الأربعاء ٢٤ آذار (مارس) ٢٠١٠

فيودور تيوتشيف

يحتل الشاعر والدبلوماسي الروسي فيودور ايفانوفيتش تيوتشيف (1803-1873) عضو اكاديمية العلوم في بطرسبورغ مكانة خاصة بين الشعراء الروس. اذ ان قصائده مترعة بالفلسفة والروحانية والرموز والميل الى تمجيد النزعة السلافية، بينما تعتبر قصائده في الحب والغزل من درر الشعر الروسي.

ولد فيودور تيوتشيف في 23 نوفمبر/تشرين الثاني عام 1803 في ضيعة افستوغ بمقاطعة اوريول في اسرة من النبلاء. وامضى فترة الطفولة في افستوغ بينما امضى فترة اليفاع في موسكو. وتلقى تعليمه البيتي على يد الشاعر والمترجم س . رايتش الذي اطلعه على اعمال الشعراء وشجعه على نظم الشعر. وعندما بلغ تيوتشيف سن 12 عاما ترجم اعمال هوراسيو بنجاح.

وفي عام 1819 التحق بقسم الاداب في جامعة موسكو وشارك فورا في الحياة الادبية فيها. وفي عام 1821 تخرج من الجامعة وحصل على شهادة دكتوراه فلسفة في اللغة والادب، وفي مطلع عام 1822 التحق بالعمل في وزارة الخارجية الروسية. وبعد عدة أشهر عين موظفا في البعثة الدبلوماسية الروسية في ميونيخ (بافاريا). وخلال فترة طويلة انقطعت صلته بالحياة الادبية الروسية. لكنه مارس الترجمة الى اللغة الروسية خلال 22 عاما من حياته في الغربة . وتعرف في ميونيخ على الفيلسوف شيلينغ والشاعر هنريخ هاينه الذي ترجم العديد من اشعاره. كما تزوج هناك.

وفي فترة 1829 – 1830 نشرت في مجلة " غالاتيا" التي كان يصدرها رايتش عدة قصائد شهدت على نضوج تيوتشيف كشاعر منها "الامسية الصيفية" و"رؤيا" و" الارق" و" احلام".

وذاع صيت الشاعر في عام 1836 حينما نشرت 16 من قصائده لأول مرة في المجلة الادبية " سوفريمينك " التي كان يصدرها شاعر روسيا الاكبر الكسندر بوشكين.

وفي عام 1837 عين تيوتشيف في منصب السكرتير الاول للبعثة الروسية في تورينو(ايطاليا). ونكب هناك بوفاته زوجته. لكنه تزوج مرة أخرى في عام 1839. بيد ان سفره الى سويسرا للزواج من ي. دينربرغ بدون موافقة رؤسائه كانت سبب استقالته من السلك البدلوماسي. وسافر الى ميونيخ حيث عاش فترة خمسة اعوام وحاول العودة الى الخدمة الدبلوماسية دون ان يفلح في ذلك.

في عام 1844 عاد مع اسرته الى روسيا. وبعد نصف عام اعيد مرة أخرى الى العمل في وزارة الخارجية الروسية.

وفي فترة 1843 – 1850 نشر عدة مقالات سياسية منها " روسيا والمانيا" و" روسيا والثورة" و" البابوية وقضية روما" ، وخلص الى استنتاج حول حتمية حدوث صدام بين روسيا والغرب وانتصار "روسيا المستقبل" التي تمثل حسب رأيه " امبراطورية جميع السلافيين".

وفي فترة 1848 – 1849 نظم تحت تأثير الاحداث السياسية العديد من القصائد الرائعة مثل " لا برغبة ولا بجرأة .." في زحمة الهموم الشديدة.."و"الى امرأة روسية" وغيرها .

وازدادت شهرة تشيوتشيف كشاعر بعد نشر مقالة الكاتب نيكولاي نيكراسوف "شعراء روسيا الثانويون" المنشورة في مجلة " سوفريمينك" . وقد اشار الكاتب فيها الى موهبة هذا الشاعر الذي اغفله النقاد ، وبعد ذلك نشرت 24 قصيدة لتيوتشيف. ومن ثم حاز الشاعر على شهرة كبيرة.

صدر في عام 1854 أول ديوان شعري له كما نشر عدة قصائد في الغزل كرسها الى حبيبته يلينا دينيسيفا. وقد استمرت علاقته"غير الشرعية" وهو كهل بفتاة في عمر ابنته طوال 14 عاما واتسمت بالدراماتيكية (اذ كان تيوتشيف متزوجا).

في عام 1858 عين تيوتشيف رئيسا للجنة الرقابة على المطبوعات الاجنبية وكان غالبا ما يدافع عن الكتب المحظور نشرها في روسيا.

في عام 1864 فقد تيوتشيف حبيته دينيسيفا بعد اصابتها بالسل وبعد عامين فقد اثنين من ابنائه ووالدته. وفي الاعوام الاخيرة حياته فقد ابنه الاكبر وشقيقه وابنته ماريا. وفي 15 يونيو/حزيران عام 1873 توفي تيوتشيف في قرية القياصرة"تسارسكويه سيلو".


واليكم ترجمة لبعض اعماله الشعرية:

رؤيا‏

ثمة ساعة، في الليل،‏

ساعة الصمت الكوني،‏

في ساعة المعجزة والأعاجيب‏

تجري عربة الكون الرشيقة‏

جهاراً في معبد السماوات.‏

آنذاك يتكاثف الليل‏

كهيولى فوق سطح الماء‏

وحالة اللاوعي تضغط،‏

كما الأطلس "1"، على اليابسة.‏

والآلهة لا تقلق‏

سوى الروح العذرية‏

لربة الشعر‏

وهي في أحلام النبوءة!‏

1829‏

ـ2ـ‏

الهاجرة‏

متكاسلة تتنفس الهاجرة السديمية؛‏

متكاسلاً يجري النهر،‏

وفي سماء ملتهبة صافية،‏

تذوب السحب بخمول.‏

الوسن الحار يلف، كما الضباب،‏

الطبيعة كلها؛‏

وحتى بان "2" الجبار‏

يغفو بهدوء‏

في مغارة نيمفي "3"‏

1830‏

ـ 3 ـ‏

الجبال الثلجية‏

هي ذي فترة الظهيرة‏

تصب أشعتها العمودية ـ‏

دخّن الجبلُ، بغاباته السوداء.‏

في الأسفل،‏

كمرآة فولاذية،‏

تلتمع مزرقةً‏

تيارات البحيرة.‏

ومن فوق الأحجار البراقة،‏

تحت القيظ،‏

تجري الجداول مسرعة‏

إلى أعماقها الأم.‏

أثناء ذلك،‏

في عتمة الهاجرة،‏

يهجع عالمنا الأرضي‏

خائر القوى‏

وسنان، مشبعاً‏

بترفٍ شذي.‏

وفي الأعالي،‏

كآلهة محبوبة،‏

فوق الأرض الهامدة اللاهثة،‏

تلهو القمم المتجلدة‏

على لازورد السماء الناري.

ـ 4 ـ‏

كما يلفّ المحيط اليابسة،‏

حياتنا الدنيا محاطة بالأحلام،‏

يحلّ الليل،‏

يلطم عنصر الطبيعة شاطئه‏

بأمواجٍ صاخبة‏

صوته ذاك يضجرنا،‏

يرجونا..‏

في المرسى،‏

عاد القارب السحري‏

إلى الحياة،‏

المدّ يتسع،‏

بسرعة يجرفنا‏

إلى خضم الأمواج القاتمة.‏

قبة السماء المشتعلة‏

بالنجوم المجيدة‏

تتطلع من الأعماق‏

بشكل خفي ـ‏

ونحن نسبح،‏

تحيط بنا اللجة الملتهبة‏

من مختلف الجهات.‏

ـ 5 ـ‏

السكينة‏

مرت العاصفة ـ‏

ما زالت السنديانة الباسقة،‏

صريعة،

ملقاة على الأرض،‏

وهي تدخن.‏

الدخان الأزرق الرمادي‏

يجري عبر خضرتها‏

التي رطبتها العاصفة.‏

ومنذ أمدٍ،‏

في الغابة،‏

تعالت أناشيد الطيور‏

أكثر زخماً وامتلاءً،‏

وقد غرز قوس قزح‏

أحد طرفيه في القمم الخضراء.‏

(ترجمة احمد ناصر)

عن موقع «روسيا اليوم»


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى