الأربعاء ٢ شباط (فبراير) ٢٠١١
بقلم عدلة شداد خشيبون

في قلبي ...آثار

في قلبي يحفرون بإمعان
وفجأة توقف الحفر واضرب عمّّال الحفريات
فاقشعر جسدي وخفت نوبة قلبيّة 
فقالوا لا تخافي وأردفوا ...
عفوك سيّدتي فلقد تعثّر معولنا 
فآثار جمّة في هذا القلب ، وكلّها غريبة ، ثمينة ، وقديمة قدم الإنسان وحبّه الأوّل
للحياة والضّحك وطيبة القلب والبراءة.

عذرًا أحبتي فقلبي مُحاط بشريط أحمر وعمليات الحفر على قدم وساق
وما هي إلاّ لحظات حتّى كانت فرقة عمّال الآثار تسيّج المكان بسياج أحمر اللون وتكتب لافتة بكلّ اللغات:

الدّخول ممنوع ، والحذر مطلوب ، والصّبر على كلّ مكروه مفروض
ها هي المعاول تعمل والخارطة تساهم في الوصول إلى كلّ نقطة مُجازة
والغريب من كلّ هذه العمليات وجود صخرة كبيرة تكونت من أملاح عيون جارية في منطقة البطين الأيسر بلا انقطاع
وعليها حُُفرت قائمة أسماء منذ عهد بعيد.

ما أعظم أعمالك يا الله ،الطّبيعة في الدّاخل هي ذاتها في الخارج ، فهذه سلسلة جبال عالية بين ناحية اليمين على سفوحها تنبت الأشجار الجميلة التي تظلل المكان بمظلاّت طبيعيّة رائعة،
وهناك في ناحية اليسار حيث رقد القلب ،رسالة حروفها كُتبت بالأحمر ونقاط حروفها بالأخضر وحركات حروفها بالأسود وكثيرة هي الشّدات والمدّات والضمات ، أمّا بين سطورها ففجوات بيضاء بلون الثّلج.

وكأن هذه الرّسالة تنطق بصمت ترسل برقية إلى كلّ نفس معذّبة بهدوء وكلّ ألم ينزف بلا صوت ، وكأنّ ألأكسجين الذي يسري في هذه الأوردة يبعث إلى كلّّ النّفوس التي ترقد في ضلوعها الحيرة ويتربع اليأس ويستقرّ البؤس ، تبعث زجاجة أكسجين لتهب الحياة كما يهب النّيل الأرض القفراء حياة إلى ما بعد بعد الحياة،
وتستمرّ عملية الحفر وهنا يتعثر المعول بعين شاخصة تُرسل ببريقها إلى كلّ العيون النّائمة بوجع ، إلى كلّ المقل الغافلة بحنين ، لتبشرها بشمس جديدة في يوم سيكون جديدًا ، العين شاخصة وأختها مثلها ولكن بدموع.

وتستمرّ الأعمال بجديّة أكبر ليجدوا الآن كرّة صغيرة وما أن وضعوها تحت المجهر حتّى بدت أصابع خمسة متحدة بخوف متلاحمة بحنين وكأنّها تقول في الاتحاد قوّة وفي اليد البركة ،
ثمّ تعثرت آلة الحفر بقدم قديمة أكل الدّهر منها مااشتهى وأبقى الباقي للشهادة، قدم داست الأشواك وحفرت الجمر وبقيت تسير وتسير رغم الحرارة والجمر الملتهب لأنها تدرك أن في سيرها هذا سيسير غيرها على أشواك ناعمة طريّة شذية ، وفي هذا اكتفائها ونشوة لذتها ..

وتتابع فرقة العمل وهنا تعثر على منجم للأشجان تجمعت به كلّ أشجان الكون أو معظمها وعندما تمّ تحليل عيّنات لهذه الجزيئات تبيّن في التحليل الأول أرواح معذبة ترصد الرّاحة من بؤرة عالية ، وفي التّحليل الثّاني تأكّد الاول بإضافة أمهات تبكي بحنين ، وآباء تشكر بصمت ، وأطفال ترقص ببراءة..

إلى كلّ من رأى وكلّ من لم يرَ ، أهدي نصّي المتعثر بعمليات حفر ما زالت على قدم وساق


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى