الثلاثاء ٨ آذار (مارس) ٢٠١٦
بقلم سعيد مقدم أبو شروق

حكايات أبي (11)

عشاؤه لبن رائب وخبز؛ يثرد الخبز في اللبن ثم يبسمل ويأكل.

إن كان أطراف الخبزة عجينـًا يضعه على الجمر كي يستوي.

أقول له: أبي، العجينة استوت، لكنها لا تصلح للأكل، فلقد تلوثت بالرماد.

ينفض رمادها فيأكلها.

يقول: هكذا كبرنا، الرماد لم يمرضنا.

وما إن وجد فرصة حتى يبدأ بحكاياته التي يجد لذة عجيبة في سردها.

اليوم حكى لي قصصًا قصيرة جدًا:

عبد
جاء الولد يركض لجدته ويخبرها بمجيء أخيه عبد:

لقد جاء عبد يا جدة!
فتسأله مستغربة: أي عبد؟!
يجيبها: عبدنا، عبدنا.

الفسيلة
اشترى من صديق قديم فسيلة نخل على أنها (برحية)1.

زارهم بعد بضع سنين.
أمر ابنه: احضر لعمك رطبًا من البرحية.
ففعل الولد.
قال الضيف: أتستهزئ بي؟ هذا رطب (ديري)2!
فقال المضيّف: هذا الديري من تلك البرحية التي بعتها عليّ.
ضحك الضيف وقال:
ما يدريني؟ ...حسبتك تموت قبل أن تثمر النخلة، أو أموت أنا، أو تموت الفسيلة!

اطمئنان

لما دنا أجل الشيخ، تخوّف وتململ؛
قال نديم له: لا تخف، أنا بجانبك، وهذا عبدك، وهؤلاء أولادك.

تهكم

كانت الجسور التي تتجسر على أنهار الدورق من جذوع النخيل،
مرّ البغل محملا سكرًا، حشرت رجله بين جذعين وانقلب السكر في النهر،
قال ظريف: الآن فازت التجارة.

عجز

تقلب العبد في فراشه:
لو كانت يداي مكان رجليّ، لغرفت من الحب3 غرفة أطفئ بها ظمئي.
سمعه الشيخ، أمره: هاتِ كأس ماء.
هبّ العبد واقفـًا عند الحب.
قال الشيخ: الآن اشربْ حتى الارتواء.

1- البرحية: من أجود النخيل.

2- الديري: نوع من النخيل أقل جودة من البرحي.

3- الحب: عبارة عن وعاء كبير مصنوع من الفخار كان يستخدم قديما لتبريد الماء في فصل الصيف.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى