الأربعاء ١٨ نيسان (أبريل) ٢٠٠٧
فى محاولات لترويض الجمعيات المشاكسة
بقلم أشرف شهاب

شخصنة الخلافات فى وزارة الاتصالات المصرية

كشف الخطاب الذى وجهه المهندس محمود أبو شادى رئيس مجلس إدارة الجمعية العلمية لمهندسي الاتصالات للدكتور طارق كامل وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات المصرى قبل أيام عن منهجية غريبة فى التفكير لدى قيادات وزارة الاتصالات التى أبدت انزعاجها من الدور النشط الذى تقوم به الجمعية، خصوصا بعد تنظيمها لعدة ندوات ظهر من خلالها وجود مفاهيم أخرى بديلة وعلمية ومدروسة لإدارة هذا القطاع. والغريب أن القائمين على وزارة الاتصالات لم ينزعجوا من ندوات الجمعية إلا بعد أن وصلهم بلاغ من "مخبر معلوماتى" يعمل لحساب "الباشا" كان مشاركا فى إحدى ندوات الجمعية، وانزعج من طبيعة الحوار والمناقشات التى تمت بعد أن بدا أن هناك توجها واضحا لطرح رؤى وتوجهات بديلة عن سياسات الوزارة. وعلى ما يبدو أن المسئول المعلوماتى كان يتصور أنه سيشارك فى مهرجان للإشادة بسياسات الوزارة ففوجىء بما يحدث. وعلى الفور قرر أن يلقى عن نفسه تهمة المشاركة فى نشاط الجمعية، فبادر بالإبلاغ عن "الجريمة". ونقل إلى الوزير ما حدث بالندوة، مؤكدا أنه لم يكن ليشارك لو كان يعلم مسبقا طبيعة الحوار الذى سيدور. وهكذا تطورت الأمور ليستنكر الوزير ما حدث، ويتدخل باتصالات عالية المستوى لوقف الجمعية "المشاكسة" عند حدها.

لا للإساءات الشخصية

وهكذا فوجئنا بخطاب المهندس محمود أبو شادى الموجه لوزير الاتصالات، وهو يقول فى صدارته: "وما قد بلغ لسيادتكم (وخلافا لواقع الدور التنويري للجمعية) حول أن هناك إساءة ما لبعض الأشخاص بإحدى ندوات الجمعية."!!!

ويعود المهندس أبو شادى ليؤكد فى رسالته أن: "الجمعية العلمية تمثل ضمير مجتمع الاتصالات ويجب أن نحافظ جميعا علي نقاؤه وسلامته حتي تستقيم أمورنا وحياتنا والمساس بهذا الضمير بمحاولات التضييق والحصار والوعيد يتنافي مع كونه ضميرا نحرص جميعا علي سلامته.

وينفى المهندس أبو شادى توجه الجمعية نحو أسلوب الإساءة للأشخاص قائلا: "الجمعية لم ولن يكون بندواتها أية إساءة لأية أشخاص. ولا توجد أي خصومه بينها وبين أحد. وليست طرفا يتعرض أو يسئ لأحد. بل وتسعي للقيام بدور تنويري وتمد جسور التفاهم والحوار مع كافة الجهات من أجل تعاون صادق وبناء في مجال التطوير لمجتمعنا والتوظيف الأمثل لتكنولوجيا الاتصالات والمعلومات في التنمية وتكن كل التقدير والاحترام لكل العاملين في هذا المجال.

وفى فقرة أخرى يقول: "وكما يتضح فإن الجمعية بأهدافها السامية لا تنزلق مطلقا لمنحدر الإساءة الشخصية لأحد. وتمد يدها للجميع تدعوهم للتعاون علي أساس الاحترام المتبادل لكافة الأطراف واحترام الرأي الآخر."

ومن الواضح أن الشخصية البارزة المتنفذة فى وزارة الاتصالات التى نقلت البلاغ قامت بنقله بشكل سىء، فى محاولة لاختصار كل أنشطة الجمعية العلمية فى أنها "منصة للشتائم"، وساحة لتسوية الخلافات. وإظهار الخلاف حول السياسات على أنه هجوم على أشخاص.

جمعيات أليفة وأخرى شرسة

وبدلا من إدانة هذا التصرف من المسئول المقرب للوزير، وجدنا الدكتور طارق كامل يقع ضحية المنهج الخاطىء الذى أرسى مبادئه من خلال سياسة حجب المعلومات أو قصرها على دوائر معينة، واستبعاد كل الأصوات المخالفة من الدائرة الضيقة المحظوظة. فالدكتور طارق كامل لا يحب الأصوات الصحفية المخالفة، ولا يحب الجمعيات العلمية "غير الأليفة" لأنه وببساطة يعشق من يصفقون له، ويغضب وبسرعة شديدة من أقل انتقاد يوجه لسياساته.

ورغم أننا رحبنا فى بداية تولى الدكتور طارق كامل لمهام منصبه الوزارى بتوجهه نحو التعاون مع الجمعيات الأهلية ومنظمات المجتمع المدنى، إلا أننا لم نكن نقصد بذلك تقريب "الجمعيات الأليفة" واستبعاد "الجمعيات "الشرسة".. فنحن بحاجة إلى تعددية فى الرأى، وإلى تكاتف الجميع من أجل التوصل إلى أفضل السياسات الممكنة. وهو ما لا يتفق بأى حال من الأحوال مع منهج استبعاد البعض وإصدار فرمانات الحرمان، وتقريب بالبعض وإغراقه بالعطايا والمنح.

شركاء فى الوطن

لا بد من تغيير واضح وسريع فى هذه النظرة، وإدراك أهمية التنوع لأننا شركاء فى هذا الوطن. ولا يليق بمن يشغل أعلى منصب فى قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات أن يضيق بالرأى والرأى الآخر.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى