الأربعاء ١٢ كانون الأول (ديسمبر) ٢٠١٨
بقلم إسراء عبوشي

حكاية «سرّ الزيت» تحرّر أقدم أَسير عربي

حكاية سرّ الزيت رواية صدرت عن مؤسسة تامر للتعليم المجتمعي للكاتب الاسير "وليد دقة"، من باقة الغربية في المثلث ، قضى 32 عاماً في سجون الإحتلال الاسرائيلي، محكوم بالسجن المؤبد.

لأول مرة لا استطيع أن افصل بين السارد في الرواية وكاتبها، كنت أراه في كل السطور، لعل جود أَقْرَبَ من أن يكون حفيد الكاتب إبن ميلاد، الذي لم يولد لارتباطه بالحلم المؤجل، فكان عصيّ الرؤيا ، ميلاد لم يرى النور الى الآن، لكنه يولد مع الأمل بكل صباح، ويحتل أَنْفَاس الكائنات.
يطوي الكاتب جيل أَتَى قبل جيل جود، منذ دخوله الأسر قبل 32 عام، ليكتب عن جيل جود إبن الأثني عشر عاماً، يرى فيه الأمل، وكأن الجيل الذي تجاوزه الكاتب لا وجود له، ولا أثر ، لا يمثله برواية " حكاية سرّ الزيت" أحد ، جيل مضى بعمر الوطن لا يُذكر، إلا بالسخرية من تراكمات أفعاله على جيل جود.

يظهر الكاتب بأسلوب الرمزية الهوان الذي وصلنا اليه، يرسم صور ظليلة وتعبيرات مفاجئة، ويضع القاريء أمام الحقيقة، رغم ذلك لا يندم على العقود التي أمضاها بالأسر، فهو يقول لزميله: أنت انسجنت عشان تتحرّر ولا عشان تحرّر .
و الأسر برؤية وليد الدقه أعمق من القضبان، وقيمة الحرية ، غاية للوطن وهدف للروح، "أكتب حتى اتحرّر من السجن على أمل ان أُحرّرهُ مني".
يستخدم الكاتب مخزون لغوي خاص بمفردات الحياة الريفية الفلسطينية، ويخوض مغامرة تسخر من عنجهية الإحتلال.

تحرير والد جود من الاسر ليس قضية ، مقابل تحرير العقل القضية الكبرى .
الطفل جود يُظهر فكر جيل قادم من المستحيل ليصنع المستحيل، الأمل في الجيل القادم يتجسد في قرارات جود ، الذي يتخذ قراراته بنفسه لا يستند الى عواطفه بل يدرك أنه جزء من قضية أكبر من رغباته.

يحمل همّ الأطفال الأخرين ويدرك أن متعتهم برؤية البحر " صفحة 93"، جزء من حقوقهم ، يوجه رساله للكبار بأن من حق الجيل أن يعيش رفاهية يراها الكبار متعة لكنها بنفسهم غايات مرتبطة بأرض حرموا منها، وحياة افتقدوها، دافع ليكونوا ودافع ليتحدوا إنهم يعانقون الريح ليوجّهوها لتقلع خيام أعداء الوطن الذين حرموهم الحياة.
جود " الذي أَتَى من نطفه مهربة" لا يعترف به العدو ، الذي ينكر الحياة، ورغم ذلك جود كائن يحقق إرادته وإرادة الحياة ويكسر إرداة السجّان، فهو
يملك إحساس عالي للحياة.

العاطفة الكامنة في " سر الزيت" بالإضافة للرمزية تجعل القاريء يكشف ليس سرّ بل أسرّار، من صور العاطفة ، " فانحنى أبو جود وقبّل أصابع ابنه صفحة86"، إنه يقبّل روح يحمّلها أمانة السرّ.
تنتصر الحرية في النهاية الكامنة في العِلم، العِلم الدواء الذي يقضي على الوباء الذي هو فقدان العقل والجهل، وفقدان الأخلاق.
إسراء عبوشي / فلسطين


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى