الجمعة ١٥ تموز (يوليو) ٢٠١١
بقلم بوعزة التايك

صدور تختنق

بحانة اﻹليزي بفاس يوم 23 فبراير 2010، زبون يشرب وبجانبه فتاة محتجبة (أقسم بالله العظيم أن المسألة لا ﮐﺫب فيها ولا مزايدة ولا ﺇبداع). هو يشرب «بيرة» وتشرب هي كوكاكولا لأنها لا تقرب الخمر. تقرب فقط رجلا بنية الزواج. يشرب وهو يغازل وجنتيها ولون عينيها وتشرب هي داعية الله تعالى أن يهديه إلى الطريق المستقيم. يشرب وعيناه في عينيها يرى فيهما الأمسيات التي ضاعت وتشرب هي متسائلة كيف لرجل متزوج أن يقضي وقته في الحانة للبحث عن السعادة في قعر الكؤوس.

قضى الأمسية وهو يشرب وقضتها هي في الدعاء له في سرها بالتوبة..وقضيتها أنا في الشرب والكتابة وأنا أتساءل: من على حق؟ هو أم هي أم أنا أم أرملة والدي «منانة» التي قضت حياتها في التعبد وخدمة والدي والتي قمت بزيارتها اليوم بمدينة «صفرو» حيث تقضي ما تبقى لها من أيام بمركز خاص بالعجزة بسبب مرض «الزهايمر» الذي أصيبت به بعد وفاة والدي سنة 2005؟ هي الآن وحيدة بعد أن فقدت ﺫاكرتها وﺫكرياتها تعيش وسط عجائز لاشك عبدن الله وخدمن أزواجهن ودللن أولادهن وأحفادهن.

يشرب بلا هوادة وتدعو له هي بلا هوادة وأنا أشرب وأكتب بلا هوادة وأرملة والدي تغوص رويدا رويدا في ظلام الحياة هي التي لم تعبد ﺇلا الله ولم تعرف إلا والدي ولم تشرب إلا من ماء زلال لا يكف عن الهطول من قلبها و عيون أيامها.

تعب من الشرب. صار يتلعثم في الكلام والحلم. لم تتعب هي. سايرته في طريقة كلامه بل تفوقت عليه. أصبحت وقحة تسب الرجال والدين والملة. فجأة غادرت بسرعة فور سماعها أﺫان العشاء كي لا تفوتها صلاة الجنازة على أحلامها.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى