السبت ٢٦ شباط (فبراير) ٢٠١١
بقلم أحمد الحارون

عناق الأيدى

إليكِ
يا من كنتِ
حبيبتى
ضحكَ المشيبُ برأسى
ومازلتُ أذكرك
كتبَ الزمانُ سطوراً فى عارضى
ولا أسلوكم
دقَّ العظمُ وضعفَ الجسمُ
وهواكم يزيدُ
ولا ينقصُ
كانَ مطلعُ الشمس لدىَّ
منْ محياها
ومنبعُ السحر منْ طرفها
وأولُ الليلِ فى رأسها
وللعيونِ فى محاسن وجهها
مرتعٌ
وللأرواح مجمعٌ
إليكِ يا منْ
تضيئ شمسُ الضحى
تحتَ نقابها
وكأنَ النسيمَ من كرى عينيها
يهبُّ
أهٍ ...والثغر
وما أدراكَ ما الثغرُ
يفيضُ برضابٍ كماءِ النعيم
وحين يبتسمُ
يفصحُ عن لآلئ بيضاءَ منتظمةٍ
وحين تتكلمُ...
ويكأنَّ الأرض تُخرجُ أسرارَها
وتغزلُ خيوطَ المسك أنفاسُها
فتشرق الأرضُ
وتضئ الأفاقُ
يترقرقُ منها ماءُ الحسن
فلا يشبعُ منها
الناظرُ
ولا يُروى منها
الخاطرُ
وأهٍ حين ترمقه الألحاظُ
تكاد العينُ تسفك من خدها
دمَّ الخجل
إليكِ يا من
كنتِ
معارض الفتنةِ
ويا جلَّ حبائل الشيطان
أنت ذنبى وكلُّ آثامى
وأنتِ
طهرى وعفافى
أهٍ منك أيها الحبُّ
أعلم أن كلَّ زيادةٍ منكَ
لا تأتى إلا بنقصان
كانتَ حين تغيبُ
تكتحلُ عينى برماد الأرض
وينحدرُ الدمعُ ليروى أهداباً
فتحفرُ على وجهى أخاديدَ الهوى
كنتُ
استنشقُ عبيرَها على وقع حروفى
وظلِّ كلماتى
وأغزلُ من ظلام الليل والشوق
قناعاً فصلته
لـــ
يوارى الحبَّ الثائر فى أعماقى
ذات مرةٍ
طالَ غيابُها
ومن فرط الشوق
أخطأتْ يدى
فسلمتْ
فأحسستُ أنَّ اليدين
تتعانقان ولا تتصافحان
فتركتُ يدى فى يدها نائمة
وتعطلتْ لغة الكلام
وعانقتْ
عينىَّ فى لغة الهوى
عيناها
وخُيل إلينا
أننا إنْ تكلمنا
استيقظتْ يدانا
أهٍ حين ترى الوسنَ والنعاسَ يغلبُ على يد الحبيبِ
حين يصافح حبيبه
تتمنى أن تطولَ اللحظة
وينتقل نوم اليدين فى دعةٍ
إلى العين
فتشعرُ بين أجفانها حلماً جميلاً
ولكنْ تذكرتُ
المخيطَ
وكأنه يُضربُ فى رأسى
فسحبتُ أناملى برفقٍ
كمنْ يطرقُ بعفتهِ
ليفيقَ النائمُ داخله
ويقتلُ حلمَ العين
لكنْ
بقى فى القلبِ متعة ومرارة لا أنساهما
وبدا لى أن لمسَ يد الرجلِ المحبِّ ليدِ من يعشقُ
هو نوعٌ من التقبيلِ
وإذا تُركت اليدُ فى الأخرى
يرتفعُ هذا الإحساس فى الدمِّ
ليصلَ إلى الفم
فضمُّ اليدين هو ربما
نوعٌ من العناق المخفف
فإن طالَ وتُركَ
ينتقلُ فى الدم ليتمنى ويتمنى
(وعزمت على ألا أصافحها ثانية)
فأنا لا أريد أن أبتاع لنفسى تذكرة فى جهنم..

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى