الأربعاء ٢٩ آب (أغسطس) ٢٠٠٧
بقلم حسين أبو سعود

حرب بلا راء

الحرب كلمة مكونة من ثلاث حروف لو حذفنا منها حرفا واحدا فقط من الوسط لتحول الى كلمة مغايرة تماما بالمعنى، وشتان ما بين الحرب والحب، ويكفي الحروب عبثية انها تنتهي دائما بالخسارات الفادحة وسفك الدماء وزهق الارواح، حيث يحاول دائما الخيرون واصحاب العقول الراجحة ايقافها بشتى الطرق، كما يكفي ان مشعليها هم من ذوي الافق الضيق ومن محبي الظهور وناشري الشرور، ولا احد يتمنى استمرارالحروب وهي الى توقف مهما طالت واستطالت، ويقال ان حرب داحس والغبراء استمرت الى نحو من اربعين عاما ولم تحقق اي نتيجة تخدم البشرية، ولنا في التاريخ الحديث مثلا اكثر وضوحا وهو الحرب العراقية الايرانية التي استمرت ثمانية اعوام التهمت خيرات البلدين وقتلت اكثر من مليون شخص من الطرفين اضافة الى مئات الالوف من الاسرى والمعوقين والمفقودين فضلا عن الدمار والخراب الذي لحق بالمدن والقرى والمصانع والجسور وغيرها، واما الاثار الاقتصادية فهي من الفظاعة بحيث لا يمكن حصرها وان اثارها السلبية التي امتدت خارج الدولتين لتشمل الدول المجاورة ايضا ستظل الى عشرات السنين، وتعتبر هذه الحرب اكبر عملية اهدار للثروات في التاريخ، وكان نتيجتها ان توقفت بدون ابداء الاسباب واجرى فريقا البلدين مباراة ودية لكرة القدم على ارض الكويت وكأن شيئا لم يكن، اذن هي العبثية بعينها.

وكذلك الحال حول نتائج حرب الكويت فانها هي الاخرى تقطر جهلا وعبثية.

وفي بعض العهود تم رفع شعار (الجيش للحرب والاعمار ) مع ان الجيوش لا تكون للحرب بقدر ما تكون للدفاع، لذا نرى بان الدول لاتسمي وزارة الدفاع بوزارة الحرب، وقلما تجد من يسمي الكلية العسكرية بالكلية الحربية، لان شن الحرب امر مستهجن والدفاع امر مطلوب بالفطرة، والجيش مؤسسة انسانية اخلاقية يسهر افرادها لينام الاخرون، وترى هذه المؤسسة المهنية سباقة للنجدة في الكوارث والاوبئة والفيضانات.

والحروب انواع و اقلها وطأة هي الحرب الكلامية ولكنها خطيرة باعتبارها الشرارة الاولى وانها ستؤدي حتما الى المواجهة المسلحة، وهناك حرب الاشاعات وحرب النجوم، والحرب المقدسة وهذه الاخيرة تحتاج الى تشخيص دقيق من اجل تصنيفها ضمن الحروب المقدسة التي تُشن ضد قوى الشر والظلام وقطاع الطرق والمجرمين والمخدرات وغيرها، واما اطلاق اسم الحرب المقدسة على الحروب الدينية فانه يحتاج الى تأني وتأمل وتوقف.

وقد قال احد العارفين عن الحرب:ماذا رايتم في تقوس حرف الراء الذي يتوسط الحرب، اسقطوا هذا الحرف لتتحول الحروب المختلفة الى الحب الكلامي وحب الاشاعات وحب النجوم، واتمنى لو يسقط الطباعون حرف الراء عن عمد وسبق اصرار اثناء تنضيدهم للحروف مستقبلا حتى يسود الصفاء والوئام والمحبة.

واتعجب في بعض الاحيان من استعمال عبارة اسلحة الدمار الشامل، وكيف تكون محرمة فيما تكون اسلحة الدمار غير الشامل محللة شرعا وعقلا ونقلا، وهل هناك فعلا اسلحة محرمة واسلحة محللة واسلحة مستحبة، ومن حلل الاسلحة التقليدية وحرم غير التقليدية؟، والظريف باني سمعت بان رئيس جمهورية تركمانستان قد ازال كلمة (اوف) من امام اسمه عبد الرحمانوف لانه ثلاثة ارباع الخوف الذي نشره الكلاشنكوف والسيمينوف والتكتريوف،ولان هذه الاسلحة تقتل الرجال وتيتم الاطفال وترمل النساء، وتثكل الامهات وتهلك الحرث والنسل.

فهل وجدتم اكثر عبثية من عبثية الحروب، انها العبثية المطلقة.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى