الثلاثاء ١٩ كانون الأول (ديسمبر) ٢٠١٧
بقلم محمود سلامة الهايشة

زهرة المدائن وسنابل القمح بديوان ألغاز متاحة

صدر ديوان "ألغاز متاحة" للشاعر الدقهلوي محمد الشناوي الشيوي عن دار شعلة الإبداع، وهو ديوان بالعامية المصرية، الطبعة الأولى 2015، ويقع الديوان في 96 صفحة من القطع المتوسط، ويحتوي على 21 قصيدة بالإضافة للإهداء، علما بأن الشاعر من أبناء قرية برج النور الحمص – مركز أجا، وعضو نادي أدب أجا.

قصائد الديوان مليئة بالمشاعر الممزوجة بالحزن والشجن، فالشاعر مهموم بالوطن وما به من مشاكل يومية يمر بها الإنسان المصري عبر يومه، قصائد ترصد الواقع وتستشرف المستقبل، كتبها بلغة مصرية عامية وبلهجة قروية من الريف المصري الأصيل.
أتت القصيدة التي يحمل الديوان عنوانها "ألغاز متاحة" رقم 17 في ترتيب قصائد الديوان (ص76-79).

سنابل الألغاز:

ففي قصيدة "ابتسامة" (ص4-8)، شبة الشاعر الرحمة بالسنابل الخضراء:

والرحمة تِخضَر سنابل
يراعاها المولى الديان

أما بقصيدة "ألغاز متاحة"، فجاءت السنابل القمح التي لها رائحة الياسمين، فكأنها سنابل ورد وليست سنابل قمح:

سنابل قمحنا ياسمين
وتتبعتر على كفوفناقلوب خضرة لبني آدمين

بينما في قصيدة "معشوقتي" (ص44-47)، قام الشاعر بدمج الزراعة والصيد في شطر شعري واحد، فقد جعل سنابل القمح تجمع بالشباك التي يصطاد بها السمك، فحبوب القمح أو السمك كلاهما خير، وكثرتهم تدل على النماء والبركة:

ويطرح صبر في كفوفه
سرســـــــوب أمــــل
تبقى سنابل قمح في شباكي
مين اللي غزلك في الفضا قصة

اسم المحبوبة داخل القصيدة:

أن يكون الشاعر قادر على الكتابة في أي موضوع، فهذا يدل على امتلاكه للموهبة الشعرية، وأنه قد وصل بأدواته الشعرية للتحقق، وما القصيدة إلا فكرة قبل أن تصبح أبيات شعرية، ومن قصائد ديوان "ألغاز متاحة" للشاعر محمد الشناوي، التي تحتوي على لمحة ذكية منه هي قصيدته "عبير الروح" (ص33-34)، فقد جمع فيها عدة أسماء للمحبوبة، أو بالأحرى جمع فيها اسم من وقع في حبهم أو الإعجاب بهم، فالقصيدة تحتوي على اسماء – "عبير، فرحة، نشوة، غادة، سارة"- قد يظن المتلقي أنها مسألة سهلة تضفير كل هذه الأسماء في أبيات شعرية سريعة ومكثفة، والرد هنا حاول عزيزي القارئ تقليدي هذه المحاولة وتطبيق هذه الفكرة، كما فعل شاعرنا:

عبير الروح
كل ما أحاول أعرف اسمك
مهمـا بقـرب ليكي بتــــوه
يمكن فرحـة يمكن نشـوه
ولا عنيكي السود غلبـوه
يمكـن غـاده ولا ريـاده
ولا سعادة البيه سجنوه
يمكن ساره ولا إمـاره
ولا غرام الناس حبوه

وما فعله الشاعر هنا من توظيف اسم المرأة في القصيدة ليس بالجديد، فقد قطنت المرأة إحساس الشاعر الجاهلي فمضى يبتدئ بها شعره، ويجهر باسمها ومشاعره نحوها، إلا أن الذي يستدعي التساؤل تعدد أسماء النساء عند الشاعر مما يوحي بأن الشاعر الجاهلي يوظف اسم المرأة لحاجة في نفس يعقوب. يتوقف القارئ للشعر الجاهلي أمام أسماء متعددة يجدها متكررة بين الشعراء كـ(سلمى)، و(سعاد)، و(فاطمة)، وغيرها، ويلحظ أن بعض الأسماء تتكرر، وتتعدد في شعر الشاعر الواحد، ويرى القارئ المهتم بتذوق الشعر في اسم المرأة داخل القصيدة حورية من حوريات الشعر رطبة أبداً، كأنها لحن من لحون الأبد، انتقاها البيان ورفعها إلى عالم البقاء.

القدس:

تعد القضية الفلسطينية والقدس قضية القضايا وإشكالية الإشكاليات العربية والإسلامية منذ ان استيقظ العرب على وجود كيان لقيط عام 1948، ومن يومها إلى الآن لا تخلو الكتابات الأدبية على كافة أشكالها شعرا أو نثرا، ومن كل الأقلام العربية من ذكر ومناقشة وطرح القدس والأقصى الشريف، وبما أنني اكتب تلك الرؤية التذوقية عن ديوان "ألغاز متاحة" للشاعر المصري العربي المسلم "محمد الشناوي الشيوي"، في النصف الثاني من شهر ديسمبر 2017، ففي خطاب استفزازي للرئيس الأمريكي دونالد ترامب في السادس من ديسمبر 2017، أعلن فيه القدس عاصمة لدولة (إسرائيل)، وأنه أعطى تعليمته إلى وزارة الخارجية الأمريكية للبدء بنقل سفارتها من تل أبيب إلى القدس باعتبارها عاصمة الشعب اليهودي منذ العصور القديمة، فهيا بنا نقرأ جزءاً مما كتبه شاعرنا محمد الشناوي في قصيدته "كدابين" (ص19-24) عن القدس ومدن عربية أخرى بالعامية المصرية:

ويا كل حقوق الضايعين
يا ضمير العالم يا فاتنه
ومقطع فينا بسـكاكين
بتزين صدرك وتبعنـا
وواخدنا طريقك على فين
لا القدس بتسمع صرختها
وطربلس ودمش أخوتها
واللا أنتا ودانك من طين

وهكذا يطرح الشاعر عدداً من الإحالات التي تسيطر على ذاته وواقعه من خلال العلاقة بين الصوت الدال على المعنى، كون الإنسان جزءاً من الواقع.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى