الأربعاء ٧ كانون الأول (ديسمبر) ٢٠١٦
بقلم عبد الجبار الحمدي

شظايا مرايا الحب

كثيرة هي الطرق التي كان يمكن ان نفترق بها يا حبيبي، لكنك نسيت، هرعت مستعجلا نحو ذلك المفترق بغرور مفتعل، متناسيا انه كان بالامكان لملمة شظايا المرايا تلك التي تبعثرت نتيجة اختلاف في وجهات نظر كنا ندركها حماقات، أو تعمد الى رأب الشروخ قبل ان تتكسر، برغم قناعتي ومعرفتك انك انت السبب في افتعال كل المنغصات، جهدت انا ومن خلال صمتي المرير على مسامحتك، القناعة بأنك حبي الوحيد الذي لا يخلو من شائبة توخزني وجعا بين فينة وأخرى، فاسلمت نفسي الى كل جنونك، الى تلك الاخطاء التي نرتكبها بسبب الحب..

الحب الذي اغرقتني به وحنانك سنين عمري التي جفت وريقاته حتى ابتلت بقطرات سماءك الممطرة، اتذكُر حين كنت اقول لك اني احبك مثل قطرات المطر، ساعتها تقطب حاجبيك ممتعظا ثم تقول لي: أتضنين علي بقولك انك تحبينني كمياه البحر.. اضحك من فعلك وردك الطفولي، امسك بيدك، ادنو منك، اضع رأسي على صدرك وانا اتنفس بخار جسدك الملتهب ولها واقول لك.. الا تعلم ان البحر ماهو سوى قطرات من المطر؟ تتجمع حتى يكون بتلك الهالة من الهيبة.. إني يا حبيبي احبك قطرة قطرة الى أن اتلذذ، أراك وانت تتساقط على مساحاتي كلها، أما انا فالتف كما المجنونة على ارضك لانتشي بعناوينك التي تطريها علي، لا أدري يفقدني كل تساقط تلك القطرات عن الحركة أخيرا، فأجدني اعوم على سطحك عارية من كل شيء، لا يغطيني سوى قطرات المطر التي اعشق، موحشة هي الوحدة، خاصة إذا انت لم تكن فيها، فكل العالم حتى وإن اجتمع حولي لا يغني فراقك وبعادك، إنك يا حبيبي عالمي الذي اروم الحياة فيه، سأبقى تلك الطفلة الصغير التي تعيش بداخلك وتتألم معك، تناديك حين تبتعد وتغيب.. أحبك

علني لا أكون مخطئة حين أقول لك اني اعيش بدمك، ساعية نحو شرايين قلبك لتكون وصلا لشراييني، لا اعرف هي معاناتي، احياك بصفات من يسمعها يقول اني مجنونة لاشك... فليكن؟؟ إذا كان حبك ادعاء الجنون فأنا او من يدعيه ويعنيه فعلا ثم دعني اذكرك حين قلت لي انك تتألم حين تشعر بأني اعاملك باختلاف عن المرة التي قبلها.. هكذا كنت تقول لي في احيان كثيرة، متى ما اختلينا لبعضنا البعض.. امسح على وجهك، اقبلك لأسرق منك ذلك القلق والريبة التي تزامنت معك كمرض عضال.. متسائلة طويلا اهي غيرة علي!؟ ام احساس بقصور مني اتجاهك.. سرعان ما اجدني اتجدد انوثة وانا بين ذراعيك، اتلوى شبقا وعشقا لك، استغرب انك لا تحس بتحولي الى مارد من لهيب نار أحترق حتى اذيب نفسي.. قلتها لك وأقولها الآن .. إني اعشقك حتى الذوبان، وبحت لك بأني سرقت منك كل الآلام، الاحزان، الاوجاع، رميت بها الى داخل قلبي لأعصرها نبيذ كنادلة حب يسكرك ويسكرني، لوهلة أشاطرك شربه بإرادةِ كونه يكون عالم آخر يبتعد بي وبك الى حيث النسيان عن واقع لا نريد ان نرى من خلال مراياه عيوب بعضنا البعض تلك التي نكره.

وبرغم أنك تتطلع خلسة الى تلك المرايا التي جمعتها أنت والمركونة بعيدا سأكتب .. لا بل سأصرخ فيك أحبك.. احبك الى الابد علها تصفعك حروفي التي اصرخ ألما عليك، تعيد اليك وعيك، فتقلبها نحو الحائط والى الابد، حتى لا ترى نفسك وخيوط بيضاء كثيرة وشحت شعر رأسك وصدرك.. هيا إنسى كل ذلك، لا تبحث عن المرارة في قهوتك، اسكب عليها من انفاسي قطرات مطري الكثيرة كالسُكر، هكذا ألفاني نجمة من السماء تلقي بضيائها عليك فينعكس كالشيب يضفي الجمال الى حياتك، يلقي الوقار، الهيبة والخبرة، فما الحياة إلا بحر كبير تتلاطم به اشرعة كثيرة، تتخبط سفن الحياة حتى تلاقي مرسى يضمها، يركن ربانها حيث يتوزد بالمؤونة، ثم يبحر مرة أخرى بحثا عن المغامرة التي تكون قصة تروى في محافل العصور.. هكذا اريد لك ان تكون رجل دخل عالمي وركب سفيينتي باشرعتها البيضاء، وبخبرته غمرها في الملايين من قطرات المطر التي تجمعت لِتُكَوَنَ بحرا بمياه عذبة.. اسمعت بمثله من قبل؟؟ لا أظنك تبقى بعيدا لزمن، ثم ستعود الى مرساي حينها سيكون لي حديثا آخر معك..

ستفتقد مرآتي التي عكستها عليك وادخلتك عالمها، غير أني أراك رجل آخر، متحولا رجل لم أعرفه من قبل، بعد ان مَلَك البحر وسفينة الحياة، إنقلب الى ملك سلطان جائر.. بل الى قرصان لا يبغي او يكتفي بما عنده، فيروم باختلاق المنغصات حتى يبحر الى مياه مالحة، الى حيث اللامعلوم في عالم مفترق طرق تتشعب به الدروب الموحشة، كثيرة اعاصيره المدمرة ..
لعلك تتسائل حين أقول: إنك يا حبيبي رجل غير الذي أعرف..

لكنك بالتأكيد تعرف بأنك الرجل الذي احب، لذا اترك لك الاختيار بعد ان البست اعذارك اجراس تدق لك في عالم النسيان الذي سترحل إليه .. تُذكرك بأنك رجل يبحث عن المرايا ليجد نفسه من خلالها، بعد ان حطم مرآته الحقيقية في لحظة غرور.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى