الجمعة ١٣ أيلول (سبتمبر) ٢٠١٩
بقلم الحسان عشاق

راقص الأعراس

الخيمة تزدحم بالأجساد المقعية والواقفة رائحة العرق والتبغ الرخيص تكبس على المكان
ترتفع الأصوات من الأعلى والأسفل اغلب الحضور يفترش التراب، السماء صافية النجوم تسبح في الفضاء اللامتناهي بتثاقل، يكثر الضجيج تتشابك وتتداخل الكلمات تعلو القهقهات والتصفيق والصفير ينكسر هدوء الليل تنبح كلاب غير بعيدة، يصعد إلى المنصة الخشبية المتهرئة يمنطق مؤخرته بحزام غليظ أشبه بإطار سيارة، خصلات الشعر المستعارة منسدلة على الظهر تتجاوز الركبة التي ترتاح عليها تنورة بيضاء، الشعر تضمخه ألوان قوس قزح، الوجه القمحي غارق في مساحيق التجميل الفاحشة، يأتي الصوت من الميكرو متلعثما حائرا يعلن عن بدأ السهرة، فصل الصيف كله سهرات وأعراس..يفرقع صوت أجش...

ما خليتي للشيخة فين تأكل الخبز

انفجر الحضور ضحكا، يلتحق بالراقص عازف الكمان وضاربا الدف والطبل والمغني، اكتمل الفريق الموسيقي، مكبرات الصوت تتقيأ عزفا نشازا، كلمات الأغنية الشعبية تحكي قصة شابة تقع في غرام شاب من الحي لكن الحبيب غدر بها بعد أن نهل من حوضها وارتبط بفتاة أخرى.. السكارى يتمايلون الراقص يلوى عجيزته في حركات لولبية تتناغم مع دقات الطبل المتسارعة يترنح رأسه وجدعه يشكلان دوائر صغيرة يفرد ذراعيه مثل جناحي طائر يشبكهما على إيقاعات الكمان.. يتصبب عرقا ترتفع الأنفاس ونبضات القلب..أحس بالإعياء والتعب لو كان قصير القامة لاحس بإرهاق اقل سقطت الفكرة في المخيلة وانتابه شعور بالقرف لو أكمل دراسته لامتهن مهنة شريفة بدل الرقص في حفلات الختان والأعراس في القرى باجر لا يسمن ولا يغني من جوع كل ليلة يعود منهكا المرآة الصداة المعلقة على الحائط تكشف وجهه الذي هرب عنه الدم والفرحة.

لابد أن ابحث عن حرفة أخرى

خرجت الكلمات متلعثمة مشنوقة باهتة،هذه العبارة تمطرق دماغه مند لفظته مقاعد
الدراسة، لا يعرف أية صنعة أو حرفة، اختار الرقص لأنه اكتشف موهبته بالصدفة في حفلة الجيران، جسده طيع رغم طوله الفارع يحرك جدعه كيفما شاء ويلاعب مؤخرته ويديه بتناغم مع الموسيقى،الماضي يسقط بدواخله دفعة واحدة يحس بالوخز... الرقص في الأعراس ليس مستقبلا خرجت الكلمة من فمه وتلتها زفرة وأعادته صيحات الحضور الذي يطالب بالمزيد إلى الواقع، الخمرة لعبت في الرؤوس وبدأت القطع النقدية تمطر الراقص الذي وقف مذعورا خائفا من الرشق بالزجاجات الفارغة والأحذية، حصل هذا مرات كثيرة، السكارى يفعلون أي شيء في سبيل استكمال النشاط،في الشهر الماضي تحول عرس إلى حرب داحس والغبراء، بدا الأمر بالغمز واللمز إلى تراشق بالحجارة وتبادل اللكم وانتهاء في مخافر الشرطة.

تنافر بين الرقصات والغناء الأجش..الحضور يطلب المزيد، المزيد من الرقص والعزف، إنهم لا يحبون الغناء إنهم يستلذون بالرقصات الأنثوية الداعرة، أراد أخد قسط من الراحة لاستجماع أنفاسه،رغبة جامحة في شرب مشروب غازي مثلج تستبد به،ينفض جسده من غبار الأرض ومن سحنته الشاحبة المتصببة عرقا، جال بالبصر في الوجوه المسترخية على الأرض في بلادة، أشباح من كوكب آخر، دارت به الأرض، توهم أصابع طويلة الأظافر تحاول سحبه إلى قعر مظلم والقبض على عنقه، تقهقر إلى الوراء وسقط فوق الخشبة، تجمد لسانه وجاءته القهقهات العالية والتعليقات الجارحة لتزيده حنقا وغضبا،اكتملت حفلة الرجم بالشتم والسب والتقريع القاسي.

أكل الخبز الحلال صعب

في الهزيع الأخير من الليل داهمت المخيلة المثقلة بالإخفاقات آلاف الصور والذكريات ولد في أسرة فقيرة لا تملك من المتاع الدنيا سوى حمارا وكوخ وعشرات الأفواه، سنوات طويلة ينام على الجوع ويصحو عليه،رسمت سنين الفاقة الخرائط على وجهه المنقبض، أحيانا تمر الأيام بلمح البصر لكن دائما مجحفة، داهمته حالة من السخط العارم على حاله، طوقته ألاف الأسئلة عن الطموح والمال لكنه أبدا ظل حائرا مكبلا لم يستطع الإفلات من قبضة الجهل الذي يغوص فيه، تهزمه الأجوبة وترهقه وتعييه. تأوه بشدة غضب مهيض ومر يعصر الجمجمة الفارغة،لاحت صورة الأمس القريب عندما كان يرقص في احد الدور السكنية، احد السكارى تربص وتحرش به معتقدا انه شاذ جنسي، في الوعي الجماعي كل راقص في المواسم والأعياد والحفلات والساحات بالضرورة شاذ.

 كم الثمن

 ثمن ماذا....؟

 ألا تعرف أم تخاف ألا نكون في المستوى...اطلب كم تريد

حرك لسانه على شفتيه وتذوق طعم الملح، تذكر انه نام بدون أن يغتسل، تمتم في همس
وأطلق العنان للنداءات الجريحة، اسند الرأس على المخدة،أغمض عينيه،لم يعد يسمع
سوى نباح الكلاب هاجمه الوسن وغاب عن العالم المحسوس.

استيقظ كما العادة يتصبب عرقا، عيناه فقط من يتحرك في الغرفة البائسة أزاح البطانية
عن الجسد المكور، ركز النظر على الساعة المعلقة على الحائط،غير بعيد يأتيه صوت
المؤذن يخترق جدران الصمت المتقطع، إنها صلاه العصر.وقت قليل توقف صوت
المؤذن، وكبس السكون على أرجاء الغرفة،لم يعد يسمع إلا صوت عقارب الساعة
المشنوقة على الجدار المتآكل، دخل المرحاض مقوسا وخرج مبللا..واستسلم لمغامرات
اليأس الرهيب.

كل إنسان تراوده رغبات جامحة في الإبحار في تجاويف الذات والهروب منها بحثا عن
الخلاص والحرية، الرقص لم يعد يستهويه،يشعره بالدونية والاحتقار، يضعه في مواقف
مخزية، يدخله في الصراعات والمشادات الكلامية، بحث عن حرفة أخرى، ولم يجد
أمامه سوى بيع الاسطوانات الغنائية ونسخها،اكترى دكانا في زقاق أكثر اكتظاظا
وزحمة،كل صباح يغرق المحلات والمقاهي المجاورة والمارة في ضجيج
الموسيقى،لأصوات انقرضت، ومن على سكة الانقراض،يجلس أمام الدكان يتفرس
وجوه المارة، باحثا عن زبون، أي زبون لا يهم أن يشتري، المهم أن يسال، يرفع رأسه
إلى السماء متضرعا، السماء الرمادية تتلاطم فيها سحب غاضبة،اليأس يعصر نياط
القلب، أعاد مسح العابرين بنظرات مرتابة، شيء ما غير عادي، غير المكان وطريقة
الجلوس.

تمضي الأيام والشهور، يتعمق السام والدجر والملل، بيع الاسطوانات لا يبني
المستقبل،تعود السهر والرقص وحشو البطن ببقايا المأكولات، تعود سماع الكلمات المذلة
والمحفزة والتصفيق،الصمت يطبق عليه، الفشل يأتي باسما فاردا جناحيه، لابد من حرفة
أخرى أكثر صخبا وضجيجا.

 عليك بالعمل الجمعوي
 كيف ذلك....؟
 أسس جمعية رياضية أو تعاونية لتربية الأرانب -
 لكنني لا افهم في هذه الأمور -
 ادخلوها بسباطكم واظهر الشطارة –

فكرة الطبال مزعجة ومخيفة في ذات الآن، مستواه التعليمي لا يسمح له بالانخراط في
العمل الجمعوي،ولا يريد أن يكون تابعا لجهة ما، يريد إطارا يديره ويتحكم فيه، ولا
أسهل من جمعية رياضية،كرة القدم لا تحتاج إلى نقاشات وطرح الأفكار،فقط بضعة
رؤوس فارغة تميل حيث الأوراق النقدية والعليق،بالمال تستطيع أن تشتري العالم هذا ما
قيل له، جالسا أمام الدكان يحملق صامتا في الفراغ يفرك المارة بعيون ناعسة، تشد
انتباهه فتيات في عمر الزهور يندلقن من مرفق اجتماعي، ينتظر ضحيته الأولى،تملكته
الدهشة،صوت رقيق وناعم يحطم الصمت الداخلي.

 هل لديك أشرطة فيديوهات شيخات الأطلس
 نعم...

تصارعت في رأسه الفارغ هواجس القلق والخوف والفرح،انسل إلى داخل الدكان وطفق يسحب عشرات الأشرطة المستنسخة ويعرض البضاعة، قبضت يداه على ورقة نقدية،تراجعت بعض من انكساراته ومخاوفه وراح يتقافز مبتسما، ولج إلى الملعب، جماهير غفيرة أعادته إلى ماضيه الذي يحاول الهرب منه،الصرخات والتصفيقات تأتي أكثر قوة من المدرجات، انفرجت أساريره عن ضحكة ماكرة، انه عرس يشارك فيه الآلاف لكنه بدون فرقة موسيقية ولا راقص ولا عازف طبل ودف، هناك طبول ومزامير ولافتات، العيون مصوبة إلى البساط الأخضر، غابت أصوات السكارى وقفاشاتهم اللاذعة،هذا العرس مقام في واضحة النهار يحرسه أصحاب البذل والأحذية الثقيلة والمخبرين، انتقى له مكانا وسط لاعبين قدامى ورجالات الإعلام،يحلم أن يكون واحدا من هؤلاء المهمين الذين أفردت لهم أماكن، يحتاج إلى شفيع، إلى ثقب يتسلل له منه، الأفكار والمتمنيات تزدحم في المخيلة،أصوات الجماهير تعزف سيمفونية هادرة،يحتاج إلى معجزة لفرض وجوده،يتيه في أحلامه وكوابيسه وينقطع دفعة واحدة عن الواقع وتعيده الجماهير إلى وعيه.الجهل الجاثم على الجمجمة يركض مكشرا يصيبه بالإحباط وبعسر فهم وتلبك، يتلاشى بداخله الحلم،يحتاج إلى سنوات لإيجاد منفذ إلى الصفوف الأمامية.

ليخرج من دائرة العتمة إلى الضوء، تربص بأحد أتباع رئيس النادي الضليع في النهب والاختلاس، ولازمه لشهور يسترضيه بالهدايا وكؤوس الشاي، يبني له قصورا من الوهم،البطنة تذهب الفطنة، تزيل غشاوة العتمات، وتفتح الفجوات والأبواب الموصدة، تذكر مغادرة المدرسة مطرودا، قضى في الصف الرابع إعدادي خمس سنوات، لم يستطع تعلم شيئا، وعرفت العائلة انه فاشل.

بدا اسم راقص الأعراس يتردد في المدرجات بعد أن التحق ببيادق الرئيس وأصبح ينظم الحفلات الداعرة،يقوم بإعمال السخرة، في وقت وجيز تحول إلى رقم مهم في معادلة النادي الكروي،طموحه لم يقف عند تنظيم الجماهير وتنظيم الليالي الحمراء، استطاع اقتحام قلاع وحصون الصحافة، في رمشة عين انتسب إلى جريدة رياضية، يكتب التفاهات أو تكتب له، ويوقع بالعطف على المقالات التي يدفع ثمنها للكتبة، ارتقى في غفلة وانتصب معلقا رياضيا في الراديو، ينقل أخبار المباريات على الهواء، كلها عواء وهراء. وظهر علو كعبه في السخافة والاضمحلال،امتد إلى ملفات اجتماعية، الراقص سقط من خرم إبرة في الحقل الإعلامي، ولكي يستمر في نشر الضحالة والقبح،يحمل الهدايا إلى ولي النعمة،يأتي صوته عبر الأثير محملا بالملل والخجل والبذاءة والتصنع، يدخل ويخرج في مصارين الكلمات يتلعثم يتعثر في مخارج الحروف، يستوي في وعيه المخروم المبتدأ والخبر، والفاعل والمفعول، يقرض الحروف وتخرج كسيحة مصابة بالعي والتأتأة والتهتهة،راقص الأعراس يتأبط الجهل الفكري والمعرفي، تسكنه البلادة والغباء،يلعب دورا اكبر منه بكثير..كيف تسلل إلى خميلة الكلمة.

الصحافة في الوطن تزدحم بالتجار والمرتزقة والجهلة

طموحات راقص الأعراس متوهجة ومتجددة، أنشب أظافره في مهنة المتاعب، ومع ظهور شبكات التواصل الاجتماعي أصبح شاعرا ومفكرا وناقدا وباحثا ومحللا سياسيا ومفتي وكاتب قصة ورواية ومسرح...مطلوب في جميع اللقاءات التافهة تفاهة المشرفين على نشر الرداءة والمسخ في المدينة وخارجها وتكريس الشحاذة والارتزاق.

اللعنة على الثقافة والبحث العلمي في زمن التفاهة

جاءه الصوت من وسط القاعة مزلزلا قاسيا، ارتبك وتلعثم لم يستطع الإجابة ولم يفهم المقصود والمعنى، تظاهر بترتيب الأوراق أمامه فوق المنصة،داهمه الخوف وأحس بالخواء الداخلي، استجمع قواه أراد إظهار علوه كعبه، وشرع في قراءة بضعة اسطر متنافرة، سهر الليالي في تدبيجها و حياكة جملها المتنطعة، لا يوجد أي رابط بين الأسطر و الجمل والكلمات،غصت القاعة بالقهقهات العالية، وانتقلت عدوى الضحك خارج القاعة وبدأت الرؤوس تشرأب، الإعلامي خريج معهد قنوات الصرف الصحي لا يميز بين الدبابة والذبابة،بين جمع المذكر السالم ونون النسوة، ورم خبيث ينخر لغة الضاد، أبدا لا يرعوي ولا يجلس مع ذاته، يتصالح معها ليقف على حجم وقيمته، وجد ذاته وضالته في حقل ملغم،يتمسك بالقشة هربا من الماضي،استنبت له أجنحة من الوهم يود لو يتعرى من أوجاع الأمس القريب والبعيد، في المهنة المقدسة يضحي باشقا تتبدد عذاباته ووحشته، يشعر بالقيمة وسط القوادين والشحاذين والمنبوذين.يهم بالسؤال فتهرب منه اللغة، نور ساطع يغزو القاعة، حنطته الكاميرات.ندت عنه تنهيدة مشحونة بآهات الفشل والنكوص.

وقف حمار الشيخ في العقبة

تفرس في الوجوه باحثا عن شيء ما، وجوه مكفهرة غاضبة، استدعيت للقاء فكري، واكتشفوا تعرضهم للخديعة..أي فكر يروج له فاشل دراسيا بميزة شرف، وأي أبحاث يقوم بها ولمصحة من، وفي أية مجالات، كيف لحفنة قطاع الطرق والمتسولين الاحتفاء بجاهل تسلل إلى روضة الحروف وامتشق بلا مران سيف مقدسا ونبيلا، أسئلة كثيرة تقض مضاجع أصحاب الضمير وبدا الانسحاب خوفا من الاتهام بالمشاركة في تدعيم الضحالة والإسفاف.

المستقبل يرفرف على أجنحة الأمل يقترب بتوادة من النور والحرية، الدنيا تبتسم، حلم
الارتقاء يتحقق،التوتر والخوف ينزاح رويدا رويدا، هناك من ينغص عليه عيشه يذكره
بالماضي الأليم.

 لا تلتفت إلى الوراء... إلى الأمام دائما....

اكذب كثيرا لترتقي السلالم، ادعي انك تحمل شهادات من أرقى الجامعات العالمية، أكذب
كثيرا، الكذب حصان طروادة للسياسيين والفاشلين، واظب على المجاملة الرخيصة، الجميع يحمل عدة وجوه وأقنعة،لا يمكن بتر الظن والحسد من العقول،النجاح له ثمن وأمامه أشواك، الاضطراب والانزعاج يلازمانه تنذبح بداخله الفرحة، يحتاج إلى قوة دفع إضافية، إلى حماية وأتباع،لا يريد فقدان مصدر الرزق والرجوع إلى العدم،يشتهي الوجود المتمايع،بينه وبين الرقص مسافة،هوة سحيقة يجب أن تتوسع وتكبر.

انخرط في جمعية للصحافة...؟

قبل غروب الشمس في ذلك اليوم، تحلق بضعة أنفار حول مائدة مستديرة، أساتذة
ومتقاعدين وتجار الكلمة، قيل إنهم أعمدة السلطة الراكعة في المدينة، جمعتهم وجبة
فاخرة في احد المقاهي،ازدردوا الأطعمة الدسمة حتى التخمة،شكروا الصنيع،وتمنوا أن
يتكرر الأمر، العربة محملة بالخانعين، السائق يستعد للانطلاق بهم إلى الحضيض،فكت
الحناجر من عقالها،قليل من الكلام الهادف وكثير من الهراء،اخذ ورد واستعطاف
واستهجان، سب وشتم في الآخر الذي يريد أن يكون وصيا على الناس،الخبث يخرج من
مكمنه، ماسح أحذية يطقطق علبته،يمسح بعينيه الضيقة الأحذية في الأرجل.

شي مسحة للسباط...؟

الأحذية لا تحتاج إلى التلميع بل الأدمغة، الأدمغة في أوطاننا العربية أكثر اتساخا وتقيحا وجبنا ونفاقا، نصب عليهم رئيسا، الجهل يركب ظهر العلم في وطن انقلبت فيه المفاهيم، وتحول التافه إلى رقم صعب في الثقافة والفكر، راقص الأعراس رئيسا على حفنة الرعاع والأفاقين، يحتاج إلى وسام من درجة ممتازة، يحتاج إلى حفلة خاصة عرفانا بالجميل وأفضاله على الكلمة الحرة المشدوخة من طمي المرحلة، لقد انتصر وتفوق على حملة الشواهد، يجب أن يحمل فوق الرؤوس، عمامة عظيمة مسربلة بالبياض الناصع،وجدت المدينة شاهبندر الكلمة، سيبويه زمانه، خبير في التقنع والتموقع، بهلوان يلعب على جميع الحبال، تساوت الأشياء لم يبق أمامه أية حواجز، لم يعد يشعر بالتعب والإرهاق، مستعد لدخول حروب أخرى، موعود بالانتصار، فهم اللعبة ووسع معارفه،يطرق أبواب الأعيان والمسؤولين، عارضا وثائق الإطار كما يعرض الشحاذ عاهته لاستدرار العطف.الأموال تجري بين يديه، وقع على كنز سليمان،تزوج من ابنة بائع الشواء في الشارع.

عندما ينسحب المثقف يتكاثر الخفافيش والصراصير

القطيع كان يبحث عن زعيم، وجد ضالته و مضلله، الصفوف توحدت حول راقص الأعراس، المندس في قناة امازيغية، سيول الرغبات الجامحة تتحرر من القمقم، المدينة وجدت بعد طول انتظار، شخصية مطاطية تلبس قناعا لكل مناسبة.الآن سيأتي الخلاص للجميع، من خيوط العزلة المحتدمة ومن الليالي الحالكة، راقص الأعراس تسلق الجماجم عنوة، سكن في القلوب والأجساد المتحللة،سيداوي القروح والبثور،سيعيد كتابة تاريخ الامازيغ، سينفخ في الصور ويطلع نبي افقه، واعلم وانبغ من حميم،وفارسة صنديدة مقدامة ولا الكاهنة،بكلمة عبر الأثير يخمد أوتار الأمعاء الفارغة،شيء من الصبر والجلد، الخير العميم آت من فوهة الميكرو،والجمل المعقوفة،راقص الأعراس يضمن للأجيال هوية جديدة، وأحلام عابرة للقارات،لكل زمن آلهة وأنبياء، راقص الأعراس ولد من رحم الأزمة، زمن يباع فيه الفساد بالجملة،وعبادة الأصنام وتقام لهم مواسم،في كل قطاع صنم من لحم ودم، باخوس اله الخمر،فرق النشوة بالتساوي، راقص الأعراس اله القيح والصديد، يتحلق حوله الرعاع واللصوص،حفدة ابوجهل، وحملة الأبخرة والمجامر،بدل لي المؤخرة يلوي أعناق الحروف، بين الرقصتين ولادة توجهات تغرق في ذبذبات المسخ، مزاوجة مستفزة أشبه بتسريج حمار لسباق المسافات والقفز على الحواجز،لاشيء له معنى،الأمية الخرساء تقود إلى منعرجات المجهول،تتوالد قطعان الصراصير، تهجم على الزوايا والبراءة في كتب التاريخ ودواوين الشعر،يضيع الوعي الشقي في متاهات العدم، يغلفه الضجيج الأرعن، تتعطل البوصلة، وينسحب حارس المعاني مهزوما جريحا مثخنا بالطعنات،ويقفز راقص الأعراس من العدم، يلوي مؤخرته بحركات أنثوية يغتال في صمت لغة الضاد، ويشنق تحت شجرة خيزران لغة تيفيناغ.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى