الأربعاء ٢٩ نيسان (أبريل) ٢٠٢٠
فواتير يرموكية:2
بقلم علي بدوان

سوق الشوام في حيفا... تاريخ متداخل... ومتزاحم

(2 من 2)
وفي السوق، كنت تجد أيضاً محلات تجارية لتجار من مدينة نابلس، منها محلات عائلة: (الخروف + ستيتية + ملحيس + طوقان ...) ... وفي سوق الشوام أيضاَ محل (ابو معروف) اللبناني من عائلة (كساب)، وهو محل تجاري انشهر جداً في حيفا قبل سقوطها، اضافة لمحال المثلجات، التي تقول فيها جميلة جهشان : ما احلى ايام زمان لما كنا اولاد صغار نسكن بحارة الكنائس، كانت احلى ايام، جارتنا (ماري غوروس) مشهوره بعمل البالوظه، تسكبها بصدر نحاس ملونه بكل الالوان، وبماء الزهر مطعّمه، وبالمكسرات مزينه، نشتري منها كبار وصغار، تسترزق وترجع عالدار، وكل يوم تعمل صدر بالوظه طازه وتبيع حتى في يوم العيد، ومابننسا بوظة جارنا محمود اطيب بوظه بالوجود، كان ينادي ويقول حليب وإيما يا بوظه ثلاث الوان، بوظه حيفاويه طعمتها بــ (المستكا) شهيه، وبالفستق الحلبي غنيه، افضل بوظه بحر الصيف بتتقدم لاعظم ضيف، شو شربنا شراب جلاب، ويا زبيب فيه صنوبر، مع زبيب وشراب التمر هندي بتقدم للافندي، وشراب العرق سو س بالكاسات الفضيه منعش وطعمه لذيذ.

وكان رئيس بلدية حيفا رشيد الحاج ابراهيم المولود في مدينة حيفا سنة 1891، وعضو المؤتمر السوري الأول وسائر المؤتمرات الوطنية الفلسطينية وأحد قادة حزب الاستقلال الفلسطيني، وأحد رجالات فلسطين وقادتها خلال الانتداب البريطاني، قاد المقاومة في حيفا قبل احتلالها في نيسان/ أبريل 1948، وتوفي في عمّان سنة 1953 ودفن في مقبرة الدحداح في دمشق بناء على وصيته، وايماناً منه بوحدة فلسطين الجغرافية والبشرية مع سورية الوطن الأم.

في الثاني والعشرين من نيسان 1948 سقطت مدينة حيفا بيد العصابات الصهيونية، فقد اجتاحت المدينة قوات لواء كرملي ولواء اسكندروني من قوات الهاغاناه، وقوات البالماخ (كتائب السحق بالعبرية) وعصابات ليحي، واستطاعت السيطرة الكاملة عليها، في وقت قامت فيه قوات الانتداب البريطاني بتسليم عصابات الهاغاناه أغلب المواقع الحيوية في المدينة ومنها عمارة سكة الحديد والبريد، كما وقفت تتفرج على مايجري في حيفا، ووقف القائد البريطاني الجنرال (سكويل) ينظر ويتفرج أيضاً من شرفة مقر قيادته في جبل الكرمل، بل وكانت قوات الانتداب تعمل على تسهيل مهام القوات الصهيونية خصوصاً بالنسبة لتهجير الفلسطينيين عبر بوابتين، بوابة أولى نحو مدينتي جنين وطولكرم لتهجير وتطفيش اكبر عدد ممكن من السكان والمواطنين الفلسطينيين، وبوابة ثانية نحو الميناء في البحر لحمل الفلسطينيين كلاجئين نحو لبنان وسوريا. لقد قام الجيش البريطاني (جيش سلطات الانتداب) بدور فعّال بترحيل وتسهيل عملية التطهير العرقي للعرب الفلسطينيين من ميناء حيفا والتي قامت بها العصابات الصهيونية، وبكافة الوسائل ومنها الترحيل القسري تحت النار برّا الى جنين والناصرة وطولكرم، وبحراً الى لبنان وسورية، وفتحوا لهم ابواب الميناء وطلبوا منهم ان يلجأوا داخلا الى ساحات الميناء، وعندما أصبحوا في داخل الميناء اقفلوا البوابات ومنعوهم من الخروج وأجبروهم على مغادرة حيفا بحراً. انه الدور القذر الكبير الذي قامت بها بريطاني في اقامة الكيان الصهيوني على انقاض الكيان الوطني والقومي للشعب العربي الفلسطيني. وبعد أن اتمت عصابات الهاغاناه احتلال حيفا، وتنفيذ اوامر بن غوريون بتشريد سكانها العرب، الذين لم يبق منهم سوى حوالي الثلاثة آلاف مواطن فقط من مدينة عامرة كانت تضج بالصخب والحياة، بعد ذلك قررت قادة الهاجناه تجميع من تبقى من أبناء المدينة الأصليين من العرب الفلسطينيين في حي وادي النسناس وحي العباس.

وكانت القوات اليهودية قد وضعت خطة متكاملة لاحتلال مدينة حيفا، اطلقت عليها اسم (مسباريم بالعبرية) (أي المقص)، وحدثت معارك ضارية في حي الحليصة، وحارب العرب واستبسلوا حتى ان نفذت معداتهم وسقطت حيفا يوم الثاني والعشرين من نيسان/ابريل من عام 1948، لتنتشر بعد ذلك أعمال العنف والقتل والسلب والنهب والحرق في مختلف أحياء المدينة وأسواقها من وادي النسناس الى وادي الصليب ووادي الجمال ووادي روشميا، والحليصة وأرض البلان والزوارة والكروم والمرج والزيتون والحلقة والوردية وشاطئ الرمل و (أبو نصور) والعزيزية، وشوارع العراق والناصرة والجبل والراهبات والمخلّص وصلاح الدين واحمد شوقي والمامون والأخطل والفرزدق والصنوبر والأفغاني والملوك والبوتاجي، وغيرها مما استُبدلت اسماؤه. فنهبت سجاجيد شارع العباس وشارع الملوك حتى أثاث البيوت، وقد خُصصت لتك المسروقات ساحة في معرض الشرق في عنق تل أبيب لبيعها من قبل عصابات الاحتلال لليهود القادمين الجدد لفلسطين.

وكان نصيب سوق الشوام من النهب نصيباً كبيراً الذي تم نهبه ونهب مخازنه من قبل عصابات الهاغاناه والبالماخ وليحي وغيرها من العصابات الصهيونية، وتم حرقه بعد ذلك ولم يبقى له أثر من حينها.

(الصورة، فاتورة رسمية شراء من محل عبد الرؤوف أبو شمط، سوق الشوام، والخاص بتجارة الواني المنزلية الزجاجية والمعدنية، والمؤرخة 13/8/1947. والشاري هو المواطن الفلسطيني محمد يوسف عيسى الذي لجأ بعد النكبة الى دمشق، وقد حمل مجموعات فواتير الشراء التي سددها في فلسطين قبل اللجوء)


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى