الخميس ١٦ تموز (يوليو) ٢٠٢٠

صِدامُ الحَقاَراتْ

خليل بوبكر

البعض يسألني لم لا أكتبُ منذ وقتٍ طويل، والبعض، ومنذ وقتٍ قليل كَـتَبني مَـيِّتاً على جُدران التَّساؤلات..

عندما نَشرَ الفتى ذو الثمانيةَ عشرَ عامًا "عمر فاخوري" كتابَه الأولَ "كيف ينهض العرب" قامتْ عليه الدُّنيا، وكادَ يتعرَّضُ للسجن وصُودرت نسخ الكتاب وأُتلفتْ..فمن أنا لأكتب عن المحظور ولدي أمٌ تُدمنُ وجودي وتنتظرُ حفيدها الأول الذي سَيحملُ ملامح وجهي لأنَها تشتاق أن تراني صغيرا خالٍ من الهموم، تقول بأنني كنت جميلاً عندما كنت صغيرا، وأظنها كانت تعني بأنَ الوطن كان جميلاً عندما كنتُ صغير..لكن ربما خانتها العبارة!

كَفَرَ "باروخ اسبينوزا" بثنائيةِ ديكارت عن العقل والجسد بعد أن آمن بها، أما أنا فقد آمنتُ بِهاَ بعد أن كفرتُ بِها لأنَّ عقلي يريدُ أن يكتب وجسدي لا يريد، أَصَابعي تقيمُ عصياناً حضارياً على أفكاري، إنها ترفضُ الحبر وتتعالى على الورق وتسخَرُ من صورِي البلاغية التي ألتقُطها بالكامير الأمامية لِذاكرتي المهترئة..

يأيها الذين آمنوا بحرفي كيف أكتب وجاري المسن يترصدُ صَفْحتي ويضع رقمَ أُمي على شاشة هاتفهِ كي يتصل بها ما إن أُخطئ التأويل، وإمامنا الموقر الذي يتَُسكع في الخدُّور ينتظر رداَّ مني على كلامِه عندما قال بأنه متزوجٌ من عالمةٍ كبيرة من الجن تأتيهِ بأخبار كوريا الشمالية، وصديقي الأديب ينتظرني حتى أكتب لينتشلَ اسمي ويضع اسمه على النص بعد إضافةِ القليل من البهارات، وحبيبتي تُراقب حرفي بحثاً عن رائحة أنثى مشتبهٍ بها بينَ الفواصل، أما أبناء الحسن البنا فينتظرونَ مني ترِكَةً غير تلكَ التي قَسَّمت عليهم شعوب الثورةِ ذاتَ ربيع، وصديقِي العلمانيُ بدورِهِ يبحثُ بينَ نصوصي عن هجاءٍ لفولتير يعاتبني عليه، صديقي القومي يبحثُ عن دماءٍ لناصر بين أطياف حبري المتناثرة، وأصدقائي السوفيوت يتحسسونَ شماتةً في عام ٩١، زملائي الرأس ماليين يبحثون عن صورةٍ لكارل ماركس أضعهُ فيها أمام المِقصلة كي يُشوهوا صورتي عندَ أمريكا، أما أصحابي المولعينَ بخرافة المؤامرة فينتظرونني حَتى أترحمَ على أرواح شُهداءِ التيتانيك ليحدثونني في الخاص "لقد كان غرقا مدبرا"،

ولماذا!.

سيقولون "من أجل إنشاء البنوك"

كانت الفئران لتأكل نقودكم لولا البنوك، أم إِنكم تُفضلون أن تأكُلَ أموالكم الفئران لا الجُرذان!، شاهتْ وجوهُ التَّـفْـكِيرْ فتزينت وجوهُ التَّـكْـفير والتنظيرِ والتشهيرْ..

فِتنٌ مستعرةٌ وتراشقاتٌ بالويل والإتهام بدل الأفكار، تاهتْ معالمُ الصَّلاحِ بينَ وُجوهِ المفسدين، فبرزت مظاهر الخيانة على أَكُفِّ المصلحين، عقدٌ ونيفٌ والسياسةُ تُبْحِرُ في معالم الدين بسفينةٍ رُبَانُها الحِمار الأول والقائدُ الأدنَى للقواتِ الْمُشَـبَحَة وأقولُ لهُ:

ومن الناسِ رجالٌ آمنوا بالحرفِ فمنهم من أصدر روايتهُ الأولى ومنهُم من ينتظرْ وما طبَّلوا تَطْبيلاَ!

خليل بوبكر

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى