الأحد ١ نيسان (أبريل) ٢٠١٨

رحلة فدوى طوقان الأبهى في اليوم السابع

ديمة جمعة السمان

ناقشت ندوة اليوم السابع الثّقافية في المسرح الوطني الفلسطيني الحكواتي كتاب "فدوى طوقان...الرحلة الأبهى" للفتيات والفتيان، والكتاب الذي يقع في 107 صفحات من الحجم المتوسط من اعداد الأديب الكبير محمود شقير، صدر الكتاب باللغتين العربية والإنجليزية ضمن مشروع وزارة الثقافة للاحتفاء بمئويات رواد الثقافة والتنوير في فلسطين بالتّعاون مع مؤسّسة تامر للتّعليم المجتمعيّ.

بدأ النقاش ديمة جمعة السمان فقالت:

"غاب عنا جسد فدوى طوقان ، وبقي أدبها خالدا في ذاكرة شعبها وشعوب العالم. وبقيت سيرتها ومسيرتها وقصّة كفاحها حيّة في القلوب والأذهان.

إنها السيرة المجيدة التي امتدت بكل ألقها وبهائها من فلسطين إلى العالم. إنّها رحلتها الأبهى في الحياة".

بهذه الكلمات أنهى الأديب محمود شقير كتابه الذي حمل عنوان " الرحلة الأبهى"، يسجل فيه أهم المحطات في حياة الشاعرة الفلسطينية الراحلة فدوى طوقان، ليكون بمثابة السيرة الذاتية، متكئا على كتابها التي دونت فيه سيرة حياتها "رحلة جبلية.. رحلة صعبة"، إلا أنه استدعاها يحاورها عام 2017، وهي التي غادرتنا عام 2003. فكان يذهب إلى المقهى الثقافي ويطلب فنجانين من القهوة، فيتعجب عماد منى، فهل سيشرب شقير القهوة بفنجانين؟

وكأن الكاتب أراد أن يقول للقارىء بأن جسد فدوى فارقنا، ولكنها لا زالت تعيش بيننا بروحها وخفة ظلها وما خلفته لنا من إبداعات خلدتها وخلدت سيرتها ومسيرتها.

طبيعة الأديب شقير، ودماثة خلقه جعلته يلغي نفسه تماما في المسودة الأولى لكتاب "الرحلة الأبهى". وكانت قد كلفته وزارة الثقافة بتأليف كتاب عن سيرة الشّاعرة فدوى طوقان لليافعين، لمناسبة الإحتفاء بمئويّتها. وعندما قدّم لهم المسودّة الأولى تم رفضها تماما، فلم يجدوا الكاتب فيها، وهو من عرف فدوى، وتعامل معها، فردّوا له النّسخة لإعادة تأليفها من جديد. فطل برأسه بخجل يتنقل بين القدس ورام الله ونابلس، يلتقي بالشاعرة ، يحاورها وكأنها لا زالت حية، ولكنه أبى أن يضيع فرصة يتحدث فيها للفتيان عن قضية الوطن وتاريخه ومعاناته ومعاناة شعبه من المحتل.

وكم كان الأديب شقير ذكيا حين استبدل العنوان بِ "الرحلة الأبهى"، فبذلك يوحي للقارىء بالتعامل مع كل ما ورد بالكتاب من تحديات، على أنه رحلة تقود إلى النجاح والتميز. بل يقوده إلى مربع التفاؤل، ويجعله يرى المعيقات من منظور آخر يقوده إلى التفاؤل، يبث فيه الطاقة الإيجابية. فهو الكاتب المربي الذي عمل في سلك التعليم سنين طويلة، ويدري تماما مدى تأثير عنوان "كتاب" على المتلقي، خاصة إذا كان موجها للفتيات والفتيان.

انتقى شقير أهم محطات في حياة الشاعرة وأعاد صياغتها بأسلوب شيق ومؤثر، يلخص حياة الشاعرة، ويضيف إليها معلومات عن شعراء الوطن ومبدعيها. كما أن اهتمامه بالمكان كان جليا واضحا، فقد ذكر أسماء العديد من الأماكن المعروفة في القدس ورام الله ونابلس.

وقد راعى شقير تسلسل تطور شخصية الشاعرة ، وكان في ذلك رسائل إيجابية لليافعين.
فهي لن تستسلم وأصرت على المضي في طريقها الذي لم يكن سهلا أبدا، ولكنه وصلت بنجاح، وأثبتت وجودها حتي في غياب كل من دعمها وأحبها ووقف إلى جانبها.

بالتصميم والإرادة وصلت إلى غايتها، وأكدت على إنسانيتها، وبقي الحب يعزف سيمفونية الجمال والحرية في قلبها رغم كل الوجع منذ مجيئها إلى الدنيا في موسم العكوب من عام 1917، إلى ان غادرتنا في مساء الثاني عشر من شهر كانون أول من عام 2003، حيث عانت من ضعف وهبوط في القلب.

وتبقى الشاعرة الراحلة أنموذجا حيّا يحتذى به، يعطي الأمل والحب والقوة والإرادة لكل امرء يصطدم بعقبة يتسلل منها إلى نفسه رائحة اليأس والاستسلام.

وكتب سامي قرة:

يُعتبر كتاب "فدوى طوقان ... الرحلة الأبهى" للأديب محمود شقير مدخلا مشوقا إلى حياة الشاعرة الفلسطينية فدوى طوقان المُلقبة بـ "سنديانة فلسطين". وقد تمّ الاحتفاء بإطلاق الكتاب في مقر مدرسة الفاطمية في مدينة نابلس شهر شباط الماضي ضمن مشروع وزارة الثقافة الفلسطينية إحياء الذكرى المئوية لميلاد الشاعرة طوقان.

تنقسم الرواية إلى عشرين فصلا يعكس كل منها (عدا الفصل الأخير) مشهدًا من مشاهد حياة الشاعرة طوقان، استوحاها الكاتب من كتابيها "رحلة جبلية، رحلة صعبة" و"الرحلة الأصعب" وأيضا من مقابلات شخصية كان قد أجراها الكاتب مع الشاعرة عندما التقاها عدة مرات أثناء منفاه في الأردن. تسأله: "ولكن من أنت؟" ويجيب: "الا تذكرين لقاءاتنا العديدة في عمّان ... كنت ألتقيك مرّة في مطعم البستان، خلف جريدة الرأي، وأخرى في كافتيريا نسيت اسمها، في جبل عمّان، وكنت تتكرمين عليّ بالتفاصيل الحميمة عن حياتك وحياة إبراهيم" (ص 93).

ما يميّز كتاب "فدوى طوقان ... الرحلة الأبهى" أنه يجمع ما بين الخيال والواقع. فمن ناحية نجد أن الراوي، وهو الكاتب نفسه، يتخيل لقاءه فدوى بعد وفاتها في القدس ونابلس ورام الله ومشاركتها له بعض تجاربها الحياتية، التي كان لها كبير الأثر في صقل شخصيتها وتعزيز موهبتها في كتابة الشعر. تبدأ الرواية برؤية، فنقرأ: "رأيتها ذات مساء وهي تتجه نحو شارع صلاح الدين"، وهي في الواقع حلم يعيشه الكاتب مع نفسه ويرى في مخيلته الشاعرة طوقان وهي تتحدث معه. عندما عُرض على الكاتب شقير مقترح كتابة الرواية عبّر عن تحمسه للفكرة وحيرته تجاهها، فكانت الرؤية التي من خلالها يقدّم الكاتب صورا حيّة وبليغة عن حياة شاعرة تستحق الكثير؛ لأنها وكما قال وزير الثقافة الدكتور إيهاب بسيسو أثناء الاحتفاء بإطلاق الكتاب: "ناضلت وتحدت ظروفها، لتؤكد لنا أن الصعوبات تتحطم على صخرة الإرادة". أمّا الواقع في الروايه فنجده في فصول حياة الشاعرة طوقان المستوحاة من سيرتيها الذاتية والتي ترويها الشاعرة بنبرة يعتريها الحزن أحيانا والتحدي أحيانا أخرى.

أثناء قراءتي للرواية تساءلت أكثر من مرة: ما الفائدة المتوخاة من إعادة كتابة السيرة الذاتية للشاعرة طوقان، وهي متوفرة في كتابين مكتوبين بأسلوب جميل وسهل يستطيع كل قارئ التلذذ بقراءتهما والاستمتاع بهما؟ وفي حقيقة الأمر لا يقدّم الكتاب اي جديد عن حياة الشاعرة طوقان، وبأبسط العبارات ما هو إلا سرد مختصر للأحداث الواردة في كتابيها "رحلة جبلية، رحلة صعبة" و"الرحلة الأصعب". تقدّم لنا المقالات الواردة في مختلف وسائل الإعلام بمناسبة إطلاق كتاب "فدوى طوقان ... الرحلة الأبهى" إجابة على هذا السؤال وهي أن الكتاب يستهدف جيل الناشئة ويخاطب الفتية والفتيات ويساهم "في تخليد إبداعات فدوى ونقله للأجيال الشابة"، كما يقول المؤلف محمود شقير. ويضيف الدكتور بسيسو بأن الكتاب يهدف "إلى الربط بين التاريخ والحاضر، وكيف يمكن لكل هؤلاء الذين نحتوا ملامح ثقافتنا وهويتنا الوطنية أن يستمروا في أداء مهماتهم لدى الأجيال القادمة".

لذلك يمكننا القول أن الكتاب يساهم في تطوير الاهتمام بأدب الناشئة في فلسطين، ودعم القصة والرواية بوصفهما جزء أساسي في العملية التربوية، لا سيما في عالم تهيمن عليه الصورة والتكنولوجيا، وتزداد فيه الحاجة إلى التشجيع على القراءة خاصة في حياة الأطفال والناشئة. ومن الجدير ذكره في هذا الصدد أنه تمّ مؤخرا تحقيق قفزة نوعية في مجال أدب الأطفال وأدب الناشئة في فلسطين، إذ أن هناك تزايد في عدد الكتاب الذين يكتبون لهم ومنهم إبراهيم جوهر، ونزهة أبو غوش، وفاضل علي، ورفيقة عثمان، وأماني الجنيدي، وأحلام بشارات وغيرهم، كما أن العديد من المؤسسات التربوية منها على سبيل المثال لا الحصر وزارة الثقافة ومؤسسة تامر للتعليم المجتمعي، اللتان أخذتا على عاتقهما السعي إلى تطوير الاهتمام بأدب الأطفال وأدب الناشئة، ولفت الانتباه إلى أهميتهما في تنشئة الأجيال. وهنا لا بد من الإشارة إلى الدور الهام الذي يمكن أن تؤديه وزارة التربية والتعليم في هذا الميدان إذ ندعوها إلى تضمين الأدب القصصي والروائي ضمن مناهج التعليم؛ لما له من أهمية في التشجيع على القراءة والتفكير والبحث في مقابل التعليم التلقيني التقليدي.

يمكن للقارئ الناشئ (وأيضا البالغ بالطبع) تعلم الكثير من قراءة كتاب "فدوى طوقان ... الرحلة الأبهى". فبالإضافة إلى التعرّف على إحدى أهم الشاعرات الفلسطينيات وتجاربها الحياتية منذ طفولتها حتى وفاتها، يتعلم القارئ عن تاريخ فلسطين الحديث والمعاصر بما في ذلك الاستعمار الغربي لفلسطين المتمثل في الانتداب البريطاني، وثورة عام 1936، وهجرة اليهود إلى فلسطين، ونزوح الآلاف من الفلسطينيين، احتلال إسرائيل للضفة الغربية وجوهرتها القدس الشرقية وقطاع غزة، وبناء المستعمرات والتهام الأرض الفلسطينية. فمن الطبيعي إذن أن تبقى القضية الفلسطينية حيّة في قلوب الناشئة وعقولهم، بغية الحفاظ على التاريخ الفلسطيني والرواية الفلسطينية من الاندثار.

علاوة على ذلك، يتعلم القارئ عن العادات والقيم الاجتماعية التي سادت المجتمع الفلسطيني الذكوري في النصف الأول من القرن العشرين، خاصة فيما يتعلق بمكانة المرأة والتغيرات والتحولات في الحياة الاجتماعية، التي حصلت بعد النكبة وأهمها رفع الحجاب، واللجوء إلى الدين ملاذأ للهروب من الإحباط النفسي، و"المباهج الموسمية والأفراح الاجتماعية، كالأعراس والموالد وافراح موسم الحج، وختمة القرآن، وميلاد الأطفال الذكور والختان" (ص 34). جميع هذه العادات والتقاليد جزء لا يتجزأ من الثقافة الفلسطينية وما تزال حتى اليوم. أمّا موقف الشاعرة فدوى من مجتمعها الذكوري فكان دائما يتسم بالنقد والتحدي، وكانت تنظر إلى عائلتها كونها المجتمع الفلسطيني الصغير الذي يمثل المجتمع الفلسطيني الكبير. فنراها تقول: "كان أرباب عائلتي يمثلون انقسام شخصية الإنسان العربي إلى شطرين:

شطر مع التطور والتجاوب مع روح العصر، ومسايرة إيقاعات الحياة المعاصرة، وشطر مشلول الأقدام، مسكون بالأنانية المترسبة في نفس الرجل العربي بكل ما فيها من عنجهية شرقية" (ص 53). والسؤال الآن: إلى أية فئة من هاتين الفئتين نريد للجيل الفلسطيني الجديد الناشئ أن ينتمي؟

يتعلم القارئ أيضا معنى التحدي والإرادة الفردية. فبعد أن ذاقت الشاعرة فدوى صنوف المعاناة بسبب الأحوال الاجتماعية والسياسية، تمكنت من استغلال ظروفها حيث أكسبتها التجارب التي خاضتها قوة وعزيمة وإصرارا. تقول فدوى: "لكنني أنا تغيرت؛ امتلأت بالتجربة، وصارت لي شخصيتي التي لا يمكن لأحد أن يُخضعها أو يتعدى على حقوقها" (ص 87). وقد كان عمها حافظ وأخوها إبراهيم خير عون لها في تحقيق ذاتها والانطلاق في الحياة.

حب الطبيعة من الدروس الهامة التي يتعلمها الناشئة من فدوى إذ أعطاها ذلك شعورا بالحرية والانطلاق. كانت تتوسل إلى أمها كي تسمح لها أن تذهب مع صديقتها علياء إلى بيت خالة الأخيرة، التي تقطن في بيت منعزل تحيط به البساتين الخضراء والأشجار المتشابكة. تصف فدوى جمال الطبيعة وأثرها عليها: "كانت نفسي تتوهج أمام الجمال البري المحيط ...

المنعطفات الرطبة، خرير المياه غير المنظورة، شجيرات العليق الأحمر الكثيفة المتشابكة" (ص 30). وفي اللحظات التي كانت تقضيها في الطبيعة كان يستولي عليها "نهم حسيّ لالتهام الوجود، وتجتاحني رغبة الامتلاك، فأتمنى لو كانت تلك الأشكال الحيّة ... شيئا يمكن أن أضم عليه راحة يدي، أو أحتضنه إلى صدري، أو آخذه معي لأخبئه تحت مخدتي" (ص 31). كان حبها للطبيعة حبا رومانسيا أكسبها البراءة والمحبة ودفء القلب. وأود أن أطرح سؤالا هنا: هل نعلم أطفالنا حب الطبيعة والاستمتاع بها أم أننا دائما مشغولون بأمور الحياة الآنية، وهم يلهون بوسائل التواصل التقنية التي تحرمهم حتى من تقدير الجمال الذي يحيط بهم؟

يتعلم القارئ الناشئ أيضا أهمية الدراسة وحب القراءة وقيمة الشعر، ويتعرف على نخبة من أبرز الشعراء الفلسطينيين الذين ساهموا في إحياء الحياة الثقافية في فلسطين وفي الحفاظ على الهوية الوطنية الفلسطينية. بعد أن أجبرها أخوها يوسف على ترك المدرسة نما لدى فدوى إحساس جارف بضرورة اكتساب العلم والمعرفة، فوضعت لنفسها برنامجا يوميا للدراسة، و"كان الانكباب على الدراسة هو عالم الخلاص" (ص 51) بالنسبة لها. وهنا لا بد من الإشارة إلى أن فدوى تعتمد على ذاتها في دراستها وبناء نفسها حيث لم تتوقف عن "البحث الطموح عن إمكانياتي وقدراتي مما شكل ثروة وجودي" (51). كان عالمها الوحيد هو عالم الكتب وكانت تعيش "مع الأفكار المزروعة في عالم الكتب" (ص 70). كانت فدوى مثل البذرة التي تنتظر النمو ولذلك "ظل عالم كتبي وأوراقي وأقلامي يمدني بالقوة، ويساعدني على التماسك وتثبيت القدمين على الأرض المهزوزة تحتهما" (ص 56). إضافة إلى ما سبق، يتعرف القارئ على قيمة الشعر ووظيفته ورسالته والتعبير عن الذات، فمنذ صغرها شعرت فدوى بميلها الفطري لكتابة الشعر، وكانت تقرأ الشعر بنهم كبير. وفي بداية حياتها كتبت فدوى الكثير من القصائد التي تتمحور حول ذاتها، غير أنه لاحقا انفكت عقدة لسانها، وأصبحت تكتب الشعر الوطني؛ لأنه من وجهة نظرها "مع هبوب رياح التغيير والثورات خرج الشعر من بروج الترف ليواكب مسيرة الجماهير العربية فاعلا ومتفعلا مع تطلعاتها إلى التحرر من القهر والاستغلال، وأصبحت قضية الشاعر جماعية وبعيدة عن الفردية" (ص 75).

وأخيرا يتعلم الناشئة من فدوى حب الوطن، وهذا ما تعبر عنه قصيدتها بعنوان "كفاني أظل بحضنها" والتي تقول فيها:

كفاني أموت على أرضها
وأدفن فيها
وتحت ثراها أذوب وأفنى
وأبعث عشباعلى أرضها
وأبعث زهره
تعيث بها كف طفلٍ نمته بلادي
كفاني أظل بحضن بلادي
ترابا
وعشبا
وزهرة

ففي هذه القصيدة تتمنى فدوى أن تموت في وطنها وتُدفن فيه كي تتوحّد فيه وهو فيها.
كتاب "فدوى طوقان ... الرحلة الأبهى" صديق للقارئ الناشئ إذ يتسم ببساطة الشكل والمضمون. يحتوي الكتاب على لغة فصيحة بسيطة وسهلة تخلو من الألفاظ العامية تناسب القراء صغار السن، كما أن الجمل خالية من التراكيب المعقدة، فهي تتدفق بسلاسة تجذب القارئ وتدفعه على القراءة بشغف. وفي الختام يمكننا القول أن الكتاب يشكل مصدر أمل للناشئة نحو تحقيق طموحاتهم، وفهو يفتح أبواب الحياة أمامهم. يحتوي الكتاب على ومضات من الأدب القيادي الذي يقود النفس الإنسانية إلى الإحساس بالطمأنينة والتمتع بالجمال وإلى الحق والخير.

وقال عبدالله دعيس:

دأب الكاتب محمود شقير على الكتابة للفتيان والفتيات الناشئين؛ فقادهم إلى القدس وعرّفهم بمحطّات مهمّة من حياته في كتابه القدس مدينتي الأولى. وهنا، في هذا الكتاب، يتّبع الكاتب نفس المنهج، ليعرّف النّاشئة بحياة الشاعرة الفلسطينيّة فدوى طوقان، وليرتحل بهم بين القدس ونابلس، رابطا الشخوص بالمكان، وصانعا قدوة أخرى، ونموذجا للنجاح والتّغلب على الصّعاب. وما أحرى النشء أن يتعرّفوا على أعلام بلادهم وقممها الشامخة، لتضيء لهم تجارب حياتهم طريقا إلى مستقبل زاهر، ولتشحنهم عثراتهم بقوّة يتغلّبون بها على معيقات يضعها محتلّ غاشم، وليكونوا نبراسا لهم، ودافعا للتمسّك بثرى الوطن، وولوج عالم الإبداع والتميّز.

يعيد الكاتب محمود شقير فدوى طوقان إلى الحياة، ويكتب سيرتها بأسلوب قصصيّ مشوّق بعيدا عن رتابة السرد التاريخي للسيرة، وبلغة مناسبة للفتيان والفتيات. فالكتاب أشبه برواية شخوصها الكاتب نفسه والشاعرة فدوى طوقان.

هل يموت المبدعون؟ سؤال يتردّد في ذهن القارئ عندما يصطحب الكاتب الشاعرة، التي يخالها حيّة ترزق، في رحلات بين القدس ونابلس، يتعرّف القارئ من خلالها على معالم المدينتين، كما يتعرّف على محطات كثيرة في حياة الشاعرة فدوى طوقان. ليصل إلى يقين أنّ المبدع يبقى حيّا بما قدّمه من عطاء يدوم أثره ولو غاب جسده.

ونلاحظ من خلال قراءتنا للكتاب، سيطرة الكاتب التّامة على عنصر الزّمان، رغم تردّده بين أزمان مختلفة، فينتقل الكاتب من الوقت الحاضر إلى طفولة فدوى طوقان زمن الانتداب، إلى حرب عام 1967، ثمّ يعود إلى الحاضر في فقرات متلاحقة، دون أن يشعر القارئ أنّه تاه في طيّات السنين التي تنقلب ثمّ تعود إلى الوراء مرّة بعد مرّة.

ويبدع الكاتب عندما يروي أحداث سيرة فدوى طوقان عن طريق مجموعة من الحوارات المفترضة بينه وبينها، فهو لم يكرّر سيرة فدوى طوقان كما كتبتها في كتابيها (رحلة جبلية صعبة) و (الرحلة الأصعب) وإنما اقتطف منها أبرز محطاتها، وصاغها بأسلوب روائيّ مشوّق، معتمدا فيه على الحوار.

ومن خلال سيرة فدوى طوقان، يوضح الكاتب طبيعة الحياة الاجتماعيّة في مدينة نابلس، والتطوّرالذي طرأ عليها على مرّ السنوات، ويعرّج على كثير من المثالب الاجتماعيّة في الماضي والحاضر، وخاصة فيما يتعلّق بنظرة المجتمع للمرأة والظلم الذي وقع عليها.

وفي هذا الكتاب تبرز فدوى طوقان القدوة، التي تتخطّى جميع الصعاب، وتتغلّب على القيود الاجتماعيّة والأسريّة، وتنجح نجاحا باهرا في مجال الشعر والأدب رغم كل العراقيل؛ لتكون سيرتها حافزا لكل من يتقاعس عن العمل محتجّا بظروف الحياة الصعبة وقيود الاحتلال.

تواجه فدوى خلال حياتها مصيبة موت أعزائها واحدا تلو الأخر، فيتوفّى عمها، ثم صديقتها ثمّ اخوها إبراهيم ثمّ أخوها نمر، وكأنّ الموت يترصّدها ويأخذ كلّ من آزرها ودعمها. لكنّها لا تستسلم للحزن والألم، وإنّما تجعل عثراتها حافزا آخر لمواصلة الابداع. وفي هذا ما به من تأثير على القارئ الفتيّ، الذي قد يواجَه بموّت الأعزّاء في مراحل عمره الأولى.

والكتاب بشكل عام يتّصف بالتشويق والإثارة. ومن الحيل التي ابتدعها الكاتب لزيادة التشويق، عدم الإفصاح عن شخصيّته لفدوى، وإخفاء من يكون كلما عاودته السّؤال عن شخصه، مما يثير القارئ لمعرفة شخص ذاك الذي يرتحل مع شاعرة ميّتة، وينتقل القارئ بين الأحداث متشوّقا لمعرفة المزيد عن علاقة الكاتب مع الشاعرة، رغم أنّ نهاية السيرة معروفة سلفا.

رحلة الكاتب محمود شقير في عالم الكتابة رحلة رائعة، ورحلة الشاعرة فدوى طوقان في عالم الشعر والأدب رحلة عظيمة، أما رحلتهما معا فهي حقّا الرحلة الأبهى.

وكتبت رائدة أبو صوي:

رحلة عبر الزمان والمكان والانسان اصطحبنا فيها الكاتب شقير، رحلة ربيعية جميلة جدا بين القدس ونابلس ورام الله.

الكتاب ممتع جدا وقيّم، فيه الفائدة والحث على التقدم والنّجاح، وعلى عدم التحنط والوقوف مسلوبي الارادة مهما كانت الظروف المحيطة بنا محبطة وظالمة.

ما أعظم أن يقدم لنا أديب كبير هدية قيمة تخلد شاعرة كبيرة وينصفها!

استطاع الأديب شقير أن يلفت انتباه الفتيات والفتيان إلى الشاعرة الكبيرة فدوى طوقان في هذا الاصدار، حيث تحدث في هذا الكتاب عن شخصية الشاعرة بصورة مختلفة ، تناول الأحداث بطريقة قريبة من القلب.

عشنا الدور شعرنا بأننا جزء من الحكاية من خلال سيرة الشاعرة، استخدم الكاتب أدواته الخاصّة وخبرته الكبيرة، واستطاع أن يرسم لوحة أدبية ناطقة .زوايا كانت غائبة عن القاريء والباحث في حياة الكبار، رسائل عديدة بثها الكاتب للقراء

ومن أهم الرسائل ضرورة التحلي بالشجاعة والإرادة لتحدي الظروف من أجل تحقيق الذات وزرع الثقة بالنفس.

رغم الظروف القاسية التي عاشتها الشاعرة لكونها أنثى فقد استطاعت بإرادتها وتصميمها أن تكون في المقدمة.

ابتدأ الكتاب بنص جميل جدا يختزل شخصية الشاعرة المرهفة الحس النص هو :-

لو بيدي
أن أمسح عن هذا الكوكب
بصمات الفقر
وأحرّره من أسر القهر
لو بيدي
أن أجتث شروش الظلم
وأجفف في هذا الكوكب
أنهار الدم ....لو

ابتدأت الرحلة الممتعة في إعماق الشاعرة الكبيرة فدوى طوقان .الإثارة والتشويق موجودة في الكتاب .خصوصا سؤالها المتكرر ...للكاتب من أنت؟

صوتها الناعم الرقيق كشلال ماء وصل للقاريء، عندما يكتب أديب كبير كتاب تقرأ وأنت واثق بأنك ستحصل على الفائدة هذا ما شعرت به وأنا أقرأ الكتاب.

تجارب نسويّة في الحب والثورة والاحتجاج على المجتمع والخروج من قوقعة الظلم، واعتمادها على نفسها في تثقيف ذاتها.

لم تتجاوز مدة دراستها خمس سنوات، إذ حرمها الأهل من مواصلة تعليمها وفرضت عليها الإقامة الجبرية في المنزل.

للكاتبة ثمانية دواوين شعريّة، وحدي مع الأيام ، وجدتها ،أعطني حبا ، أمام الباب المغلق، الليل والفرسان، على قمة الدنيا وحيدا، تموز والشيء الآخر،اللحن الأخير ،سيرتها الذاتية (رحلة صعبة -رحلة جبلية والرحلة الأصعب.

وكتبت هدى عثمان أبو غوش:

أطلق الكاتب عنوان كتابه "الرّحلة الأبهى" مستوحيا من كتابين للشّاعرة فدوة طوقان "رحلة جبلية، رحلة صعبة" و"الرّحلةالأصعب" ومن خلال لقاءات شخصية قام بها الكاتب، وتلك الرحلة رغم صعوبتها إلاّ أنّها الأبهى .وقد أعدّ هذا النّص للفتيان والفتيات . هذا الجيل الذي سلبته التكنولوجية معرفة الكتاب.

ومن خلال هذا الكتاب بإمكانهم التّعرف على سنديانة فلسطين معرفة شاملة وسيرتها الشخصية.

ترتبط معرفة بطل النصوص وهو الراوي والكاتب بالشاعرة فدوة طوقان، ونستنتج ذلك من خلال الزيارات المتعددة بينهمافي رام الله لوزارة الثقافة.

اختار الكاتب افتتاحية كتابه لنص من قصيدة الشاعرة فدوة طوقان، وهي قصيدة سَلسلة المعاني، غير معقدة ،تعبرعن أُمنيات الشّاعرة الباحثة عن الخلاص من الفقر، القهر والظلم.

الاماكن في النّص: شارع صلاح الدين، المقهى الثقافي والتنقل ما بين نابلس والقدس.
الزمن يبدأ بالمساء.

استخدم الكاتب الوصف، لكي يثير في القارئ انتباهه لتلك الشّخصية المميزة، فهي حين تمشي تكون بخطى موزونة وهادئة ،تسير بوقار وتتدثر بمعطفها الرمادي.

يصف طولها وطريقة تسريحة شعرها الذي يكون معقودا خلف رقبتها، وشعرها المفروق في الوسط.

استخدم الكاتب أُسلوب الدمج بين الواقع والخيّال

حيث اختار التحدث مع الشاعرة فدوى طوقان التي ماتت ورأى ان يجري معها مقابلة في واقع الحياة من أجل تحقيق هدفه في نقل سيرتها من خلال الشّاعرة نفسها.

تكرار القهوة كانت حاضرة في نصّه بسبب لقائه في المقهى والمطعم.

كرر جملة وهل " تعرفني" ذكرتها فدوة طوقان على مسامع الراوي للإشارة أنّه ما زالّ يتحدث بين الواقع والخيال ولكي يسترسل في الإسهاب في الحديث عنها.

استخدم أُسلوب الحوار بينه وبين الشاعرة ، وقد جاء الحوار باللغة الفصحى.

ويعتبر إعداد هذا النّص في رأيي مبادرة جيدة وقيّمة للكاتب في محاولة للحثّ على الثّقافة عامة والإهتمام بمعرفة شاعرة مهمّة من فلسطين قد يجهلونها.

وكتبت نزهة الرملاوي:

قرأت كتابه ذات مساء، ومضيت متنقلة في مسارات هذه الرحلة بشغف، فكل طريق تحرر قيود فكري، وتثير عاطفتي، وتطرح الأسئلة حول سنديانة فلسطين، فكانت رحلتها الجبلية ورحلتها الصعبة، وكيف وجد الكاتب من انطوائها على نفسها وحزنها إشراقا ومنهج إصرار على تقدمها وايجادا لذاتها وصقلا لمواهبها، وإبداعا في شعرها، فكانت الرحلة الأبهى.

رأيتها تقف على الجسر تستجدي العبور، فعبرت قلوب الملايين من عشاق شعرها البهي.

وجدت نفسي أفرح لسعادتها وهي تقتنص فرص التعلم من هنا وهناك، وتغزل من جراحها فستانا للاجئة في العيد، وتقف على أبواب يافا بين حطام الدور لتعلن البقاء رغم التهجير، وجدت نفسي مع فدوى أعتلي أراجيح العيد، وأجلس في صندوق كبير، يعترينا الخجل والغياب والفقد والتذمر والانقياد، ثم نعلو للسماء فيأخذنا الفرح لأشياء أخرى حتى تنصفنا الحياة..
استوقفني الكاتب بين السطور وسألني: ما الذي قرأته في الرحلة الأبهى؟

قرأت الأحزان والتهجير والتهويد بمعالم مدينتنا، واسوداد التاريخ وظلم الساسة، وتبجح القيادات، قرأت الثورة وأطفال الحجارة والتحديات، قرأت الارستقراطية، والاشتراكية، والمحافظين والعلمانيين والصوفية وأولياء الله الصالحين، قرأت في تقاسيم وجهها الألم، ورأيت في مفرق شعرها طريقا طويلا من التحديات، وفي خطاها ثباتا واعتزازا، في قلمها وحدة وحزنا وأمنيات حياة، وجدت في لمعان عينيها القدس التي عشقت، كيف لا وقد تهادت قدماها على الأرصفة بدلال.. وطبعت شفتاها على كأس قهوة مقدسي ارتشفت منه القليل وغادرت باب الواد.

هي الحب في زمن الجفاء، الثائرة على التبعية والانهزامية، وهي الشفافة الرقيقة، مكسورة الجناح من رحيل الأحبة، وقد كانوا لها الحضن الدافئ.. والقلب الوفي، كانوا الأمان والراحة، للغزالة الشاردة من ظلم المجتمع المتنامي في بيتها القديم.

هناك في حارة الياسمين، حيث اجتمع التناقض في القديم الموروث والحداثة الداخلة على مجتمع ذكوري متعصب.

ها أنا أقرأ تأجج الأشواق بداخلها.. لصبي راسل قلبها بلا استئذان، وراح يستظل تحت أفياء عينيها، ينتظرها على عتبات النهار في الذهاب والإياب.

نظر إليّ الكاتب وأنا أبكي وسألني: وما الذي يبكيك؟

 آه يا محمود.. أبكتني الكلمات في قصائد الفقد والغياب فاحترقت ألما كما احترق قلبها الصغير على أخويها ابراهيم العزيز ونمر الغالي، أبكاني انكسار قلبها ودمع عينيها الذي ما جف للحظات، وجرحها النازف بلا توقف، حين جاءها خبر وفاة الغالي دون أن يودعها أميرها الجميل، ولم تطبع على جبينه وخديه قبل الوداع الأخير، ولم تحمل نظرة في طريق الفراق الموحش الطويل.

وتسألني لِمَ البكاء وقد أثارت في داخلي مرارة فقد أخي الغالي، وفقد الوطن الغالي. كيف لا وقد كنا أحباءها.. مصابيح الدجى ولا زلنا.. أخوانا في الجرح، وسر الخميرة في بذار القمح كنا ولا زلنا.

أحرقتني نظرات حبها الخائف من وهج النهار وانبعاث الشمس بعد طول غياب، أبكاني ابتعادها عن مقاعد الدراسة وقد كانت لها أملا وهروبا من التسلط وسواد الموروث من العادات والتقاليد.
استوقف الكاتب كلماتي وسألني: ماذا ترين في كاتب الرحلة؟

لقد جئتنا بشاعرة أنيقة، ورسمت ملامحها ومجتمعها بكل شفافية ووضوح، رسمتها بلون الحب والأمل والشموخ كما يجب هي أن تكون، تألقت في رحلتها الأبهى، فرأيتها تمشي في الأسواق، وتنتقل بين المدن والعواصم بعد أن غير التاريخ وجه بلادنا، وتلتقي الأحبة والأدباء والشعراء، تعزف لهم لحن الاحترام، فيتغنون بشخصها وتقديرها، وذوقها وإبداعها في نظم الأشعار وسلاسة في النصوص.

في الرحلة الأبهى، رقي في الطرح وإثارة وتشويق في السرد، ذكاء في المعالجة وسلاسة وترتيب في الأفكار، تتابع مدروس وموزون في السيرة الذاتية والأحداث التاريخية في حياة الشاعرة، مع دمج محكم ما بين تحركات الشاعرة في الأماكن ومدينة القدس خاصة، ليعرفنا على بعض معالمها، فقد استطاع الكاتب تقريب المسافات في الرحلة، واستقطب في مراحل عمرها لكثير من المنعطفات التاريخية والسياسية الهامة، التي لا مناص من ذكرها وتوثيقها في السيرة، وإضاءات اجتماعية وأدبية عولجت ودمجت بفطنة وذكاء في أسلوب كاتب يشهد له في الإبداع.

تبسم الكاتب شاكرا وقال: هل من شيء تقولينه لها قبل أن نعود أدراجنا؟

 يا أميرتي المتربعة في عرش القلوب.. استيقظي وكلميني، حدثيني.. كيف مرت بك الأيام بلا أمل.. ممنوعة من الأحلام؟

 يا صغيرتي النائمة في حضن الوحدة والاكتئاب، كيف سلبوا منك العلم والحب المدفون وأنت لا زلت برعما يكاد ينجو من تسابق الرياح.

 يا أيقونة المجد على جبين جرزيم العالي، وابتسامة الشمس على أسوار القدس الحزينة.. آن لك أن تتنفسي الحياة .. فقد كنت قدوة المقاومين.. المثقفين المتألقين.. المبدعين المحلقين في سماء الحرية..

آه يا محمود.. لو يعود الزمن ونلتقي فدوى.. هل ستكسر كل حواجز الصمت وتمضي بلا انكسار؟

هل ستعبر مع آلاف المحبين.. وستطعم كل فقراء الدنيا من شعرها الشهي؟

هل سترسل ريحانة للصبي المنتظر في مدخل الحارة وتبوح بكل ألم أوجع دواخلها دون كتم ودون خجل؟

هل ستعيد اللاجئين وتحرر الأسرى وتلغي تاريخ العبودية من سجلات الكرامة؟

هل ستلقي تحية الوداع للفجر الذي رحل بغتة عن سمائها وتبتسم؟

وكتبت هدى خوجا:

نص للفتيان والفتيات مناسب من النّواحي اللغوية والأدبية وتناسق النّصوص والكلمات والأسلوب والطّريقة في العرض.

لوحة الغلاف مناسبة التّصميم والألوان؛ وهي من تصميم حنين الخيري؛ حيث تشمل صورة الشّاعرة فدوى طوقان؛ بلباس متناسق بأكمام طويلة ومرتّبة وألوان الأسود والسّكني مع عقد ذهبيّ دالا على الغنى المادي لعائلة الشّاعرة ؛مراعيّة للعادات والتّقاليد.

الكتاب بصفحات من الحجم المتوسط وتحتوي على 107 صفحات عن حياة الشّاعرة بقصص قصيرة معبّرة، تراعي الوصول للهدف والتّربية والحسّ الشّعري المفعم بالحيّوية، والحدث المتوالي مع الأزمنة المختلفة.

أشار الكاتب محمود شقير لاعتماده في إعداد الكتاب على كتابيّ فدوى طوقان "رحلة جبليّة..رحلة صعبة"و" الرّحلة الأصعب" وعلى مقتطفات من شعرها، وعلى لقاءات شخصية معها قبل رحيلها ص.107

بدأت النّصوص بشعرللشّاعرة فدوى طوقان " لو بيدي أن أمسح عن هذا الكوكب بصمات الفقر.أنهار الدّم لو..."ص5

حيث نجد الكلمات الهادفة الّتي تحث على العدالة الاجتماعيّة؛ ونبذ النّزاعات والحروب والشّقاق.

ابتدأ الكتاب أيضا برؤية الشّاعرة فدوى طوقان باتجاه أسوار المدينة وشارع صلاح الدّين في القدس، وتسير بوقار بمعطف رماديّ، تعرّف عليها من مشيتها الهادئة والشّعر المعقود خلف رقبتها والقوام المتناسق والمعتدل.

ولكن متى تاريخ ميلادك؟

"هذه شهادة ميلادك الوحيدة، كنت يومها أطهو " عكوب"ص9 هذا ما قالته والدتها.

"أرجح أنني ولدت في شهر آذار في العام1917 "ص10

كانت طفولتها غير سعيدة وقليلة الدّلال حيث الأسرة كانت دوما ترغب بالأبناء الذّكور.قالت والأسى يجلجل وجهها وعينيها:

"المشاعر المؤلمة التي نكابدها في طفولتنا نظلّ نحسّ بمذاقها الحادّ مهما بلغ بنا العمر"ص17

كانت تخرج من عزلتها بإقامة النّدوات وملاقاة النّاس، والاهتمام بالنّدوات وعقدها في مدن البلاد.

وقد ورد قصيدة عن المراهقة ص23

"يا نخلتي يحبني اثنان/كلاهما كورد نيسان

كلاهما أحلى من السّكر/ وتاه قلبي الصّغير بينهما أيهما أحبه أكثر؟..ماذا أقول أو أفعل.

كان موت عمّها عام 1927 (حافظ طوقان) أول طرقات الموت في حياتها.

سحقت أيام شبابها بين جدران البيت العالية.

والأجواء العائلية كان يسيطر عليها الرّجل كما في كل بيت.

في المدرسة عرفت مذاق الصّداقة وأحبته.

أصدر أخوها يوسف حكمه القاضي بالاقامة الجبريّة في البيت حتّى يوم الممات.

وبهذا كان للشّاعرة فدوى طوقان عالمها الخاص.

لم يخفف من شعورها بالعزلة" إلا شقيقها إبراهيم لدى عودته من بيروت في تموز –يوليو- 1929.

وفي البدايات كانت توقع كتاباتها باسم مستعار.

وسيظل الحسّ المرهف الجياش يمتلئ بشعر القلم المبدع للشّاعرة فدوى طوقان.

" وقد ظللت فيما تلا من أيام حياتي أبكي وأحسّ بالتأثر العميق جراء مشهد الجماهير المتراصّة"ص58

ولم تتعرف طعم الاندماج وحلاوة الشّعر الا عند التقاء الجماهير بالقراءات الشّعرية الخاصة بالشّاعرة.

ولا تزال تحتفظ بأشياء صغيرة ومعبّرة عن أخيها المحبوب إبراهيم مثل المفكرة الصّغيرة مفكرة الجيب.

برغم موت الشّاعرة فدوى طوقان "مساء الثّاني عشر من شهر كانون الأول سنة 2003 ولها من العمر ست وثمانون سنة"ص103 سيظل شعرها يتعالى عنان السّماء ورحلتها الأبهى.

حيث وصفها الشّاعرمحمود درويش "إنّك أمّ فلسطين".

هل كان جوع فدوى طوقان إلى الهدوء والصّمت والعزلة جوعا دائما؟

هل الخواء العاطفي أشعلته نيران الكتب وعالم الشّعر؟

وشارك في النقاش عدد من الحضور منهم: ماجد الماني، ملك المصري، ديمة أبو غوش، محمد عمر يوسف القراعين، عبد الشويكي، صلاح الزغل، سوسن عابدين الحشيم ديانا أبو عياش، مصعب أبو عصبة وجميل السلحوت

ديمة جمعة السمان

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى