الاثنين ٩ كانون الثاني (يناير) ٢٠١٢
بقلم نور الدين علوش

حوار فلسفي مع الباحث الناصر عبد اللاوي

 بداية من هو الأستاذ الباحث الناصر عبد اللاوي؟
 الناصر عبداللاوي: أستاذ وباحث بالجامعة التونسية، (أصيل مدينة سيدي بوزيد. يقطن تونس العاصمة)مهتما بالشأن الفلسفي الحديث والمعاصر، مختصا في الفلسفة السياسية والحقوقية والإتيقا والمقاربات التداولية والهرنينوطيقه: كتبت في الشأن الهرمينوتيقي: التأولية في فكر هابرماس والمسألة السياسية والتداولية: مسألة الهوية في تفكير
هابرماس(ماجستير). المسائل الإيتيقية: المواطنة والخصوصية بين المقتضى الحقوقي والرهان الإيتيقي -مشكل الهويات في ظل نظام العولمة الجديد -خلق قاعدة للتفاهم لترسيخ ايتيقا كونية- الهوية ومقتضى الايتيقي. المسائل الحقوقية والاخلافية: رسالة دكتورا حول فلسفة هابرماس. كتاباتي تحت النشر: الهوية والتواصلية في فكر هابرماس. الفلسفة وحقوق الإنسان ضمن المقاربات الإيتيقية والرهانات التداولية

أعمال ضمن الرابطة: المنعرج اللغوي(فلسفة اللغة). الفكر الإصلاحي وحقوق الإنسان(طاهر بن عاشور). الحداثة والتاريخ (التاريخ). قراءة هابرماس لهيدجر(هيدجر ومعاصريه) قراءات تاولية للفلسفة التونسية مسألة النحن والايتيقا: قراءة في أعمال فتحي المسكيني. فلسفة الحياة اليومية والهوية البديلة: قراءة في أعمال فتحي التريكي.

 هناك اهتمام كبير بالفيلسوف الألماني هابرماس في العالم العربي، فما هي الأسباب في نظركم ؟
 إذا ما أنطلقنا من المدرسة التونسية فإن الإهتمام بهابرماس بدأ يأخذ حيزا هاما خصوصا في الخمس السنين الفارطة إذ كثر الإشتغال على هذا الفيلسوف بأعتباره يعد رائد الفكر الفلسفي المعاصر ونظرا للإشعاع الذي أخذه في إخراج المسائل السياسية والحقوقية وخصوصا الحداثة وباعتباره فيلسوف الإتحاد الأروبي. وهذا الإهتمام وأن بدأ جنينيا فهو نابع من اختراق فكره كل المجالات وهو فيلسوف تركيبي ويهتم بإعادة بناء المشكلات وإخراجها في أفق متعددة.وإن كنت المسألة التي اشتغل عليها هي مقاربة جديدة نأمل أن تتسع لنسق بعينه من جهة إعادة التفكير في القضايا التي طرحها بمقاربات بديلة. والصعوبات جمة فهو يلامس عدة مجالات في موضوع بعينه مما يجعل كتاباته مستغلقة أحيانا عن القارئ.

 *سيدي الكريم لماذا لا نهتم بالجيل الثالث لمدرسة فرانكفورت امثال اكسيل هونيث وسيلا بنحبيب؟
 إن مدرسة فرانكفورت أخذت حضها لدى فلاسفة الجيل الأول خصوصا أدرنو وهركيمر وبعض روادها الأخرين. وبدأ الإهتمام بالجيل الثاني مؤخرا ونظرا لغياب المتخصصين في المقاربات التأويلية والنقدية والتداولية للجيل الثالث فإن هذه المقاربة ستكون محل اهتمام من جيل الشباب القادم وخصوصا بعد الثورة نظرا للأفق الرحب الذي بدأت تأخذه المقاربات التونسية الثورية.. مما يجعل تحوير في إعادة بناء برمجة الكليات على الأفق الحيوي للأفكار الجديدة والانخراط في مسائل الجديدة النظام العالمي الجديد وحقوق الإنسان والعولمة والكونية والديمقراطية فيما يكفل لها آليات جديدة للاستفزاز الفلسفي ضمن رهانات جديدة.

  *نعم المدرسة الألمانية لها الريادة، لكن هناك فلاسفة آخرين يستحقون الاهتمام: امثال الايطالي اغامبيو والأمريكي راولز والبلجيكية شانطال موف والارجنتيتي لاكلو فلماذا لا تترجم كتبهم ؟
 إن الترجمة في تونس لم تأخذ حيزا كبيرا إلا في السنوات الثلاثة الصارمة وذلك بإيجاد معهد ترجمة يشهد له بالكفاءة ودون ذلك فهي محاولات فردية وجزئية أو هي تدخل في إطار وحدات بحث أو مخبر البحث الفلسفي (الفيلاب) بكلية العلوم الإنسانية والاجتماعية بتونس: وبدأت الترجمة تتخذ منعرجا جديدا ونظرا لقلة دور الطباعة فإن الكتب تعد ثمينة ومرتفعة.والتصحر الثقافي من لدن النظام الديكتاتوري السابق. ولكن تبقى قيمتها العلمية جيدة عموما ولكن الاهتمام براولس في تونس له مكانته وترجمت أعماله الشهيرة باللسان العربي. ولربما هذه المشاريع تكون قاسما فلسفيا بين مفكري المغاربة والجزائريين نظرا لما تربطهم: وحدة اللغة والتراث عموما وامتلاكهم اللغة الفرنسية والانقليزية وتقارب في الحدود والمعتقد.وكل الأقطار الأخرى التي يربطها الهم الفلسفي

 *سيدي الكريم لننتقل إلى المجال السياسي، هل من دور ثوري للمثقف العربي في اللحظة الراهنة.؟*
 في المجال السياسي وهو المجال الذي اخترت الاشتغال عليه في موازية بالبعد الإتيقي: إن الرهان السياسي ثوري نظرا لما أفضاه من حيوية دؤوبة بين شرائح المجتمع وبدأ الشباب يهتم بالشأن العمومي والمجتمعي في إطار أفق واعد للسياسي.وتحرر الشعوب من قيود السلطان هو المنعرج الجديد لفجر الفكر السياسي ونحن نأمل أن يواكب مفكرينا هذه الحركة الدينامية في أفق يتسع للكوني من جهة تفجير قضايا راهنة تتعلق بملابسات الكوني-العولمي وهو ما يجعل من المفكر حذرا في ربط العمل السياسي بالفكري لا من جهة التفعيل والانجاز ولكن التساؤل حول الوثوقية والايديولوجيا مما يحول العمل الفكري لجمود سياسي موجه للنظام.

 *بعد نجاح الثورات العربية في إسقاط الأنظمة الاستبدادية، فهل نحن قادرون على بناء دول ديمقراطية تعددية.؟
 نحن نتوق للديمقراطية وأنت تعرف أن الحرية والديمقراطية والمساواة هي كلمات في الأذهان قبل أن تكون في الأعيان ونحن نسعى بمقاربات عدة أن نعيد النظر في الديمقراطية وضدها من جهة إتيقية قبل ان تكون وسيلة للنجاعة ونحن نعرف تاريخ الديمقراطيات في الدول الليبرالية مما يجعل النظر لهذه المعاني الرنانة التي تحمل على شعارات دعائية. والنظر إليها من جهة إعادة البناء على وتيرة الأحداث ونحن بمستطاعنا التحرر لا الحرية والتوق للديمقراطية وتحويلها لظاهرة فاعلة وهذا ما نأمل تحقيقة شرط ان نجمع السياسي بالأخلاقي والنجاعة بالإتيقي والقانون بالفكر.. حتي يبقى الإنسان هو مركز الثقل لا القوانين وشعارات حقوق الإنسان لا من جهة الوصايا وإنما من جهة الفاعلية والتفاعل الحيوي بين الإرادات الإنسانية من أجل قاسم إنساني يخصنا لذواتنا والأخر بما هو الطرف الذي نستمد منه الخطاب المفتوح والمختلف.

 *هل انتم متفقون مع القائلين بان المستفيد الوحيد من الربيع العربي هم الإسلاميون؟
 نحن متفقون مع الروح الوطنية وتحرير الشعوب من سلطة النظام الواحد والديكتاتورية البوليسية وما الإسلاميون إلا طرفا فاعلا وحيويا في حراكنا السياسي بل أقول أن الإسلاميون هم الآن محل تكليف لا تشريف نظرا لصعوبة العامل لاقتصادي والأمني بصفة عامة. بل أقول أن تونس لكل مواطنيها وما الأحزاب والمجتمع المدني وإتحاد الشغل والجمعيات الحقوقية كلها روافد لنهر واحد حيوي هو تونس/الوطن/المواطنة. ونحن ندين بالوسطية في المعتقد وهناك تفاهم وحوار بين شعوب تونس ونأمل أن تجد تونس الجديدة توازنها في ظل الرهانات العالمية وأزمات اقتصاد السوق والخدمات البنكية.

 * ما هي السيناريوهات المقبلة لما بعد الثورات العربية؟
 إن الحركة العامة للشعوب في العالم العربي هو ملابسات معقدة قد تطرح علينا كمفكرين في الشأن الفلسفي السياسي والحقوقي جملة من الملابسات مما يجعلنا ننظر للأفق بما هو تفاعل حيوي المستفيد الوحيد هو تحرر الشعوب من الديكتاتوريات البوليسية .والرهان الأساسي هو أن الرئيس والحكومة خادم للشعب ومن هنا يبدأ الصراع الحيوي من يوجه المستقبل في الوطن العربي: هل هو السياسي ام المجتمع المدني أم المفكر؟ هي جملة من الأسئلة نأمل أن تتحول إلى إمكانيات فلسفية و مشاريع تكون بمثابة اللبنة الأولى لعالم عربي قد فقد نهائيا بريقه والوصايا على شعوبه.

في الختام أشكر الزميل والمفكر نورالدين علوش على اهتمامه بالشأن الفلسفي من جهة اختبار الأسئلة في الفضاء السياسي والفكري وكذلك لدعوته لي للانخراط ضمن هذا التفاعل القطري والدولي من جهة كسر الحدود ليعطي شرعية جديدة للسؤال الفلسفي بأن يخترق الحدود الهشة التي وضعها المستعمر بمزيد الهيمنة وإضعاف الإرادات. ولكن الشعب كسر هذه التخوم بشعار"الشعب يريد" ونحن إذ نتقاسم الهم الفكري والإنساني والشأن السياسي والفلسفي بغيتنا أن نرسم ملامح جديدة للإنسان العربي المعاصر بعد الثورة وأن نرسخ قيم الحوار والتواصل من جهة ترسيخ النحن في المجال الذي يتسع لنا كإنسانية لا تقبل أن تدجن في الحيطان أوتروق في أنظمة حزبية محنطة..وانا في هذا اللقاء أريد ان أكشف عن نمط جديد للفكر الفلسفي وهو أن الفلسفة ستظل ذاك الرهان الذي يعيد ترتيب العالم وفق مفاهيمه وإشكلياته وبراهينه ولكنه يظل مفتوحا على كل المجالات في تدفق تأويلي نأمل في ترسيخ قواسم إنسانية عادلة.الشكر موصولا مع تجديد التحية والتهنئة بالسنة الميلادية الجديدة2012


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى