرير دافوس ليس كتابا مقدسا، ولا هو مؤشر دائم. ومن الممكن أن تبذل دولة كمصر كل جهدها دون أدنى تقصير فيأتى ترتيبها متأخرا لأن إمكانيات الدول تتفاوت طبقا لظروفها. وليس من المنطقى أن نقارن دولة نامية كمصر بدول متقدمة كأمريكا أو استراليا أو حتى مقارنتها بإسرائيل. وبالتالى نعيب على المسئولين فى الوزارة تصرفهم طبقا للمثل القديم: "اللى على رأسه بطحة يحسس عليها". كما أنه من الخطأ التشكيك والتقليل فى تقرير دافوس عندما لا يتوافق مع أهوائنا وتمجيده عندما يتوافق مع أمزجتنا. وبالتالى لم يكن هناك داع لإثارة علامات استفهام حول كفاءة طرق استطلاع الآراء المتعلقة ببعض المؤشرات حتى لا ينقلب السحر على الساحر مستقبلا.

أما التساؤل الوارد فى رد الوزارة على التقرير ونصه: "كيف تتراجع مصر في الأولوية الحكومية لتكنولوجيا المعلومات في عام واحد من المركز العاشر إلى المركز 79 بفارق 69 درجة، في ظل وجود نفس الحكومة ونفس المسئولين، مما قد يضع بعض علامات الاستفهام علي طريقة إجراء الاستقصاء." فيمكن الرد عليه بالقول أنه ليس شرطا أن يكون السبب الوحيد فى تراجع ترتيب مصر هو أداء الحكومة – رغم ملاحظاتنا السلبية على أداء حكومة نظيف بشكل عام- بل يمكن أن تكون هناك أسباب أخرى من بينها تقدم الدول الأخرى فى الترتيب وثبات الأداء المصرى. وهو ما تتم فى النهاية ترجمته إلى تراجع فى ترتيب مصر.

كما أن الاستشهاد بتراجع ترتيب أمريكا وكندا والهند والصين لم يكن موفقا، وإن كنا نتمنى أن نكون فى نفس موقفهم حتى لو تأخرنا كما تأخروا فى الترتيب هذا العام.

تقرير دافوس ليس مقدسا ولا هو نهاية المطاف، ولكن المقدس هو حقنا كمواطنين فى الحصول على المعلومات، وحقنا فى الاختلاف، وحقنا فى التعبير عن آرائنا، ومن واجبنا الانتقاد بهدف البناء لا بهدف الهدم، حتى لو اختلفت آراؤنا مع آراء البعض من أتباع سياسة "الكتابة على مزاج الزبون."


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى