الثلاثاء ٢٦ أيار (مايو) ٢٠٢٠
بقلم حوا بطواش

شخصيات كرهتها في مسلسلات رمضان

غسان في مسلسل "أولاد آدم"

منذ مدة قرأت رواية جميلة جدا، أثارت فضولي، شوّقتني وشدّتني لقراءتها، هي رواية "ثلاث" (2018) للروائي الإسرائيلي درور ميشعاني. وهو روائي، محرّر أدبي وباحث في الأدب مختصّ بالأدب البوليسي، رواية وصلت إلى القائمة القصيرة لجائزة سابير العام الماضي، وهي أهم جائزة للأدب العبري في إسرائيل. الرواية مقسّمة إلى ثلاثة فصول، اكتشفتُ في نهاية الفصل الأول أن بطل الرواية هو قاتل، فثار فضولي لمعرفة السبب الذي دفعه لقتل المرأة التي في الفصل الأول. وفي نهاية الفصل الثاني زاد فضولي لمعرفة السبب الذي دفعه لقتل المرأة التي في الفصل الثاني أيضا. وأنهيتُ الفصل الثالث والرواية كلها وقد كاد فضولي أن يقتلني لمعرفة السبب الذي دفع هذا الرجل لقتل النساء. ولكن... لا جواب. الرواية لا تبالي بفضولي ولا تهتمّ بذلك السؤال الذي لازمني طوال قراءتي. هي مهتمة فقط بما حدث. القتل من أجل القتل.

تذكّرتُ هذه الرواية وأنا أشاهد الحلقات الأخيرة من مسلسل "أولاد آدم" (كتابة رامي كوسا وإخراج الليث حجو) وأنا أرى التحوّل الغريب في شخصية غسان (التي يؤديها مكسيم خليل). هذه الشخصية التي أحسسنا من قبل أنها ليست تماما بهذه الطيبة والرّقة التي يعامل بها زوجته قاضية التحقيق الأولى ومن ثم وزيرة العدل ديما (ماغي بو غصن)، ورأينا جوانب اللؤم والاستغلال في شخصيته. لكننا كمشاهدين لم نتصوّر أبدا أن تتحوّل فجأة كل هذا التحوّل.

لا أدري لماذا اعتبره أصحاب العمل من "أولاد آدم"، بمعنى أن كل أولاد آدم لهم أخطاؤهم وهفواتهم وجوانب مظلمة في شخصياتهم ونفوسهم. لكن لا! غسان ليس من أولاد آدم. غسان هو الشيطان بحد ذاته. هو ليس شريرا لأسباب أو دوافع أو ظروف معينة، مثل باقي أبطال المسلسل، بل يمارس الشر من أجل الشر. تماما مثل القاتل في رواية "ثلاث". لن تجد له الأسباب للشر المتجذر في نفسه.

شخصية غسان هي شخصية درامية سيئة جدا، أسوأ حتى من شخصية القاتل في رواية "ثلاث"، رغم أن غسان حتى الآن لم يقتل أحدا بشكل مباشر. لكن القاتل في رواية "ثلاث" لم يكن مستفزّا وصارخا بوجه الجميع كي يكرهوه ويكنّوا له أشدّ البُغض مثل غسان. بل كان رجلا عاديا جدا، مثيرا للفضول، رقيقا ورومانسيا أحيانا وتحبّه النساء قبل أن يقتلهن. على العكس منه، غسان لا يدعو أحدا ليحبّه أو يتعاطف معه، وأنا كرهتُ غسان وكرهتُ المسلسل بسبب غسان ولم أعد مهتمّة حتى بنهايته، ولا أدري حقا كيف قبِل هذا الدور مكسيم خليل، الممثل السوري الذي أحببته جدا من قبل ("غدا نلتقي"، "زمن العار"، "يا ريت")، رغم أني أعلم أن الذنب ليس ذنبه بل ذنب كاتب العمل بالدرجة الأولى، لكني شخصيا وبصراحة شديدة لم أعُد قادرة على سماع صوته ولا حتى النظر إلى وجهه.

شخصية ديالا في مسلسل "مقابلة مع السيد آدم"

ديالا هي محامية وإمرأة قوية، لئيمة، متغنّجة، متلوّنة، استغلالية، تريد تحقيق أهدافها مهما كان الثمن في مسلسل "مقابلة مع السيد آدم" (كتابة وإخراج فادي سليم). هي شخصية شريرة نجد منها الكثير من حولنا في الحياة، فهي لا تفاجئنا ولا تصدمنا كثيرا، بل تثير أعصابنا رنا شميس، الممثلة السورية التي تؤدي دورها بأسلوب الغنج الزائد والمبالغة الشديدة، مع مدّ أنفاسها بشكل مزعج وتبديل طبقات صوتها بشكل متصنّع، صوتها الذي كان جميلا حقا لكنه بات مستفزّا لعدم قدرتها على استخدامه وتوظيفه بشكل ملائم للدور، وكم مرة رأيناها في العمل بصورة لا تتلاءم مع شخصيتها القوية، صورة المرأة المنكسرة، أمام زوجها وأمام صاحبة الشركة التي تعمل فيها كمديرة للشؤون القانونية، تتباكى وتتأوّه كالفتيات المراهقات الصغيرات الخائبات في الحب؟! في أدائها نلمس عدم المصداقية ويبدو لي أن رنا شميس بدأت تأخذ أدوارا أكبر من حجمها.

شخصية عتاب في مسلسل "مقابلة مع السيد آدم"

عتاب هي زوجة المحقق ورد (محمد الأحمد) التي تؤدي دورها الممثلة جيانا عنيد، وهي تماما كما اسمها، الزوجة كثيرة العتاب على زوجها بسبب غيابه المتكرر دائما وأبدا، مهما حاول وحاولت، زوجها الذي يعمل جاهدا للقبض على المجرمين الأشرار وحلّ الألغاز التي تشغلنا وتشوّقنا لمتابعة المسلسل. فتأتي عتاب لتعطّل وتخرّب علينا كل شيء، تلومه وتعاتبه تارة، ثم تغازله وتحنّ عليه تارة أخرى، وهكذا تستمرّ بلا نهاية. نفس المواقف ونفس الحوارات تتكرّر بين الزوجين، لا شيء يتجدّد ولا تحوّلٌ يحدث، تصيبنا بالملل، لا تثير تعاطفنا مع قضية عتاب، لأن ورد هو الشخص الوحيد في العمل الذي يمكنه أن يضع حدا للشر والأشرار، وعتاب كانت زوجته قبل وبعد الجرائم، زوجته التي تراوح مكانها، تتأرجح بين حبها وعتابها. هي المرأة التي لا تعرف ماذا تريد في الحياة وماذا ينبغي عليها أن تفعل. وقد وصل الأمر إلى أوجه بعدما أجهضت جنينها واتّهمت زوجها بفقدانه، كأنه هو الذي قال لها أن تصعد السلم الذي وقعت منه، وصاحت في وجهه بأعلى صوتها، مثل البنات الصغيرات المدلّلات المثيرات للأعصاب: "حلّ عني!"

المرة الوحيدة التي أثارت شيئا من عواطفي كانت حين قالت لزوجها: "من بكرا أنا راجعة ع الشغل!" مما أقلق زوجها كثيرا بالطبع، فمن الذي سيعتني بابنتهما الصغيرة والوحيدة وتدرّسها وتؤكّلها وتحمّمها وتلبّسها... إن لم تكن هي؟؟ فأين كنتِ حتى الآن؟ لماذا لم تكفّي عن عتابك وتقرّري ماذا تريدين أن تفعلي وتفعلي منذ زمن طويل؟؟


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى