الخميس ٢٦ تموز (يوليو) ٢٠١٨

حيث يسكن الجنرال

رباب سرحان

رواية حيث يسكن الجنرال، هي آخر ما كتب الكاتب الأردنيّ زياد محافظة، صدرت عام 2018 في عمّان عن دار فضاءات للنّشر والتّوزيع. وهي رواية تتّخذ، في مجملها، من الاسترجاع (Flash back) أسلوبًا لها، بالإضافة إلى تقنيّات فنّيّة أخرى يستدعيها هذا الأسلوب، كالتّداعي الحرّ والمونولوج والأسئلة الإنكاريّة.

الجنرال فيصل توفيق هو الشّخصيّة الرّئيسة في الرّواية. هو مركز النّص وبؤرتُه. وهو راوي الحكاية وبالضّمير الأوّل "أنا". هو أحد أبرز الرّجال العسكريّين في إحدى الدّول التي لا يذكر الكاتب اسمها، مُؤْثرًا استراتيجية اللاّتعيين ومكتفيًا بالإشارة إليها بكلمة "الشّرق" التي تُحيل بدورها إلى الدّول العربيّة والوطن العربيّ. والتّعميم في هذه الحالة يضمن للكاتب غايتين:

1. ضمان نجاته من الرّقابة وسلامته من المحاسبة 2. إيصال صوته المُدين للأنظمة العربيّة الدّكتاتوريّة القامعة السّارية في الغالبيّة السّاحقة من الدّول العربيّة.

في الرّواية يعود بنا الجنرال فيصل توفيق إلى ماضيه، مقلّبًا صفحاته على نحو ما يراه هو مناسبًا. فنجده، في سرده لهذا الماضي، لا يتحكّم بالمادّة نفسها فحسب، وإنّما يتحكّم بترتيبها أيضًا. ولذلك، لا تأتي الأحداث المستعادة عبْر الذّكريات مرتّبة ترتيبًا زمنيًّا تتابعيًّا، بل ترتيبًا معنويًّا بقدر ما يحتاجه الرّاوي.

عبر صفحات الرّواية نتعرّف إلى شخصيّة هذا الجنرال القاسية والعنيفة، التي لا تتردّد في القتل والاغتصاب والتّعذيب، وفي التّفنّن في إخصاء المعتقلين والانتقام منهم شرّ انتقام. باختصار: لم يسلم من شروره وجنونه أحد. هذا الجنرال، كالغالبيّة السّاحقة من القادة العرب، يُصوّر نفسه مهمومًا بالشّأن الوطنيّ ومعنيًّا بحاضر الوطن ومستقبله وأمنه واستقراره، وفي الوقت ذاته يعمل على تقوية علاقاته مع عالم المال والأعمال، ليضمن مصالحه ويُنمّيها بسرعة جنونيّة.

لسنوات طويلة كان يفخر ببزّته العسكريّة التي يزداد ثقلها عامًا بعد عام بالأوسمة والنّياشين التي يدفع ثمنها الشّعب المقموع تحت رحمة فخامة الرّئيس الذي يُصوَّر في الرّواية على نحو يجعله نموذجًا للرّؤساء والزّعماء العرب: فهو دكتاتور، يُحكم قبضته على كلّ مفاصل الدّولة ومقوّماتها، مُصاب بمرض العظَمَة، ومقتنع أشدّ الاقتناع أنّ الشّعب ما وُجد أصلاً إلاّ ليهتف باسمه ويرفعه فوق الأكتاف، على حدّ تعبيره.

والجنرال فيصل توفيق عرف كيف يتقرّب من الرّئيس ويكسب ثقته ورضاه. فالكثير من كلمات التّبجيل كانت تُحلّق بهذا الرّئيس فوق الغيم. ففخامة الرّئيس هو "الوطن والأرض والحاضر والمستقبل والشّمس والحياة والمصير والغد والأمل". ببساطة، يقول الجنرال "جعلته أعلى من البشر، وأقلّ قليلاً... قليلاً فقط من إله".

فكان له ما أراد، إذ أصبح الجنرال فيصل توفيق موضع ثقة الرئيس وذراعه التي يبطش بها، خاصّة بعد أن بلغ به ولاؤه له حدّ التّضحية بأخيه وأسرته. فعلاقته بوالده كانت تشهد توتّرًا وجفاء لعدم رضى الأب، منذ البداية، عن التحاق ابنه بالكلّيّة العسكريّة، واقترابه من تلك الزّمر الفاسدة التي كان يقول دومًا إنّها سبب البلاء والفساد في البلاد. أمّا التّضحية الكبرى فكانت قتله لأخيه الأكبر "عزيز"، المعارض للنّظام، في عمليّة سُميّت بالسّيل الأحمر، هو وعشرات المعارضين مثله.

هكذا، شكّل الرّئيس وزمرة من الأشخاص حوله، أبرزهم الجنرال فيصل توفيق، مافيا أو عصابة، اختصروا الدّولة في شخوصهم. عملوا على زجّ المئات من السّياسيّين والوطنيّين ودعاة الإصلاح في السّجون وعتمات الزّنازين. أتقنوا ممارسة الكذب على الجماهير سنين طويلة.

هذه الجماهير التي تُمثّل الشّعوب العربيّة التي تعيش في ظلّ أنظمة دكتاتوريّة، تمنح نفسها صلاحيّات مطلقة، في الوقت الذي تعمل فيه على قهر نفوس المواطنين وكبح تطوّرهم وإعاقة تفكيرهم وقمع شخصيّاتهم. ما كان سببًا في تخلّف العالم العربيّ وفساده وعجزه عن مواكبة التّقدّم ومجاراة غيره من الأمم المتطوّرة الرّاقية.

ولكن، ما خفي على هؤلاء الزّعماء أنّ الشّعب لن يُطيق العيش بإذلال واستبداد لفترة طويلة، وأنّه لا بدّ أن يأتي يوم ويتحرّك هذا الشّعب أو يُحرّكه ما تبقّى به من كرامة، يتضافر ويثور بوجه الطاغية ويتصدّى للظّلم والطّغيان.

وهذا ما كان في الرّواية، عمليّة انقلابيّة أو ثورة شعبيّة، فجّرها شعور الشّعب بالضّيق الشّديد جرّاء ما يقبع فيه من استبداد وقمع وقهر، يختفي الجنرال فيصل توفيق عن المشهد قبل اندلاعها بساعات قليلة. يهرب إلى ميونيخ ومن ثَمّ يُسافر إلى كندا ليستقرّ هناك مع زوجته، ولكن باسم جديد وهُويّة جديدة: مستر عماد محمود.

والسّفر هنا يعني الحركة، أي الهروب ومن ثمّ النّجاة. وهو في هذه الحالة معادل موضوعيّ لفكرة السّجن أو الموت التي تعني الثّبات في المكان وبالتّالي نيل العقاب ودفع الثّمن.
في كندا يُقرّر الجنرال أن ينسى الماضي القاتم الذي خلّفه وراءه وأن يبدأ حياة جديدة. وهنا يُطرح السّؤال: هل يستطيع الإنسان أن ينسى ماضيه ببساطة وبمجرّد أن قرّر ذلك؟ كما ينبثق سؤال وجوديّ مؤرّق حول حقيقة وجود العدل في هذه الدّنيا! هل العدل موجود حقًّا أم أنّه في "الأرض يُبكي الجنّ لو سمعوا..... به ويستضحك الأموات لو نظروا" كما قال جبران؟ أيعقل أن ينجوَ الجنرال من العقاب، أيّ عقاب بعد كلّ ما ارتكبه من جرائم وحشيّة بحقّ النّاس؟ وهكذا يختفي ببساطة بين يوم وليلة ليستقرّ في كندا وينعم بحياة هادئة جديدة؟

الإجابة تحملها صفحات الرّواية، التي تكشف لنا أنّ الإنسان مهما سافر ومهما ابتعد ومهما تطوّر لا يستطيع أن ينفصل عن ماضيه، وأنّ كلّ ما يحدث في حاضره هو تبعيّات للماضي البعيد والقريب. فشل الجنرال في سلخ ماضيه عن حاضره، إذ ظلّ الماضي يلكزه ويحاول التّحرّش به ويُلاحقه بضراوة، خاصّة بعد حادث السّير المروّع الذي تعرّض له هناك في كندا، ليتّخذ السّفر دلالة نفسيّة وليُصبح الجنرال رجلاً سافر من حال إلى حال، من القوّة إلى الضّعف، ومن النّصر إلى الانهزام.

نجاة الجنرال من هذا الحادث المروّع كان بمثابة "معجزة" على حدّ تعبير الطّبيب المُعالج. هذه المعجزة التي تستفزّ القارئ وتُغضبه وتجعله يتساءل عن سبب إبقاء الكاتب للشخصيّة على قيد الحياة، ولماذا لم يترك الجنرالَ يموت ميتة تليق بالعذابات التي ألحقها بالكثيرين؟

ولكن، متابعة القراءة تكشف لنا أنّ الكاتب واع وقاصد إحداث هذه المعجزة، حين يتبيّن لنا أنّ حال الجنرال يتغيّر بعد هذا الحادث بشكل مدهش، وتنقلب حياته رأسًا على عقب، ليبدأ رحلة مضنية من المعاناة والقلق، تتمثّل في شكل هلوسات او اضطراب نفسيّ يُصيبه نتيجة الحادث، تنتابه على إثره مشاعر خوف وهلع تتمثّل في استحضار أحداث الماضي في مخيّلته على شكل كوابيس مرعبة.

والذي حدث، أنّه صار يستيقظ من نومه مرعوبًا، فزعًا ومذعورًا، بعد أن أصبح عرضة في معظم مناماته لأشخاص وخيالات وحوارات تجري في عالم غريب وموحش. فأرواح الأشخاص الذين أوجعهم وقهرهم وقتلهم تحضر كلّ ليلة من ذلك الشّرق، قاطعة مسافات شاسعة إلى حيث يسكن الجنرال، رغبة في الثّأر منه. تُجري معه نوعًا من المكاشفات والمحاسبات الحادّة الصّريحة العسيرة.

ومع تكرّر رؤيته لهم في المنام، أخذت حالة الجنرال النّفسيّة تزداد سوءًا، وقد تحوّل الأمر عنده إلى حالة كابوسيّة مرضيّة تؤرّقه وتتعبه وتُسيطر عليه إلى حدّ الهوس، لدرجة أنّه أصبح يخاف النّوم ويجد في اليقظة راحته وخلاصه المؤقّت. فيظلّ مستيقظًا، لا أحد يُشاركه وحدته التي تُثقل عليه ساعات اللّيل الطّويل، إذ يبلغ إحساسه بالزّمن الثّقيل ذروته، فتتحوّل دقّات السّاعة في حالة القلق والخوف والانتظار، إلى دقّات مخنوقة تدقّ في رأسه باعثة فيه الشّعور باليأس والمرارة.

بات الجنرال فيصل توفيق يبحث عن السّكينة فلا يجدها. يبحث عن الجنرال الذي كان فلا يجده. يقول: "ألم تكن الكفّة تميل دومًا لصالحي! ألم أمسك بيدي كلّ المفاتيح وأخشخشها كيفما أشاء! ألم أكن الآمر النّاهي، العابث، صاحب القبضة الحديديّة، المنتقم من خصومه بغير رحمة، الكاذب الذي تلاعب بكلّ شيء، ودغدغ فخامة الرئيس بمعسول الكلام حتى أعماه". أمّا الآن، يقول: "عاجز عن القيام بشيء أمام سطوة حضورهم، أنا المملوء بالرّؤى المخيفة، قصصي معهم لا تنتهي، كلّها مبلّلة بالدّمع والأسى". "ممزق بين حياة زائفة، وهمهمات أموات استفاقوا لأجلي ولم يعتادوا بعد دفء التوابيت وظلمتها".

فيُطلق صرخته: "عجّل... أنزل لعناتك عليّ، خلّصني من كلّ هذا بهدوء ودونما رحمة".
وهنا يتساءل القارئ ويستغرب: ما الذي منع الجنرال من الانتحار؟ فالصّورة التي رسمها له الكاتب في الرّواية تُبعد عن هكذا شخصية تقبّل الهزيمة والضّعف، بل هي تُفضّل الموت على أن تتّصف به. يبدو أنّ البديل كان اللّجوء إلى فعل الكتابة التي وجد فيها الجنرال تعويضًا عن وجوده المفقود. كانت الكتابة تلمّسًا لمخرج من هذا الجحيم، وفعلاً يستردّ به الجنرال شيئًا من روحه السّليبة. فالكتابة تمنحه إحساسًا بوجوده. الكتابة هنا فعل تطهير. وربّما هذه إحدى رسائل الرّواية.

بعض الملاحظات التي لا بدّ منها:

أوّلها، الكلمات التي يصف بها الرّاوي (الجنرال) الشّرق. هذا الوصف الذي لا يفهمه القارئ ولا يقتنع به. فمثلاً، في تعريفه عن نفسه في بداية الرّواية يقول: "لنقل إذن إنّني رجل من ذاك الشّرق الملتهب، المنهوب، المثقل حتى أذنيه في حروبه ونزاعاته وقلقه وتشتّته وفساده، القابع كعادته على مفترق طرق، والسّائر بخطى تائهة على ما يبدو نحو حتفه الوشيك". وفي موضع آخر يقول: "بعيدًا عن صخب الشرق وبؤسه وحرائقه".

ونحن نسأل: ألم يكن الجنرال نفسه ممّن ساهموا في نهب وحرق وتمزّق وفساد وبؤس هذا الشّرق؟ برأينا يظهر هنا اختلاط الأنا الكاتبة بالأنا السّاردة، وهذا الوصف يُنسَب للكاتب المتألّم لحالة هذا الشّرق وليس للجنرال الذي ما زال متمسّكًا بشخصيّته المستبدّة ورافضًا لفكرة انهزامه.

إشكاليّة أخرى هي توظيف الكاتب لضمير المتكلّم. فالرّاوي أي الجنرال يسرد قصّته بالضّمير الأوّل، وهو ضمير من شأنه أن يدعو القارئ للتّعاطف مع الشّخصيّة، وأن يعكس علاقة وجوديّة ما بين القارئ والرّاوي. وهنا تكمن الإشكاليّة مع هكذا شخصيّة قاسية وظالمة وأنانيّة كشخصيّة الجنرال. هل يدعونا الكاتب للتّعاطف معه ولو قليلاً؟

كذلك شخصيّة "الشيخ الأبيض" الخياليّة، التي شكّلت المنقذ والمخلّص للجنرال من أيدي الأرواح الهائمة القادمة من الشّرق رغبة في الثّأر منه، لم تكن مقنعة أبدًا في الرّواية ولم تُحدث أيّ أثر في المضمون، وحبّذا لو استغنى عنها الكاتب بالمرّة.

أمر آخر هو السّرّ الذي أفشاه "عزيز"، الأخ الأكبر، للجنرال. ففي الوقت الذي ترقّب فيه القارئ حدوث المفاجأة وكشف سرّ يتركه مدهوشًا منذهلاً، خاب أمله بأن هذا السّرّ كان الكاتب قد لمّح له في صفحة سابقة من الرّواية، وبالتّالي أفقده معنى السّرّيّة وقتل فيه عنصر المفاجأة.
الثّورة التي هرب الجنرال قبل اندلاعها فشلت ونجم عنها تنكيل وانتقام دمويّ بشع من قبل النّظام.

إلاّ أنّ الكاتب زياد محافظة واع ومنتبه لواجب الكاتب في بثّ روح التّفاؤل والأمل في نفس القارئ. فهذه الثّورة التي ترمز إلى ثورات الشّعوب العربيّة ضدّ الأنظمة فيما سُمّي بالرّبيع العربيّ، والتي كانت مبنيّة على جهل دون وعي وحكمة، جاءت بعدها بسنوات، ثورة أخرى ناجحة حقّقت غايتها بالتّخلّص من النّظام الدّكتاتوريّ وحكم الفرد الواحد. فنجاح هذه الثّورة الشّعبيّة كان باعثًا للأمل أنّ المستقبل سيكون أفضل والأجيال الطّالعة ستتسلّح بالوعي والفكر وستعرف كيف تفوز بالحرّيّة وتعيش بسعادة وكرامة.

لم تُشكّل هذه الرّواية، برأيي، قفزة في عالم الرّواية ولم تأتِ بالجديد المُبهر. فقد بقيت في حدود الرّواية العاديّة التي قدّمها لنا الكاتب وأراد بها أن يُصوّر إلى حدّ ما حياة أحد الجنرالات في إحدى الدّول العربيّة، لأنّه رأى أنّ ثمّة ضرورة لمعاينة هموم الفرد والدّخول إلى عالمه الخاصّ ورصده من الدّاخل.

ولكن، ما يُحسَب للكاتب حقًّا هو أسلوب السّرد الذي اتّبعه واللّغة التي وظّفها. واللّغة كما يقول يوسف إدريس: "جزء من صميم العمل الفنّيّ". ولا أقصد هنا أنّ الكاتب قد أتى في روايته بمفردات وتعابير ذات إيحاءات عميقة ومدلولات بعيدة، تُثير في القارئ التّساؤلات والتّأمّلات، وإنّما على العكس تمامًا، فالكاتب لم يهتمّ في روايته أن يتلاعب بمفردات اللغة وتراكيب الجمل، فقد حافظ على اللّغة الهادئة، السّلسة، الواضحة، السّهلة في تركيب عباراتها، موظّفًا اللّغة الفصحى حتى في حوار شخصيّات الرّواية. هذا الأسلوب الأخّاذ بلغته البسيطة المتراوحة بين لغة النّاس العاديّين ولغة المثقّفين، التي سمّاها توفيق الحكيم باللّغة الثّالثة، كان له الأثر الأكبر في نجاح الرّواية وقدرتها على التّواصل والتّفاعل مع القارئ الذي ينساق معها مسرورًا ومرتاحًا.

زياد محافظة، في روايته هذه، يقف إلى جانب الضحيّة ليشير بوضوح إلى بنية النّظام وماهيّة تكوينه وتفكيره، وليدافع عن الإنسان والحرّيّة والكرامة والعدالة. فالجنرال فيصل توفيق كان الزّمن كفيلاً بمحاسبته ومعاقبته أشدّ عقاب، عقاب دفع به ثمن جميع الجرائم التي ارتكبها بحقّ الآخرين. عقاب شديد أفقده قيمة الحياة ومعناها، وانتهى به إلى الإقامة بقيّة أيّام حياته في مصحّة للأمراض العقليّة. فالكاتب يقول لنا ويُطمئننا أنّ المذنب والمجرم سينال عقابه مهما طال الزّمن ولن يفلت من قبضة المحاسبة مهما هرب ومهما ابتعد، وأنّ الله تعالى يُمهل ولا يُهمل وأنّ العدل ما زال موجودًا وأنّ الظّلم سينقشع دونما رجعة وأنّ الخير هو المنتصر على الشّرّ لا محالة.

زياد محافظة في روايته هذه، صاحب موقف فكريّ وسياسيّ واضح، يُصرّح به عبر إحدى شخصيّاته وهي البروفيسور جلال، ويُوجّه غضبته من خلالها نحو هذا القمع المعمول به في الدّول العربيّة، والمُمارس يوميًّا ضدّ الشّعب المقموع تحت شعار الحفاظ على النّظام والأمن والاستقرار. يقول: "أُحبّ وطني كثيرًا، لكنّه يغدو صغيرًا وتافهًا في نظري حين يجبن ويصمت ويبتلع لسانه. أحبّ وطني.. لكني لا أحبّه مسروقًا أو مخدوعًا. أحبّه حيًّا، معافى، فتيًّا، سليطًا، قادرًا على الدّفاع عن نفسه. أحبّه حين يكون حالمًا وشفّافًا وبمقدوره أن يبادلني الحبّ أيضًا. أحبّه حين نخطو سويّة على طريق الصّواب لا أن نقف تائهين عند مفارق طرق. أحبّه حين يُردّد معي ويرفع صوته عاليًا فيقول: "لا... في وجه الديكتاتوريّة والفساد والتّخلّف والكبت".

رباب سرحان

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى