الأحد ١٤ آذار (مارس) ٢٠٢١

ثلاث وثلاثون عاما ولتعلم وتتعلم الأجيال...

الأسير أسامة الأشقر

نموذج فلسطيني آخر من النماذج التي حفرت حدود الوطن بأعمارها وتضحياتها فازدادت رسوخا وإيمانا بقضيتها، نموذج يعكس ارتباطنا بأرضنا وارتباطنا بروايتنا وتمسكنا بكل ذرة تراب من ثرى وطننا الغالي، نموذج حي من داخل النار والجحيم والجرح المفتوح المسمى قضية الأسرى، فهل يعلم العالم بأن هناك أسرى فلسطينيين داخل سجون الاحتلال الإسرائيلي منذ ما قبل ثورة الإنترنت ومنذ ما قبل انهيار الاتحاد السوفيتي ومنذ ما قبل حرب الخليج الأولى والثانية والثالثة، وهل يعلم العالم بأن هناك أسرى فلسطينيون معزولون عن الحضارة الإنسانية منذ أربعين عاما هي عمر دول استقلت حديثا، وهي عمر أنظمة سياسية كاملة ظهرت وانهارت وهل يعلم العالم بأن هناك أسرى فلسطينيين داخل سجون الاحتلال منذ أن كان عدد سكان البشرية ثلاث مليارات نسمة، هل يعلم العالم بأن الأسرى الفلسطينيين ما يزالون داخل سجون إسرائيل بما مجموعه ملايين السنوات من أعمارهم، برغم كل هذا الألم الممتد بالشرايين ومع كل نبضة قلب وفي كل زفرة من أنفاس هؤلاء العظماء وبرغم هذا الوجع المتفاقم يوما بعد يوم وساعة بعد ساعة نفاجأ بهم حتى ونحن بينهم ونحن معهم ونعرفهم عن قرب، فهذا النموذج من هؤلاء العمالقة هو محمد غازي وهو أسير فلسطيني من مدينة قلقيلية وهو معتقل منذ العام 1986 ويقضي حكما بالسجن المؤبد.

منذ ثلاثة وثلاثين عاما وهو يعلم الأجيال يوما بعد يوم كيفية حب فلسطين والارتباط بها والتشبث بثراها الغالي فهو يقول للأجيال الحديثة في الاعتقال أنه يرفض الإبعاد والخروج من فلسطين وهو لا يريد أن يفرج عنه بعد هذه العقود الثلاثة في الأسر إلى خارج فلسطين وهو لن يقبل أن يستبدل حريته بالخروج من فلسطين، فبعد هذا العمر وهذه التضحيات العظيمة هو لا يرى نفسه إلا جزءا من فلسطين وهو لن يدفن إلا في ترابها الحبيب، بعد كل هذه السنوات داخل الأسر والسجن والقهر ما زال يرفض مغادرة فلسطين التي أحب والتي وهب عمره لها والتي فقد والديه بعيدا عنهم لأجلها وهو بهذه الكلمات يعلم كل شبل وكل شاب وكل فلسطيني أينما كان بأن قساوة الظروف لا تثنينا عن حب فلسطين وبأن القهر مهما طال ومهما عظم لن يجعلنا نعيد النظر بارتباطنا الأكيد بفلسطين، هو بذلك يقول لكل فلسطيني عد لوطنك وساهم ببناء وطنك ولا تتخل عن أرضك مهما كانت المغريات ومهما كانت الصعوبات ومهما تعرضت لأزمات فكلها زائلة وفلسطين وحدها هي الباقية وارتباطنا بها هو الباقي.

الأسير أسامة الأشقر

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى