الخميس ٣١ آذار (مارس) ٢٠٢٢
بقلم زياد شليوط

جولة في عالم الكتب (4)

كتاب "لن ننسى ولن نسامح" للباحث محمد حسن الأسدي وثيقة عن القرى المهجرة لحفظ حق العودة

أصدر الكاتب محمد حسن الأسدي مؤخرا "لن ننسى ولن نسامح"، الذي يتناول تاريخ القرى المهجر أهلها في منطقة عكا ومنطقة صفد. يحكي الكتاب قصة 31 قرية من منطقة عكا و84 قرية من منطقة صفد، يروي تاريخ القرى والأحداث وطرق التهجير بالأرقام والحقائق، مرفقا ببعض الوثائق والصور لأماكن أثرية موجودة حتى يومنا هذا داخل تلك القرى.

في اهدائه لي لكتابه، يكتب الأستاذ الأسدي "أقدم هذا الكتاب كي أحفز فيهم الذاكرة وكي لا ينسوا أو يتناسوا أن لشعبنا وطنا محتلا مغتصبا فليبقى شعارنا مرفوعا أن: لا عودة عن حق العودة حتى العودة"، وهو يقصد أبناء الشعب الفلسطيني وخاصة جيل الشباب. يبادر الكاتب في الاهداء العام للكتاب، بالإعلان عن توزيع كتابه مجانا لكل من يرغب، وهو يضع مواد الكتاب تحت تصرف أي فلسطيني، مع حق الإشارة الى المصدر.

يقدم لنا الكاتب لمحة تاريخية يستعرض فيها أساليب الاستعمار في الاستيلاء على فلسطين منذ المؤتمر الصهيوني الأول عام 1897، حتى احتلال فلسطين عام 1948 وإقامة دولة اليهود إسرائيل وحرمان الفلسطينيين من إقامة دولتهم حتى اليوم. مرورا بوعد بلفور 1947 والانتداب البريطاني الذي مهد لقيام إسرائيل بممارسات احتلالية وقوانين عنصرية استعمارية

يقسم الكاتب كتابه الى فصلين الأول يستعرض مدينة عكا وقراها والثاني مدينة صفد وقراها، فيقدم نبذة عن كل قرية ومعلومات أساسية عنها استقاها من مصادر مختلفة أثبتها في الصفحات الأخيرة منه. وخصص ملحقا خاصا بقريته دير الأسد مبتدئا بنبذة تاريخية عنها وأصل تسميتها ووثيقة تدل على منح السلطان العثماني سليم الأول القرية للشيخ محمد الأسد الذي حملت القرية اسمه. ثم توقف عند احتلال القرية عام 1948 من قبل القوات الصهيونية، واستعرض قضية أراضي قرى دير الأسد والبعنة ونحف، ومحاولات مصادرتها ووقوف الأهالي للدفاع عنها وصيانتها.

أبارك للأخ العزيز أبو فراس محمد الأسدي على هذا الجهد في البحث والتنقيب والتوثيق، وكتابه هذا ينضم الى سلسلة كتب قام باحثون وغيورون في عدة مواقع وبلدات هدفت الى توثيق تاريخها والحفاظ عليه للذاكرة وكشهادة للتاريخ.

"الرويس ذاكرة لا تموت" للباحث إبراهيم أبو الهيجاء وثيقة تاريخية ووطنية للأجيال المتعاقبة تعرفت قبل مدة وجيزة إلى الصديق إبراهيم أبو الهيجاء، ابن قرية الرويس المهجرة والذي يسكن مدينة طمرة، وذلك من خلال صداقتنا المشتركة مع الكاتب الصديق محمد علي سعيد، وأهداني الأخ إبراهيم عربون الصداقة كتابه "الرويس ذاكرة لا تموت"، الذي سبق وأصدره عام 2014، وهو كتاب من القطع الكبير ويقع في 416 صفحة، وصورة الغلاف تعكس مضمون الكتاب وتعكس اسمه، حيث تبدو فيه امرأة مسنة ترفع عكازها وتشير إلى أنقاض القرية، فيلتحم المعنى العنوان ذاكرة لا تموت مع اسم القرية الرويس.

يقول الكاتب في المقدمة ان بحثه استمر عدة سنوات من العمل، وهذا يدل على الجهد والتعب اللذين بذلهما الباحث في تجميع المادة وتقصي المعلومات، وتلك مهمة ليست سهلة خاصة في مثل هذه المواضيع. ويضيف صديقنا الباحث موضحا ومؤكدا: "لقد تم انجاز هذا العمل بعد فحص وزيارات كثيرة لكل موقع له صلة بأي معلومة يتضمنها، وحيث كان يجب، عدت إلى المصادر التاريخية القليلة التي وثقت للقرية، وقد حاولت جهدي انتهاج الطريق الصحيح ليأتي هذا العمل متكاملا على لسان أهله".

تلاها كلمة للمحامي واكيم واكيم، رئيس جمعية الدفاع عن حقوق المهجرين آنذاك، وكذلك كلمة لرئيس بلدية طمرة السابق، عادل أبو الهيجاء وكلمات أخرى.

وزع الباحث مادة كتابه على 12 فصلا تناولت عدة مواضيع تتعلق بقريته الرويس موضوع الكتاب: عشيرة أبو الهيجاء، الرويس، عادات وتقاليد، معالم القرية، ألقاب أهل الرويس، قبل النكبة، النكبة في الرويس، شهود الرويس، بعد النكبة، العودة الى الرويس والدامون.

وهكذا لم يترك الباحث أي شاردة عن القرية أو معلومة سواء قديمة أو حديثة إلا وتناولها في كتابه، تناول العائلات العادات والحياة برمتها في القرية قبيل النكبة وما حل بها بعد النكبة.

من الواضح ومن خلال تصفح الكتاب والوقوف عند بعض فصوله، مدى الجهد الذي بذله الباحث في تجميع المواد والشهادات من أهالي القرية، ونقل المعلومات بأمانة والتي اجترحها من أرض الواقع وارض القرية التي تحولت إلى اطلال نتيجة النكبة التي لحقت بالشعب الفلسطيني وأدت إلى تهجير ما يربو عن 450 قرية كانت عامرة بأهلها.

لقد ترك لنا الكاتب والباحث إبراهيم أبو الهيجاء وثيقة هامة وتاريخية، تكمن أهميتها في الحفاظ على التاريخ والتراث، ونقل ذلك إلى الأجيال المتعاقبة وحفظها في الذاكرة التاريخية التي لا تموت. ولم يكتف الأخ إبراهيم بذلك بل عمل على إقامة متحف متواضع وبجهده الشخصي في بيته في طمرة، يحتوي أدوات تراثية قديمة استعملها أهلنا في مجالات مختلفة مثل الزراعة والمهن المختلفة وأعمال البيت وغيرها، مما يدلّ على تعلقه بقريته خاصة وبوطنه عامة وحرصه على التاريخ والتراث اللذين خلفهما لنا آباؤنا وأجدادنا، ونقل تل الأمانة إلى احفادنا. من هنا يستحق الكاتب إبراهيم التحية والتقدير على مجهوده الوطني المتواصل، وأتمنى له مزيدا من العطاء والعمل على هذا الطريق.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى