الخميس ٥ أيار (مايو) ٢٠١٦
بقلم عبد الجبار الحمدي

حكاية وطن..

ستكون منبوذا يا وطني، ستتجاسر عليك رعاع الناس كما قبلهم من الرعاع واللصوص، يُلَطخ وجهك السواد، سيعمدون الى غمرك بمياههم الآسنة، سيعيدون كتابة تاريخك من جديد بأقلام النخاسة، ستتلوث من قيء نفاقهم، تبتلعك الأحداث تصاب بالزهايمر، تحتذي نعال تسولهم الذي رموه، تكون كحًنين تموت حسرة وقهرا، لا تجني من ماضيك ولا مستقبلك، لا تكاد تنظم خطوات حبات الرمل التي تسير عليها، تتيه رغم وجود بعر يدلك على الطريق والمسير، تقرض الحجارة الصماء كأسد ادرد، تحاول أن تلبس طاقية الإخفاء من خزيك صامتا لا يرد، لا تنتفض، بل تصعر خدك للتافهين، للفاسيدن لك مشعوذي الدين، والبطانات المخدرة بحشيش يابس مستورد، تسترق السمع .. تلوك أفعالهم الدنيئة كعلكة مُرة بصعوبة، ما أن تبتلع مائها حتى تظمأ أكثر، تغض الطرف حتى تتثاقل جفونك بل تلتصق بتشابك رموشك مطبقة على مضض، لا تريد إعادة النظر الى وجوه ملتحية أو مردة قضت مضاجع الفقراء الابرياء، اوجدت الحروب والدماء، الثكالى، الأرامل، الايتام، الشقاء، سيكون شعبك قرابين صمت ملاذك الذي تهرب إليه تتعرى كما الراقصات، ثم يجعلوا منك قوادهم الذي يجلب لهم بنات الهوى، يمسكون بصولجان حكمك، يبشرون بالجنة التي وعد الله، يقفون فوق منابرهم يشيعون أنهم عباد من الله الصالحين، بل هم المبشرين بالجنة غير العشرة الذين بشروا، ياتون بالاديان صحف ممزقة يتيهون كقوم موسي برغبتهم، يصنعون من صناديق الاقتراع عجل خواره اصواتهم واصوات من لازمهم، يطلبون بإسم الله موائدهم، يحتفلون في كل عيد بل يجعلون لهم عيدا..

ماذا احكي لك فحكاياك يا وطني فاقت ألف ليلة وليلة فبغداد ألبس تهمة الفساد والبغاء، رموا به في سجون مغيبة لا قرار لها، طرحوا اهله احاطوهم كالأغنام بسدود، اشاعوا الرعب باسمالهم السود، غرزوا اوتاد مسميات كخوازيق، أجلسوا عليها من راموه يعارض، كفكفوا عن الحق، استاحبوا اللواط بألسنتهم، حللوا حرام الله وحرموا حلاله.. أما انت لا زلت تبكي على اطلالك يا وطني..

إلزم الصمت..!! ماذا فعلت انت حتى تسألني؟؟

أنا ماذا تريدني ان اقول؟؟؟

فقد تيتمت بعدما صرت عبدا أباع واشرى كحالك، حتى تسنت لي الفرصة فرقنت نفسي عن الوجود، لم اعي الحياة حياة، كنت شاهد عيان أعمى عما ما يراه المبصر، غمست لقمتي المحرمة بلواعج غيري، سكبت الدموع لاغتسل من درني الذي جنيت بخنوع وذلة.. أنتم وأنا لا زلنا نصرخ هيهات منا الذلة نصدح ليل نهار حتى باتت تعزف بالزمبورة والمزمار.. نسمعها حزنا، نتباكي على الالم المعتصر في ذلك اليوم الذي صمتنا فيه .. ماذا احكي لك؟ وصفاتك اكلتها الأرضة، لم يبقى منها سوى بسمك اللهم، بل حتى الله أكلوا حقه فباتت عبادته رياء، نفاق، سجع مفرداتها وطباق، تسألني عن شيء حسبته ماضي تولى، مثل أمراة أجهضت حملها خوف عار هكذا أنا.. بل هكذا انتم!! إني الآن الطفل العار الذي يراه العالم فينبذه رغم جماله، وما يوسف الصديق ببعيد كرهوه حسدا إخوته رغم حبهم له.. سجنوه رغم ولعهم به لا لشيء فقط لإذلاله، اظنك قد ذللت بيد من اعطيته حكما وعلما..

عذرا .. أكاد أجن يا وطني حين أسمع انك بلد الانبياء والأولياء.. فأي جريمة حملت؟ وأي ولادة وضعت؟ أم تراك قديسا مبشر أيضا حتى صلبوك، ضربوك بالمقارع حبا بدين المصالح والنفعية، بدين الرب هو العبد والمال هو السيد الأول، رقاب تطايرت، نفوس أزهقت على سفوح رافديك، اشبعوك من احمر الشراب خمرا حتى تروي ظمأ عناد شيطان بجلد افعى، بعدها سكنت.. لم تحرك أصابع يد لتشير عن المسئول خوفا من موت لابد آت شئت ذلك أم ابيت كحالي أنا.
لا أدري أي هوس أنا فيه احكي لك كي أضيف صياغة تأريخك العامر بالترهات الجديدة، أم أحاول جمع سطور من وريقات ممزقة ابقاها الله ليعيبنا عليها، لكن من يقرأ تأريخ تشظى بين جميع بني البشر وهم كل ينطق بلسان، حتى مفرداتنا صارت تخون حين أراها تصطف جنبا الى جنب في مدح أصنام خلقت على الورق.. لا ليس ورق إنما على جلود بشر،
الوطن: يكفي يا هذا.. لقد احسست بل اشبعت مرارة وقهرا الى ان بت أكره نفسي، احقد على من وطئوا ترابي، كم دعوت من الله أن يقلب عاليها سافلها حتى استريح، هيا خذ قلمت وورقك هذا بعيدا .. ليس جبنا او هربا لكني لم اعد تحمل غضب الله علي فأنا لم أجرم بحقكم، لم أترف، لم أزني، لم اسرق، لم أقتل، لم أكذب على شيخي التأريخ، فالصحائف التي تحوي الحقيقة محفوظة عنده، لا يكشف عنها إلا حين يوم قيامة وحساب.

يا الله!!! وهل ترانا قادرين على الصبر حتى ذلك اليوم؟ وما النفع من وجودنا إذا كنا لا نعرف الحق من الباطل
الوطن: أصمت.. ماذا يمكنك ان تفعل إن عرفت الحقيقة؟ هل يمكنك ان تحول بين ما هو مقدر عليكم؟
وطني!! ماذا تقصد ؟؟ هل نحن فعلا مقدر علينا الموت بذل من جنيناه عنبا حلو المذاق لكنه حامض الطعم، أوليس لنا إرادة، حق في الحياة

الوطن: ذلك يا هذا ما كنت أظن، لكني ما أره من اصحاب الابواق والمنابر لا يروم لكم الخير بل البلاء جريرة نفاقكم بأسم الله والدين.

وهل بات الدين جريرة والله ندم.. يكفيك قولا بتجني، وما أراك إلا شاردا تعض على النواجذ خوفا من بلاء ابتلينا به كالطاعون.. سألخص لك حكايتنا وإياك يا وطني بكلمات قليلة، نحن بحاجة الى مخلص جديد يخرج الجرذان بناي من الله تتبعه حتى يلقي بها نحو بحر من الظلمات لا عودة منه الى أن يعبد طريق الخلق من جديد بأرض او سماء هو يبتغيها صالحة بأمر منه يهديهم الحقيقة للعيش بإنسانية وعدل.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى