الأربعاء ٢٧ نيسان (أبريل) ٢٠١١
بقلم حنان بديع

عالم بنكهة الجنون

رغم بوادر الجنون والهذيان التي وصمت بها شخصية القائد معمر القذافي إلا أنه ليس بمجنونا رسميا وإلا ما كان قد نجح في قيادة الملايين لمدة 40 عاما ، إذن أي نوع من أنواع الجنون هو؟

أنواع الجنون التي تطرقت إليها الكتب والدراسات كثيره بدأ من الأحمق ثم الأخرق ثم الرقيع وننتقل الى الجنون الأصيل حيث المعتوه والممسوس ثم المخبول الخ .. لكن أي من الكتب لم يتناول الجنون الغير رسمي المتداول بين الناس ، هذا النوع الذي ربما يدخل فيه بعضنا دائرة الجنون وبشهادة فخريه.

عادة ما نشير اليه بعبارة (الجنون فنون) ونغمز ونلمز الى العلاقة الوثيقة التي تربط الفن بتوأمه الجنون رغم أن الحياة بلا فن هي لوحة لا ذوق فيها أو جمال، لوحة عادية أما الغير عادي فهو ما يسترسل في اللامعقول ومثل هذا الجنون في الحياة يصنع المعجزات، معجزاتنا التي تشبهنا طبعا فهي إما جيده أو سيئة عملا بالمثل القائل (الإناء بما فيه ينضح)..

ولإن الكمال لله وحده فلا تعجبوا اذا ما لاحظتم بوادر لوثة في عقل عالم عبقري أو مسحة جنون في شخصية فنان أو بوادر عصاب وكآبة لدى عاشق ولهان أو حتى ممارسات تدخل في إطار الغرابة لدى شاعر أو فيلسوف.

لكن لماذا؟

أجاب على هذا السؤآل الكاتب الفرنسي (أندريه موروا ) حين قال: الأصح أن نقول أن جميعهم كانوا سيصيرون عصابيون لولا أنهم أصبحوا روائيين وفنانيين فالعصاب هو الذي يصنع الفنان والفن هو الذي يشفيه.

رغم هذا فإن(المتهم برىء حتى تثبت إدانته) والفلاسفة والشعراء والفنانيين والعلماء متهمون بأنهم سودوايين ويعيشون خارج حدود الزمن والوجود.

بل أن معظهم يفضل الوحده ولا ينجبون الأطفال فمؤلفاتهم هي أطفالهم!

عاداتهم عجبية غريبه تختلف عن عادات البشر هذا اضافة الى الحساسية والقلق والتطرف كلها صفات تقربهم الى الجنون وهم أعقلنا وأكثرنا حكمة وذكاء!

هذا طبعا إن لم يصل الأمر الى ذهاب العقل وفساده أي الجنون (الرسمي) .

أما الجنون (غير الرسمي ) فهو مثير في أعراضه ، الجنون غير الرسمي هو عالم بنكهة الجنون ليس إلا ..

الى هذا العالم كان ينتمي أديسون مخترع المصباح الكهربائي وهو ذاته من كان ينسى اسمه أو ينسى أن يتناول طعامه ظنا منه أنه قد تناوله !!

أما مجنون ليلى (قيس بن الملوح) الشاعر الذي كتب أجمل القصائد فهو ذاته المجنون الذي هام على وجهه كالأبله يناجي ليلاه !!

في عالمنا العربي لا يجرؤ كاتب على أن يعترف أو يفخر بجنونه إذ لا زالت هذه التهمه تشكل نوعا من (التابو) في ثقافتنا العربيه لكنه شائعا ومعترفا به لدى الكتاب الغربيين بل لم يعد يثير أية حساسية تذكر.

أما رأي الشخصي فعلى الشعراء تحديدا أن يكونوا ممتنيين لجنونهم وغرابة أطوارهم ذلك لأن جنون الانسان يهلك شعب بأكمله أما جنون الشاعر فينهض بالأمه بأدبه وشعره.

فالشاعر حين يدخل باب الجنون يعرف كيف ومتى يخرج منه بينما الانسان العادي يدخل باب الجنون ولا يعرف الخروج منه أبدا...

لكن مؤلف الكتاب الأخضر صدق على ما يبدو أنه أحد هؤلاء المجانين ويحق له ما لا يحق لسواه.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى