الأحد ٧ نيسان (أبريل) ٢٠١٣
بقلم أمينة شرادي

تكلمي..اصرخي..اسألي..

فأنت سيدة نفسك

مازال الرجل العربي يعتبر أن المرأة تدخل ضمن ممتلكاته الخاصة. و لا يحق لها أن تتخطى السور الذي رسمه لها. لا تتحرك إلى الأمام إلا باستشارته. و ماعدا هذا فهو يعتبره خروجا عن طاعته و عن الطريق المستقيم الذي رسمه لها. لأنه هو، كما يعتقد، مالكا للمعرفة و للحقيقة. و ما هي إلا جسد بدون عقل و لا فكر و لا روح وجد للفراش فقط. لا يحق لها التفكير بدونه، و لا التعبير بدونه، و لا الصراخ بدون رأيه. غريب أمر هذا الرجل العربي المليء بالتناقضات، يعشق المرأة "كوليمة على الفراش" كما قال "نزار القباني"..و لا يستحملها كفكر يحلل و يناقش. ما الفرق بين الحيوان و الإنسان؟ سؤال طرح علينا في بداية تعليمنا الأولي.كانت الإجابة الجميلة: العقل. كم هو رائع هذا العقل الذي يميزنا عن الحيوان الذي يتحرك بغريزته فقط. هل الرجل يتحرك بغريزته فقط؟ سيثور كل من سئل هذا السؤال ويرفع صوته حتى تتزلزل الأرض تحت قدميه. بأنه حاشا أن يكون مثل الحيوان. طيب يا سيدي، لكن سلوكك الشاذ تجاه المرأة يقول عكس ما تقول. سينتفض مرة أخرى حتى يتطاير اللعاب من فمه بأنه غير مسئول بتاتا و المرأة هي الجانية على نفسها. ما هذا الكلام يا سيد العقلاء. كيف هي المسئولة و هي غير العاقلة؟ سيستمر في الصراخ و الزمجرة، و يدفع الكلام من فمه دفعا عله يصيب الهدف. نعم هي المسئولة بخروجها إلى أماكن خاصة بالرجل فقط. لكن أنت ترفض تشبيهك بالحيوان لأن لك عقل تميز به سلوكك. أليس صحيحا؟ نعم. و الرجل العاقل يستعمل عقله و لا يتبع شهواته حتى لا يشبه بالحيوان. إذن فالمرأة التي تلومها و تدينها يا سيدي هي أعقل منك لأنها تستعمل عقلها و لا ترغب في الدخول معك في مباراة أنت الخاسر فيها. و يمكن أن نلعب لعبة أخرى. ما رأيك؟ لنفترض أن للمرأة إحساسا وشعورا، "لأن التربية التي تتلقاها الفتاة تحرم عليها حواسها و تنكر عليها عواطفها حتى تنسى بأنها إنسان له الحق في الحب كما الكره." و نحن سنقوم بعملية الافتراض الذي يحمل بين طياته حقيقة موجودة. لماذا لا تقتحم عليك إذن عزلتك الخشنة و تلومك على إثارتها؟ هل الإثارة ملزمة للمرأة فقط؟ أم أن المرأة تستعمل العقل الذي تربت عليه في بدايات نشأتها الأولى، و لا تتبع شهواتها بدون حسيب؟ ستقول بأن ما يحل للرجل لا يصح للمرأة؟ كيف؟ إذن المرأة لا عواطف لها؟ لماذا إذن، نمارس عليها التشديد والرقابة؟ هل جسد الرجل لا يثير المرأة؟ لماذا لا ترفع المرأة صوتها و تقول بكل حرية بأنها تعشق الرجل؟ ما قولك يا سيدي؟ ستقول لي و العنف يتطاير من ملامحك و ربما تتمنى أن أصمت لأنك لا تحب المرأة التي تطرح الأسئلة. لأن ذلك فيه وجع دماغ، ما هذه الوقاحة؟ أنت تريدين إفساد بناتنا؟ لعبة جميلة يا سيدي أليس كذلك؟ لكنها مؤلمة لأنها تستعمل العقل. وأنت ترفض استعمال العقل الذي يميزك عن الحيوان. و ترفض العقل، لأنه يخلخل و يزيح النوم الثقيل عن الجفون. و كل من استيقظ للتو من سباته الطويل، سيسأل و يسأل ..و في السؤال إحراج و تغيير و تجديد..

كما نعلم ، الفن يهذب الذوق و يسمو بالروح. و ليس سهلا أن تكون فنانا راقيا. و الرقي يتجلى في كل سلوكياتك حتى البسيطة منها. لأن الفنان جزء لا يتجزأ من ذاته. في مجتمعنا، لما نساءل فنانا خاصة في مجال التمثيل،و لما أقول فنانا أقصد الرجل الفنان، هل ترضى لزوجتك أو أختك أو ابنتك بأداء هذا الدور أو ذاك؟ السؤال يحمل ضمنيا الملكية.و المالك هو الذي يشرع و يقرر. سيقول هذا الفنان الذي يحمل بين ضلوعه ثقافة غابرة في الزمن، لا. لن أسمح. ماهذا التناقض؟ نحرجه أكثر و نقول: لماذا؟ ألا يعتبر ما تقوم به فنا منزها عن كل ابتذال؟ نعم و لكن ...لا يستطيع أن يحلل أو حتى يقنع. نعيد الكرة مرة أخرى لأن في السؤال الاستفادة، لكن، يا سيدي العاقل أنت تقوم بهذه الأدوار عن قناعة. و ما الفن سوى إبداع و سمو بالروح في كل تجلياته. سيقول على مضض، نعم، و لكن ...لا يستطيع مرة أخرى تبرير سلوكه المتناقض المبني على حمولة ثقافية خشنة تمجد الرجل في كل شيء، و تنبذ المرأة في كل شيء. و لم يتمكن الفن من زعزعت ترسبات تحولت إلى أفكار جاهزة غير قابلة للتغيير. فلنغير وجه اللعب مرة أخرى، و نسأل فنانة، ما رأيك في الأدوار التي تلعبينها؟ كيف ينظر إليك الآخر؟ حتى في سؤالنا للمرأة الفنانة ننزع عنها صفة الإنسان و نجردها من كل ملابسها و ننعتها بأقبح النعوت و نشعرها بأنها ملك للآخر الرجل. لماذا لا نسأل عن رأيها في الرجل الذي يلعب هذه الأدوار؟ رأيها غير مهم لأنها لا إرادة لها كما العبيد لا رأي لهم و لا سلطة لهم على أجسادهم. في الفن كما في الحياة، الرجل ينطلق مع الريح ويحمل مشعل النور المزيف. يلهو كما يشاء و يغير الأدوار كما يشاء و ينتصر عندما يشاء، و تصفق له كل أيادي الشرق و الغرب. و يترك على الفراش، جسدا منهوكا كاد أن يتحلل من كثرة الغياب والنسيان. يحمل بين كتفيه رأسا مرتبا أحسن ترتيب، أرهب المالك و أفزعه فأمر بفصله عن الجسد حتى يمتلك الجسد و يستمتع به كما يفعل الحيوان في البراري.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى