الخميس ٣٠ تموز (يوليو) ٢٠١٥
أصوات أدبية
بقلم ميمون حرش

صوت القاصة الناظورية نجاة قيشو..

يحق للناظور، اليوم، أن تتجمل وتتباهى ببناتها وبنيها، وأن تجلس في هودجها أميرة متوجة، فحاديها شباب يحرصون على أن يهبوها نبتة خضراء، بها تخضب يديها بحناء العرفان بعد أن حفرتها أخاديد الجحود سنين طوال؛بالأمس كانت خاوية الوفاض، ونادية الإنفاض بسبب من هجرها،وأدار الظهر لها اللهم إلاّ من رجالٍ قلائل تحدوا سنوات الرصاص، وحرصوا على أن يهبوها كنز الربيع..

اليوم أصبحت الناظور تكتنز لحماً وشحماً بفضل أبناء وسيلتهم القلم، والركح، والصحافة والعمل الجمعوي.. كل من موقعه، يناضل بطريقته كرمى للسيدة مدام "ريف"..

ونجاة قيشو إحدى بنات الناظور، قاصة، مبدعة، استطاعت في وقت وجيز أن تجعل النقاد يؤمنون بموهبتها بفضل كتاباتها الجميلة، والبارعة، والذكية والشائقة..

لها في القصة القصيرة جداً " وشاح الخنساء"، وهي باكورة أعمالها، وحول هذا المؤلَف، ومحطات أخرى لنا معها وقفات عبر سلسلة حوارات في " أصوات أدبية "..

نجاة،مرحباً بك في " أصوات أدبية".. قدمي نفسك للقراء بما تحبين؟

بسم الله الرحمن الرحيم، و صلى الله و سلم على المصطفى الأمين و على آله وصحبه و من تبعه بإحسان الى يوم الدين.تحية أدبية عبقة يتخطى شذاها رسم الحروف ليتسلل عطراً إلى قلوب الأحبة المتتبعين.

إنه لشرف عظيم أن أحظى بهذا الالتفاتة الطيبة من شخصكم الكريم،سعيدة جداً أن أقف في هذه المحاورة أمام مبدع من الطراز الرفيع أكن له إعجاباً و تقديراً لا حدود لهما. فحييت أستاذي ميمون حرش بأجمل تحية و بوركت خطاك في سبيل الرقي بالأدب و تكريم المبدعين و الأدباء من خلال هذا البرنامج الذي ينبض و يتنفس أدباً.

بالعودة إلى سؤالك، سأقول ببساطة نجاة قيشو هي تلميذة ميمون حرش.
أنا لا أحب الحديث عن نفسي كثيراً بل أترك حروفي تتكلم عني لأني أومن أن ما نكتبه هو ما يصنعنا و ليس العكس. لكني باختصار أقول نجاة هي عاشقة للقص و السرد منذ كانت صغيرة، تمخر عباب بحر الأدب، تجذف حيناً وتلطمها الأمواج أحياناً أخرى، بعزيمة لا تخبو تحاول الرقي بكتاباتها، و تعرية الواقع بما يحمله من ظواهر وسلوكيات و ممارسات و طابوهات من خلال قصص تحمل آهات،وآمال و أحلام الإنسان المعاصر.السرد حياة و هو متنفس بالنسبة لي و متعتي، فأنا أحب السرد كثيراً، و لي نفس طويل فيه، حتى أن الدكتور والناقد ميمون مسلك قال لي ذات مرة: "أنت يسكنك سارد ثرثار".

في فترة وجيزة نجحتِ، والحمد لله، أن تلفتي النقاد حول كتاباتك.. هل من وصفة ؟

أولاً الحمد لله الذي وفقني إلى إخراج حروفي التي ظلت لأمد طويل قابعة على الرفوف وحيدة، فسمع أخيراً أنين قلمي الذي وأدته السنون تحت طيات دفاتري، حقاً أحمد الله على ذلك كثيراً، و الوصفة التي تجعل من أي عمل مهما كان ناجحاً هو الصدق و الإحساس، و لعلك أدرى بأن أي إبداع إن لم يعكس إحساس الكاتب و مصداقيته فإنه لا يعدو أن يكون فبركة، أو حرفة. وأنا منذ بدأت أكتب، و أنا أكتب عما يدور حولي وأحاول أن أنقله بنوع من المصداقية، وأظن أن هذا ما جعل كتاباتي تقترب من واقع القارئ، وتمثله.فأنا حين أكتب أعبر عما يختلج في صدري و يعج به عقلي من أفكار حول موضوع يستفزني، فأكتب دون أن أشغل بالي إن كان ما سأكتبه سيروق الآخرين أو لا. الكاتب المبدع مهما كان الجنس الأدبي الذي يكتب فيه؛ يصنع لما يكتبه عالماً يحتضنه و يتفاعل فيه بمعزل عن الآخرين، وهذا ما عبر عنه "هوراسيا كيروغا" بقوله:" حين تكتب لا تفكر بأصدقائك أو التأثير الذي قد تحدثه قصتك،اِحك قصتك كما لو كانت تهم العالم المحدود لشخصياتك والذي قد تكون جزء منه هذه هي الطريقة الوحيدة لتبعث الحياة في قصتك."

بالنسبة للنقاد فالحق يقال فقد حظيت بعض كتاباتي التي نشرتها في منابر محلية و عربية باهتمام بعض النقاد المغاربة و العرب، و أفردوا لها قراءات نقدية، غير أن هذا لا يعني أني وصلت، بالعكس هو حافز للمضي قدماً و بذل مجهود مضاعف والاستفادة من آرائهم و ملاحظاتهم، و تقبل النقد لأني أبحث دائماً عما يغني تجربتي و يمدني بالتربة الخصبة حيث تترعرع موهبتي و تكبر. كما أن آراء النقاد في كتاباتي ليست كلها كانت عسلا مصفى، فقد تلقيت أيضاً نقداً لاذعاً على بعض الكتابات التي ربما لم ترق برأيهم للمستوى المطلوب و هذا بحد ذاته مكسب لي لتصحيح العثرات و تصويب مساري، لتغدو كتاباتي أفضل و أفضل.

"وشاح الخنساء" مجموعة لافتة بشهادة الكاتب الخضر الورياشي مُقدم المجموعة، ودراسة الناقد الكبير الدكتور مصطفى سلوي.. كيف تشتغلين على نصوصك، هل تضعين تصميماً أ وخطاطة ما قبل الكتابة؟..
برأيي المتواضع، الإبداع ليس مشروعاً يخطط له، فالإبداع يبدأ لدى الكاتب بالإحساس بالمشكلة و الرغبة في إخراج ذلك التشويش الذي تحدثه تلك المشكلة في نفسية و عقلية المبدع، فتنبثق الفكرة و تكبر و تخرج منتوجاً يتسم بالجدة والأصالة. مجموعتي "وشاح الخنساء" كانت حصيلة تجربة في القصة القصيرة جداً دامت قرابة سنة، باعتبار أني في الأصل كاتبة قصة قصيرة، غير أنه في وقت من الأوقات أغوتني هذه القصيرة جداً فانسقت وراءها و ضعت في دروبها و تعلمت أساليبها، فأخفقت و أخفقت مرات عديدة قبل أن أتمكن من الإمساك بتلابيبها، و ذلك بشهادة من سبقوني إلى هذا الجنس الأدبي. بعد ذلك بدأ مشروع هذه المجموعة يختمر في عقلي، و قد امتنعت عن النشر لمدة طويلة إيماناً مني أن تجربتي لم تنضج بعد. لكن بفعل تشجيع أساتذتي أتى المخاض أخيراً وكان المولود هذا الوشاح الذي أتمنى أن يكون قد تكلم عني قليلا في الساحة الأدبية الوطنية وأعطى انطباعاً طيبا لدى القراء و النقاد.

أول نص من نصوصك الستين في وشاحك هو"اتفاق" خصصته للرجل، وآخِرُ نص فيه "بائع" عن الرجل كذلك،وحضور "الذكر" و لا أقول الرجل لافت، فلماذا "وشاح الخنساء"، وليس رداء غاندي، أو ربطة عنق فلان أوعلان.. العنوان مستقى من مخدع الحريم وليس من ديوان الرجل رغم طغيان تيمة الذكورة.. كيف تفسرين هذا الاختيار ؟

صحيح أن الموضوعة التي حظيت بحصة الأسد في المجموعة هي موضوعة المرأة والرجل في علاقتهما الشائكة، لكن هو ليس اختياراً مني، فكما سبق أن قلت أنا أكتب عما حولي و لا أخطط لما سأكتب، فلا أقول مثلا سأكتب قصة عن كذا و كذا،ففكرة أي قصة تنبثق تلقائياً في مخيلتي فتجدني أحمل قلمي وأترجمها إلى نسيج قصصي. بل إني أحياناً أكتب و أنسى ما كتبت، لان القصة تكون وليدة لحظة انبثاق الفكرة في عقلي، و المضحك في الأمر أني أحياناً أكتب القصة على ورقة ممزقة فأرميها في الدرج و يمر وقت طويل إلى أن يأتي يوم و أتعثر بها بين الأوراق فأقول من كتب هذا؟ !!.

دعينا في العنوان "وشاح الخنساء"،هو مجرد نص في المجموعة ولا يعبر عن كلية تنسحب على نصوص المجموعة، ولا عن رؤية شمولية حسب تعبير الدكتور مصطفى سلوي..هو مجرد فرع وليس شجرة..لماذا هذا التقليد، أعني لماذا تستهوي المبدعين نصوصٌ في مجاميعهم فيختارونها عناوينَ لكتبهم الإبداعية ؟
طبعا لكل كاتب رؤية حول منتوجه قد تفضي به الى اختيار عنوان جامع شامل يمثل المجموعة في كليتها حيث يعبر عن رؤية شمولية لمضامين النصوص التي تحتويها المجموعة، أو إلى اعتماد عنوان نص معين من المجموعة، و غالباً ما يكون هذا النص ذا حمولة و وقع في نفس الكاتب.

وشاح الخنساء نص عذبني و ظل يختمر مدة حتى وجدت له الصياغة والقفلة المناسبتين، و هذا النص من أحب النصوص إلى قلبي ذلك أنه يعبر عن قضية وطن تمزق وارتوت الأرض من دماء أبنائه، و غاصت مقل الأمهات بالدموع تبكي بنيها الذين قبروا، الخنساء هي ذاك الوطن الذي يبكي بنيه ويرثيهم.، و الوشاح هو ذلك النسيج و الروابط التي تفككت و تمزقت و عبثت بها عواصف الربيع. فلوشاح الخنساء حمولة إنسانية وسياسية و قومية، لهذا حظي هذا النص بشرف أن يكون على غلاف المجموعة.

تتكون "الوشاح" من ستين نصاً قصصياً، والعنوان النكرة طاغٍ.. هل من تفسير لهذه الظاهرة؟ هل يتعبك العنوان؟وكيف تختارين عناوينك؟..

إن أصعب مرحلة في كتابتي لأي قصة هي مرحلة اختيار العنوان باعتباره يشكل العتبة لفهم المتن، فيجب أن يكون دالاً و غير مباشر و فاضح، و أن يحقق ذلك التكامل مع القفلة في تحقيق الدهشة و يكون مثيراً و شائقاً بالنسبة للقارئ لهذا فهو يأخذ مني وقتاً أكثر بكثير من الوقت الذي استغرقه في كتابة قصة بكاملها،فقد اكتب قصة في بضع دقائق ويستغرق اختيار العنوان ساعات و أحياناً أتخلى عن القصة لأني لم أجد لها عنواناً يرضيني.

تستهويني العناوين المفردة في القصة القصيرة جداً، لا لسبب سوى أني أجدها أنسب باعتبار الحجم الصغير للقصة القصيرة جداً و الذي لا يحتمل عنوان أكبر من المتن. كما أن العنوان النكرة غالباً ما يتسم بأنه مبهم و يثير حفيظة القارئ لاكتشاف المتن و البحث عن توضيح للسؤال المبهم الذي يحمله العنوان المفرد النكرة و هذه رؤيتي و الله أعلم.

يقول الناقد الكبير مصطفى سلوي في دراسته للمجموعة بأن نجاة قيشو تطل على عالم القصة القصيرة جداً من خلال ستين أقصوصة، وهو يسجل إعجابه الشديد بنصوصك من حيث احترامُك لبنية القصة القصيرة جداً.. وهذا تناقض واضح..أنت تكتبين قصة قصيرة جداً أم أقصوصة؟ ثم هذا الخلط في التجنيس هل من تفسير له..؟
طبعاً أكتب القصة القصيرة و لا أظن أن الدكتور مصطفى سلوي لديه خلط في الأجناس فهو ناقد مشهود له بالحنكة و الفطنة، ربما هو خطأ لم ينتبه له. أما عن الخلط الذي نراه في الساحة الأدبية بين القصة القصيرة جداً و الأقصوصة و القصة القصيرة، فراجع بالأساس لاختلاف المنظرين في شروط كل جنس أدبي على حدة هذا من جهة، من جهة أخرى فقد كثر الهرج و المرج خاصة في القصة القصيرة جداً فصار كل من يكتب كلمتين يقول عنها قصة قصيرة جداً، و ثانٍ يقول ومضة و ثالث أقصوصة فضاع التجنيس وسط هذا العبث الذي تشهده صفحات التواصل الاجتماعي خاصة. و إن استمر الحال على ما هو عليه خاصة في غياب المراقبة و في ظل انتشار منابر غير جادة تفتح أبوابها للعابثين فإن الأدب سيصير مرتعاً للأقلام العابثة فتقل المردودية تبعا لذلك.

ملاحظة سجلها الناقد الكبير مصطفى سلوي هو تكرير العنوان الواحد في المجموعة،قصة "موعد" في ص17، وص 58، وكذلك نص " حكمة" يتكرر في ص 14 و 46.. هل هي ظاهرة مقصودة، أم هو مجرد سهو وصدفة..؟

ليس ظاهرة مقصودة، و ليس سهواً و لا صدفة، هو إيمان مني بأن العنوان مناسب للقصة و كما سبق و أن قلت أنا أتعامل مع كل قصة ككيان قائم بذاته مجردة عن باقي القصص فان وجدت أن العنوان مناسب فلا ضير عندي أن يتكرر.

ظاهرة أخرى، ويشترك معك فيها مبدعون كثيرون ممن يكتبون القصة القصيرة جداً.. لماذا يغيب اسم البطل في قصصك، وبدلا من ذلك تكتفين بضمير عائد عن الرجل أو المرآة؟

ببساطة لأني أترك القارئ يسقط الشخوص على من يجد القصة تمثلهم فيجد لهم أسماء من تلقاء نفسه.

يقول الناقد الخضر الو رياشي في تقديمه للمجموعة: " قصص نجاة في مجملها بارعة، وذكية، و شائقة..."
البراعة، والذكاء، والتشويق،كيف تنجحين في إيلاء هذا الأثافي حقه، وهل هناك رواد لفنِ القصة القصيرة جداً أفادوك في هذا الأمر؟

الناقد الخضر الورياشي قد شرفني بهذا التقييم، و يبقى التوفيق من الله، أما عن القصة القصيرة جداً فاني أعترف أني كنت عصامية التكوين،كنت أقرأ الدراسات و أجتهد وأعرض منتوجي على القارئ و على من سبقوني في الميدان فأتلقى تشجيعاً من هذا ونقداً من ذاك و لم أبدأ في قراءة المجموعات القصصية إلا بعد أن تمكنت من الإمساك بتلابيبها.

أنتقل بك إلى التيمات /des temes المعتمدة في وشاح الخنساء..
يبدو لي أن " الرجل والمرأة والشيطان ثالثهما" هو السياج أو هو للدقة ذلك الوشاح الذي يلف أكثر نصوص المجموعة، نحو "على نار هادئة"، و"كان يا مكان"،و"من.. إلى"،و"قطعة حلوى"،و"مسخ"،و"هو وهي"،و"حوار"...لماذا هذا الحضور الطاغي لثنائية الرجل والمرأة؟

ربما لأني أنثى..هههه،
أو ربما لأن هذه العلاقة الشائكة بين هذا الثنائي المرأة و الرجل تغري بالكتابة خاصة أن مجتمعنا يعج بالقضايا التي يكون الرجل و المرأة و الشيطان ثالثهما كما قلت أبطالا لها.

ثم إن المرأة في الوشاح سالبة، مبتذلة، وضحية وصيد رخيص..هل من رسالة هنا؟

أكيد فان لم تحمل القصة رسالة فهي كلام فارغ من أي حمولة، ولا يجب أن يفهم من هذا الاختيار أني أنتصب مدافعة عن المرأة،ففي مجموعتي لم أظهر المرأة دائماً في موضع الضحية فكانت أيضا المرأة اللعوب ( نص "وداع")، و المخادعة ( نص "تكتيك") و الساحرة ( نص "رقصة").. و غيرها من القصص التي تدل على أن المرأة ليست دائما ذلك المخلوق الرهيف اللطيف منبع الحنان و الرقة. و أنا أصبو من خلال قصصي إلى تعرية الواقع و وضع اليد على الجرح و تنبيه القارئ إلى سلوكيات وممارسات قد تعترضه في حياته، أو قد يكون شاهداً عليها.

إن ثنائية الرجل والمرأة هي ثنائية متباينة تتكامل في اختلافها ولا تتطابق في وظائفها،بحيث يدور كل منهما حول الآخر وتتمثل الروابط التي تجمع بينهما في الجذب والدفع. وإذا حصل أن اصطدما فإن كلاً منهما سيتضرر.

خاصية أخرى في الوشاح تتعلق بإيلائك للحوار أهمية كبرى، تمنحين له بعداً تواصلياً، ومقصدية من خلال استحضار المخاطب.. هل طبيعة الموضوعات تفرض ذلك، أم لثنائية الرجل والمرأة الطاغية على المجموعة يد في ذلك..؟
أسلوب الحوار يغني أي كتابة قصصية لأنه يبطل دور السارد و يترك الشخوص تتولى مهمة السرد، مما يعطي للقصة جمالية و حياة و تخلق نوعا من التفاعل و التنامي في الأحداث و تقلل من وطأة السرد المستمر الملل.
أحب أن أسجل إعجابي بلغة "وشاح الخنساء"، جميلة ومخملية.. فمن أي مشتل تنتقين ألفاظك، وجملك، وتعابيرك..؟

القراءة مثل المطر تزودك برصيد لغوي و تغني أسلوبك و تسقي مراعي الإبداع فيك.
" فتوى"، و " وشاح الخنساء" نصان جميلان جداً برأيي، هما على خلاف بقية النصوص يختزنان شحنة من المعاني من خلال استدعاء التراث، والتاريخ في ديباجة أنيقة.. هذا النوع من النصوص قليلة في المجموعة لماذا هذا الاقتصاد في الاغتراف من التراث، والتاريخ؟..

أشاطرك الرأي في آن المجموعة تفتقر لمثل هذا النوع من النصوص. و يبقى وشاح الخنساء تجربة أولى ربما قد تليها تجارب أكثر غنى..يبدو يا أستاذي أنه شغلتني هموم واقعي فنسيت التاريخ و التراث هههه.
نجاة سجلت حضورها المتميز في مهرجان الناظور للقصة القصيرة جداً في نسخته الرابعة في مارس 2015..لا بد من استفادة ما، حدثينا عن "الإضافات" ؟ وما هي الأسماء العربية التي التقيت بها؟

من الأسماء التي تشرفت بالالتقاء من المغرب هناك سعدية باحدا، حسن برطال، عبد الرحيم التدلاوي،عبد الحميد الغرباوي، نعيمة الادريسي، سمية البوغافرية،ورحيمة بلقاس، وحسن قرى..والنقاد مصطفى سلوي، و ميمون مسلك، و محمد يوب و من الدول العربية سعدت بلقاء الكتاب فاطمة وهيدي،جلنارزين،وجمعة الفاخري، ورقية هرجس، وعفيفة أم الشيماء... و غيرهم من الكتاب و الأدباء الذي حلوا ضيوفاً على المهرجان.
بعد نشر الوشاح هل يمكن أن نتحدث عن نسبة "مقروئية" المجموعة؟
هههه لا أعلم.
18 - لماذا لا يقرأ المبدعون لبعضهم؟
أنا عن نفسي أقرأ لكل قلم يستحق القراءة و لا فرق عندي إن كان له عشر مجموعات أو ينشر فقط على مواقع الانترنيت.

-19لمن تقرأين من بنات جيلك في القصة القصيرة جداً؟

ليس هناك أسماء محددة.

فزتِ، مؤخراً، بالمركز الأول في مسابقة القصة القصيرة عن نصك " قلبان في قفص".. نبارك لك أولاً هذا الفوز المستحق وتالياً دعيني أسألك، وسؤالي هنا من شقين :
 عما يمكن أن يضيفه هذا الفوز لرصيدك ؟
 بعض النقاد يرون بأن المسابقات الأدبية مجرد مضيعة للوقت، ولا تحكمها ضوابط، والزبونية فيها اليد الطولى والقِدح المُعلى، كيف تردين؟

لأكون صريحة معك لا تهمني المسابقات كثيراً، و قد أحجمت منذ زمن عن المشاركة في المسابقات التي تنظم على مواقع الانترنيت. شاركت في هذه المسابقة التي نظمتها مجلة قصيرة و ذلك بعد ما تلقيت دعوة للمشاركة من طرف رئيسها الأستاذ يحيى أوهيبة باعتباري عضوة في المجلة والحمد لله تمكنت قصتي "قلبان في القفص " من كسب رضا مجموعة من الأساتذة والناقدين والمهتمين بمجال القصة القصيرة الذين كانوا أعضاء في لجنة التحكيم. يبقى الفوز في مثل هذه المسابقات حافزاً للكتابة و تشجيعاً على الاستمرار خاصة في غياب التحفيز على أرض الواقع.
أما عن المسابقات، ومدى جديتها فهذا يتوقف على الجهة المنظمة للمسابقة، ولا يمكن الحكم على أن جميع المسابقات عبث و لا تحكمها ضوابط.

"عمر" بطل قصة" قلبان في القفص"و الفائزة بالمركز الأول يبدو شخصية "غير حية " حسب تعبير مُنظري الرواية، هو مهدد بالقتل / الإعدام، ومؤمن بقضية،وفي جلسات العلاج التي كانت تشرف عليها الطبيبة "إميلي" في الزنزانة ستنشأ بينهما علاقة حب، يقول لها مثلا : "أجد بين يديك الدواء"، سؤالي هو: كيف يمكن لمناضل متفائل بما يُقدم عليه من تضحيات أن ينساق مع هذه " الريح الجديدة" وهو الذي وهب نفسه لقضية مصيرية.. كيف يستقيم هذا برأيك..؟

ألم يقل وليام شكسبير إن الحب أعمى؟ !،المشاعر ليس لها منطق، فإن تحركت فلا يهم إن كانت هناك عداوة أو حرب. ونشوء مثل هذه العلاقة ليس جديداً بل هو تقليد معروف في أدبيات الرواية العالمية. و هذا ما أشار إليه الناقد صلاح هشام في قراءته النقدية للقصة بقوله:" فقد تحولت علاقة السجين عمر بالطبيبة من علاقة تطبيب إلى علاقة حب، هذا الحب، أو ما نسميه بالعشق المستحيل أو الممنوع وقس على ذلك من العناوين، فكثيراً ما سمعنا وقرأنا عن هذا النوع من الحب الذي تؤدي ضريبته في أحيان كثيرة من حياة المتحابين لأنهما يكونان ينتميان إلى طرفين متناقضين،فيحول هذا التناقض دون جمع المحبين،وهذا ما نلاحظه في هذه القصة الجميلة،إذ يستحيل أن يجتمع المظلوم بابنة الظالم، إلا إذا حدثت المعجزات، وإن كنا تعلمنا عبر العصور أن الحب يصنع المعجزات".
إن الحب الذي نشأ بينهما كان ضرورة فنية لدعم البطل بالقدرة على النضال حين يجد هذا الحب العذري الذي يملأه قوة وعزماً، هذا من جهة، ومن جهة أخرى اخترت هذه العلاقة للتعبير عن شرعية القضية حين يشهد طرف من العدو للمناضل ويتعاطف معه، بل و يخون وطنه من أجل هذا المحبوب بعدما أدرك قدسية و مشروعية مطلبه.ففي قصة ( مغيب القمر) ل شتاينبك الأمريكي كان الأعداء ينشدون مع الأسرى الذين سيقتلونهم أغنية واحدة تعبر عن روح السلام المفروض أن يعم العالم، وما أبدعه من مشهد !. كما تجب الإشارة هنا أن عمر ليس شخصية غير حية أو في انتظار الموت، إن اختيار عمر بهذه الكيفية ضروري فنياً لبيان كيف تهزم الروح القوية ضعف الجسد، و كيف يهزم الإيمان جبروت العدو، و كيف يهزم الحب الكراهية.

22 - طيب، وماذا عن نهاية قصة" قلبان في القفص" تبدو لي مفبركة، وتحرير إميلي لعمر من السجن غير مقنع ألبتة..كيف يمكن للقاص أن يتملص من سلطته بحيث يترك شخصياته تتحرك بحيث تتصرف، تتكلم، وتعيش كما تريد لا كما يريد هو من خلال إملاءات؟
طبعاً رأيك يحترم أستاذي، غير أني أرى أن النهاية غير مفبركة بل منطقية لأن الحب الصادق القوي هو الذي دفع اميلي إلى تحرير عمر لا إرادة الكاتب، الكاتب لم يتدخل فلا هو جعل عمر يدخل في حوارات جدلية كثيرة حول الحرية والاحتلال، و لا ضغط على إميلي لتحريره، بل اختار أن يكون السلوك الإنساني والشعور الإنساني هو محرك القضية وناصر الحرية. قد أذهب معك في أن النهاية لم تكن بتلك الدهشة باعتبار أن قارئ هذه القصة قد يتوقع نهايتين لها؛ إما موت عمر أو فراره،فأول نهاية كتبتها كانت موت عمر، غير أن شيئاً بداخلي لم يرض على تلك النهاية فغيرتها، أردتها نهاية فيها أمل، فيها انتصار للحق، فيها حلم يموت من أجل حلم أخر. و جمالية هذه النهاية ليست في الإدهاش بل في المفارقة التي خلقتها، كيف يبيع أصحاب الوطن وطنهم من أجل بضعة قروش(البياعة)، وكيف تخون ايميلي وطنها من أجل هذا الوطن المغتصب، و تضحي بنفسها لنصرة الحرية .آثرت أن يظل حبها مسجوناً في صدرها على أن يظل هذا الوطن في قفص وطنها مسجونا!، وهنا تكمن جمالية هذه النهاية.

23 - ما تقولين في حق :

الخنساء،
الخضر الورياشي،
جمعية جسور للبحث في الثقافة والفنون.
الخنساء عروس بحناء تنتظر عريسها و تأمل أن يكون لها بنات و بنون كثر..
الخضر الورياشي،منجم كنوز.
جمعية جسور للبحث في الثقافة والفنون، النجمة التي تضيء سماء الأدب في الناظور.

-24يشرف سلسلة " أصوات أدبية" أن تستضيفك، وشكراً على رحابة الصدر..كلمة أخيرة من فضلك..
شكراً لك أستاذي ميمون حرش على التشجيع المستمر،و نصرة الإبداع والمبدعين، وعلى الاستضافة الكريمة و فنجان الأدب الحلو المذاق الذي ارتشفناه معاً في هذا الحوار الأدبي..

ولكل مبدع حقيقي،أهمس له قائلة : لا تحقر قلمك ولا تستعجل، وثق أنك ستصل،فمن مشى على الدرب وصل، فقلمي أنا بعث من الأنقاض، ورغم أني لم أكن أنشر و لاأحد يقرأ لي غير أني لم أتوقف عن الكتابة،ببساطة لأن الكتابة حياة،متنفس من دونها أختنق. وكلمتي الأخيرة لكل متتبعي سواء في العالم الحقيقي أو الافتراضي أقول لكم شكراً من القلب على كل كلمة تشجيع، و على المساندة و على المتابعة المستمرة،حياكم الله و دمتم بخير.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى