السبت ٣٠ كانون الأول (ديسمبر) ٢٠١٧

غلمان ترامب وصراع العتبات المقدّسة

محمد احمد الروسان

وصف الرئيس الروسي الناهض فلادمير بوتين، استراتيجية الأمن القومي الأمريكي والتي أعلنها الرئيس دونالد ترامب، بأنّها استراتيجية هجومية لا دفاعية، فماذا يعني الرئيس بوتين بذلك؟. ثمة تساؤلات منطقية تمهد لمحاولة للفهم تتموضع في التالي بتفاعل: هل ستستمر العاصمة الأمريكية واشنطن دي سي وعبر نواة دولتها البوليسية العميقة(البلدربيرغ جنين الحكومة الأممية)، باعادة بناءات و صناعة برّاداتها السياسية الخاصة ومكعبات ثلجها من جديد، لغايات اطلاق مسارات حربها الباردة الجديدة القديمة مع روسيّا وفي ظلّ ادارة الجمهوري الرئيس دونالد ترامب، بوجود مجموعة متشددين باستثناء صديق فلادمير بوتين ريكس تيلرسون للخارجية(قد يحل محله جون برينان مدير السي أي ايه السابق رئيس محطة المخابرات الأمريكية لسنوات في الداخل السعودي كخيار أول، أو نيكي هيلي الهندوسية ذات الأصول الهنديّة البنجابية كخيار ثاني)، وبوجود مايك بومبيو رئيساً لوكالة الأستخبارات المركزية الأمريكية، وماكماستر مستشاراً للأمن القومي الأمريكي، وهو من يصنع السياسة الخارجية الأمريكية عبر التنسيق مع الدولة العميقة وكارتلات حكمها في البلدربيرغ الأمريكي؟ هل مسارات انتاجاتها المخابراتية بدأت في خلق وتخليق الشاكل لروسيّا؟ هل ثمة صراعات بين كوادر وأقطاب الحزب الجمهوري من محافظين جدد، ومحافظين تقليديين، وشعبويين في التنافس على مواقع صناعة القرار في ادارة ترامب؟ ان وجدت هذه الصراعات داخل الحزب الجمهوري، هل هي انعكاس لآزمة جنين الحكومة الأممية البلدربيرغ الأمريكي، وبالتالي ثمة تمرد بين كارتلاته في مفاصل منهجية العمل القادمة في العالم، وخاصةً ازاء أوروبا، وازاء الصين، ونحو الفدرالية الروسية؟ هل نكهة المحافظين الجدد ستطغى، أم نكهة المحافظين التقليديين، أم نكهة الشعبويين، أم خلطة سحرية بين المجموعات الثلاث؟ في أي سياق سياسي وأمني وعسكري، ستتموضع خطط ودراسات العسكريين الأمريكيين لجهة خيارات تفعيل خطة عملية لم يكن يتضمنها جدول الأعمال منذ حقبة الحرب الباردة، عبر تمركزالعسكريين ونشر خطوط الأتصال والأتصالات البحرية بالتنسيق والتشاور مع حلف شمال الأطلسي، حيث بدأت التبايانت مع الرئيس الجمهوري ترامب تتعمّق من الآن وتظهر على السطح، حيث صرّح قادة وكوادر الناتو أنّ خيارات الحلف العسكرية جماعية وليست فردية أحاديّة، بجانب افتتاح طاولة جلسلت العصف الذهني ومناقشة تقديم مساعدات عسكرية لسلطات كييف الجديدة بصورة مكثفة؟ في ظلّ اعتبار وايمان الدولة الأمريكية العميقة، أنّ أساس وجود الناتو كحلف هو لتحقيق الأستقرار وقمع(العدوان السوفياتي) الفدرالية الروسية حالياً؟. صحيح واقع ومعطيات وداتا معلومات، أنّ مشروع الأدارة السابقة المنتهية ومنذ عام ادارة أوباما، يتموضع في تصدير تناقضات أمريكا الداخلية بحروب الى الخارج ونهب وقتل الأمم الأخرى، لصالح الكارتلات المالية والأستثمارية في منظومة وول ستريت، يقابله مشروع دونالد ترامب في تعميق مشاكل أمريكا الداخلية على حساب غير البيض وعلى حساب المهمشين والنساء وغيرهم، ولعب دور بلاك ووتر كشركة حماية للكيانات الهشّة والتابعة والمتوحشّة، ثم تجيء بعض منظومات الحكم الأوروبي التي هي سبب وجود الأسرائيلي الصهيوني في منطقتنا، وتعلن أنّ أوروبا قلقة من تفكير ترامب عبر ترك أو تقليص دور واشنطن في الناتو، وتعلن موغيريني والتي بكت يوماً ما بحرقة على كتف وزير خارجيتنا السابق السيّد ناصر جودة:

أنّ القارة العجوز بحاجة الى جيش للدفاع عنها والتدخل الخارجي، وهي هذه الأوروبا من تقوم بتصنيع العداء الروسي، كما هي الرياض وتصنيع العداء الأيراني، أوروبا المنافقة الصلفة بجلافة، هي من دمّرت ليبيا وتحاول اخراج سورية من التاريخ عبر مسحها، خاصة وأن الحرب على سورية ونسقها السياسي بدأت حرب بريطانية فرنسية سريّة، ثم جاء الأمريكي وتوابعه في المنطقة(هذا معلوم للجميع أفراداً وجماعات بدقة، ونزعم أنّه معروف معلوم لنا كمتابع ومراقب وباحث). يسود العالم هذا الأوان حالة متفاقمة من الدفع التاريخي الحاد والعميق، فنحن لا ننجّم ولا نقتحم علم المستقبليات الذي يعتمد نظريات فلسفة التاريخ، عندما نبحث شكل العالم الجديد، فنحن أمام يالطا جديدة أنهت يالطا القديمة. الغربي يشعر بقلق شديد نتيجة ارتفاع أسهم سيطرة الدولة السورية بمساعدة الروسي، على بؤر وساحات ساخنة تستهدف السياسة أكثر مما تستهدف الميدان والسيطرة، نتيجةً للغة الميدان العسكري السوري لصالح دمشق، والرسالة وصلت الرياض وقطر وتركيا، فذهبت الأخيرة الى عميق التفاهمات التي تبلور بعضها على شكل اتفاق مع الروسي، ألمح له الرئيس التركي أردوغان في تعليقه على اغتيال السفير الروسي في تركيا(كانت ذكرى اغتياله الأولى قبل أيام فقط)، وأنّ الجيش السوري خضع لأعادة هيكلة ميدانية عميقة، وسيكولوجية بالغة الأهمية على مدار الأزمة السورية، وواشنطن تعمل على المتابعة وفي احتواء نتائج ضم القرم على المنظومة الدولية، بحيث لا يتمدد النفوذ الروسي سريعاً في دول حدائقه الخلفية، ذات المجال الحيوي للأمن القومي الروسي. وكلّما ارتفعت بتفاقم عميق حدّة الكباش الروسي الأمريكي، كلّما زادت حرارة التدمير الممنهج في سورية وتوسعت رقعة الأرهاب في المنطقة، وتوسع رقعة الأرهاب في الشرق الساخن وقلبه سورية، قد تغير وتبدّل كل المعادلات وتقلب الطاولة على رأس الجميع، وهذا يدفع العاصمة الأمريكية واشنطن دي سي في المرحلة القادمة بعد تولي ترامب سلطاته الدستورية، الى حالة من المجاهرة والأعلان بما صارت تقبله ضمناً. بالمقابل هناك طرف أمريكي مستمر في عمله وفاعل وصقوري يتصل بحبل سريّ بالبلدربيرغ الأمريكي يقوم بأدوار خطيرة، تشي أننا أمام المرحلة الثانية من الحرب في سورية وعليها، لتحسين شروط التفاوض الأمريكي الغربي البعض العربي المرتهن أمام المحور المقاوم الممانع والمضاد، وهناك سلاّت من الضغوط القادمة على الأردن لمزيد من توريطه بالحدث السوري، لنقل الفوضى اليه ولجعله(مثل اسفنجة)تمتص مخرجات المفاوضات الفلسطينية الأسرائيلية العبثية(السريّة والمعلنة)، فهل يزور الملك ايران قريباً لغايات ادارة فاعلة لملف الضغوط الأقتصادية والسياسية والأمنية على بلاده؟ أم يزور سورية أولاً؟. التنسيقات العسكرية والمخابراتية بين موسكو وعمّان تتفاعل وتتطور ونوعية في مفاصلها(لمّح السفير الروسي في عمّان لها في آخر لقاء صحفي له)، هل كل ذلك من أجل الترتيبات الخاصة والعامة لترسيخ تواجد الجيش العربي السوري على كامل الجبهة الجنوبية وفتح الحدود رسميّاً بعد الأنجازات النوعية والكمية للجيش العربي السوري شقيق جيشنا العربي الأردني؟ ان كان كذلك فهذا مؤشر قوي وفاعل يدل على انفلات السياسة الأردنية من قيود كانت تقيّدها في الفترة الماضية، وربما يحصل لقاء على أعلى المستويات في القريب العاجل، وبرعاية روسية في قصر الشعب في استدارة أردنية كاملة خاصةً وبعد خيبات عميقة لعمّان، ان في مؤتمر لندن الأخير بخصوص اللجوء السوري في الأردن، وان في جلّ الدعم الدولي للآردن. الدولة الأردنية بمؤسساتها المختلفة وعنوانها الملك، والأخير يدرك حركة التاريخ في الجغرافيا الثابتة وعليها، ويدرك قاعدة الدفع التاريخي الحاد(الأحتكام والأمتثال لثقافة العولمة والتجارة الدولية ونسج المصالح وتهيئة أسباب تعظيم المكاسب وتحويل الأخطار الى فرص)، ويدرك أنّ العالم بعد ضم القرم وعودتها الى حضن أمها الرؤوم ليس كالعالم قبل الضم، ولأول مرة بعد الحرب العالمية الثانية تتغير الحدود الدولية، ويمتد هذا الأدراك الى أنّ الصراع الأن في العالم هو صراع بين(مفهوم احترام مبادىء الأخلاق التقليدية في السياسة الدولية واحترامات عميقة للقانون الدولي)وهذا المفهوم المتصاعد تتبناه نواة الدولة الروسية، و(مفهوم تصنيف الدول في العالم بين محور الخير ومحور الشر)تتبناه مؤسسات الولايات المتحدة المختلفة لتبرير عداواتها على الشعوب المستضعفة، كونها فقدت القدرة على التأثير وفي التأثير الجدّي والحقيقي في خصومها وحلفائها، وهي كما وصفها الأعلام المضاد للمحور الأمريكي الغربي البعض العربي المرتهن والتابع، مثل لاعب كرة القدم الذي وصل لسنّ متقدمة من العمر، فصار يلعب بخبرته لا بقدرته على المناورة والمراوغة، ومن هنا جاء قول الملك: الفعل العسكري الروسي الفعّال في الداخل السوري، هو من دفع العالم بشكل جدي وحقيقي للبحث عن حل سياسي للمسألة السورية. روسيّا تدرك أنّ هناك محاولات أمريكية وغربية واسرائيلية وبعض عربية واهمة، كلّها تسعى لتفخيخ روسيّا من الداخل، مع عدم انكارها واغفالها للقوّة الميثولوجية للأمبراطورية الأمريكية، وهذا مؤشر قوي على حكمة وواقعية القيادة الروسية ونخبة نواتها الصلبة التي تعمل كفريق واحد، ان لجهة السياسي والدبلوماسي، وان لجهة الأقتصادي والمالي، وان لجهة العسكري والمخابراتي، وان لجهة الثقافي والفكري في تعزيز الشعور القومي الروسي المتواصل، والأجتماع الأخير لمجلس الأمن القومي الروسي بحث الشياطين في التفاصيل لمسارات الأزمة السورية، مع العمل على تنفيذ وتطبيق القرار 2254 والذي هو تسييس لعاصفة السوخوي الروسية ونتيجةً لها. نعم الوجود العسكري الروسي الفاعل على الشاطىء السوري وفي داخل الجغرافيا السورية، يمثل حالة التوازن مع الوجود الأطلسي في تركيا، بل لكسر هذا الحاجز التركي الأطلسي الذي أريد له أن يشكل مانعاً من تدفقات الوجود الروسي في جنوب تركيا(الناتو الآن يتهدده خطرين، واحد في الشرق حيث الوجود العسكري الروسي على الشاطىء السوري وفي كل الجغرافيا السورية، والأخر في جنوب تركيا حيث الأرهاب وكلاهما يجتمعان في الداخل التركي، لذا أنقرة أكثر دولة من دول الناتو انكشافاً أمنيّاً)، وبالتالي واهمون وسذّج من يعتقدون أنّ الوجود العسكري الروسي الفاعل في سورية وعلى الساحل في طرطوس، هو وجود ثانوي نسبة الى حضورها في شبه جزيرة القرم، فروسيّا الخارجة من سورية هي روسيّا الغارقة عندّ عتبتها الأوكرانية، وهي روسيّا المقفل في وجهها بحرها الأسود(رئتها)، باختصار روسيّا الخارجة من سورية كما يريد المحور الصهيوني الأمريكي الغربي البعض العربي الواهم والمخادع، يعني روسيّا الخاصرة لمصالحها الأستراتيجية والفوق الأستراتيجية، كون جوهر معركة موسكو ليس في أوكرانيا بل في سورية، والأخيرة هي جوهر الفكرة وبالتالي هي المعركة الكبرى والأولى( أي المعركة في أوكرانيا) هي ثغرة صغيرة ولكنها مهمة. روسيّا نجحت بتمنهج في جعل عنوان النسق السياسي السوري العقدة والحل معاً، لا بل وعقدة الحل نفسه حفاظاً على الأمن والسلم الدوليين، ونكايةً بالطرف الخارجي بالحدث السوري من أمريكيين وبريطانيين وفرنسيين وبعض العرب، والروس أرسوا توازناً دقيقاً حال وما زال يحول دون تدخل عسكري خارجي في سورية، كما يحول دون سقوط الرئيس الأسد واخراجه كرهاً أو حبّاً، من أتونات المعادلة السورية الوطنية، إن لجهة المحلي وتعقيداته، وان لجهة الإقليمي وتداعياته ومخاطره، وان لجهة الدولي واحتقاناته وتعطيله وأثاره على الأزمة الاقتصادية العالمية، وبالتالي أثاره على نسب النمو الاقتصادي واستعادة المنظومة الاقتصادية الأممية لعافيتها، بعد أزمة الرهن العقاري وارتباطاتها في الولايات المتحدة الأمريكية – شرارة وجوهر الأزمة الاقتصادية الأممية. كما نجحت موسكو وبقوّة بأن جعلت الأسد ونسقه السياسي طرفاً رئيسياً في التسوية، وان بقاء الأسد ونسقه ليس فقط ثمناً من أثمان مسألة التسوية الكيميائية السورية في حينه، كما يظن السذّج من الساسة والذين تمطى رقابهم كالعوام، بل أنّ الرئيس الأسد وموضوعة بقائه صارت بفعل الدبلوماسية الروسية الفاعلة والجادة، خارج دائرة التفاوض والمساومة ومسألة خارج النقاش بالنسبة لموسكو وإيران ودول البريكس، والشعب السوري وحده يقرر مصيره وعبر صناديق الأقتراع، أمّا بقاء الجيش السوري العقائدي لا يقرر يا بعض المعارضات السورية عبر صناديق الأقتراع أو عبر قرار من مجلس الأمن، فهو لا يقاتل عن قصر المهاجرين بل عن كل الوطن السوري الطبيعي، وقومية هذا الجيش العقائدي السوري هو ما يؤذي وجود ثكنة المرتزقة "اسرائيل" كيف ذلك؟ الدور القومي والوطني للجيش العربي السوري العقائدي، هو ما يقلق بل يزلزل مضاجع ثكنة المرتزقة "اسرائيل" ملكة جمال الكون، ووصيفاتها من بعض الساحات الخليجية والعربية، فقومية الجيش العربي السوري المترسّخة في عقيدته، هي هدف استراتيجي لثكنة المرتزقه هذه، ومن يسعى لعلاقات رأسيه وعرضية معها(أي ثكنة المرتزقة)من بعض عربنا الذي لا يملك معاهدات معها، ان كان سرّاً وان كان علناً، بوجود عارض الأزياء يوسي كوهين مهندس استعادة حرارة العلاقات مع بعض الساحات والدول، ان كانت عربية، وان كانت غير عربية ولكنها اسلامية في ظاهرها وعلمانية في عمقها. كذلك قومية الجيش العربي الأردني وقومية الجيش المصري، وقومية الجيش الجزائري وقومية الجيش اللبناني وبعض الجيوش العربية الأخرى، هي أهداف لثكنة المرتزقة "اسرائيل" تسعى لتحطيمها ولو بعد حين، عبر تحويلها الى جيوش وطنية قطرية ضيقة محصورة بالجغرافيا السياسية، وحسب ترسيمات سايكس اللعين وبيكو الخبيث، وان كانت عمّان والقاهرة أبرمتا معاهدات في مرحلة ما مع ثكنة المرتزقة والبلاك ووتر هذه، لكن عقيدة الجيشان لم تتغيّر، وقوميتهما كذلك رغم مرور سنين، ورغم التنسيق الأمني بمستويات مختلفة. بعض شخصيات المعارضة السورية في الخارج السوري وفي الداخل السوري وعلى حد سواء(لا أريد تسميتها لأنّها معروفة للجميع)، تسعى وبايعاز من أمريكا وبعض العواصم الغربية والعربية، وثكنة المرتزقة والبلاك ووتر"اسرائيل"، الى استبدال عقيدة الجيش العربي السوري العقائدي، عبر تحويله الى جيش وطني قطري ضيق، جيش طائفي لا يرقى الى مستوى مجموعات شرطية لا علاقة لها بالوطن السوري، فما يغيض ثكنة المرتزقة ثكنة بلاك ووتر هو قومية الجيش العربي السوري العقائدي كما أسلفت أنفاً ومعه بعض الجيوش العربية المعروفة بقوميتها. في ظل هذا التيه والتوهان العربي، لم تعد الخيانة وجهة نظر، بل صارت عشقا دّنِساً، فبعض شخصيات المعارضات السورية هذه وبايعاز من مشغليّهم، يريدون تصوير الجيش العربي السوري وكأنّه مجرد أداة أو ماكينة يتم تحويلها من شرف النضال إلى دناءة الخيانة. فالموقف من ثكنة المرتزقة الصهيونية ومن برلمانها، ليست مسألة خيار سياسي أو فكري أو فلسفي أو نفسي أو مصلحي، بل مسألة وطنية قومية بعمق وبلا مواربة، وحيث نجح التطبيع في تمويه هذا، فعلينا كشفه ومواجهته. بقاء ودور الرئيس الأسد يحدده الشعب العربي في سورية بالانتخابات وعبر صناديق الأقتراع، وهذا ما أكدت عليه صراحة نصوص ومضامين قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2254، لكن بقاء الجيش العربي السوري العقائدي لا يقرره صندوق الانتخابات، ولا يقرره معارض هنا ومعارض هناك في دفىء العواصم الأوروبية أو بعض العربية وبغاياهما، بينما الجندي العربي السوري الذي رضع القومية العربية مع حليب أمه فهي اكسير حياته وحياة قطره، ينطلق من الوطني الخاص الى القومي والوطني العام، كجندي جيشنا العربي الأردني حيث عقيدته ما زالت سليمة ولم تتغير، ورضعها مع حليب أمه كشقيقه السوري والجزائري والمصري واللبناني وغيرهم، الجندي السوري القومي يقاتل الفواحش والدواعش والدوامس والبواعص والنصرة، وما تسمى بأحرار الشام وجيش الأسلام وصعاليك جيش الفتح في كل الجغرافيا السورية، وهو لا يقاتل السابق ذكرهم من سلّة الأرهابيين الذين تم ادخالهم وعلى مدار سنوات من دول الجوار السوري مجتمعة ومنفردة لا ضير في ذلك، فهو لا يقاتلهم حول قصر المهاجرين، بل في كل الجغرافيا السورية ونيابةً عن العالم والأنسانية جمعاء. بين حالات الخلع الأستراتيجي ومحفزاته وتراكيبه في المنطقة ومن المنطقة، والأرباكات الأمريكية المقصودة للشرق الأوسط كاستراتيجات بديله، لغايات هيكلة وهندرة الوجود الولاياتي الأمريكي لهذا النفوذ ولا أقول الأنسحاب الأمريكي، لغايات تحسين أليات الصراع المستتر مع بريطانيا(ومن يقع تحت مظلتها)والجاري على قدم وساق من تحت الطاولة، وحيث المال يجعل المعاق يسير على الحبال، فرأينا المرتزقة في العدوان السعودي البعض العربي على اليمن العروبي أصل العرب، للتساوق فيما ذهبت اليه السعوديه بالتوافق مع تركيا وواشنطن لعرقلة الفعل العسكري الروسي والسوري الفعّال، لغايات استعادت ما فقدته الأدوات الأرهابية من مساحات جغرافية في الداخل السوري، بعد خروقات نوعيه وكميه للجيش العربي السوري، الذي صار يملك المبادرة العسكرية الأستراتيجية في الميدان بالتعاون مع حلفائه، باسناد روسي عميق بالمعنى العسكري جوّاً وبرّاً بحدود، ان في شمال سورية، وان في جنوبها(الجبهة ما زالت مغلقة)، وان في غربها، وان في شرقها، حيث بقايا داعش والنصرة تحديداً في هذه المناطق.

في جلّ المسألة العربية وعمقها، ليس هناك شيء اسمه سياسة إقليمية نتاج المكونات العربية التي تعيش في المنطقة الشرق الأوسطية، في ظلّ حالة سرطانية تتموضع في انتشار مدروس للقواعد الأمريكية(ايران تخلو من القواعد الأمريكية تماماً، وجلّ بلادنا العربية المتنافخة، مليئة بقواعد العم سام الأمريكي جحانا، وهي في مرمى الصواريخ الأيرانية، وهذا ما يعد مثل الحك على جرب للبلدربيرغ الأمريكي وأدواته في الوطن العربي)، من خلال اعادة هيكلة انتشاراتها هنا وهناك وفي خضم حالة السيولة الشديدة التي تعانيها المنطقة، على طول وعرض خطوط ومنحنيات جغرافيا الوطن العربي ومجالاتها الحيوية، بل هناك مخططات ومنفذون لها أي وكلاء للأمريكي، وهم بمثابة بروكسي على تطوير وتعميق العلاقات بين مكونات الأمة الواحدة، وجلّ اتجاهات ومسارات ما يسمى بالعمل العربي المشترك من قبل النظام الرسمي العربي، والذي عرّاه قرار دونالد ترامب بنقل سفارة بلاده الى القدس المحتلة، لا بل جزء سرطاني من ذات الحالة الأمريكية العسكرية الأنفة في الأنتشار والتموضوع. وبعبارة أكثر عمقاُ، ليس هناك سياسة عربية مستقلة، بل سياسة أمريكية برامجية، وما يجري في المنطقة تطبيق للسياسات الأمريكية ليس أكثر ولا أقل من ذلك(نأمل أن تشكل الحالة الأردنية الراهنة والتوحد بين الرسمي والشعبي بالمعنى الرأسي والعرضي، ازاء مسألة القدس المحتلة الواحدة الموحدة، بدايات مسار طويل من استقلالية القرار الأردني الداخلي والخارجي بتلاحم ملكي شعبوي، مع الأقرار أنّ القدس بشرقها وغربها، وشمالها وجنوبها محتلة بامتياز، سنعمل على تحريرها ولو تحالفنا مع الشياطين، لتعود عاصمة أبدية للدولة الفلسطينية، وفي ذلك مصلحة استراتيجية أردنية صرفة، فعمّان لا تتعامل مع قضية القدس المحتلة كملف تكتيكي بقدر ما هو ملف استراتيجي وجودي للكيانية الملكية الأردنية واستمرارها، والعروبة بالنسبة للأردن كدولة، ضرورة حتمية وليست خياراً، ولو تزوجت ايفانكا ووصيفتها أيستر، من بعض غلماننا ككورش عربي – تذكرون قصة كورش الفارسي وأيستر اليهودية الفاتنة)، وذاكرة البعض منّا كعرب مثقوبة بشكل عامودي وعرضي أي مثل:- (الغربال الفاروطي الذي كنت استخدمه للتخلص من حبيبات القمح الضعيفة، على وفي بيادر "سما الروسان" قريتي الوادعة وقت موسم القطاف السنوي للقمح في سهل حوران)، ويعتقد هذا البعض العربي المحزن، بأنّ ذاكرته المثقوبة ليست إلاّ إبداعات خارقة وعبقرية فذّة كغلمان القرن الحادي والعشرين في بعض ساحاتنا ومساحاتنا العربية، يصعب على من حولهم فهمها وحلّ ألغازها، لضيق مداركهم العقلية من وجهة نظرهم هؤلاء الواهمون المثقوبون المفعولون بهم. انّ ما يجري الآن في المنطقة، هو تفكيك للدول القومية الكبرى والقطرية الصغيرة مترافقاً ذلك مع التطبيع القسري؟(يحسب الكثير من المراقبين والباحثين، أنّ الدور المصري في الحدث الاحتجاجي السياسي السوري غير مريح حتّى اللحظة، وهم محقون في ذلك)، وتاريخيّاً الرياض هي المحرّك لاتفاقيات كامب ديفيد عام 1979 م، وبالتعاون مع المغرب أيام الرئيس محمد أنور السادات.

ولأنّه في الحروب وعقابيلها، تتحرك الجغرافيا على وقع إيقاعات ومديّات المعارك، وأزيز الرصاص وهمس ووشوشات التراب وعتاب البنادق، ولأنّ الضمير العربي في نزهة خارج الوطن، وأنّ الأعلام المظلّل والمظلّل ليس غبياً، بل هو واثق بغباء متابعيه، ولأنّ البندقية التي لا ثقافة خلفها تقتل ولا تحرر، ولأنّ الديكتاتورية من منظور البعض العربي المتهالك المتصعلك تعني: أن تجعل المثقفين والمفكرين يصمتون، علينا أن لا نلتفت إلى تصريحات هنا وهناك، لبعض غلمان بعض الحكومات العربية ونؤكد على التالي: ليس هناك سياسة في العالم العربي مع كل أسف وحزن، ومن يحسب غير ذلك ويعتقده فهو واهم ويبني قصوراً زمرديّة في الهواء، الشيء الفاعل في عالمنا العربي هو تطبيق للسياسات، وأي تصريح من عرب روتانا أو من أي دولة فيما يخص القدس حشاشة قلوبنا، وسورية قلب الشرق وسيّدة الجغرافيا وأجمل النساء العفيفات، ليس سياسة وأنه لا يخرج عن إطار تطبيق للسياسة الأمريكية، والتي تقود معركة الناتو في سورية ليس لإسقاط النسق هناك، بل والوجود الروسي في المنطقة والمتوسط ثم الأستدارة لاحقاً الى أسيا الوسطى والقوقاز(ما جرى في سان بطرس بورغ مؤخراً، من تفكيك خلية ارهابية بناء على معلومات من المخابرات الأمريكية لنظيرتها الروسية عبر الخط الساخن، يؤكد أنّ موسكو منخرطة في محاربة الأرهاب، ويعتقد روسيّاً أنّ المحرك لعمليات الخلايا الأرهابية هناك هي السي أي ايه عبر أدواتها، بالرغم من الشكر الروسي للأمريكي).

في المعلومات، أنّ البلدربيرغ الأمريكي يوجّه ويسعى وعبر بقايا دواعش البنتاغون الأمريكي ذات التفقيس الجديد، وعبر الصعاليك الجدد القدماء لتأسيس جيش سورية الجديد بجانب جيش قسد، حيث الأمريكي يعلم أنّ رهانه فقط محصور بالنصرة التي تحوّلت الى هياكل من تنظيمات أرهابية أخرى، والغاية والهدف تبييض صفحاتها الأرهابية وجعلها حمل وديع وطرف سياسي سوري، وليس فصيل جهادي تابع للقاعدة، مع تدويرات هنا وهناك للمواقف الحادة وغيرها. يقول طويل العمر: هنري كيسنجر مستشار البلدربيرغ الأمريكي، والمعروف برمز الواقعية السياسية real politic في كتابه الذي world order: واشنطن الآن تناقش نفسها بنفسها حول العلاقة بين مصالحها وموقعها من نشر الديمقراطية وحقوق الأنسان والحاكمية الرشيدة ويضيف: متى أصلاً كانت أمريكا تقيم وزناً للمثل والقيم الأنسانية اذا تعلق الأمر بمصالحها الحيوية؟ ويضيف أيضاً: كل مغامرة قام بها الغرب في الشرق الأوسط لعبت فيها السعودية دوراً ايجابياً تمويلاً وتغطيةً، امّا علناً أو من وراء ستار ومنذ الحرب العالمية الثانية تحالف السعودية العربية مع الغرب. ويقول: النظام السعودي نظام ثيوقراطي ارتكب خطأ استراتيجي قاتل عندما اعتقد قادة النظام لوهلة ما ومحددة أنهم يستطيعون مواصلة دعم الأسلام الراديكالي والحركات الأسلامية في الخارج بدون ان تصل آثارها للداخل السعودي الملتهب، والذي ينتج التنظيمات والحركات المتطرفة الساكنة حتّى اللحظة، حيث لم تعد الأخيرة على تخوم السعودية بل في الداخل وفي غرف النوم.

انّ الصراع في الشرق الأوسط الآن صراع ديني سياسي جغرافي في آن واحد ونتائجه: أرخبيلات الدول الفاشلة، حيث أمريكا تقتضي مصالحها الأبقاء على أنظمة متناقضة لتسهل السيطرة عليها، فهي لا تريد فعلاً عودة سنيّة قويّة الى مراكز الحكم في المنطقة. الجميع عاد ويعود كرهاً أو حبّاً الى الثابتة السورية والمسنودة من الروسي والصيني، في أولوية محاربة الأرهاب المصنوع في أقبية الغرف السوداء لمجتمع المخابرات الأمريكي(حتّى في الجنيفات وآخرها جنيف 8 بجولتيه والذي تم افشاله سعوديّاً وأمريكيّاً، صاروا يناقشون موضوعة الأرهاب بشكل موازي مع باقي الملفات – التوازي وليس التسلسل)، والمصنّع بعضه في بعض الدواخل العربية المجاورة بسبب ظروفها الأقتصادية الخاصة، وغياب العدالة وحقوق الأنسان والبطالة والفقر والجوع، هذا الأرهاب المدخل الى الداخل السوري من جهات الأرض الأربع، حيث الجميع عاد الى الثابتة السورية أو ان شئت الثلاثية السابق ذكرها. سورية وروسيّا وحزب الله وايران حاجة اقليمية ودولية، لمحاربة فيروسات الأرهاب التي أنتجتها واشنطن في مختبراتها البيولوجية الأستخباراتية، من دواعش وفواحش وقوارض وزواحف، وأي جبهة اقليمية ودولية لضرب تلك الفيروسات تحتاج الى تسويات سياسية تسبقها في بؤر الخلافات وملفاتها. في حين تعمل واشنطن ومجتمعات مخابراتها ومن تحالف معها، على دعمها للأتجاهات الأسلامية الأنفصالية في روسيّا، مناطق الشيشان داغستان وقوميات أخرى(القوزاق) في كازاخستان، فهي ترى أنّ في دعمها لأي طرف اثني يتجه داخل روسيّا للأنفصال، سيؤدي الى اشغال موسكو بنزاعات داخلية، فتضعف قدراتها على التحرك على الساحة الدولية، ونفس هذا السيناريو تريد فرضه على الصين وفي دعم اثنية الأيغور المسلمين وغيرها في الشمال الصيني. وحتّى لا نغرق في التفاصيل ونتوه بالمعنى التكتيكي والأستراتيجي، لا بدّ أن نطرح ما تعرف باسم نظرية المنطق في السياسة جانباً، مع تناسي علم الرياضيات السياسية وقواعد التفكير السليم في تفكيك المركب وتركيب المفكك، مع تناسي الغوص في التحليل بشكل عامودي وأفقي، لأنّ الأشياء والأمور والمعطيات لم تعد كما يبدو عليها أن تكون، وجلّ الأزمات ان لجهة المحلي، وان لجهة الأقليمي، وان لجهة الدولي، صارت أكثر تعقيداً وترابطاً، والتفاعلات والمفاعيل لمعظم الممارسات الدولية لم تعد تخضع لقانون أو قيم أو أخلاق. بعبارة أخرى أكثر وضوحاً، اذا أردنا أن نفهم ونعي بشراسه فكرية أبعاد ومعطيات ودلائل المؤامرة علينا في المنطقة والعالم، ووضع قاعدة بيانات وداتا معلومات لها، علينا أن نفكر جميعاً بعقلية المؤامرة نفسها، ومن يعتقد أنّ الولايات المتحدة الأمريكية جاءت الى المنطقة لمحاربة الأرهاب، فهو لا يكون الاّ متآمر أو جاهل أو متخلف عقلي وذو جنون مطبق لا متقطع. هناك استراتيجية أمريكية جديدة في عهد دونالد ترامب – الرئيس ترامبو في تشكيل حلف دولي(الناتو)واقليمي(سني)من دول ما تسمى الأعتدال العربي، لابل دول الأعتلال العربي(الأردن خرج منها بعد ان قلبوا ظهر المجن له ومنذ تفاهماته مع موسكو، فليقلب اذاً ظهر المجن لهم ودون أسف ويعيد سفيره الى ايران دون وجل، وليرفع مستوى التمثيل الدبلوماسي الى مستوى سفير مع دمشق)، وهذه الأستراتيجية أصلاً تتعارض مع مفهوم ومقتضيات محاربة الأرهاب من جهة، وتنقض نظرياً رؤية كيسنجر للحروب الدينية السنيّة الشيعية والتي اعتمدتها الأدارة الأمريكية كخيار بعيد المدى، لضرب العمق الأستراتيجي العربي لأيران في أفق عزلتها ومحاصرتها ثم تفجيرها من الداخل عبر تفعيلات هنا وهناك للأتفاق النووي، ونقل مجتمعات الدواعش والفواحش والقوارض إلى مناطق السنّة في الداخل الأيراني. أمريكا تستولد استراتيجية جديدة أيضاً اسمها(ادارة التوحش وأزمتها)في البلقان وآسيا الوسطى، فخرج علينا زعيم القاعدة أيمن الظواهري من كهفه بعد سبات، حتّى أنّ شكله صار مثل الكهف الذي يسكنه، وبشّر الأمة بميلاد فرع جديد للقاعدة في شبه القارة الهندية(بنغلادش، كشمير، الهند، باكستان) وعلى الحدود مع ايران، وهذا آثار ثائرة روسيّا والهند والصين(أعضاء دول البريكس)، لأدراكهم أنّ أمريكا قرّرت نقل ادارة التوحش من الشرق الأوسط الى منطقة آسيا حيث تهديدات داعش لروسيّا. واشنطن تدرك أنّه يستحيل في هذه المرحلة المبكرة من عمر الصراع في المنطقة من تفجير حرب سنيّة شيعية شاملة، على ضوء نتائج المحاولات الجنينية الفاشلة التي اختبرتها في لبنان وسورية والعراق، والآن تحاول في الأردن عبر الفتنة بين الشرق الأردني(الكح)والشرق الأردني ذو الأصول المختلفة، حيث جلّ السفلة من صنّاع القرار الأمريكي يريدون ادخال داعش وتصنيع مثيلاتها في الداخل الأردني، وتحريك الخلايا السريّة النائمة والتي لا تنام ولا تنكفىء أصلاً، نتيجة المواقف الأخيرة للدولة الأردنية من القدس المحتلة، وقرار ترامب ومواقف عمّان الرافضة لصفقة القرن، كي يصار الى نشر الفوضى في الداخل الأردني لجعل الملف الأردني كملف مخرجات للملف الفلسطيني، ضمن رؤية محور واشنطن تل أبيب ومن ارتبط به من عرب ومسلمين صهاينة. وان كان أوباما مارس استراتيجية الأستنزاف في المنطقة والعالم والأدارة من الخلف على مدار ثمان من السنيين، فان دونالد ترامب سيحاول ممارسة استراتيجية تفكيك الأحلاف، من خلال تعميق استراتجيات البلبلة لتعميق الفوضى، بعبارة أخرى سوف يمزج بين الأستراتيجيتين ليخرج بكوكتيل استراتيجيات تذهب بالولايات المتحدة الأمريكية نحو المزيد من المتاهات، والبدء من بحر الصين الجنوبي والعلاقات مع تايوان، وتفكيك العلاقات الروسية الصينية باعطاء روسيّا مزيد من النفوذ في مجالاتها الحيوية وخاصة مساحات أوروبا الشرقية وفي سورية، وتمييع العلاقات مع ايران(هو سيحاول قدر استطاعته في ذلك). والأزمة في المنطقة الشرق الأوسطية، تتحوّا ناراً وشنّاراً، وهي من ستحدد مستقبل غرب آسيا لعشرات السنين القادمة، ومفتاح الحل في هذه الأزمة هو المفتاح السوري، فمن يملك مفتاح سورية ترتفع حظوظه في امتلاك المنطقة(غرب آسيا بأكملها)، فاذا نجح اليانكي الأمريكي وجوقته والكومبارس المرافق له، بالسيطرة على سورية كان ذلك ضربة قاسمة لمحور المقاومة من ناحية، وروسيّا من ناحية أخرى، وهذا من جانبه يفسّر أحد أسباب التدخل الروسي والأيراني وحزب الله في الأزمة السورية. فسورية ليست الوادعة تونس الخضراء، وليست مصر التي شلّتها الكامب ديفيد، وليست ليبيا المحكومة بكتاب أخضر، وليست اليمن الفقير بفعل جاره الذي يضربه ويعتدي عليه كل يوم تحت عنوان اعادة الرئيس الفار ببرقع النساء، سورية بنسقها السياسي ورئيسها، ليست بلداً على الهامش الخرائطي، يكفي أن تجيّش بعضاً من داخله حتّى يسقط رئيسه، بتظاهرات وأغنيات ومواويل وبرامج اتجاه معاكس ومقالات وتحليلات، تبثها بعض فضائيات عرب روتانا(مش حتئدر تغمّض عينيك). الأرض بما رحبت انقسمت وضاقت كخرم ابرة حول هذا الرجل الرئيس الأسد، وانّ مراهقات سياسية ودبلوماسيات الصعلكة لعربان روتانا مع بعض خصي وتدمير للوعي العربي، تشرح وتكشف بعضاً من أسباب ثبات النظام السوري. حال البعض منّا ليس أسوأ من معظم علماء الأركولوجيا المنوطة بهم مهمة دراسة آثار المجتمعات الإنسانية الغابرة وتراثها الحضاري والثقافي، ولكن يبقى المغفّلون والسذّج منهم أقلّ ضرراً وخطراً من الأشقياء الدهاة المأجورين أو المتحيزين الذين يصنعون متاهات التاريخ والجغرافيا.
وعندما قالت:"اسرائيل"أنّ ايران صارت جارة لنا والسعودية قالت: انّ طهران تسعى لمحاصرتها وتحجيمها الدور وتقليص نفوذها في العالم العربي والأسلامي، فهمت وأستوعبت الأدارة الأمريكية الترامبيّة أنّ الخطر هذه المره تجاوز الأدوات، ليتحول الى تهديد استراتيجي داهم على أمن بلادها القومي والمتمثل في ثلاثية النفط واسرائيل والكرد، لذلك حلّ الأصيل مكان الوكيل بعد فشل الوكيل فشلا ذريعا،ً وها هو الأمريكي يدخل بنفسه هذه المرة في الحدث السوري، ومصيره سيكون كارثي أعمق في كارثيته من مصير المارينز في لبنان سابقاً 1983 م. المقاومة حق شرّعته السماء وسار عليه العرف البشري ونظّمه القانون الدولي، لذا تعتبر واشنطن دي سي أنّ حركات المقاومة في المنطقة خطر استراتيجي على مصالحها واسرائيل، في حين أنّ مجتمعات الدواعش والزواحف والقوارض الأرهابية خطر تكتيكي يمكن التعامل معه وادارته، في حين أنّ أمريكا تعد بنفس الوقت لمخططات تتفرغ من خلالها للنظام المصري ولمصر، ومؤشرات الطريق التي ستؤول إليها وما يحظّر لها عبر ليبيا، وعبر المجتمع السيناوي في الداخل المصري، بالتحالف لا اقول من جديد مع الأسلام السياسي فقط بل عبر تصعيدات وفي كل الساحات للفاشيّة الدينية، هكذا تقول الملعلومات لدينا(انظر عزيزي القارىء الى الفيتو الروسي القوي في رفضه لتعين السيد ريتشارويلكوكس بدلاً من كوبر كمبعوث أممي لليبيا، وذلك لخلفيته الأستخباراتية فهو ضابط استخبارات أمريكي سابق في البنتاغون، وعمل مع بول بريمر في العراق، وأشرف على حل الجيش العراقي الذي شكّل نواة داعش في العراق، وهو مرشح جيفري فيلتمان المساعد السياسي لأمين عام الأمم المتحدة وليس الأمين نفسه، وهناك معلومات تقول: أنّ كل من فرنسا وايطاليا وبريطانيا تنسق مع بعضها في دعم الجنرال خليفه حفتر لتوحيد ليبيا تحت قيادته لتأمين حدود المتوسط من الأرهابيين، وواشنطن تريد افشال ذلك عبر تعين ريتشارد ريلكوكس لعرقلة الحلول السياسية في ليبيا وفرملة الدور الروسي واستراتيجيته في العودة الى ليبيا، وتوسيع نفوذها في شمال أفريقيا وادامة الأزمة الليبية، وكما أرى فانّه يقع أيضاً تحت عنوان التنافس البريطاني الأمريكي مدعوماً من البعض الأوروبي للندن، وفعل لندن في استعادة مساحات نفوذها التي خسرتها بعد اتفاقية يالطا ما غيرها عقب الحرب العالمية الثانية).

محمد احمد الروسان

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى