السبت ٣ تموز (يوليو) ٢٠١٠
بقلم عبد القادر محمد الأحمر

سر الحزن و الشوق و الحنين؟!!

عالم (الجنة)، هو ذلك العالم الروحاني الذي كنا ننعم فيه بالحياة المُثلى، فشاءت حكمة الحكيم الخبير أن نهبط منه إلى هذه الأرض، إلى عالم المحسوس و(اللمس) والشهوات بمنظار آخر!! ، لأن خطأً جسيماً كان قد أُرتُكِبَ في ذلك العالم الأول، هو ما أدى إلى ما نحن فيه اليوم من حسرة وحزن وزفرات وآلام وكَبَدٍ ومحدودية، وفي النفس توق طاغٍ لو نعود!! ، وما دفقات هذا الحنين، وهذه الأشواق، وهذه الآمال، وهذه الأحلام، وشواهد هذا الجمال الذي يلوح لنا ما بين الفينة والأخرى، ولمعات هذه البراءات وجمال هذه الابتسامات وأحاديث الطفولة عند هؤلاء الأطفـال، وهذه النضرة الربيعية التي تكسو وجوه الحدائق والبساتين والحسان، هذه الأفراح، هذا السرور، بل هذا الحب، هذا الغرام المتبادل ما بين الجنسين وما يفرزه من غناء وطرب وابتهاج وسرور، وهذه اللحظات الحسية الجسدية العارية اللذيذة ما بين الزوجين ولذتها المشروعة، الخ.. ألا تشي كل هذه المعاني الإنسـانية الوجدانية الحلوة التي تمور وتفيض من قلب هذا العالم، ذكره وأنثاه - سراً كان أم جهراً - أليست إلا أمراساً تشدنا - وإن كنا صُم ، بُكم ، وعُمي - إلى تلك (الجنة)؟!! تلك الجنة التي مهما أظهر هذا العالم كفره بها، وفرحٍ بهذه التي في متناول حواسه وملمس أصابعه، إلا أنه- في قرارة نفسه - حزين حزين حتى النخاع، وإلا لماذا هذا الاحساس والشعور بوجود (الحزن) في عالمه؟؟؟!!!

كل ما ذكرناه من أمراس إنما تحيـطه محدودية اللحظة وبرهتها، لأنها تفتقر إلى صفة الخلود، وهذا أمر ملحوظ.. فالإنسان في طول حياته وعرضها لا يسعى إلا إلى تأسيس وإيجاد عناصر الراحة الخالدة له ولغيره ولا يحلم إلا بها!! علماً بأنها- في حقيقتها - لا وجود لها إلا في باطن هذه (الجنة) !!..

وكل هذا الحزن (الإشارة) الكبير سببه ذلك (الروح) اللعين، هذا الذي صار حجاباً حائلاً بيننا وبين تلك الصوّر الخالدة الفريدة، بتزيينه لنا لصوَّر هذه (الأمثلة) المحسوسة التي بين أيدينا وفي متناولها، وتشبيهه لها لنا بها، ليلتبس الأمر على الأكثرية منا ويتوارى اعتقاد الأصل القديم خلف هذا الحائل الصلب، ويصيب نظر الوجدان غشاوة يصعب الفكاك منها، فلا يؤمن الغافل بعدها برؤيا وجود عناصرٍ أخرى غيبية تخالف هذه التي أدركتها حواسه!! لا لشيء إلا ليحدث في نفوسنا هذا الالتباس الخبيث، وهذا الفهم الخاطيء، ويصدنا عن التطلع إلى تلك (الحقيقة) الأصل، لنصبح أسرى (جنته) هذه، التي زادها حسناً وفتنة ولذة وجود هذه (الأنثى) في ظاهرها، وفي بواطننا!! ..

ولكن الخالق الحكيم وعدنا- رغم كل شيء - بأن في إمكاننا الرجوع إلي هذه الجنة الأصل، إذا ما سلكنا الطريق المؤدي إليها!! بحيث أن مُلك الإنسان فيها يكون بقدر سعة معرفته في هذه الحياة الدنيا !! ..

فهيا بنا نطرق أبواب هذه المعرفة الخالدة..

فهي فينا.. في دواخلنا!!

والحق يقول: (وَفِي أَنفُسِكُمْ أَفَلا تُبْصِرُونَ) الذاريات21

دعونا نبصر ولا أقول ننظر!!


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى